عرض مشاركة واحدة
قديم 12-02-2008
  #13
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: كتاب أسرار الحج في إحياء علوم الدين للغزالي

"الثالث: التوسع في الزاد وطيب النفس بالبذل والإنفاق من غير تقتير ولا إسراف. بل على الاقتصاد، وأعني بالإسراف التنعم بأطيب الأطعمة والترفه بشرب أنواعها على عادة المترفين. فأما كثرة البذل فلا سرف فيه. إذ لا خير في السرف ولا سرف في الخير، كما قيل: وبذل الزاد في طريق الحج نفقته في سبـيل الله عز وجل والدرهم بسبعمائة درهم. قال ابن عمر رضي الله عنهما: من كرم الرجل طيب زاده في سفره. وكان يقول: أفضل الحاج أخلصهم نية وأزكاهم نفقة وأحسنهم يقيناً. وقال : «الحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ الجَنَّةَ» فقيل له: يا رسول الله ما بر الحج؟ فقال: «طِيبُ الكَلامِ وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ» ." اهـ.



"الرابع: ترك الرفث والفسوق والجدال كما نطق به القرآن.

والرفث اسم جامع لكل لغو وخنى وفحش من الكلام ويدخل فيه مغازلة النساء ومداعبتهن والتحدّث بشأن الجماع ومقدّماته، فإن ذلك يهيج داعية الجماع المحظور والداعي إلى المحظور محظور.

والفسق اسم جامع لكل خروج عن طاعة الله عز وجل. والجدال هو المبالغة في الخصومة والمماراة بما يورث الضغائن ويفرق في الحال الهمة ويناقض حسن الخلق. وقد قال سفيان: من رفث فسد حجه. وقد جعل رسول الله طيب الكلام مع إطعام الطعام من بر الحج.

والمماراة تناقض طيب الكلام، فلا ينبغي أن يكون كثير الاعتراض على رفيقه وجماله وعلى غيره من أصحابه، بل يلين جانبه ويخفض جناحه للسائرين إلى بـيت الله عز وجل ويلزم حسن الخلق وليس حسن الخلق كف الأذى بل احتمال الأذى. وقيل: سمي السفر سفراً لأنه يسفر عن أخلاق الرجال. ولذلك قال عمر رضي الله عنه لمن زعم أنه يعرف رجلاً: هل صحبته في السفر الذي يستدل به على مكارم الأخلاق؟ قال: لا، فقال: ما أراك تعرفه." اهـ.




"الخامس: أن يحج ماشياً إن قدر عليه فذلك الأفضل. أوصى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما بنيه عند موته فقال: يا بني حجوا مشاة فإن للحاج الماشي بكل خطوة يخطوها سبعمائة حسنة من حسنات الحرم، قيل: وما حسنات الحرم؟ قال: الحسنة بمائة ألف والاستحباب في المشي في المناسك والتردد من مكة إلى الموقف وإلى منى آكد منه في الطريق. وإن أضاف إلى المشي الإحرام من دويرة أهله فقد قيل إن ذلك من إتمام الحج قال عمر وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم في معنى قوله عز وجل: {وأتِمُّوا الحَجَّ والعُمْرَةَ للَّهِ} وقال بعض العلماء: الركوب أفضل لما فيه من الإنفاق والمؤونة ولأنه أبعد عن ضجر النفس وأقلّ لأذاه وأقرب إلى سلامته وتمام حجه .

وهذا عند التحقيق ليس مخالفاً للأول بل ينبغي أن يفصل. ويقال: من سهل عليه المشي فهو أفضل فإن كان يضعف ويؤدي به ذلك إلى سوء الخلق وقصور عن عمل فالركوب له أفضل، كما أن الصوم للمسافر أفضل وللمريض ما لم يفض إلى ضعف وسوء خلق. وسئل بعض العلماء عن العمرة: أيمشي فيها أو يكتري حماراً بدرهم؟ فقال: إن كان وزن الدرهم أشد عليه فالكراء أفضل من المشي، وإن كان المشي أشدّ عليه كالأغنياء فالمشي له أفضل؛ فكأنه ذهب فيه إلى طريق مجاهدة النفس وله وجه. ولكن الأفضل له أن يمشي ويصرف ذلك الدرهم إلى خير فهو أولى من صرفه إلى المكاري عوضاً عن ابتذال الدابة. فإذا كانت لا تتسع نفسه للجمع بـين مشقة النفس ونقصان المال فما ذكره غير بعيد فيه." اهـ.


".السادس: أن لا يركب إلا زاملة أما المحمل فليجتنبه إلا إذا كان يخاف من الزاملة أن لا يستمسك عليها لعذر وفيه معنيان أحدهما: التخفيف على البعير فإن المحمل يؤذيه. والثاني: اجتناب زي المترفين والمتكبرين.

«حج رسول الله على راحلة وكان تحته رحل رث وقطيفة خلقة قيمتها أربعة دراهم وطاف على الراحلة لينظر الناس إلى هديه وشمائله» ، وقال صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» ، وقيل إنّ هذه المحامل أحدثها الحجاج وكان العلماء في وقته ينكرونها.

فروى سفيان الثوري عن أبـيه أنه قال: برزت من الكوفة إلى القادسية للحج ووافيت الرفاق من البلدان فرأيت الحاج كلهم على زوامل وجوالقات ورواحل ومارأيت في جميعهم إلا محملين. وكان ابن عمر إذا نظر إلى ما أحدث الحجاج من الزي والمحامل يقول: الحاج قليل والركب كثير ثم نظر إلى رجل مسكين رث الهيئة تحته جوالق فقال: هذا نعم من الحجاج. " اهـ.
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس