عرض مشاركة واحدة
قديم 12-02-2008
  #16
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: كتاب أسرار الحج في إحياء علوم الدين للغزالي

"وأما الزاد: فليطلبه من موضع حلال، وإذا أحس من نفسه الحرص على استكثاره وطلب ما يبقى منه على طول السفر ولا يتغير ولا يفسد قبل بلوغ المقصد، فليتذكر أنّ سفر الآخرة أطول من هذا السفر، وأنّ زاده التقوى وأن ما عداه مما يظن أنه زاده يتخلف عنه عند الموت ويخونه فلا يبقى معه، كالطعام الرطب الذي يفسد في أوّل منازل السفر فيبقى وقت الحاجة متحيراً محتاجاً لا حيلة له، فليحذر أن تكون أعماله التي هي زاده إلى الآخرة لا تصحبه بعد الموت، بل يفسدها شوائب الرياء وكدورات التقصير." اهـ.

"وأما الراحلة: إذا أحضرها فليشكر الله بقلبه على تسخير الله عز وجل له الدواب لتحمل عنه الأذى وتخفف عنه المشقة. وليتذكر عنده المركب الذي يركبه إلى دار الآخرة وهي الجنازة التي يحمل عليها. فإنّ أمر الحج من وجه يوازي أمر السفر إلى الآخرة ولينظر أيصلح سفره على هذا المركب لأن يكون زاداً له لذلك السفر على ذلك المركب؟ فما أقرب ذلك منه. وما يدريه لعل الموت قريب ويكون ركوبه للجنازة قبل ركوبه للجمل. وركوب الجنازة مقطوع به وتيسر أسباب السفر مشكوك فيه، فكيف يحتاط في أسباب السفر المشكوك فيه ويستظهر في زاده وراحلته ويهمل أمر السفر المستيقن؟." اهـ.

"وأما شراء ثوبـي الإحرام: فليتذكر عنده الكفن ولفه فيه، فإنه سيرتدي ويتزر بثوبـي الإحرام عند القرب من بـيت الله عز وجل وربما لا يتم سفره إليه. وأنه سيلقى الله عز وجل ملفوفاً في ثياب الكفن لا محالة. فكما لا يلقى بـيت الله عز وجل إلا مخالفاً عادته في الزي والهيئة فلا يلقى الله عز وجل بعد الموت إلا في زي مخالف لزي الدنيا. وهذا الثوب قريب من ذلك الثوب إذ ليس فيه مخيط كما في الكفن." اهـ.


"وأما الخروج من البلد: فليعلم عنده أنه فارق الأهل والوطن متوجهاً إلى الله عز وجل في سفر لا يضاهي أسفار الدنيا. فليحضر في قلبه أنه ماذا يريد وأين يتوجه وزيارة من يقصد؟ وأنه متوجه إلى ملك الملوك في زمرة الزائرين له الذين نودوا فأجابوا وشوّقوا فاشتاقوا واستنهضوا فنهضوا وقطعوا العلائق وفارقوا الخلائق وأقبلوا على بـيت الله عز وجل الذي فخم أمره وعظم شأنه ورفع قدره تسلياً بلقاء البـيت عن لقاء رب البـيت إلى أن يرزقوا منتهى مناهم ويسعدوا بالنظر إلى مولاهم.

وليحضر في قلبه رجاء الوصول والقبول لا إدلالاً بأعماله في الارتحال ومفارقة الأهل والمال، ولكن ثقة بفضل الله عز وجل ورجاء لتحقيقه وعده لمن زار بـيته. وليرج أنه إن لم يصل إليه وأدركته المنية في الطريق لقي الله عز وجل وافداً إليه إذ قال جل جلاله: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بـيْتِهِ مُهَاجِراً إلى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثمَّ يُدْرِكْهُ الموْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} ." اهـ.




" وأما دخول البادية إلى الميقات ومشاهدة تلك العقبات: فليتذكر فيها ما بـين الخروج من الدنيا بالموت إلى ميقات يوم القيامة وما بـينهما من الأهوال والمطالبات. وليتذكر من هول قطاع الطريق هول سؤال منكر ونكير، ومن سباع البوادي عقارب القبر وديدانه وما فيه من الأفاعي والحيات، ومن انفراده من أهله وأقاربه وحشة القبر وكربته ووحدته. وليكن في هذه المخاوف في أعماله وأقواله متزوّداً لمخاوف القبر." اهـ.
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس