عرض مشاركة واحدة
قديم 04-12-2009
  #4
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: ترجمة الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه

وَأَمَّا سَخَاؤُهُ ، وَشَجَاعَتُهُ ، وَكَمَالُ عَقْلِهِ ، وَبَرَاعَتُهُ فَإِنَّهُ مِمَّا اشْتَرَكَ الْخَوَاصُّ ، وَالْعَوَامُّ فِي مَعْرِفَتِهِ،

فَلِهَذَا لَا أَسْتَدِلُّ لَهُ لِشُهْرَتِهِ ، وَكُلُّ هَذَا مَشْهُورٌ فِي كُتُبِ الْمَنَاقِبِ مِنْ طُرُقٍ ، وَمَنْ ذَلِكَ مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ : { إنَّ عَالِمَ قُرَيْشٍ يَمْلَأُ طِبَاقَ الْأَرْضِ عِلْمًا } وَحَمَلَهُ الْعُلَمَاءُ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَصْحَابِنَا عَلَى الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاسْتَدَلُّوا لَهُ بِأَنَّ الْأَئِمَّةَ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ الَّذِينَ هُمْ أَعْلَامُ الدِّينِ ، لَمْ يُنْقَلْ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إلَّا مَسَائِلُ مَعْدُودَةٌ ، إذْ كَانَتْ فَتَاوَاهُمْ مَقْصُورَةً عَلَى الْوَقَائِعِ ، بَلْ كَانُوا يَنْهَوْنَ عَنْ السُّؤَالِ عَمَّا لَمْ يَقَعْ ، وَكَانَتْ هِمَمُهُمْ مَصْرُوفَةً إلَى قِتَالِ الْكُفَّارِ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ الْإِسْلَامِ ، وَإِلَى مُجَاهِدَةِ النُّفُوسِ ، وَالْعِبَادَةِ ، فَلَمْ يَتَفَرَّغُوا لِلتَّصْنِيفِ ، وَأَمَّا مَنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ ، وَصَنَّفَ مِنْ الْأَئِمَّةِ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ قُرَشِيٌّ قَبْلَ الشَّافِعِيِّ وَلَمْ يَتَّصِفْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ أَحَدٌ قَبْلَهُ ، وَلَا بَعْدَهُ .

وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمَشْهُورِ فِي الْخِلَافِ إنَّمَا بَدَأْتُ بِالشَّافِعِيِّ قَبْلَ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ ، وَقَدَّمْتُهُ عَلَيْهِمْ ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ أَقْدَمُ مِنْهُ اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { قَدِّمُوا قُرَيْشًا ، وَتَعَلَّمُوا مِنْ قُرَيْشٍ } .

وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَدِيٍّ الاسترابازي صَاحِبُ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيِّ : فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَامَةٌ بَيِّنَةٌ إذَا تَأَمَّلَهُ النَّاظِرُ الْمُمَيِّزُ ، عَلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ رَجُلٌ مِنْ عُلَمَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ قُرَيْشٍ ، ظَهَرَ عِلْمُهُ ، وَانْتَشَرَ فِي الْبِلَادِ ، وَكُتِبَ كَمَا تُكْتَبُ الْمَصَاحِفُ ، وَدَرَسَهُ الْمَشَايِخُ ، وَالشُّبَّانُ فِي مَجَالِسِهِمْ ، وَاسْتَظْهَرُوا أَقَاوِيلَهُ ، وَأَجْرُوهَا فِي مَجَالِسِ الْحُكَّامِ ، وَالْأُمَرَاءِ ، وَالْقُرَّاءِ ، وَأَهْلِ الْآثَارِ ، وَغَيْرِهِمْ .

قَالَ : وَهَذِهِ صِفَةٌ لَا نَعْلَمُ أَنَّهَا أَحَاطَتْ بِأَحَدٍ إلَّا بِالشَّافِعِيِّ ، فَهُوَ عَالِمُ قُرَيْشٍ الَّذِي دَوَّنَ الْعِلْمَ ، وَشَرَحَ الْأُصُولَ ، وَالْفُرُوعَ ، وَمَهَّدَ الْقَوَاعِدَ .
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ بَعْدَ رِوَايَةِ كَلَامِ أَبِي نُعَيْمٍ : وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي تَأْوِيلِ الْخَبَرِ . وَمِنْ ذَلِكَ مُصَنَّفَاتُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُصُولِ ، وَالْفُرُوعِ الَّتِي لَمْ يُسْبَقْ إلَيْهَا كَثْرَةً ، وَحُسْنًا ، فَإِنَّ مُصَنَّفَاتِهِ كَثِيرَةٌ مَشْهُورَةٌ ، كَالْأُمِّ فِي نَحْوِ عِشْرِينَ مُجَلَّدًا ، وَهُوَ مَشْهُورٌ ، وَجَامِعِ الْمُزَنِيِّ الْكَبِيرِ ، وَجَامِعِهِ الصَّغِيرِ ، وَمُخْتَصَرَيْهِ الْكَبِيرِ ، وَالصَّغِيرِ ، وَمُخْتَصَرِ الْبُوَيْطِيِّ ، وَالرَّبِيعِ . وَكِتَابِ حَرْمَلَةَ ، وَكِتَابِ الْحُجَّةِ ، وَهُوَ الْقَدِيمُ ، وَالرِّسَالَةِ الْقَدِيمَةِ ، ، وَالرِّسَالَةِ الْجَدِيدَةِ ، وَالْأَمَالِي ، وَالْإِمْلَاءِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ كُتُبِهِ ، وَقَدْ جَمَعَهَا الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَنَاقِبِ .

قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ فِي خُطْبَةِ تَعْلِيقِهِ : قِيلَ : إنَّ الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ صَنَّفَ مِائَةً ، وَثَلَاثَةَ عَشَرَ كِتَابًا فِي التَّفْسِيرِ ، وَالْفِقْهِ ، وَالْأَدَبِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَأَمَّا حُسْنُهَا فَأَمْرٌ يُدْرَكُ بِمُطَالَعَتِهَا فَلَا يَتَمَارَى فِي حُسْنِهَا مُوَافِقٌ ، وَلَا مُخَالِفٌ ، وَأَمَّا كُتُبُ أَصْحَابِهِ الَّتِي هِيَ شُرُوحٌ لِنُصُوصِهِ ، وَمُخَرَّجَةٌ عَلَى أُصُولِهِ ، مَفْهُومَةٌ مِنْ قَوَاعِدِهِ فَلَا يُحْصِيهَا مَخْلُوقٌ مَعَ عِظَمِ فَوَائِدِهَا ، وَكَثْرَةِ عَوَائِدِهَا ، وَكِبَرِ حَجْمِهَا ، وَحُسْنِ تَرْتِيبِهَا ، وَنَظْمِهَا ، كَتَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ ، وَصَاحِبِيهِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ ، وَصَاحِبِ الْحَاوِي ، وَنِهَايَةِ الْمَطْلَبِ لِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ ، وَغَيْرِهَا مِمَّا هُوَ مَشْهُورٌ مَعْرُوفٌ ، وَهَذَا مِنْ الْمَشْهُورِ الَّذِي هُوَ أَظْهَرُ مِنْ أَنْ يُظْهَرَ ، وَأَشْهَرُ مِنْ أَنْ يُشْهَرَ ، وَكُلُّ هَذَا مُصَرِّحٌ بِغَزَارَةِ عِلْمِهِ ، وَجَزَالَةِ كَلَامِهِ ، وَصِحَّةِ نِيَّتِهِ فِي عِلْمِهِ ، وَقَدْ نُقِلَ عَنْهُ مُسْتَفِيضًا مِنْ صِحَّةِ نِيَّتِهِ فِي عِلْمِهِ نُقُولٌ كَثِيرَةٌ مَشْهُورَةٌ ، وَكَفَى بِالِاسْتِقْرَاءِ فِي ذَلِكَ دَلِيلًا قَاطِعًا ، وَبُرْهَانًا صَادِعًا .

قَالَ السَّاجِيُّ فِي أَوَّلِ كِتَابِهِ فِي الْخِلَافِ : سَمِعْتُ الرَّبِيعَ يَقُولُ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ : " وَدِدْتُ أَنَّ الْخَلْقَ تَعَلَّمُوا هَذَا الْعِلْمَ عَلَى أَنْ لَا يُنْسَبَ إلَيَّ حَرْفٌ مِنْهُ " فَهَذَا إسْنَادٌ لَا يُتَمَارَى فِي صِحَّتِهِ فَكِتَابُ السَّاجِيِّ مُتَوَاتِرٌ عَنْهُ ، وَسَمِعَهُ مِنْ إمَامٍ عَنْ إمَامٍ ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : مَا نَاظَرْتُ أَحَدًا قَطُّ عَلَى الْغَلَبَةِ ، وَوَدِدْتُ إذَا نَاظَرْتُ أَحَدًا أَنْ يُظْهِرَ اللَّهُ الْحَقَّ عَلَى يَدَيْهِ " ، وَنَظَائِرُ هَذَا كَثِيرَةٌ مَشْهُورَةٌ عَنْهُ .

وَمِنْ ذَلِكَ مُبَالَغَتُهُ فِي الشَّفَقَةِ عَلَى الْمُتَعَلِّمِينَ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَنَصِيحَتُهُ لِلَّهِ تَعَالَى ، وَكِتَابِهِ ، وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْمُسْلِمِينَ ، وَذَلِكَ هُوَ الدِّينُ كَمَا صَحَّ عَنْ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْتُهُ ، وَإِنْ كَانَ كُلُّهُ مَعْلُومًا مَشْهُورًا فَلَا بَأْسَ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ لِيَعْرِفَهُ مَنْ لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ ، فَإِنَّ هَذَا الْمَجْمُوعَ لَيْسَ مَخْصُوصًا بِبَيَانِ الْخَفِيَّاتِ ، وَحَلِّ الْمُشْكِلَاتِ .
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس