عرض مشاركة واحدة
قديم 08-10-2008
  #3
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

التلتلة : وهي كسر حروف المضارعة . فالدارج في لغة أهل الدير أنهم يكسرون حروف المضارعة إذا كانت ( ياءا أو تاءا أو نونا ) فيقولون : إنت تِـعرف وهي تِـعرف ونحن نِـعرف , وهو يِـدري وإنت تِدري وهي تِدري ونحن نِدري 0 فإنّ جميع الأفعال المضارعة فيما سبق قد كُسِر الحرف الأول منها أي حرف المضارعة فيها . أما الفعل المبدوء بالهمزة ( حرف المضارعة ) للدلالة على المتكلم مثل : أنا أَعرف وأنا أَدري وأنا أَكتب . فيفتحون حرف المضارعة فيه أي الهمزة ولا يجرون على النمط السابق في كسر حرف المضارعة . وذلك دفعا للالتباس بهمزة التعدية التي تلحق أوائل الأفعال . وقد جاء في الأمثال الفراتية انموذج ( دير الزور ) : ( ما تِنحل من إيده ـ يده ـ عقدة ـ كناية عن بخله الشديد ) 0 و ( على كل هوا يـِـذرِّي ـ كناية عن المنا فق والنفاق ـ ) 0 و ( ما يـِـعرف يِـِسـبح إلا بميّـة أهلـه ) يضرب سخرية بمن يـدّعي المعرفة بأمر ثمّ يتبيّن أنّـه جاهل به 0 وجاء في شـعر ( العتابا ) الشعبي : عيـونك سـود وﮔـذلَّـك بَرَاسـم وجـعـدك يـِشــبه الملف براســم يـِـذكـرون ريـق أبـو ﮔـُذلة برا سـَم مجـرب دُ ُوم للعـِـلّـَـة شـــــفـا ( تنطق القاف كنطق المصريين للجيم ) و( برا أصلها برأ أي : شفى ) ومثل هذا في الشعر الشعبي وأحاديثهم اليومية لا يحصى 0 والشوايا يكسرون أوائل الأسماء كذلك مثل : شِعير وبِعير , و شِعيب و جِليب ( وأصلها قِليب أبدلوا قافها جيما ) و رِقِيب و مِكان . وعلى هذا نحمل كسر الشوايا لميم ( مِكان ) , أما أهل الدير فإنهم يفتحون أوائلها خلافا للشوايا 0 كذلك يكسر أهل الديرهمزة ( إمـّك ) أمـّاّ الشوايا فإنهم يضمون همزة ( أُمك ) على خلاف أهل المدينة . وأما كسر همزة ( إِمك ) في كلام أهل الدير فنجد له في قراءة حمزة (( فلإِمّه – بكسر الهمزة )) من قوله تعالى في الآية - 11- من سورة النساء((... فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلإِمـه الثلث .....)) بكسر همزة (( فلإِمـه )) 0 وكسر حروف المضارعة أمر لاحظه علماء اللغة ورصدوه في دراستهم اللغوية ، فقد نقل - 36 - عنهم أنهم قالوا: إن جميع العرب يكسرون حروف المضارعة إلا الحجاز ومنهم قريش كما هو معروف لنا. فسيبويه يقول في كتابه الكتاب ج 4 ص 110 : وذلك - أي كسر حروف المضارعة – في لغة جميع العرب إلاّ أهل الحجاز وذلك في قولهم : أنت تِعلم ذاك وأنا إِعلم ذاك وهي تِعلم ذاك . .... وإنما كسروا هذه الأوائل لأنهم أرادوا أن تكون أوائلها كثواني (( فـَعـِل مكسور العين ) ( 1 ) وأما أصحاب هذه اللهجة فقد ذهب سيبويه وتابعه بعض العلماء إلى أنهم جميع العرب , وفصّل جماعة فعزوها إلى تميم وأسد وربيعة وقيس وهذيل وكلب وبهراء من قضاعة . (2 ) 0 ونحن نعلم أن بهراء من قضاعة كانوا جنود الزباء القريبة مساكنها من الدير كما أن ربيعة تسكن الجزيرة الفراتية والدير جزء من الجزيرة الفراتية كما بيّنا في القبائل التي سكنت المنطقة قبل صفحات قليلة من هذه الفقرة . وتـُعـدُّ الدير سوق البادية التي تتمون منها كلّ القبائل التي تسكن البادية ، أو تعبر من الجزيرة قاصدة جزيرة العرب محتكّة بأهل الدير بلهجاتها مبادلة إياها بمعارفها جعـل هذه الظاهرة متأصلة في المنطقة 0 كما أننا يجب أن نلحظ أن علماء اللغة قالوا : إنها ( في لغة جميع العرب إلا أهل الحجاز ) 0 والدير لا تقع ضمن هذا الاستثناء 0 أما ابن حزم فيقول في جمهرة أنساب العرب ص 291 بعد أن بين أنهم أي العرب يكسرون حروف المضارعة :...... ولا يكسرون الألف وهي لهجة بني الأخيل من عقيل وأسد . وعدم كسر الألف من حروف المضارعة نجده في لهجة أهل الدير الذين يقولون في كلامهم ( إنتَ تِعرف ، هي تِعرف وهو يـِعرف ونحن نِعرف بينما يقولون : أنا أَعرف ) فهم يكسرون الياء والتاء والنون من حروف المضارعة إلاّ الألف فإنهم يُجرُونها بالفتح كما ذكر ابن حزم ونطق به أهل الحجاز . كما أنّ مساكن أسد في البادية قريبة من الدير، والدير منطقة مِـيـرتِـهم وتأمين احتياجاتهم 0 وقد ذكر البغدادي في كتابه خزانة الأدب أن الحجاز لا يجيزون كسر حروف المضارعة وهو جائز عند جميع العرب (3) ومن هنا نستطيع القول بأن هذه الظاهرة تعزى إلى قبائل شرق الجزيرة العربية وشمالها وجلهّم من القبائل البدوية , وقد ورد في بعض القراءات القرآنية بعض ذلك مثل قراءة (..... اليوم تِبيضُّ وجوه و تِسودُّ وجوه )) 106 آل عمران . وذلك بكسر حروف المضارعة من تبيض وتسود . - 37 - وقراءة ابن وثاب والأعمش ( إِياكَ نِعبدُ وإِياكَ نِستعين ) بكسر حروف المضارعة من ( نَِعبد و نَِستعين ) انظر اللهجات في كتاب سيبويه ص 156 ( صالحة راشد آل غنيم )0 أما كسر أوائل الأسماء فإن بني أسد يكسرون أوائل الأسماء أيضا مثل : شِعير و بِـِعير ويكسرون كلَّ حرف أول كان أحد حروف الحلق في فـَعَـلت وفـَعيل ويكسرون ميم ( مِخاض ) ويوافقهم عـــامة قيس وتميم .(4)0 وقيس ما يزال بعض فروعها يسكن محافظة الدير ينطقون اسمها اليوم ( جيس ) ، وقد عـزيت هذه اللهجة إلى هوازن وهذيل ولهما منازل في نجد . (5) وقد ورد في كتاب اللهجات القرآنية للدكتور عبده الراجحي قوله :" 00 والقبائل التي تميل إلى الكسر تسكن شمال الجزيرة بجوار العراق والشام ـ وتقع الدير ضمنها – عدا هذيل حيث التأثيرات الآرامية والعبرية " 0 (6) ولم يقل بهذا الرأي غيره فالدكتور رمضان عبد التواب وهو باحث لغوي يحدِّث فيرى أنّ الكسر أصيل في العربية ، وأن الفتح حادث أي طارىء ، وهو يقصد بذلك حروف المضارعة . وقد وجد أنّ علماء العربية القدامى قد رصدوا هذه الظاهرة وعزوها لأهلها دون أن يقولوا بتأثير أية قبيلة بمجاورة أمم غير عربية بل بينوا أن هذه الظاهرة عربية محضة . -------------- 1- الكتاب لسيبويه ص 110 0 2- الأدب الجاهلي بين لهجات القبائل واللهجة الموحدة د / هشام طعان ص 155 0 3- المرجع السابق ص 155 0 4- المرجع السابق ص 155 0 5 - اللهجات في كتاب سيبويه لصالحة راشد آل غنيم ص 111 0 6 - الأدب الجاهلي بين لهجات القبائل واللهجة الموحدة د / هشام طعان ص 155 واللهجات العربية في القراءات القرآنية د / عبده الراجحي ص 116- 117 0
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 08-10-2008 الساعة 12:54 AM
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس