عرض مشاركة واحدة
قديم 09-25-2008
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي اقتصاد السوق الديري

اقتصاد السوق الديري

فراس القاضي

(البضاعة التي تباع لا ترد ولا تبدل)، (لسنا مسؤولين عن البضاعة بعد خروجها من المحل)، (الكفالة لا تتضمن سوء الاستعمال)، (حط من إيدك وطلاع برا)، (الله ياخذ هالرزقة اللي تجي من وراك)، وغيرها من المصطلحات المشجّعة.
العبارات السابقة كانت مستعملة منذ حوالي عشرين عاماً، أي قبل اقتصاد السوق ومحاولة الانخراط فيه، وما تزال مستعملة حتى اللحظة، ونحن نسعى للدخول في اتفاق الشراكة الأوروبية، وبعد تحرير الأسعار التي لم نكن نعلم أنها مسجونة لهذه الدرجة، وستقضي علينا بمجرد تحريرها.‏
سيقول قائل إن هذه المصطلحات تستعمل في كل أنحاء سورية، وهذا كلام غير دقيق، وما تزال دير الزور تحتفظ بامتياز (عكشة) البائع وتقطيبة حاجبيه إن بقي الزبون في المحل أكثر من خمس دقائق ولم يشتري شيئاً، الأمر الذي يدفع بالكثيرين إلى اللجوء للكذب بعبارات أصبحت أيضاً كليشات، للهروب من وجه البائع المحتقن مثل: (أشوف وأرجعلك)، و (لا تواخذنا مشان الله) وغيرها.‏
في افتتاح إحدى المنشآت، قال الدكتور تيسير رداوي في كلمة مرتجلة:‏
(رغم كل المحاولات، نحن أبناء المنطقة الشرقية لسنا أصحاب تجارة، ولا صناعيين، نحن مزارعين وفلاحين، لكن هذا لا يعني أنه علينا أن نبق جميعاً كذلك، وعلينا تطوير أنفسنا للدخول في عالم التجارة والأعمال).‏
لكن مصطلح (تطوير أنفسنا) حمّال أوجه بالنسبة للبعض، فبعضهم يفهم أن عليه البذخ في ديكور المحل، والبعض يترجمه بالتعامل مع المهربين لتأمين بضائع يظن أنها أفضل من الوطنية، والبعض ظن أنها دعوة لفتح أزرار القميص حتى آخر زر تقريباً، وارتداء السلاسل الذهبية والفضية، والوقوف أمام باب المحل الذي تصدح من داخله إليسا أو غيرها بأعلى صوت؟!‏
ويبدو أنه لم يخطر ببال أحد أننا سنعود إلى المحل الذي يبتسم صاحبه بوجهنا ولا يشعرنا بأننا نضيع وقته الثمين.. وسنعود للمحل الذي نشتري منه بضاعة متينة، تمر عليها سنة واحدة على الأقل دون أن تحتاج لتبديل أو لصيانة، وأننا سنعود إلى المحل الذي يبيعنا بأسعار مخفضة يقول عنها صاحبه (بالقرآن بعتوك براس المال) مع أننا نعلم أن هذا الكلام غير صحيح مطلقاً.‏
في كثير من الدول، يُمنح الزبون مدة لا تقل عن أسبوع أو عشرة أيام لاختبار السلعة التي اشتراها، إن كانت ستحقق المطلوب منها أم لا، وبالطبع نحن لا نسعى لهذا حالياً، لأن بعض زبائننا (يجلطون) وبحاجة إلى فرمتة وإعادة تأهيل ليعتادوا على التعامل التجاري الحضاري، لكن ما نطلبه هو أن يبدأ تجارنا.. عفواً، بائعونا بتقليد بائعي دمشق أو حلب على الأقل، هؤلاء الذين إن (خبطت) لهم كل بضاعة المحل تبقى الابتسامة على وجوههم، ناهيك عن ألطف الكلمات التي تضطرك أحياناً للشراء كرد جميل لهذه المعاملة، والمكسب لهم ولنا، فهل هذا ممكن.‏
(ما هكوتي).‏

__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس