عرض مشاركة واحدة
قديم 01-29-2012
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي ثمرة 17 محرم / 1433 هـ

بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله ، والحمدلله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد :

أيها الإخوان المؤمنون ، وفقكم الله لِما يحبُّ ويرضى : عليكم أن تتركوا الهوى ، مادام الله تعالى لا يحبُّ من اتَّبع هواه ، لابدَّ أن لا نتَّبع الهوى ، ولا نتَّبع أنفسنا والأنانيةَ والكبرَ والغرورَ بالنسب أو بالعلم . قال ربُنا جلَّ وعلا : ( وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ) لقمان : 15
لا تتعلَّق بزخرفات الدنيا حتى يذهب ضدها من الأمور التي وضع الخالق جلَّ وعلا للمؤمنين الصادقين الصالحين المخلصين في نيَّاتهم وأعمالهم .
نحن جميعاً نحبُّ كلَّ مؤمن ، أيَّ من كان ، نحبُّه ونتألم لما هو يتألم ، نتألم له هذا مقتضى العبديَّة ولكن لا نتَّبع هواه ولا نحبُّ طبيعته البشرية المخالفة ، لأنه أخونا أيَّ من كان ، مادام يوجد الإيمان بيننا ، لا نحبُّ هذا لماله ، ولا نحبُّ هذا لعلمه إن لم يعمل بعلمه ، بل نحبه لإيمانه ، كما قال الله تعالى جلَّ وعلا : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) الحجرات : 10 ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ) التوبة : 71


علينا جميعاً أن نفتش أعمالنا وأقوالنا والذي في قلوبنا ، فإذا وجدنا شيئاً مخالفاً لرضى الله تعالى المطَّلعِ على قلوبنا ، لابد لنا أن نتوب ونستغفر بالإخلاص ، والإيمان بأنه جلَّ وعلا واقفٌ
على نيَّتنا ، وواقف على توبتنا ، أهي من القلب الصحيح الصميم مع الندامة ، أم تجري على لساننا ، لابد لنا أن نميز .

وكما أن الله تعالى جلَّ وعلا لا يحبُّ من اتَّبع هواه ولا يحبُّ من يرى نفسه فوق الآخرين من المؤمنين ، علينا أن نكون مُبرئين من هذه الأمور المخالفة .
وإذا صحت نيَّتنا واستغفارنا وتوبتنا وعبادتنا مع الإخلاص ، وربُّنا واقفٌ عليه ، حينذاك نكون متمسكين ظاهراً بالشريعة والسنة النبوية ، وباطناً متعلقين برضى الله تعالى وسنة رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، حينذاك نستكسب رضى الله تعالى بالشريعة ، ومحبة الله تعالى باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم .
عليك أيها السالك القاصد لسلوك طريق التوحيد ، أنجح الله آمالك : أن تبتدئ أولاً - بعدما
هذَّبت ظاهرك بالشرائع ، وباطنك بالجلاء عن الموانع - بذكر الله الواحد الأحد الصمد ، المتَّصفِ
بجميع أوصاف الكمال ، إلى أن يؤدي ذكرُك إلى الفكر المورث للمجاهدة والانزعاج والشوق
والابتهاج أحياناً ، وواظب عليها إلى أن يستوعب جميعَ أوقاتك وحالاتك ، وحينئذ ظهرت ولاحت على قلبك مقدِّمات المحبَّة والمودَّة والعشق المزعج المفني ، وصرت عليها زماناً إلى أن اشتاق وتعطَّش قلبك إلى فنائك وانقهارك في محبوبك .
وفي تلك الحالة عرضت عليك الحيرة والحسرة والوحشة والقلق والاضطراب والخوف
والرجاء واللذة والألم ، وصرت بين بين ، وأين أين ، وكيف كيف ؟ - تتحيَّر في المعرفة تريد
الوصول لايمكن - .
وبالجملة كنت في تلوينٍ وتكوينٍ، وإطلاقٍ وتقييدٍ ، وما هي سكراتك عند موتك الإرادي
واضطراباتك دونها ، وحينئذ لا يسع لك إلا الرضى والتسليم ، والتوكل والتفويض إلى أن جذبك
الحقُّ ، ووفقك بالتمكين - اللهم ارزقنا يا أرحم الراحمين - والتسكين ، وأطلقك عن التقييد والتعيين ، وأفناك عنك وأبقاك بذاته ، وفزتَ بما فزتَ ، وتكون حينئذٍ (مِنَ السَّاجِدِينَ ) الأعراف :
11 ، الحجر 98 ، قد أتاك اليقين والتمكين ، وأخلصك عن التردُّد والتلوين.
نرجو الله جلَّ جلاله أن نكون مسلِّمين أمورَنا كلَّها إليه جلَّ وعلا ، سواء كانت موافقةً لأنفسنا أو مخالفةً لها ، وأن يجعل عبادتنا وأذكارنا وأفعالنا خالصة لوجه الله تعالى الكريم ، وأن يُبعدنا عن
الكِبر والأنانية ، وأن لا يسلِّط علينا أنفسنا ، بجاه سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.
نحن مأمورون أن نتمسك بقول الله جلَّ جلاله ، واتباع الرسول صلى اله عليه وسلم ، ولو كان
مخالفاً لطبيعتنا ، لابدَّ من التسليم بالقلب السليم للخالق الرحيم جلاَّ وعلا ، حتى نخرج من الدنيا.

وصلى الله تعالى على سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه وسلَّم ، والحمد لله ربِّ العالمين.
هذا ما املاه العارف بالله المربي سيدي الشيخ أحمد فتح الله جامي ، شيخ الطريقة القادرية الشاذلية الدرقاوية ، حفظه الله تعالى ونفعنا به آمين .
يوم الإثنين
17 محرم / 1433 هـ
12/ كانون الأول / 2011 م
** ** **
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 01-29-2012 الساعة 03:20 AM
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس