عرض مشاركة واحدة
قديم 09-06-2009
  #2
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الأمة التي لا تغيب عنها الشمس

الأمة التي لا تغيب عنها الشمس وخليفتها السلطان عبد الحميد خان-2



في المقال السابق ذكرنا من خلال المعلـومات والصّور أن الخليفة عبد الحميد خان قد أولى أهمية خاصة لجزيرة سيلان. وبالـرّغم من قلة المسلميـن في هذه الجزيرة فقـد أرسل إليهم رسلا لكي يبقيهم داخل دائرة الوحدة ويحسن من ظروفهم الاقتصادية والرفع من مستـواهم التعليمي.

ولقد كانت لسيلان أهمية كبيرة باعتبارها كانت تمثل بوابة للهند وفي الوقت نفسه مركـزًا لتلقي الأخبار من المناطق التي يعيش فيها المسلمون في الشرق الأقصى وبالتّحديد في أندونيسيا وماليزيا. هؤلاء المسلمون الذين يعيشون في هذه الجزيرة كانوا بمثابة السّفـراء و الممثلين المتطوعين للخليفة. كانت المعلومات القادمة من الشرق الأقصى إلى الجزيرة و إلى الهـند تأتي بواسطة خطوط تلغراف العراق وتنتقل على الفور إلى استانبول. وبالنسبة إلى العرب الذين قدمـوا من الجزيرة العربية واستوطنوا هناك فقد أطلقوا اسم "حميدية" على المراكز التجارية والأسواق التي فتحوها هناك، وهذا وحده كاف لنعرف إلى أي مـدى هم متعلقون بالخليفة. وفي الحقيقة إن الحب الذي يكنه المسلمون في الهند للعثمانيين وارتباطهم بهم قـد لعب فيه العلماء العرب دورًا كبيرًا. فمثلما هو معروف هناك علماء عـرب قدموا إلى القارة الهندية ودرسوا العلم في المدارس الموجودة هناك. وقد ثبت تاريخيا أن عائلات هؤلاء العلماء تركوا المدينة المنورة في العهد الأموي واستوطنوا في الهند وفي الجزر الهندية. وقد كان لهم تأثير كبير وواضح على مسلمي الهند وعلى علمائها. والعرب المثقفون كانوا يعرفون جيدا أن الإدارة الإسلامية في العهدين الأموي والعباسي، ونظـرا لاتساع الدولة ونفوذها، كانت أكثر إشفاقا ورحمة مع الأصدقاء وأكثر شدة وصرامة مع الأعداء. ولهذا السبب فقد رأوا من واجبهم الديني الوقوف إلى جانب الدولة العثمانية والسلطان عبد الحميد في الهند مهما كانت الظروف ومهما كلفهم، بل والحـثّ على ذلك.

إن أغلب العرب الذين سكنوا في القارة الهندية واستوطنوا في ماليزيا وفي أندونيسيا هم من السادة من حيث المنشإ. فهم أحفـاد للنبي عليه الصلاة والسلام جاؤوا إلى هنا لتبليغ الدعوة الإسلامية ثم سكنـوا في هذه المواطـن، وفي مجال التجارة كذلك كانوا أصحاب كلمة وحضور في الساحة.
إن ذكريات دولة بابور وتقاليدها في الهند علمت المسلمين في هذه القارة أن يرتبطوا بدولة إسلامية كبيرة، فبالرغم من الظلم والدمار الكبير الذي ألحق بامبراطورية بابور على يد الإنكليز فإن ذلك لم ينسيهم ضرورة مبايعة دولة إسلامية كبيرة مقتدرة. إن الدولة العثمانية بالنسبة إليهم والتي تلوح بعيدا كانت تمثل مركزا يبعث الأمل ويمنحهم الشجاعة والإقدام وهو الأمر الذي لـم يكـن يراه الكثير من مثقفي الداخل في الدولة العثمانية. وفي المقالة السابقـة عرضنا بعض الصور التي تمدنا بمعلومات مهمة يرجع تاريخها إلى أكثر من مائة عام خلت. وفي إحدى هذه الصور يظهر مجموعة من المسلمين عند مدخل أحد المساجد في العاصمة الأندونيسية اليوم جاكرتا وهم يدعون للسلطان عبد الحميد خان يوم الجمعة. وكما يفهم من هذه الصور فإن المسلمين لم يكونوا يرون المسافات الجغرافية حائلا من أجـل موالاة الخليفة ومبايعته باعتباره ولي أمرهم. وعلى الـرغم من جميع المصاعب كان رأيهم بضرورة وجود خليفة عليهم عاملا من العوامـل التي وحدتهم وجمعت صفوفهم. وفي صورة أخرى رأينا المسؤولين في "جميعية النهضة الخيرية" التي أمر السلطان عبد الحيمد نفسه بإنشائها. ويمكننا أن نفهم أن السلطان عبد الحميد أطلق اسم "النهضة" على هذه الجمعية في إشارة إلى المساعي التي تهدف إلى إحداث تقدم وتطور داخـل حـدود الامبراطورية. لقد رأينا كيف أن السلطان أراد أن ينقل خبرات الدولة وتجاربها من أجل تحقيـق النهضة في المجال التعليمي والصحـيّ والـزراعي وتربية الماشية وغيـر ذلك إلى أمراء المسلمين ومجتمعاتهم في الشرق الأقصى. وواضح أن الخليفة كان يسعى سعيا حثيثا إلى البلوغ بالمسلمين في العالم إلى مراتب أعلى وأقوى. وقد انصب جهده بصورة خاصـة على القضاء على الجهل الديني والرفع من المستوى العلمي والوعـي الثقافي للمسلمين وتوحيد صفهم وتقوية مكانتهم. كما سعى إلى تكوين علماء من أجل نشر العلم بين جماهير المسلمين، والاستفادة من التكنولوجيا المتوفرة في عهده في المجال الزراعي والطبي ومختلف الميادين الأخرى من خلال إنشاء المدارس الزراعية والطبية. كما ساهم مساهمة فعالة في دعم المسلمين من أجل تأسيس مراكز وأسواق تجـارية، وتعتبـر أسواق الحميدية مثالا حيا على ذلـك. ومن البنود الأخرى للجمعـية إزالة الجهل والأمـيّة وهو ما يظهـر في شروط الجميعة. وهي تبيـن أن ذلك لا يتحقق إلا بواسطة إنشاء المدارس ونشر العلم. وفي المعلومات التي تم تقديمها حول المدرسة التي أنشئت في مدينة رانغون الهندية (كنّا قد قدمـنا صورتها في مقالتنا السابقة) تتبين الأهمية الكبرى التي أولاها الخليفة للتعليم. وقد ورد فيها أن الجهل هو العدوّ المشترك لمئات المسلمين، ولذلك فإن التدابير المتخذة في هذا السبيل كثيرة ومنها إنشاء صيدليات في الأمكان التي يكثر فيها المرضى. ونحن نعرف أن الخليفة قد أنشأ عددا كبيرا من المدارس والمساجد والمستشفيات خارج جغرافيا الدولة العثمانية. وقد كانت المدارس التي ذكرناها في مقالتنا السابقة والموجودة في جنوب أفريقيا من أبرز الأمثلة على ذلك؛ ففي هذه المناطق كانت توجد مجوعة من المدارس يطلق عليها اسم "المدارس البرهانية"، هذا بالإظافة إلى مدارس البنات التي كانت تنتشر في أماكن كثيرة من الدولة. وعلى الذين يزعمون أن البنت في المجتمع العثماني حرمت من التعليم أن يبحثوا جيدا ويبتعدوا عن الرجم بالغيب.

لقد كان للخليفة العثماني حضور كبير في أفريقيا. لم يكن ذلك في شمال القارة فقط بل كذلك في وسطها وجنوبها. في هذه المناطق كانت خطب المساجد تلقى باسم الخليفة، وقد كان هناك عدد كبير من الأشخاص يعملون في علاقة مباشرة مع الخليفة. وقد كان عظيم زاده صادق مؤيد باشا عارفا بأحوال أفريقيا، وقد أرسله الخليفة إلى وسط أفريقيا وجنوبها بهدف كسر تأثير الفرنسيين والأنكليز والاطلاع على المظالم التي ترتكب في حق المسلمين هناك والتدخل لمنعها. قام هذا الباشا بنشاط كبير وواسع في بلاد الحبشة وما جاورها، وقد كان في الوقت نفسه من أهم مستشاري ملك الحبشة.
في مقالتنا الماضية كنا عرضنا صورة تبين الجهود التي يقـوم بها الهلال الأحمر العثماني في هذه البقاع، ومن خلال الفرع الذي افتتحه هناك قدم خدمات جليلة وكبيرة ومكن الحبشة من الاستفادة من تجارب كبيرة وساعد في إنشاء مؤسسات كثيرة هناك. والصور التي نقدمها هذه المرة تبين الجهود الأخرى التي يضطلع بها هذا الفرع من الهلال الأحمر العثماني؛ فالصورة الأولى تبين الجامع والكلية اللّذين أنشأهما الخليفة عبد الحميد الثاني في سنغافورة، وبالقـرب من الجامع يرفرف العلم العثماني. وقد تم إرسال القنصل العثماني عطاء الله أفندي إلى هذه المنطقة باسم الخليفة. وبفضل النشاط الذي قام به هذا القنصل انتشر الإسلام في عدد كبير من الجـزر الأندونيسية، كما ساهم مساهمة فعالة في نهضة عدد من الإمارات هناك. كما نورد لاحقا صورة تظهـر معلومات بخصوص أحوال المسلمين في مدينة كولجا (كشغـر) التابعة لتركستان الشرقية. لقد تمكن الخليفة من القيام بأعمال مؤثرة آسيا الوسطى والصين وربط علاقات ديبلوماسية متينة. وفي هذا الإطار أسس عددا من الكليات والمدارس في جنوب الصين، كما كانت له علاقات متينة مع تركستان بحيث يـزودهم بجميع المعلومات و المعارف اللازمة.


واليوم - ووفقا للمعلومات التي قدمها أحد العاملين في مدينة كولجا التابعة لتركستان التي تقع تحت الاحتلال الصيني- فإن 200 طفل يقتلون كل شهر خلال عام 2008. والحجة التي تتعلل بها الحكومة الصينية هي أن عائلات هؤلاء الأطفال لديهم أطفال آخرون. وفي الصورتين اللتين نعرضهما هنا مشهد لطفلين من القرم. وهذا يبين أن الدولة العثمانية كان لديها معلومات تمتد إلى غاية القرى الموجودة في القرم. والصورة الأخرى يظهر فيها القنصل العثماني سواس طوبول مع عدد من المسلمين. وقد وقف العثمانيون باستمرار إلى جانب المسلمين في القرم وقدموا لهم جميع أنواع الدعم. وفي صورة أخرى تظهر مدارس أنشأها أحد التجار في العاصمة الأذربيجانية باكو، وهناك مدارس ومساجد كثيرة أنشاها تجار أغنياء لم يذكروا أسماءهم. وفي عهد عبد الحميد الثاني نجد معلومات كثيرة حول سيبيريا والمسلمين الذين يقطنون في تلك الأماكن. ولعل المعلومات التي نجدها حول كازان واوفا واسيبيريا وأوروبا وآسيا الوسطى والشربق الأقصى تبعث فينا الدهشة. وهذا يفيد بأن نشاط المسلمين قد شمل جميع المجالات التجارية في هذه المناطق، وفي هذا الإطار لا يمكن إنكار تأثير دور المسلمين التاتار. ويذكر أن عبد الرشيد إبراهيم أفندي وهو أحد مسلمي سيبيريا معروف في هذه المناطق الجغرافية بما أنشأه من مدارس ومطابع. وفي مقالاته ومذكراته التي كتبها قدم معلومات ضافية عن خدماته ونشاطه. كما أنه معروف بكونه من أصدق رجال الخليفة ومن الذين زودوه بمعلومات ضافية بفضل ما يقوم به من رحلات. وهذه الصور تعد وثائق مهمة على حقيقة وجود مسلمين في مناطق سيبيريا. وبالنسبة إلى الصورتين الأخريين اللذين نجدهما هنا فهما يوثقان مستشفى الغرباء والصيدلية التابعة للبلدية اللذين تم إنشاؤهما في اليمن. والفترة نفسها التي تم فيها إنشاء مستشفى في اليمن شهدت إنشاء مستشفيات في أمكان مختلفة من الدولة مثل مستشفى "كاوالا غرباء" و المستشفى العسكري في مناستر. وفي الصور الأخرى نلاحظ مبنى "إقامة الضيوف" في مكة المكرمة وعدد كبير من المنازل في العراق وتحديدا في منطقة العمارة. وهناك صورة أخرى تحكي قصة أغنياء المسلمين في روسيا الذين يُتـبعون كل مصنع مدرسة تدرس العلوم الدينية وتوفر جميع المستلزمات للطلاب والمدرسين وهي تعتبر عادة متبعة عندهم. أما إنجازات الخليفة في طرابلس الغرب وقبرص فسوف نأتي على ذكرها في مقالاتنا القادمة. ونحن في هذه السلسلة سوف نتوقف عند النشاطات والخدمات التي لم تن معروفة بصورة جيدة أو أنها مذكورة ولكن لا توجد حولها معلومات مفصلة. وبحول الله سوف نلتقي في مقالات لاحقة مع مواضيع وصور جديدة.

المسجد السلطاني في سنغافورة، وهو مسجد أنشأه السلطان عبد الحميد


منظر من الخارج لمسجد كبير أسسه المسلمون قبل نحو 110 سنوات في كشغر
(أويغـور) التابعة لمدينة كولجا.



الطلاب مع الهيئة التعليمية التي تسهر على تدريس في الدارس الإسلامية وفقا للمناهج
الحديثة في قرية ألوبوغا في القرم.



مسلمو القرم رفقة القنصل العثماني بمناسبة اعتلاء السلطان عبد الحيمد الثاني للعرش



الحاج زين العابدين ناكيوف أفندي أحد الأغنياء
الذي أنشأ عددا من المدارس في باكو.


عائـلة مسلمة في سيبيريا


عائلـة من بين العائلات المسلمة في سيبيريا




منظر من الجهة الشرقية لـ"مستشفى الغرباء" في صنعاء باليمن


مبنى البلدية الذي أنشأته الحكومة العثمانـية في صنعاء


افتتاح مستشفى الغرباء الذي صادف إنشاؤه الذكرى السابعة والعشرين لاعتلاء الخليفة سدة الحكم


الجهة الشمالية والغربية من الـ"مسافر خانه" (مبنى الضيوف)
الذي تم إنشاؤه في مكة المكرمة


المنازل التي تم إنشاؤها في ساحل العمارة التابعة للعراق


افتتاح مبى المكتب الصناعي الذي تم إنشاؤه في طرابلس الغرب


معلمو وطلبة الكتب الابتدائية بمعامل "تيمور بولاط أفجورين"
أفندي في مرنه "غورفكه" في ولاية "سيمبر " في روسيا.



معلمو وطلبة المكتب الإعدادي أمام مطبعة
"زمان" في لفقوشه التابعة لقبرص بمناسبة ولادة السلطان
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 09-06-2009 الساعة 06:37 PM
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس