عرض مشاركة واحدة
قديم 04-22-2009
  #13
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: في ذكر من انتمى إلى الصوفية وليس منهم

السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ




ويقول مولانا الإمام حجّة الإسلام العارف الهمام: أبو حامد الغزالي في (إحياء علوم الدين) :


"اعلم أنه قد ظنّ أن تارك المال زاهد، وليس كذلك؛ فإنّ ترك المال وإظهار الخشونة سهل على من أحب المدح بالزهد، فكم من الرهابـين من ردوا أنفسهم كل يوم إلى قدر يسير من الطعام ولازموا ديراً لا باب له، وإنما مسرة أحدهم معرفة الناس حاله ونظرهم إليه ومدحهم له، فذلك لا يدل على الزهد دلالة قاطعة، بل لا يعدّ من الزهد في المال والجاه جميعاً حتى يكمل الزهد في جميع حظوظ النفس من الدنيا بل قد يدعي جمال الزهد مع لبس الأصواف الفاخرة والثياب الرفيعة، كما قال الخوّاص في وصف المدعين إذ قال: وقوم ادعوا الزهد ولبسوا الفاخر من اللباس يموّهون بذلك على الناس ليهدى إليهم مثل لباسهم، لئلا ينظر إليهم بالعين التي ينظر بها إلى الفقراء فيحتقروا فيعطوا كما تعطى المساكين، ويحتجون لنفوسهم بأتباع العلم وأنهم على السنة، وأن الأشياء داخلة إليهم وهم خارجون منها وإنما يأخذون بعلة غيرهم. هذا إذا طولبوا بالحقائق وألجئوا إلى المضايق، وكل هؤلاء أكلة الدنيا بالدين لم يعنوا بتصفية أسرارهم ولا بتهذيب أخلاق نفوسهم، فظهرت عليهم صفاتهم فغلبتهم فادعوها حالاً لهم، فهم مائلون إلى الدنيا متبعون للهوى. فهذا كله كلام الخواص رحمه الله؛ فإذن معرفة الزهد أمر مشكل، بل حال الزهد على الزهد مشكل.


وينبغي أن يعوّل في باطنه على ثلاث علامات:


العلامة الأولى: أن لا يفرح بموجود ولا يحزن على مفقود، كما قال تعالى: {لِكَيْلاَ تَأْسَوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} بل ينبغي أن يكون بالضدّ من ذلك: وهو أن يحزن بوجود المال ويفرح بفقده.


العلامة الثانية: أن يستوي عنده ذامه ومادحه، فالأوّل علامة الزهد في المال والثاني علامة الزهد في الجاه.


العلامة الثالثة: أن يكون أنسه بالله تعالى والغالب على قلبه حلاوة الطاعة إذ لا يخلو القلب عن حلاوة المحبة إما محبة الدنيا وإما محبة الله، وهما في القلب كالماء والهواء في القدح، فالماء إذا دخل خرج الهواء ولا يجتمعان، وكل من أنس بالله اشتغل به ولم يشتغل بغيره، ولذلك قيل لبعضهم: إلى ماذا أفضى بهم الزهد؟ فقال: إلى الأنس بالله؛ فأما الأنس بالدنيا وبالله فلا يجتمعان." اهـ


(المصدر: كتاب إحياء علوم الدين للغزالي - كتاب الفقر والزهد - بيان علامات الزهد)



(يتبع إن شاء الله تعالى مع نقول أخرى في وصف الأدعياء والمتزييّن بلباس الأصفياء... )

__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس