عرض مشاركة واحدة
قديم 09-06-2008
  #22
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

"ومن كاشفه الله بسرِّ قوله:‏‎ { اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ ‏وَالأَرْضِ }‏ (1) ‏ ‏. فهم سرَّ المثل المضروب ، وسكن نور المعرفة ‏في القلوب. فالسماوات والأرض خلقا من العدم وهو ظلام، ‏فالذي نوَّرهما بالوجود هو الله لتهتدي إليه الأنام.‏


وذوق اللسان: سرى فيه مدد "النور" فانتفع بتمييز ‏الأشياء.‏


واللَّمْس: أمدَّه بالنور الروحاني، فتباعد عن الضرَّاء.‏


والشَّم: أفيض عليه سرّ"اللطيف" ففرَّق بين الكريه ‏والطيب.


ولولا ظهور "النور" في الأرض والسموات، لما وصل أحدٌ ‏من المخلوقات، ، فنوره هو الدليل عليه، إذ الأمر منه وإليه، ‏فهو "النور"، والمنور، وهو "الهادي" والمسخر.


ولا تظنَّ أن النور هو النور المحسوس بالبصر، ولكنه نور ‏العلم والفهم والبصيرة، والعبرة ، والمدد الروحاني.‏


فَرُبَّ أعمى البصر وهو غارقٌ في هذا النور، ورُبَّ بصير ‏وهو غارقٌ في ظلام الجهل مقبور.‏


فالعارف لا يرى شيئاً في الوجود إلا ويتجلَّى له النور، ‏فيواجه ربه بنور المعرفة، فيصير نوراً على نور.


فمن عرف ذلك نادي:" يا نور!" قال له الحق: لبيك. لك ‏العزُّ في الدنيا ، ويوم النشور، ويكون الاسم الأعظم في حقه ‏هو اسمه تعالى:"النور"‏ ‏(2) .‏" اهـ



اقتباس:=========================== الحاشية ===============================

(1) ‎ ‎‏: سورة النور - الآية 35.‏

(2) ‎ ‎‏: وذلك لظهور الاضطرار عند هذه الحالة من العبد، والاضطرار من أعظم أسباب إجابة ‏الدعاء، وأقوى أسباب الحضور، لذا قال سيدي ابن عطاء الله السكندري رضي الله ‏عنه وارضاه:" ما طلب لك شيء مثل الاضطرار ، ولا أسرع بالمواهب إليك مثل ‏الذلة والافتقار". أي ما طلب لك _ أيها المريد _ الحوائج من الله تعالى شيء مثل ‏الاضطرار إليه ؛ إذ به تقع الإجابة لقوله سبحانه :‏‎{ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاه }‏. ‏فقوله طلب مبني للفاعل الذي هو شيء فيكون شبه الاضطرار بشخص طالب . ‏ويحتمل بناؤه للمفعول وشيء نائب فاعل على معنى أن أحسن مطلوب يطلبه العبد ‏الاضطرار ؛ وهو أن لا يتوهم من نفسه حولاً ولا قوة ، ولا يرى لنفسه سبباً من ‏الأسباب يعتمد عليه أو يستند إليه ، بل يكون بمنزلة الغريق في البحر ، أو التائه في ‏التيه القفر ، لا يرى لغياثه إلا مولاه ، ولا يرجو لنجاته من هلكته أحداً سواه . ‏

والذلة والافتقار أمران موجبان لإسراع مواهب الحق تعالى إلى العبد المتصف بهما ، ‏وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى:‏‎ {وَلَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ‏}‏ (123) آل ‏عمران . فذلتهم أوجبت عزتهم ونصرتهم ، كما قيل في هذا المعنى : ‏


‏ وإذا تذللت الرقاب تقرباً ‏ *** منها إليك فعزها في ذلها


‏ وما ألطف قول بعضهم :


‏ حيث أسلمتني إلى الذال واللا *** م تلقيتني بعين وزاي‏


‏ وافهم هاهنا قوله صلى الله عليه وسلم : " لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز ‏الجنة " . ‏


‏ لو أنك لا تصل إليه إلا بعد فناء مساويك ، ومحو دعاويك ، لم تصل إليه أبداً . ولكن ‏إذا أراد أن يوصلك إليه غطى وصفك بوصفه ونعتك بنعته فوصلك إليه بما منه إليك ‏لا بما منك إليه . أي لو أنك لا تصل إلى الله تعالى _ أيها المريد _ إلا بعد فناء ‏مساويك ؛ أي عيوبك ، ومحو دعاويك التي تدعيها من نسبة الأعمال إلى نفسك ، لم ‏تصل إليه أبداً ؛ لأن المساوي والدعاوي طبعك ، ولو لم يكن إلا إرادتك تحصيل هذا ‏الغرض بنفسك لكان كافياً، فلو تأملت وجدت محاسنك كلها مساوي ، ولو كنت ‏رأس المخلصين ، وأحوالك كلها دعاوي ، ولو كنت أصدق الصادقين . ‏{وَلَوْلا ‏فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا} ‏. ولذا قال أبو العباس المرسي : ‏لن يصل الولي إلى الله حتى تنقطع عنه شهوة الوصول إلى الله تعالى ؛ يعني انقطاع ‏أدب لا انقطاع ملل . وقوله : غطى وصفك بوصفه ؛ أي أظهر لك من صفاته السنية ‏ما تغيب به عن صفاتك البشرية ، فتكون في مقام الحب الذي قال في صاحبه : " فإذا ‏أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش به، ‏ورجله التي يمشي بها " . وصاحب هذا المقام لا تكون له إرادة مع مولاه ؛ لأنه ما ‏وصل إلى الله إلا بما من الله .‏‎ {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ‏}‏.‏" اهـ92




(يتبع إن شاء الله تعالى مع مشاهدة العارفين..... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس