عرض مشاركة واحدة
قديم 08-13-2008
  #14
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

وروى الكامل لأخيه قصته مع قاض مصري ورع شديد في الحق. ذلك أن الملك الكامل وهو الملك المهاب الصالح، كان قد هفا قلبه الى مغنية قاهرية بارعة الجمال ذات صوت لم يسمع أعذب منه اسمها عجيبة. وكانت عجيبة تذهب الى الملك، فتغني له ولخاصته حتى قبيل الفجر، على قرع الدف، ورنة عود تتقن العزف عليه. فعرضت امام القاضي دعوى كان أحد طرفيها رجل من خاصة الملك يسمع معه الى غناء عجيبة وجواريها. وأراد الملك أن يشهد في تلك القضية. فرفض وقال للكامل: «السلطان يأمر ولا يشهد.» ولكن الملك الكامل لم يقتنع برأي القاضي، وعاد يطلب مه أن يؤدي الشهادة، وكرر القاضي الإعتذار، وأدرك الكامل أن القاضي لا يقبل شهادته، فسأله: «أريد أن أشهد. أتقبلني أم لا؟» فقال القاضي: «لا . ما أقبلك، وعجيبة المغنية تطلع اليك كل ليلة، وتنزل ثاني يوم بكرة تتمايل سكرا على أيدي الجواري.»

فغضب الكامل وقال له: يا كنواج «وهي شتمة فارسية» فقال القاضي: «ما في الشريعة يا كنواج! اشهدوا على أني عزلت نفسي.» ومضى ينشد في الناس:



وليت القضاء وليت القضاء *** لم يك شيئا توليته
وقد ساقني لقضاء القضاء *** وما كنت قبل تمنيته




وفكر الملك فيما عسى أن يقول الناس عن سبب عزل القاضي. فأرسل اليه يترضاه، وعل عن طلب الشهادة. ولم يعد يستقبل المغنية ولا يقيم مجالس طرب. وسار في رعيته منذ ذلك اليوم سيرة تقية فاضلة، وهكذا أصبح وعظة ورع قاض حازم عادل، فأصبح الملك باتعاظه مهابا محبوبا.

روى الملك الكامل لأخيه الأصغر الملك الأشرف هذه الحكاية، واقنعه أن وجود عالم فاضل عادل قوي الى جوار الملك إنما هو أقوم للسلطان والرعية جميعا.

ولكن السلطان الأشرف وعد بتعيين الشيخ عز الدين قاضيا للقضاة، ثم تراخى.

وأراد الملك الكامل أن يؤكد لأخويه الأشرف والصالح إسماعيل، ما للشيخ العز من مكانة وتقدير. فدعاه في حضورهما وبالغ في حسن استقباله، وأجلسه الى جواره وأخذ يستفتيه. وكلما أفتى الشيخ أبدى الملك إعجابه بالفتيا، وسأله الرضى والدعاء. ثم قال له مشيرا الى أصغر الأخوة الصالح إسماعيل: «إن هذا له غرام برمي البندق، فهل يجوز له ذلك؟» فقال الشيخ: «بل يحرم عليه. فإن رسول الله(صلى الله عليه وسلم) نهى عنه لأنه يفقأ العين ويكسر العظم ويحرم عليه» والبندق كور صغيرة من الرصاص أو الحجر تستعمل في الصيد.

وعاد الملك الكامل الى القاهرة، ومرض الملك الأشرف، فأناب عنه ولي عهده الصالح إسماعيل. وكان الشيخ عز الدين كما تعود من قبل لا يغشى مجالس السلطان ولا يزوره، ولكنه عاده في المرض، فبلغ التأثر من نفس السلطان أعظم مبلغ حتى بكى، وسأله الشيخ أن يعفو عنه لما فرط منه في حقه، فدعا له الشيخ وأمر السلطان ولي العهد الصالح إسماعيل ألا يستفتي غير الشيخ عز الدين وأن يستهدي بآرائه.

غير أن الصالح إسماعيل، لم يقرب الشيخ ولم يدعه إليه.. ففتيا الشيخ بتحريم الرمي بالبندق آلمته!

على أنه أهر هذه الفتيا منذ أصبح سلطانا، وجمع حوله خصوم الشيخ من الأراذل والبلداء الذين ينتحلون الفقه الحنبلي ويشوهونه!. " اهـ
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس