عرض مشاركة واحدة
قديم 01-23-2010
  #116
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الأنـــــوار الـقــد ســــــيــة في شرح اسماء الله الحسنى واسرارها الخفية

الكَرِيمُ جَلَّ جَلالُهُ


"هو الذي يعطي بغير سؤال، ولا يحوجك إلى وسائط ولا شفعاء في وصول النوال. إذا قدر عفا، ولا يؤاخذ بالجفا (1) .

هو الذي يلهمك الجواب لتصل إلى الصواب.

قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ } (2) .

والجواب: غرَّني كرمك، وأنت الفتَّاح العليم، تُحسن إلى من أساء، وتصل من قطع بوافر العطاء (3) .

وليس الكرم المطلق إلا لله جل جلاله، وقد يتخلَّق العبد ببعضه فيكتب كريما، إلا أن كرم العبد مقيدٌ محدود، ولكن له الشرف، حيث أنه لبس حُلَّةَ سيده، ولاح عليه نور موجده.

والكرم يغطي كل عيب، والبخل يغطي كل فضيلة، والكريم وإن كان مقصراً فهو أقرب إلى الغفار، والبخيل وإن كان مجاهداً يخشى عليه من النار، لأنَّ الكرم يجرُّ صاحبه إلى الخيرات، والبخل يجرُّ صاحبه إلى السيئات، والكريم محبوب لإخوانه، عزيزٌ في أوطانه.

والكرم قسمان: مادي، وخُلُقي.

فالماديّ: هو إطعام الطعام، وكسوة الأيتام، وصلة الأرحام.

والخُلُقي: هو العفو عن الجاني، وإن تكررت الإساءة، وستر عورة الإخوان في سائر الحالات؛ وهذا الكرم أغلى وأعلى من الكرم المادي، فإن المادي حياة الأجسام، والأخلاق حياة الأرواح. قال صلى الله عليه وآله وسلم: (إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم) (4) .

وقد أكرم الله بني الإنسان، وسخر لهم الأكوان. قال تعالى: { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً } (5) ." اهـ



الدُّعـــــاءُ


" إلهي .... أنت الكريم الذي تعطي لا لعلة، وتعفو عن السيئات، وتستر الزلة، جذبت بكرمك الأرواح، وتفضلت بجودك على الأرواح، فالسماء فيَّاضة بالأمطار، والأرض عامرة بالثمار، والقلوب عامرة بنور الإيمان، وعيون البصيرة آنسة بأيادي الجود من الرحمن. إلهي .... أشرق على قلبي بنور اسمك الكريم، حتى يسري هذا إلى جوارحي، فأتخلق بالكرم، فتحبني وأنال العز المقيم، وارزقني الفناء في شهود الكريم، حتى أراك متجلياً في نفسي وفي الآفاق بإغداق النعم، إنك على كل شيء قدير. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم"
. " اهـ


(يتبع إن شاء الله تعالى مع: الإسم الشريف "الرَّقِيبُ جَلَّ جَلالُهُ... )


(1) : وقال الحارث المحاسبي رضي الله عنه : الكريم هو الذي لا يبالي من أعطى. وقيل: هو الذي لا يضيع من توسل به، ولا يترك من التجأ إليه، ويحفظ حقوق خَدَمَتِه إذا ماتوا. وأورد الرازي أقوالاً للمشايخ في اسمه تعالى الكريم فقال بعضهم: الكريم هو الذي يعطي من غير منة. وقيل: الكريم الذي لم يؤيس العصاة من قبول توبتهم، ويتوب عليهم من غير مسألتهم، وقيل: الكريم الذي إذا أعطى أجزل، وإن عصي أجمل. وقيل: الكريم الذي إذا أبصر خللاً جبره، وما أظهره، وإذا أولى فضلاً أجزله ثم ستره.

(2) : سورة الانفطار - الآية 6.

(3) : فالتعلق بهذا الاسم الكريم: باستمطار كرمه سبحانه وجوده الهطال، في كل ساعة ووقت وحال، وذلك بأن تجعل حوائجك كلها وقفاً عليه، ووجهك دائماً متوجهاً إليه، وجوارحك عاملة على ما لديه. قال سيدي ابن عطاء الله في الحكم: لا تتعدَّ نيّةُ همتك إلى غيره، فالكريم لا تتخطاه الآمال، انتهى.

(4) : قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنكم لا تسعون) وفي رواية:" إنكم لن تسعوا" (الناس بأموالكم) أي لا يمكنكم ذلك (ولكن ليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق) أي لا تتسع أموالكم لعطائهم فوسعوا أخلاقكم لصحبتهم والوسع والسعة الجدة والطاقة وفي رواية:" إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم" انتهى. وذلك لأن استيعاب عامّتهم بالإحسان بالفعل غير ممكن فأمر بجعل ذلك بالقول حسبما نطق به {وقولوا للناس حسناً} وأخرج العسكري في الأمثال عن الصولي قال: لو وزنت كلمات المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بأحسن كلام الناس لرجحت على ذلك وهي قوله إنكم إلخ . قال: وقد كان ابن عياد كريم الوعد كثير البذل سريعاً إلى فعل الخير فطمس ذلك سوء خلقه فما ترى له حامداً . وكان العارف إبراهيم بن أدهم يقول: إن الرجل ليدرك بحسن خلقه ما لا يدركه بماله لأنّ المال عليه فيه زكاة وصلة أرحام وأشياء أخر وخلقه ليس عليه فيه شيء.

قال الحرالي: والسعة المزيد على الكفاية من نحوها إلى أن ينبسط إلى ما وراء امتداداً ورحمة وعلماً ولا تقع السعة إلا مع إحاطة العلم والقدرة وكمال الحلم والإفاضة في وجوه الكفايات ظاهراً وباطناً عموماً وخصوصاً وذلك ليس إلا للّه أما المخلوق فلم يكد يصل إلى حظ من السعة أما ظاهراً فلا تقع منه ولا يكاد وأما باطناً بخصوص حسن الخلق فعساه يكاد. والحديث رواه البزار في المسند ، وأبو نعيم في الحلية،والحاكم في المستدرك، والبيهقي في السنن، وكذا الطبراني ومن طريقه وعنه أورده البيهقي كلهم بسنده عن أبي هريرة.
انظر: فيض القدير - الحديث رقم 2545.

(5) : سورة الإسراء - الآية 70. " اهـ
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس