الموضوع: المدارس في حلب
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-15-2008
  #2
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: المدارس في حلب

المدرسة الحلوية
قال في «الدر المنتخب» المنسوب لابن الشحنة «المدرسة الحلوية» كانت كنيسة من بناء هيلانة أم قسطنطين، وجعلها القاضي أبو الحسن بن الخشاب مسجداً بسبب ما اعتمده الفرنج من بعثرة قبور المسلمين وإحراقهم حين حصارهم حلب في سنة ثماني عشرة وخمسمائة، وكانت تعرف بمسجد السراجين، فلما ملك نور الدين جعلها مدرسة وجدَّد بها مساكن يأوي إليها الفقهاء وإيواناً وكان مبدأ عمارتها في سنة أربع وأربعين ـ الصواب ثلاث وأربعين كما هو مكتوب على جدار بابها الآن ـ وجلب إليها من أفاميه مذبحاً من الرخام الملكي الشفاف الذي إذا وضع تحته ضوء بان من وجهه.
قال ابن شداد: وهي أعظم المدارس صيتاً وأكثرها طلباً واغززها جامكية. قال: ومن شرط الواقف أن يجعل في كل شهر رمضان من وقفها ثلاثة آلاف درهم للمدارس يضع بها طعاماً للفقهاء. وفي ليلة النصف من شعبان حلوى معلومة، وفي الشتاء ثمن لباس لكل فقيه شيء معلوم وفي أيام شرب الدواء من فصلي الربيع والخريف ثمن ما يحتاج إليه من دواء وفاكهة وفي المواليد أيضاً الحلوى، وفي الأعياد ما يرتفقون به فيها دراهم معلومة، وفي أيام الفاكهة ما يشترون به من أنواعها بطيخاً ومشمشاً وتوتاً.
وقد بسط الكلام على هذه المدرسة في التاريخ، وقد اعتنى المتولون عليها من أوائل هذا القرن بعمارتها وتنمية عقاراتها .
والآن هي تحت تصرف دائرة الأوقاف وأشرافها ملحقة بالكلية الشرعيَّة «أي: الخسروية».
المدرسة العصرونية
قال في «الدر المنتخب»: إنَّ هذه المدرسة كانت داراً لأبي الحسن علي بن أبي الثريا وزير بني دمرداش فصيرها الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي بعد انتقالها إليه بالوجه الشرعي مدرسة وجعل فيها مساكن للمرتبين بها من الفقهاء وذلك في سنة خمسين وخمسمائة، واستدعى لها من جبل بناحية سنجار الشيخ الإمام شرف الدين أبا سعد عبد الله بن أبي عصرون التميمي الحديثي ثم الموصلي الشافعي، وكان من أعيان فقهاء عصره، ولما وصل إلى حلب ولي تدريسها والنطر فيها، وهو أول من درس فيها فعرفت به، وصنف كتباً كثيرة في المذهب والخلاف والفرائض مشهورة في أيدي الناس.
والذي في ترجمته في تاريخ ابن خلكان أنه أتى حلب سنة 545 فيكون قد بوشر ببنائها قبل ذلك وتم في هذه السنة واستدعى إليها في هذا التاريخ وقد بسطت ذلك في «أعلام النبلاء» في الكلام على آثار نور الدين الشهيد بحلب، وفي ترجمة الإمام ابن أبي عصرون المذكور، وقلت هنا نقلاً عن «كنوز الذهب» لأبي ذر، وعلى بابها مكتوب بتولي ابن أبي عصرون، وهذه المدرسة بلغني من المتقدمين أنها محصورة (أي طلابها لهم عدد معين)، والدليل على ذلك: ما تقدم من قول ابن شداد إنه جعل فيها مساكن للمرتبين بها، وهذه المدرسة يدخل إلى داخلها بدرج ولها باب آخر من الغرب (هذا هو الموجود الآن وقد جدد كما سيأتي ـ وأما الباب الآخر فيظهر أنه من الزقاق الصغير الذي لا ينفذ الذي هو شرقي الجامع المعروف الآن بجامع الحيات) وبها قاعة لمدرسها ووقف لها واقفها أوقافاً حوانيت وقرى داخل حلب وخارجها، ثم بعد المحنة التيمرية لما قدم المؤيد (ملك مصر) إلى حلب جدد سوقها وجعله نصفين: نصفاً لمدرسته بالقاهرة ونصفاً لهذه المدرسة (إلى أن قال): ورتب والدي (والده : هو الحافظ الكبير المعروف بالبرهان الحلبي) الفقهاء على السوق المذكور.
وفي سنة أربع وسبعين (وثمانمائة) عدد الفقهاء المرتبين بها فوق المائة، وهنا عدد أبو ذر من ولي التدريس بها يطول ذكره إلى أن قال: ودرس فيها الشريف الحسيني قاضي حلب دروساً محكمة تدل على سعة اطلاعه وهذا آخر من درس بها.
وهناك قلت: موقع هذه المدرسة في محللة الفرافرة، جنوبي الجامع المعروف الآن بجامع الحيات، وكانت خربة مهجورة، ففي سنة 1291، سعى جميل باشا والي حلب في عمارة قبو كبير في غربها عن يمين الداخل من بابها واتخذ مكتباً ابتدائياً ثم عمر في جهتها الشرقية بعض حجر صار يسكنها بعض الطلبة الغرباء ثم هجرت وصارت مسكناً للفقراء.
والآن تسعى جمعية دار الأرقم لدى دائرة الأوقاف في استلام تلك المدرسة لبناء قاعة كبيرة لإلقاء المحاضرات وغرف لإدارتها ومكتبتها على شروط مخصوصة.
المدرسة النفرية
ومن المدارس التي أنشأها نور الدين الشهيد: «المدرسة النفرية ويقال لها النورية» وأول من درس فيها: العلامة مسعود ابن مسعود النيسابوري المتوفى سنة 578
قال أبو ذر: والمدرسة المذكورة تجاه المدرسة الصاحبية التي أنشأها ابن شداد. أقول: هذه المدرسة دثرت ولم يبق لها أثر، والمدرسة الصاحبية هي في محلة السفاحية جنوبي المدرسة الخسروية إلى جهة الشرق، وقد دثرت أيضاً وستأتيك لمحة عنها.
المدرسة الشعيبية
ومن آثاره أيضاً: المدرسة الشعيبية نسبة للشيخ شعيب بن أبي الحسن الأندلسي، وهي في محلة باب أنطاكية داخل الباب، وكانت هذه مسجداً أول ما اختطه المسلمون عند فتح حلب وهي الآن جامع تقام فيه الخطبة ولا يدرس فيها ولا تدريس، وفوق بابها من جهة الغرب وجدارها من جهة الشمال كتابة بالخط الكوفي المزهر آية في الإبداع.
وإلى تتمة الحديث عن المدارس العلمية في حلب الشهباء التي قام ببنائها نواب الشهيد نور الدين زنكي في الحلقة القادمة بعون الله تعالى .
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس