عرض مشاركة واحدة
قديم 09-06-2008
  #42
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

العلم كلُّه في العالَم كلِّه



"مهما أوتيت من علم فاعتقد أن فوقك من هو أعلم منك، وما ‏من كائن إلا وفيه معنى سرٍّ من أسماء الله ، لا تناله منه إلا ‏بالتواضع له والاحترام.‏


فلا تتكبَّر على أي رتبة من رتب الكون، فالظاهر فيها هو ‏‏"المعطي" تعالى، وقد قال الإمام أبو العزائم:" إن الرجل الذي ‏يتكمَّل بالعلم حتى تنطوي فيه معانيه، وحتى يأخذ دروس الحكمة ‏في النمل والنحل، والحيوانات، وجميع الكائنات، ولا ينظر إلى أنه ‏مكمِّل لغيره، مثل الشمعة تحترق لتضيء على غيرها، والبعض ‏يضيع الأنفاس بدون أن يحصِّل كمالاً لنفسه، لأنه متى رأى نفسه ‏كاملاً مكمِّلاً لغيره اغترَّ وتكبَّر.‏


إن معاني أسماء الله الحسنى ظهرت أسرارها في العبد ففيه ‏الحياة، والسمع، والبصر. وفيه سرُّ القدرة والإرادة. وفيه ‏الجمال الإلهي (1) ، والحسن الباهي، وجميع الأسماء تعينه في ‏حركته وسكونه، وفي يقظته ونومه.‏


فإذا عرف ما تجلَّى فيه له من الله، فقد عرف سيِّدَه ‏ومولاه، وانظر إلى هذا المثل ففيه غاية الأمل :‏


الكون كله مملكة يتصرَّف فيه الربُّ الكبير، وجسمك هذا ‏مملكة تصرَّفت فيها الروح بأمر مقدور له جنود في الأرض ‏والسموات، ولك جنود وهي الجوارح لقضاء الحاجات، ولله ‏عرشٌ عظيم، وقلبك يمثِّل العرش، وهو واسعٌ لأسرار العليم.‏


فلا تغفل عن شهود أنوار أسمائه فيك وفي الآفاق، واحذر ‏أن تنسبها لنفسك فتقع في الحجاب والنفاق." اهـ 168‏

اقتباس:====================== الحاشية =======================


(1) ‎ ‎‏: الجمال الإلهي: هو عبارة عن أوصافه العليا وأسمائه الحسنى، هذا على العموم، وأما على ‏الخصوص: فصفة الرحمة وصفة العلم، وصفة اللطف، والنعم، والجود، والرزَّاقية، ‏والخلاَّقيَّة، وصفة النفع، وأمثال ذلك كلها صفات جمال. وثَمَّ صفات مشتركة لها ‏وجه إلى الجمال ووجهٌ إلى الجلال، كاسمه تعالى:"الرب"، فإنه باعتبار التربية والإنشاء ‏‏: اسم جمال، وباعتبار الربوبية والقدرة: اسم جلال. ومثله اسم: "الله". واسمه " ‏الرحمن" بخلاف اسم " الرحيم"، فإنه اسم جمال وقس على ذلك.‏


‏ واعلم - رحمني الله وإياك - أن جمال الحق سبحانه وتعالى وإن كان متنوِّعاً فهو ‏نوعان: النوع الأول معنوي، وهو معاني أسماء الله الحسى، والأوصاف العلا، وهذا ‏النوع مختصٌّ بشهود الحقّ إيَّاه.

والنوع الثاني: صوري، هو هذا العالم المطلق المعبّر عنه ‏بالمخلوقات، وعلى تفاريعه وأنواعه، فهو حسن مطلق، إلهي، ظهر في مجال الهيئة، ‏سميت تلك المجالي بالخلق، وهذه التسمية أيضاً من جملة الحسن الإلهي، فالقبيح من ‏العالم كالمليح منه، باعتبار كونه مجلى من مجالي الجمال الإلهي، لا باعتبار تنوُّع ‏الجمال، فإن من الحسن أيضاً إبراز جنس القبيح على قبحه، لحفظ مرتبته في ‏الوجود، كما أن الحسن الإلهي إبراز جنس الحسن على وجه حسنه لحفظ مرتبته من ‏الوجود. وإن القبح في الأشياء إنما هو للاعتبار لا لنفس ذلك الشيء، فلا يوجد في ‏العالم قبحٌ إلا بالاعتبار، فارتفع حكم القبح المطلق من الوجود، فلم يبق إلا ‏الحسن المطلق، ألا ترى إلى قبح المعاصي إنما ظهر باعتبار النهي، وقبح الرائحة المنتنة ‏إنما ثبت باعتبار من لا يلائم طبعه." اهـ




(يتبع إن شاء الله تعالى مع: معرفة الذات الأحدية والأسماء.... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس