عرض مشاركة واحدة
قديم 09-06-2008
  #47
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

"قال بعض العارفين: إن أعظم ذنب هو نسيان الله المنعم ‏المتفضل، كيف تنساه وهو فيَّاض الخير في كل حين؟.‏


قال تعالى:‏‎ { وإن تعدُّوا نعمة الله لا تحصوها }‏ ‏(1) ‏.‏


فأكثر من ذكره ولو رموك بالجنون والبله (2)، فلك الشرف ‏العظيم، فاللوم فيه لذيذ جميل، فلا يقع بصرك على مخلوق إلا ‏وقد ذكرت الله الذي أبدعه وكوَّنه، فالعارف دخل جنة ‏المعرفة (3) ، فاستغنى بها عن الجنة الآجلة، لأنه شاهد أنوار ‏سيِّده.‏


أهل الله لا يطلبون غيره، ولا يحنُّون إلى سواه، صيَّر الله ‏قلوبهم بيوتاً معمورة بأنواره، وجعلهم كنوز معارفه وأسراره، ‏وجعلهم كعبة للزوَّار، وذخراً للأطهار.‏


قال صلى الله عليه وآله وسلم: ( لي مع الله وقت لا يسعني ‏فيه مَلَكٌ مُقَرَّب، ولا نبيٌّ مُرسَل)‏ (4) ‏. ‏


فلا يسع العبد إلا مولاه الواسع.‏" اهـ

اقتباس:=========================== الحاشية ======================

(1) ‎ ‎‏: سورة النمل – الآية رقم 18.‏

(2) ‎ ‎‏: روى الإمام أحمد وأبو يعلى وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح الإسناد ‏مرفوعا: (أكثروا من ذكر الله حتى يقولوا مجنون). وروى الطبراني والبيهقي مرسلا: ( ‏اذكروا الله ذكرا يقول المنافقون إنكم مراءُون). قال سيدي عبد الوهاب الشعراني في ‏لواقح الأنوار القدسية في العهود والمواثيق المحمدية: وإنما سمى صلى الله عليه وسلم من ‏ينسب الذاكرين إلى الرياء منافقا، لأنه لا ينسبهم إلى الرياء إلا وقد تحقق هو به، ‏فعرفه صلى الله عليه وسلم حاله، وأنه لو لم يكن عنده رياء لحملهم على الإخلاص ‏نظير ما عنده ومن هنا قالوا: لا يصح من الشيطان أن يسلم أبدا لأنه لو أسلم لم ‏يتصور في باطنه كفر يوسوس به الناس، فكان بباطنه الكفر من العالم، لأنه لا واسطة ‏لأحد في الكفر إلا إبليس فافهم. والله أعلم.‏

(3) ‎ ‎‏: فهناك جنتان: جنة الزخارف: وفيها تقضى الشهوات، وتنال الملذات والمسرات. ‏وجنة المعارف:وهي غاية العارفين ومطلوبهم. فالشوق إلى النظر إلى وجه الكريم الذي ‏هو أرفع درحات النعيم وغاية الأماني لكل قلب سليم ومن منح الشوق انقطعت ‏عنه حاجات الدنيا والآخرة وأولاهم باللّه أشدهم له شوقاً. وقد كان المصطفى صلى ‏اللّه عليه وسلم طويل الفكر دائم الأحزان فهل كان كذلك إلا من شدة شوقه إلى ‏منزله وأقربهم قرباً وأعلمهم به أشدهم حرقة في القلوب، روي عن موسى عليه الصلاة ‏والسلام أنه كان يخرج إلى طور سيناء فربما ضاق عليه الأمر في الطريق فشق قميصه ‏من شدة الشوق. ‏

‏ قال حجة الإسلام: لو خلق فيك الشوق إلى لقائه والشهوة إلى معرفة جلاله لعلمت ‏أنها أصدق وأقوى من شهوة الأكل والشرب وكذلك كل شيء بل وآثرت جنة ‏المعرفة ورياضتها على الجنة التي فيها قضاء الشهوات المحسوسة وهذه الشهوة خلقت ‏للعارفين ولم تخلق لك كما خلق لك شهوة الجاه ولم تخلق للصبيان وإنما لهم شهوة ‏اللعب وأنت تعجب من عكوفهم عليه وخلوهم عن لذة العلم والرياسة والعارف ‏يعجب منك ومن عكوفك على لذة العلم والرياسة فإن الدنيا بحذافيرها عنده لهو ‏ولعب فلما خلق للكل معرفة الشوق كان التذاذهم بالمعرفة بقدر شهوتهم ‏ويتفاوتون في ذلك ولذلك سأل المصطفى صلى اللّه عليه وسلم من المزيد ولا نسبة ‏لتلك اللذة إلى لذة الشهوات الحسية شتان. ولذلك كان العارف ابن أدهم يقول: لو ‏علم الملوك ما نحن فيه من النعيم لقاتلونا عليه بالسيوف. ‏

(4) ‎ ‎‏: قوله صلى الله عليه وآله وسلم : (لي مع الله وقت لا يسعني فيه ملك مقرب ولا نبي ‏مرسل). قال العلامة العجلوني في كشف الخفاء: أن هذه الحديث يذكره ساداتنا ‏الصوفية كثيرا، وهو في رسالة القشيري بلفظ: (لي وقت لا يسعني فيه غير ربي). ‏ويقرب منه ما رواه الترمذي في شمائله وابن راهويه في مسنده عن علي في حديث: " ‏كان صلى الله عليه وسلم إذا أتى منـزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء جزءاً لله ، وجزءاً ‏لأهله، وجزءً لنفسه ثم جزأ جزأه بينه وبين الناس". كذا في اللآلئ، وزاد فيها ورواه ‏الخطيب بسند قال فيه الحافظ الدمياطي أنه على رسم الصحيح. وقال القاري بعد ‏إيراده الحديث: قلت: ويؤخذ منه أنه أراد بالملك المقرب جبريل وبالنبي المرسل أخاه ‏الخليل انتهى فليتأمل، ثم قال القاري وفيه إيماء إلى مقام الاستغراق باللقاء المعبر عنه ‏بالسكر والمحو والفناء ، انتهى.‏" اهـ189


(يتبع إن شاء الله تعالى مع "واعلم أيها السالك‏.... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس