الموضوع: زلزلة الساعة
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-31-2008
  #1
نوح
رحمتك يارب
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,437
معدل تقييم المستوى: 18
نوح is on a distinguished road
افتراضي زلزلة الساعة

في رحاب آية ... زلزلة الساعة
يقول الحق سبحانه وتعالى في مطلع سورة “الحج”: “يَا أيهَا الناسُ اتقُوا رَبكُمْ إِن زَلْزَلَةَ الساعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ، يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُل مُرْضِعَةٍ عَما أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُل ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى الناسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِن عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ” (الآيتان:1-2).

افتتح الخالق سبحانه وتعالى سورة “الحج” بهذا النداء إلى الناس جميعاً يأمرهم فيه بامتثال أمره، وباجتناب نهيه، حتى يفوزوا برضاه يوم القيامة.

وقوله سبحانه: “إِن زَلْزَلَةَ الساعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ” تعليل للأمر بالتقوى.

قال القرطبي: الزلزلة شدة الحركة، ومنه قوله تعالى: “وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله”.

والمعنى: “يَا أَيهَا الناسُ اتقُوا رَبكُمْ”، اتقاء تاما، بأن تصونوا أنفسكم عن كل ما لا يرضيه، وبأن تسارعوا إلى فعل ما يحبه، لأن ما يحدث في هذا الكون عند قيام الساعة شيء عظيم، ترتجف لهوله القلوب، وتخشع له النفوس.



هول شديد

وقال سبحانه: “إِن زَلْزَلَةَ الساعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ” بصيغة الإجمال والإبهام لهذا الشيء العظيم، لزيادة التهويل والتخويف، ثم فصل سبحانه هذا الشيء العظيم تفصيلاً يزيد في وجل القلوب فقال: “يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُل مُرْضِعَةٍ عَما أَرْضَعَتْ”.

أي: أن هذه الزلزلة من مظاهر شدتها ورهبتها أنكم ترون الأم بسببها تنسى وتترك وليدها الذي ألقمته ثديها، وكأنها لا تراه ولا تحس به من شدة الفزع.

وقوله سبحانه: “وَتَضَعُ كُل ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا”، بيان لحالة ثانية تدل على شدة الزلزلة وعلى عنف آثارها.. أي: وترونها (أيضاً) تجعل كل حامل تضع حملها قبل تمامه من شدة الفزع.

ثم بيّن سبحانه حالة ثالثة للآثار التي تدل على شدة هذه الزلزلة، فقال: “وَتَرَى الناسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِن عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ”.

أي وترى (أيها الإنسان) الناس في هذا الوقت العصيب هيئتهم كهيئة السكارى من قوة الرعب والفزع، وما هم على الحقيقة بسكارى، لأنهم لم يشربوا ما يسكرهم ولكن عذاب الله شديد، أي: ولكن شدة عذابه سبحانه هي التي جعلتهم بهذه الحالة التي تشبه حالة السكارى في الذهول والاضطراب.


متى تكون الزلزلة؟

وقد اختلف العلماء في وقت هذه الزلزلة المذكورة في الآية، فمنهم من يرى أنها تكون في آخر عمر الدنيا، وأول أحوال الساعة، ومنهم من يرى أنها تكون يوم القيامة، بعد خروج الناس من قبورهم للحساب.

وقد وفى هذه المسألة حقها الإمام ابن كثير فقال في تفسيره: قال قائلون: هذه الزلزلة كائنة في آخر عمر الدنيا، وأول أحوال الساعة، وقال آخرون: بل ذلك هول وفزع وزلزال كائن يوم القيامة بعد القيام من القبور.

ثم ساق، رحمه الله، سبعة أحاديث استدل بها أصحاب الرأي الثاني، ومن هذه الأحاديث ما رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى يوم القيامة: يا آدم.. فيقول: لبيك ربنا وسعديك.. فينادي بصوت: إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا إلى النار.. قال: يارب.. وما بعث النار؟ قال: من كل ألف -أراه قال- تسعمائة وتسعة وتسعين، فحينئذ تضع الحامل حملها ويشيب الوليد.. “وَتَرَى الناسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِن عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ”.. فشق ذلك على الناس حتى تغيرت وجوهم فقال صلى الله عليه وسلم: “من يأجوج ومأجوج تسعمائة وتسعة وتسعين ومنكم واحد، ثم أنتم في الناس كالشعرة البيضاء في الثور الأسود، وإني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة -فكبرنا- ثم قال: ثلث أهل الجنة -فكبرنا- ثم قال: شطر أهل الجنة فكبرنا”.

وعلى الرأي الأول تكون الزلزلة بمعناها الحقيقي بأن تتزلزل الأرض وتضطرب، ويعقبها طلوع الشمس من مغربها، ثم تقوم الساعة.

وعلى الرأي الثاني تكون الزلزلة المقصود بها شدة الخوف والفزع، كما في قوله تعالى في شأن المؤمنين بعد أن أحاطت بهم جيوش الأحزاب: “هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً”، فالمقصود: أصيبوا بالفزع والخوف، وليس المقصود أن الأرض تحركت واضطربت من تحتهم
.
__________________

نوح غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس