عرض مشاركة واحدة
قديم 01-28-2010
  #3
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: كتاب مصطلحات القوم

كتاب مصطلحات القوم

لجنة البحث العلمي
الطريقة الخلوتية الجامعة الرحمانية
المهندس
نبيل معين عساف




مقدمة

الحمد لله رب العالمين , المتفضل على خواص عباده بأن آتاهم تقواهم فأحكموه , والعلم اللدنّي فعملوا به , وترسخ قدمهم فيه فحفظوه , وأحيا قلوبهم به فاشتغلت على الدوام بذكره سبحانه , وألقوا السمع والمشاهدة واستنبطوا منه عجائب العلوم والأسرار , وذلك فهماً منهم واتباعاً لقوله سبحانه وتعالى {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله القائل:(إنّ من العلم كهيئة المكنون لا يعلمه إلا العلماء بالله , فإذا نطقوا به لا ينكره إلا أهل الغرّة بالله) . صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الأبرار الأخيار المتقين والعلماء العاملين والصالحين المصلحين ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين , وجعلنا منهم وحشرنا معهم تحت لواء سيد المرسلين عليه من الله أعظم صلاة وأكرم تسليم, وبعد.

فقد شاع في العلوم والفنون المختلفة استخدام مصطلحات تفيد في الدلالة على معاني تشتمل عليها تلك العلوم والفنون, وإنّ من شأن فهم تلك المصطلحات وما تعنيه من دلالاتها الدقيقة والواضحة، المساعدة على المعرفة الصحيحة للعلوم والفنون وإستغلالها وتطويرها وتجنيبها المنازعات العقيمة , ولمّا كان التصوف سلوكاً له إطاره النظري والتجريبي فإن دراسة مصطلحه تفيد في التعرّف عليه, وقد انتبه كثيرون الى هذا الأمر المهم وكتبوا فيه, وكان من أوائل الذين إشتغلوا في التأليف في هذا الباب خاصة, وفي التصوّف الاسلامي عامة الإمام أبو نصر السراج الطوسي رضي الله عنه (المتوفى سنة 378 هـ/988م) في كتابه"اللمع في التصوّف", و الإمام أبو بكر محمد البخاري الكلاباذي (المتوفى سنة 380هـ / 990م) في كتابه"التعرّف لمذهب أهل التصوّف", والإمام أبو القاسم القشيري (376 – 465 هـ) في كتابه المعروف"بالرسالة القشيرية في علم التصوّف", وأبو الحسن الهُجويري (المتوفى سنة 465 هـ) في كتابه "كشف المحجوب", وتبعهم بعد ذلك طائفة من الأئمة والأعلام منهم الإمام أبو حـامد الغـزالي (450هـ/ 1059م – 505 هـ / 1111م) في كتابه المشهور"إحياء علوم الدين"وأبو نجيب السهـروردي (490 هـ / 1097م – 563 هـ / 1168م) في كتابه"عوارف المعارف", والشيخ الأكبر أبو بكر محي الدين ابن عربي (560 هـ /1165م – 638 هـ/ 1240م) في كتابه "إصطلاح الصوفية", وأبو الغنايم الكاشي السمرقندي (المتوفى سنة 735هـ) في كتابه"إصطلاحات الصوفيّة", وأبو الحسن الشهير بالسيّد الشريف الجرجاني (740 هـ / 1339م – 816 هـ / 1413م) في كتابه المشهور"بالتعريفات", والشيخ عبد الكريم الجيلي (767 هـ / 1365 م – 832 هـ / 1428م) في كتابه"الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل", وامتدت السلسلة لتضم طائفة أخرى من الأعلام المبكّرين منهم الشيخ ابن غانم المقدسي (المتوفى سنة 978 هـ) في كتابه"رسالة في اصطلاحات الصوفيّة", والقاضي أبو البقاء الكفوي (1028هـ – 1094هـ/ 1684م) في كتابه المعروف "بالكليّات", والشيخ محمد أعلى التهانوي من أهل القرن الثاني العشر الهجري في كتابه"كشاف اصطلاحات الفنون", والشيخ أحمد النقشبندي الكمشخانوي (1227هـ / 1812 م – 1311 هـ / 1893 م) في كتابه"جامع الأصول في الأولياء".

وقد استمد من جاء بعد هؤلاء الأعلام من مصنفين في مجال الإصطلاحات الصوفيّة معاني المصطلحات مما ذكره هؤلاء الأعلام نقلاً وإستنباطاً , فضلاً عن أن بعض هؤلاء الأعلام كان يستند بعضهم إلى بعض ويقتبس بعضهم من بعض في شرح معاني المصطلحات, وهذا النهج هو الذي جرى اتباعه في هذه الرسالة , حيث تم حصر الإختيار في المؤلفات سالفة الذكر ونزرٍ يسير من غيرها كما هو مبين في قائمة المراجع المرفقة, وجرى انتقاء معاني المصطلحات منها بإيجاز ودقة ووضوح, مع مراعاة ما تم انتقاؤه من المعاني الواردة في المراجع المختلفة وتقديم المعنى الغالب منها على غيره, وتجنب الغامض والغريب منها في معناه وألفاظه , كما جرى إستثناء المتناقض منها في معانيه – وهو قليل – وتمت الإستعانة بشواهد من القرآن الكريم والحديث الشريف وأقوال الصحابة والتابعين الكرام والأئمة الأعلام ورجال الصوفية المشهورين, وأبيات شعرية من الأدب الصوفي, وذلك لمزيد في بيان معاني بعض المصطلحات , وجرى تذييل المصطلحات بما ورد منها في أوراد وأذكار ورسائل وقصائد وعبارات شيوخ أهل الطريقة الخلوتية الجامعة الرحمانية , وذلك ترسيخاً للمعنى المقصود في إفهام السالكين واستقراره في نفوسهم, وقد روعي في هذه الرسالة اجتناب التطويل والإستطراد, وعدم الترداد والإعادة منعاً للخروج عن المنهجيّة والقصد, غير ان بعض المصطلحات اقتضى الأمر تفصيلها لما قد يتركه إيجاز شرحها من ايهام في العقول تتطلب ازالته التفصيل.

ولمزيد من تقريب الفهم الى الأذهان, تم ادراج المعنى اللغوي المتعلق بمفهوم كل مصطلح في بداية الكتابة عنه, لما من شأن ذلك الربط بين فقه اللغة, وفقه الشريعة والطريقة والحقيقة في المصطلحات الصوفيّة المختلفة.

وختاماً, نتقدم بالشكر الى شيخنا السيّد الحسيب النسيب أبي محمد سيدي حسني بن الشيخ حسن بن الشيخ خير الدين بن الشيخ عبد الرحمن الشريف الحسيني الخلوتي الحنفي الخليلي شيخ الطريقة الخلوتية الجامعة الرحمانية , والذي لولا علمه وتوجيهاته وتأييده ودعائه وبركته لم نتمكن من إخراج هذه الرسالة في المصطلحات الصوفيّة , لتكون استمراراً للدراسات اللاحقة في هذا الباب وغيره من علوم الصوفيّة وآدابهم إن شاء الله تعالى.

نسأله سبحانه أن يجعل هذا الجهد المتواضع في التصنيف خالصاً لوجهه الكريم, وأن يتقبله بقبول حسن, وأن ينفع به قارئيه ومستمعيه , وأن يغفر لنا ولوالدينا ووالدي والدينا ولمشايخنا ومشايخ مشايخنا, ولأهلنا ولإخواننا ولمن له حق علينا ولسائر المسلمين أجمعين, وصلّ اللهم على سيدنا محمد النبي الأميّ وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً كثيراً الى يوم الدين, وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

المهندس : نبيل معين عساف


1- الأغيار:
الغير في اللغة: الاسم من تغيّر بمعنى تحوّل, وغيّرهُ: جعله غير ما كان وحوّله وبدّله , وتغيّر الحال وانتقالها من الصلاح إلى الفساد, وتكون غير بمعنى سوى, وتُجمع على أغيار, وغِيرُ الدهر: أحداثه, والغيرية خلاف العينية وهي كون كل من الشيئين خلاف الآخر . والأغيار في اصطلاح الصوفية: هم عالم الكون بنوعيه اللطيف والكثيف .
جاء في الدرة الشريفة (صفّ بواطننا من الأغيار).
وجاء في حزب الهمزة:

باللهوّ والتجريد جردنا عنالأغيار وأفردنا بكل عُلاءِ

وجاء في ورد السحر (وزيّن سرّي بالأسرار، وعن الأغيار فصنه).
وجاء في النصـائح الرحمـانية (جولاتك مع الغافلين حيّرك وركونك للأغيار غيّرك).

2- الأفول والحلول والخمول:
الأفول في اللغة: الغياب وذهاب لبن المرضع . والحلول بالمكان: النزول فيه والوجوب كقولك حلّ أمر الله عليه حلولاً , أو الدخول , وتأتي بمعنى جمع إسم الفاعل (حالٌ) . والخمول: الخفاء .

والأفول في اصطلاح أهل الحقيقة: غياب الشيء عن النظر رغم وجوده، وهو مقام الصلة بالله مع ظن الناس بانقطاعها.

والحلول وهو أن يحل في القلوب الإيمان بالله والتصديق له والتوحيد والمعرفة, وهذه أوصافُ مصنوعات الله من جهة صنعه بهم , لا هو بذاته أو بصفاته يحل بهم, تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً, وهي حال يصير معها الذاكر الى مقامٍ يفنى فيه عن نفسه وعن الخلق أجمعين, وتجري ينابيع الحكمة من قلبه, وأساسها المحبة بين الخالق والمخلوق .

والخمول في اصطلاح القوم: هو سكون الجسد والمادة وثورة الروح والقلب أو شدة اليقين حتى لا يبقى في الأمر زيادة (لو كشف الحجاب ما إزددتّ يقيناً), أو هو اليقين المطلق دون طلب دليل وغالباً ما يأتي هذا للسالك في نهاياته , أو هو إسقاط المنزلة عند الناس، وهو لأصحاب الولاية المكتومة أو المطموسة.

3-البواده والهجوم:
البواده في اللغة: هي ما تفجأُ . والهجوم: من هجم عليه، أي انتهى إليه بغتةً على غفلةٍ منه أو دخل بغير إذن , والانهدام , والاسراع .

البواده في اصطلاح أهل الحقيقة: هي ما يفجأ القلب من الغيب فيوجبُ بسطاً أو قبضاً . والهجوم ما يردُ على القلب بقوة الوقت من غير تصنّعٍ منك ويختلف حسب قوة الوارد وضعفه, فمنهم من يتغير ومنهم من يكون فوق ذلك حالاً وقوة, أولئك سادات الوقت .

4- التلوين والتمكين:
التلوين في اللغة: من لوّن الشيء أي جعله ذا لون , ولوّن البُسر (يعني البلح الفجّ) بدا فيه أثر النضج . والتمكين: من مكّنهُ من الشيء وأمكنه منه أي جعل له عليه سلطاناً وقدرةً, وتمكن من الأمر واستمكن منه , قدر عليه وظفر به .

والتلوين معناه تلوّن العبد في أحواله أي تغيرها , فمن أشار إلى تلوين القلوب وتغيرالأحوال قال"علامة الحقيقة رفع التلوين"ومن أشار إلى تلوين القلوب والأسرار الخالصة لله تعالى في مشاهدتها وما يرد عليها من التعظيم وغير ذلك من تلوين الواردات قال"علامة الحقيقة التلوين" , وعلى المعنى الأول يكون صاحب التلوين أبداً في الزيادة والترقي من حالٍ إلى حال فإذا وصل تمكن . وعلى المعنى الثاني يكون صاحب التلوين في أكمل المقامات لانكشاف حقيقة معنى قوله تعالى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} وهو نهاية التمكين .

والتمكين هو مقام الرسوخ والاستقرار على الاستقامة , وانخناس أحكام البشريّة واستيلاء سلطان الحقيقة , وهو إقامة أهل الحقائق في محل الكمال والدرجة العليا، والعبور منه محال , قال واحد من المشايخ رضي الله عنهم"التمكين رفع التلوين".

جاء في حزب السيف: (ونفحةً من نفحاتك نلتمس بها مراتب أهل الرسوخِ والتمكين).

5-التواجد والوجد والوجود:
تواجدَ: أرى من نفسه المحبة أو الحزن, والوجد:المحبة والغنى والقدرة, والوجود: خلاف العدم, والواجد: الغنيّ المحب القادر .

والتواجد في اصطلاح أهل الحقيقة: استجلاب الوجد بالذكر والتفكر . وقالوا إنه يتضمن التكلّف , والتشبّه في تكلّفه بالصادقين من أهل الوجد . وقيل إظهار حالة الوجد من غير وجد , والأصل فيه قوله صلى الله عليه وسلم"إن لم تبكوا فتباكوا" أراد به التباكي ممن هو مستعد للبكاء لا تباكي الغافل اللاهي .

والوجدُ: ما يصادف القلب ويرد عليه بلا تكلّفٍ وتصنّع , ولهذا قال المشايخ"الوجد المصادفة , والمواجيد ثمرات الأوراد , فكل من ازدادت وظائفه ازدادت من الله لطائفه" , وقيل الوجد ما تطلبه بكسبك واجتهادك , وقيل هو ما صادف القلب من فزعٍ أو غمٍ أو رؤية معنى من أحوال الآخرة أوكشْفُ حالةٍ بين العبد والله عز وجل, وهو سمع القلوب وبصرها وهو بشارات الحق بالترقي إلى مقامات مشاهداته , وهو رفع الحجاب عن القلب ثم مشاهدة الحق وملاحظة الغيب .

والوجود: هو بعد الإرتقاء عن الوجد, ولا يكون وجود الحق إلا بعد خمود البشرية, وهو تمام وجد الواجدين، وقال بعضهم هو ما تجده من الله الكريم , فالتواجد بداية والوجود نهاية والوجد واسطة بين البداية والنهاية .
وجاء في حزب الهمزة:

بالرؤية اللاتي بكم منكم لكم


وبوجدِأهل الله دم لي هنائي


وجاء أيضاً:

بتواجدالأشواق جردنا عن


الأغيار وافردنا بكل علاء


وجاء في ورد الدرة الشريفة في وصفه صلى الله عليه وسلم (على أول من برز للوجود من أنوارك – أنوار الله – الذاتية).
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس