عرض مشاركة واحدة
قديم 01-28-2010
  #8
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: كتاب مصطلحات القوم

29- اللوائح والطوالع واللوامع:
اللوائح في اللغة: ما يلوح, أي يبدو، وللبرق ومضُه , والطوالع: ما يظهر, والأهلّة والفجر الكاذب, والأسهم تقع وراء الهدف , واللوامع: ما يضيء ويبرق .

واللوائح في اصطلاح القوم: هي ما يلوح من الأسرار الظاهرة الصافية من السمو من حالةٍ الي حالةٍ أتمَّ منها, والإرتقاء من درجةٍ إلى ما هو أعلى منها , وهي من مبادىء الحال ومقدماته , وهي من صفات أصحاب البدايات الصاعدين في الترقي بالقلب , وقد تطلق على ما يلوح للحسّ من عالم المثل , كحال ساريةٍ لعمر رضي الله عنه . قال الجنيد رحمه الله:"لقد فاز قومٌ دلّهم وليّهم على مختصر الطريق" .

والطوالع: هي أنوار التوحيد يَطلُع على قلوب أهل المعرفة شعاعها فيطمسُ سلطانُ نورها الألوان كما أنّ نور الشمس يمحو أنوار الكواكب , وهي أول ما يبدو من تجليات الأسماء الإلهية على باطن العبد, فيحسِّن أخلاقه وصفاته بتنوير باطنه , وهي موقوفةٌ على خطر الأفول .

واللوامع أنوارٌ ساطعةٌ تلمع لأهل البدايات من أرباب النفوس الضعيفة الطاهرة فتنعكس من الخيال الى الحس فتصير مشاهدة بالحواس الظاهرة فيتراءى لهم أنوارٌ كأنوار الشهب والقمر والشمس , فتضيء ما حولهم, فهي إما من غلبة أنوار القهر والوعيد على النفس فتضرُبُ إلى الحمرة, وإما من غلبة أنوار اللطف والوعد فتضرُب إلى الخضرة , وهي أظهر من اللوائح وليس زوالها بنفس السرعة , ويوردها الله تعالى في صفاء الأوهام كمثل لوامع البرق بعضها في أثر بعض . ومجمل القول أن هذه الألفاظ متقارنة المعنى وهي من صفات أصحاب البدايات الصاعدين في الترقي بالقلب, فتكون أولاً لوائح ثم لوامع ثم طوالع .

قال الشيح عبد الرحمن الشريف قدّس الله سرّهُ في حزب الهمزة:

وبسرّ سرّ السرّ من أخفيته نلني اطلاعاً كاشفاً لعمائي




30- المحاضرة والمكاشفة والمشاهدة:
المحاضرة في اللغة: المطالبة والاجابة بما حضر من الجواب والخطاب, والمكاشفة: الإظهار والإطلاع والمجاهرة , والمشاهدة: المعاينة .
المحاضرة: حضور القلب مع الحق , وعلامتها دوام الفكر في شواهد الآيات, واستيلاء سلطان الذكر .
المكاشفة: وهي حضورٌ لا ينعت بالبيان , وتطلق على تحير السرّ في خطر العيان، وعلامتها دوام التحيّر في كُنه العظمة , وصاحب المكاشفة مبسوط بصفاته
المشاهدة: وتطلق على رؤية الأشياء بدلائل التوحيد, ورؤية قدرة الحق في الأشياء , ومشاهدة الحق هي حقيقة اليقين بلا إرتياب .

المحاضرة والمكاشفة والمشاهدة: المحاضرة في شواهد الآيات، والمشاهدة والمكاشفة تتقاربان في المعنى وهما: إلتماس القلب دوام المحاضرة لما وارته الغيوب , والمكاشفة لأهل العين بين المحاضرة والمشاهدة إلى أن تستقر .

قال الشيخ مصطفى البكري في ورد السحر: (إلهي طهّر سريرتي من كل شيء يبعدني عن حضراتك)، وقال أيضاً: (اللهم رقّق حجاب بشريتي بلطائف إسعافٍ من عندك لأشهد ما انطوت عليه من عجائب قدسك).
وقال أيضاً: (ولهيب قلوبنا إلى مشاهدة جمالك لا يطفى). وقال أيضاً: (فكيف لو كشفت لهم عن بديع جمالك ورفيع جلالك).

31- المحو والإثبات:
المحو في اللغة: إذهاب الأثر , والإثبات: عدم المفارقة والتأكيد بالبينة , والمعرفة.

المحو: هو إزالة أوصاف العادة, ويكون على ثلاث طرق: محو الذّلّةِ عن الظواهر, والغفلة عن الضمائر, والعلّة عن السرائر , وقيل إزالة أوصاف النفوس أو محوِ رسوم الأعمال بنظر الفناء إلى نفسه ومأمنه , وقيل المحو ذهاب الشيء إذا لم يبقَ له أثر, وإذا بقي له أثر فيكون طمساً , وقيل ماستره الحق ونفاه . والإثبات: إثبات سلطان الحقيقة وما يقتضي المثبت , وقيل إثبات النفْس بما أنشأ الحق لها من الوجوديّة , وقيل ما أظهره الحق وأبداه .

والمحو والإثبات: رفع أوصاف العادة وإقامة أحكام العبادة , فمن نفى عن أحواله الخصال الذميمة وأُتي بدلها بالأفعال والأحوال الحميدة فهو صاحب محو وإثبات, والمحو والإثبات صادران عن القدرة ومقصوران على المشيئة , قال تعالى: {يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} , قيل يمحو عن قلوب العارفين ذكر غيره تعالى, ويثبت على ألسِنةِ المريدين ذكره سبحانه , ومن محاه الحق عن إثباته به, ردّهُ إلى شهود الأغيار وأثبته في أودية التفرقة . وأيضاً تبدل الأحوال و المقامات أثناء السلوك مابين محو وإثبات لأن قلب العبد بين أُصبعين من أصابع الحق يقلبه كيف يشاء, ولذلك كان دعاؤه صلى الله عليه وسلم: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك).

قال العارف بالله الشيخ مصطفى البكري في ورد السحر يناجي الله سبحانه وتعالى: (وأمح من ديوان الأشقياء شقيّنا واكتبه عندك في ديوان الأخيار)، أكتبه بمعنى أثبته , قال تعالى: {يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} .

32- المقام:
المقام في اللغة: موضع القدمين , والمنزلة, وهو ما يتوصل إليه العبد بنوعِ تصرّفٍ، ويتحقق به بضربِ طلبٍ ومقاساةِ تكلفٍ , فمقام كل واحدٍ موضع إقامته عند ذلك, وشرطه أن لا يرتقي من مقام إلى آخر مالم يستوفِ أحكام المقام السابق , ولكل واحدٍ من مريدي الحق مقامٌ يستقر فيه تبعاً لجبلّته لا لمسلكه, قال تعالى: {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ}. ومقام آدم: التوبة, ونوح: الزهد, وإبراهيم: التسليم, وموسى: الإنابة, وداوود: الحزن, وعيسى: الرجاء, ويحي: الخوف, ومحمد : الذكر, صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .

وقيل هو الوصف الذي يثبت على السالك ويقيم , فإن لم يثبت سمّي حالاً .

ورد في حزب الهمزة:

بالزاجرات وأهلها ومقامهم


وبسيرهم من عالم الأشياء


وقال شيخنا الشيخ عبد الرحمن الشريف في نصائحه (حفظ العهود فيه الورود لأقرب مقام محمود).

33- النَّفَس:
النَّفَس لغةً: واحد الأنفاس والسّعة والفسحة في الأمر، والجَرعَةُ والريُّ والطويل من الكلام والفرج والنصرة . وفي اصطلاح أهل الحق: روحٌ يسلطه الله على نار القلب ليطفىء شرّها شررها . وهي أيضاً نَفَس العبد, قال الجنيد رحمه الله:"أُخِذَ على العبد حفظُ أنفاسه على ممر أوقاته" . وقيل هي ترويح القلوب بلطائف الغيوب, وصاحب الأنفاس أرقُّ وأصفى من صاحب الأحوال, فصاحب الوقت مبتديء وصاحب الأنفاس منتهي, وصاحب الأحوال بينهما , فالأوقات لأصحاب القلوب, والأحوال لأرباب الأرواح, والأنفاس لأهل السرائر, وقالوا: (أفضل العبادات عدُّ الأنفاس مع الله سبحانه وتعالى) .

34- النَّفْسُ:
النفس في اللغة: الروح, ويقال: خرجت نفسه أي روحه, والجسد والعين كقولك: نفسته بنفس, أي أصبته بعين, والعِندُ كقوله تعالى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} ، أي ما عندي وما عندك, أو حقيقتي وحقيقتك. وتعني أيضاً العظمة والعزة والعقوبة, ومنه قوله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ} .

والنفس: هي الجوهر البخاري اللطيف الحامل لقوة الحياة والحس والحركة الإرادية وسماها الحكيم الروح الحيوانية, فهي جوهرٌ مشرقٌ للبدن, وتعلقها بالبدن على ثلاثة أضرب: الأول: إن بلغ ضوء النفس إلى جميع أجزاء البدن, ظاهره وباطنه, فهو اليقظة, وإن انقطع ضوؤها عن ظاهره دون باطنه فهو نوم , أو بالكلية فهو الموت.

والنفس في الإصطلاح: ما كان معلوماً من أوصاف العبد, ومذموماً من أخلاقه وأفعاله, وأشدُّ أحكامها: توهمُ حُسنها أو استحقاقها لقدْر. وقيل حقيقة النفس الروح. وهي على ضروب عدة: نباتية, وحيوانية, وإنسانية, وناطقة, أو أمارة ولوامة وملهمة ومطمئنة وراضية ومرضية وقدسية أو كاملة .

والنفس الإنسانية هي كمال أول لجسم طبيعي آلي من جهة ما يدرك الكليات والجزئيات ويتحرك بالإرادة ويفعل الأفعال الفكرية , والأمارة: هي التي تميل إلى الطبيعة البدنية وتأمر باللذات والشهوات الحسّية وتجذب القلب إلى الجهة السفلية, فهي مأوى الشرور ومنبع الأخلاق الذميمة والأفعال السيئة , مع عدم المبالاة بالأوامر والنواهي , واللوامة وهي التي تنورت بنور القلب قدر ما تنبهت به عن سِنَة الغفلة, مترددة بين جهتي الربوبية والخلقية, فكلما صدرت منها سيئة بحكم جبلتها الظلمانية تداركها نور التنبيه الإلهي فأخذت تلوم نفسها وتستغفر راجعة إلي الله . والملهمة: لإعتبار ما يلهمها الله من الخير، فكل ما تفعله من الخير هو بالإلهام الإلهي , وكل ما تفعله من الشر هو بالاقتضاء الطبيعي. والمطمئنة: وهي التي تمّ تنورها بنور القلب حتى انخلعت عن صفاتها الذميمة وتخلقت بالأخلاق الحميدة, متابعةٌ القلب في الترقي ومواظبةٌ على الطاعات ، ساكنةٌ إلى الحق مطمئنة به .

جاء في النصائح الرحمانية: (جردتُ من نفسي شخصاً يسامرني، وشبحاً بوقائع الحالة الجارية يخاطبني). وجاء أيضاً: (كوني أنسب نفسي لآبائي في الطريق}. وجاء أيضاً: (إن استحوذت عليك النفس فجعلت القضية بالعكس فأنت غارق في بحر التيه) وجاء أيضاً:(تضرع بالصبر وجاهد النفس) (فر فرارك من الأسد من النفس) وما ورد في تحفة الإخلاص من عتاب النفس وقمع هواها لتخليصها من آفاتها وعيوبها يعد من أشمل ما نُظم في هذا الباب شعراً.

35- نقطة الأكوان:
النقطة لغةً: من نقط الحرف أي أعجمه (ميّزه), وتُجعل بين الكلام للفصل والوقف, وتفيد بمعنى الأمر والقضيّة, ونقطة الدائرة: مركزها.

والكون لغةً: الحدث, وكوّن: أحدث, وكوّن الله الأشياء: أوجدها, وكِنتُ الغزل: غزلته, والكون: عالم الوجود, والتكوين: إخراج المعدوم من العدم إلى الوجود .

والكون في اصطلاح القوم: اسم مجمل لجميع ما كونه المكون بين الكاف والنون , وكل أمر وجودي , وهو حصول الصورة في المادة بعد أن لم تكن حاصلة فيها . والأكوان في انتسابها إلى الوجوب والإمكان والجمع بينهما, فكل ما كان نسبته إلى الوجوب أقوى, كان أشرف وأعلى, وكانت حقيقته علوّية روحيّة أو ملكوتيه أو بسيطة فلكية , وكل ما كان إلى الإمكان أقوى كان أخسّ وأدنى وكانت حقيقته سفليّة عنصرية بسيطة أو مركبة, وكل ما كان نسبته إلى الجمع أشد, كانت حقيقته إنسانية, وكل إنسان كان إلى الإمكان أميل, وكانت أحكام الكثرة الإمكانية فيه أغلب, كان من الكفار, وكل من كان إلى الوجوب أميل, وأحكام الوجوب فيه أغلب, كان من السابقين من الأنبياء والأولياء, وكل من تساوى فيه الجهتان كان مقتصداً من المؤمنين, وبحسب اختلاف الميل إلى إحدى الجهتين اختلف المؤمنون في قوة الإيمان وضعفه .

ونقطة الأكوان هو سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهو القطب الذي تدور عليه أفلاك الوجود من أوّله إلى آخره. قال ابن عباس: (أصل طينة رسول الله صلى الله عليه وسلم من سُرّة الأرض بمكة , ومن موضع الكعبة دُحيت الأرض فصار رسول الله صلى الله عليه وسلم, هو أصل التكوين والكائنات تبع له) . وقال صاحب عوارف المعارف: (إنّ الماء - يعني في الطوفان - لمّا تموج رمى بالزبد إلى النواحي فوقعت جوهرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما يحاذي تربته بالمدينة, فكان صلى الله عليه وسلم مكياً مدنياً) . وورد عن كعب الأحبار قال: (لما أراد الله تعالى أن يخلق محمد صلى الله عليه وسلم أمر جبريل أن يأتيه بالطينة التي هي قلب الأرض وبهاؤها ونورها, قال فهبط جبريل في ملائكة الفردوس وملائكة الرفيع الأعلى, فقبض قبضة رسول الله صلى الله عليه وسلم من موضع القبر الشريف وهي بيضاء منيرة, فعجنت بماء التسنيم في معين أنهار الجنة حتى صارت كالدرة البيضاء لها شعاع عظيم ثم طافت بها الملائكة حول العرش والكرسي وفي السماوات والأرض والجبال والبحار, فعرفت الملائكة وجميع الخلق سيدنا محمداً وفضله قبل أن تعرف آدم عليهما السلام) .

ومن أسمائه صلى الله عليه وسلم عند أهل الحقيقة: الإنسان الكامل . وصورة الحق لتحققه صلى الله عليه وسلم بالحقيقة الأحدية والواحديّة . وهو عبد الله الذي تجلى له الحق بجميع أسمائه فلا يكون في عباده أرفع مقاماً وأعلى شأناً لتحققه بإسمه الأعظم واتصافه بجميع صفاته, ولهذا خصَّ الله نبينا صلى الله عليه وسلم بهذا الإسم في قوله تعالى: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ} , فلم يكن هذا الإسم بالحقيقة إلا له وللأقطاب من ورثته بتبعيتة , والمُفيض لأنه المتحقق بأسماء الله, ومظهر إفاضته نور الهداية عليهم وواسطتها , ومُمِدّ الهمم, لأنه الواسطة في إضافة الحق والهداية على من يشاء من عباده, وإمدادهم بالنور والآيات . وعين الله وعين العالم لتحققه بحقيقة البرزخ الكبرى, وبالإسم البصير وتحققه بحقيقة حق اليقين صلى الله عليه وسلم , وظل الإله لتحققه بالحضرة الذاتية الواحديّة .

ومن أسمائه الشريفة صلى الله عليه وسلم الواردة في أوراد السادة أهل الطريقة الخلوتية: سيّد الأكوان, أشرف الخلائق الإنسانية, مجمع الحقائق الإيمانية, طور التجليات الإحسانية, مهبط الأسرار الرحمانية, شاهد أسرار الأزل, مُشاهد أنوار السوابق الأُول, ترجمان لسان القِدم, منبع العلم والحلم والحكم, مظهر سرّ الجود الجزئي والكلي, إنسان عين الوجود العلوي والسفلي, روح جسد الكونين, عين حياة الدارين, المتحقق بأعلى رتب العبودية, المتخلق بأخلاق المقامات الإصطفائية, شجرة الأصل النورانية, لمعة القبضة الرحمانية, معدن الأسرار الربانية, خزائن العلوم الإصطفائية, صاحب القبضة الأصلية والبهجة السنية والرتبة العلية, مَنْ مِنْه انشقت الأسرار وانفلقت الأنوار, مَنْ فيه ارتقت الحقائق وتنزّلت علوم آدم فأعجز الخلائق, مَنْ له تضاءلت الفهوم فلم يدركه منّا سابقٌ ولا لاحق, مَنْ رياضُ الملكوت بزهر جماله مُونِقة, وحياض الجبروت بفيض أنواره متدفقة, مَنْ لا شيءَ إلا وهو به منُوط, السرُّ الجامع الدال على الله , حجابُ الله الأعظمُ القائمُ له بين يديه, صاحب الذات المحمدية اللطيفة الأحديّة, شمس سماء الأسرار, مظهر الأنوار, مركز مدار الجلال وقطب فلك الجمال, بحر أنوار الله, معدن أسرار الله, لسان حجّة الله, عروس مملكة الله, إمام حضرة الله, طِراز مُلك الله, خزائن رحمة الله, طريق شريعة الله, المتلذذ بتوحيد الله, إنسان عين الوجود والسبب في كل موجود, عينُ أعيان الخلق المتقدم من نور ضياء الله, الرؤوف الرحيم ذو الخلق العظيم, الفاتح لما أغلق, الخاتم لما سبق, الناصر الحق بالحق, الهادي إلى صراط الله المستقيم, النور الذاتي, السر الساري في سائر الأسماء والصفات, كريم الأباء والأمهات, طب القلوب ودواؤها, عافية الأبدان وشفاؤها, نور الأبصار وضياؤها, النبي الأمي الحبيب العالي القدر العظيم الجاه, الطاهر المطهر, ذو المعجزات الباهرة والمناقب الفاخرة, ذو المقامات الجليلة, الصادق الأمين, رحمة الله للعالمين, باب الأبواب ولباب الألباب, زين الملاح ومعدن الجود والسماح, الذي بسره استقامت البرازخ, صاحب المدد الفياض, النور الساطع, الجامع لكل خير, ذو المقام الأعلى والسرّ الأجلى, سيد أهل العُلى, واسطة عقد النبيين, مُقدّم جيش المرسلين, قائد ركب الأنبياء المكرمين وأفضل الخلق أجمعين, الخليل الأعظم والحبيب الأكرم, من اندرجت النبيون تحت لوائه فهم منه وإليه, وغيرها من الأسماء الشريفة. اللهم صل وسلم على سيدنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب وعلى سائر الأنبياء والمرسلين وعلى آلهم وصحبهم أجمعين كلما ذكرهم الذاكرون وغفل عن ذكرهم الغافلون.

ومن أسمائه صلى الله عليه وسلم الواردة في أوراد السادة أهل الطريقة الخلوتية الجامعة الرحمانية: الدرة الشريفة, أول من برز للوجود من أنوار الله الذاتية, آخر خليفة لحضرة الله السبوحية, مظهر الله الذي تفجرت منه ينابيع الحقائق والحكم, السبب لكشف بصائر السائرين عن مخبئات القدم, الجوهرة المنطوية على كنوز الدقائق اللاهوتية, الدرة التي عجز عن إدراك عنصر معدنها العوالم الملكية والملكوتية، روح حياة كل موجود, كينونة مظهر جمال الله, صيرورة نفوذ أحكام علا الله, أول مكوّن من أنوار اللاهوت, آخر خليفة أُفيض إلى النوع الناسوت, أعظم مُظهر الأنباء, عين الأعيان, باب كل طالب ودليل كل محجوب, وغيرها من الأسماء الشريفة, اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله, عدد كمال الله وكما يليق بكماله. جاء في ورد الستار للشيخ يحي الباكوبي من أسمائه صلى الله عليه وسلم: عبد الله المصطفى ورسوله المجتبى وأمينه المقتدى وحبيبه المرتضى, شمس الضحى, بدر الدجى, نور الورى, صاحب قوسين أو أدنى, رسول الثقلين, ونبي الحرمين, وأمام القبلتين, وجدّ السبطين, وشفيع من في الدارين, وزين المشرقين والمغربين, وصاحب الجمعة والعيدين, الرسول المكّي المدني الهاشمي القرشي الأبطحي الكَروبي, الروح الروحاني, التقي النقي, الكوكب الدري, الشمس المضيء, القمر القمري, النور النوراني, البشير النذير السراج المنير صلى الله عليه وسلم.

جاء في حزب الهمزة:

وبنقطة الأكوان من دارت بها


بعوالم الآثار بن لي غطاء


وجاء في القصائد الرحمانية:

ونقطة الكون من سرالعما نزلت


والحقُّ إن رمت وصف الذات فينا عرى




36- الهيبة:
الهيبة في اللغة: المخافة والتَّقيَّة كالمهابة , وهي ضد الأنس .

وفي اصطلاح القوم: هي أثر القبض في القلب الناشئ من الخوف من الله ومعرفة تقصير العبد في حقه تعالى, والأنس: البسط في القلب الناشئ من الرجاء . وقيل: هي أثر مشاهدة جلال الله في القلب , وقالوا إن الهيبة درجة العارفين والأنس درجة المريدين .

وجاء في حزب السيف (جُد لي بهيبة يستنير بها لبي)

37- الهوت واللاهوت والملكوت والجبروت والعظموت:
ترد صيغة فعلوت في اللغة للمبالغة, والهوت مبالغةٌ من هاء يهؤ هوءاً أي: العلو والإرتفاع والهمة والرأي الماضي, والهوتةُ: الأرض المنخفضة والجو بين السماء والأرض. واللاهوت في اللغة: الألوهة, وأصله (لاهٌ) بمعنى إله زيدت فيه الواو والتاء مبالغة,كما زيدت في رحموت ورغبوت ورهبوت, وعلم اللاهوت: هو علم يبحث عن العقائد المتعلقة بالله تعالى , وقيل هو لفظ سرياني . والملكوت في اللغة: الملك العظيم والعز والسلطان . والجبروت بمعنى: القدرة والسلطة والعظمة . والعظموت بمعنى الكِبْر والنخوة والزهو .

والهوت في إصطلاح أهل الحق: هي الهمة، وهي ثلاثة: همّة مُنية وهي تحرك القلب للمُنى، وهمه إرادة وهي أول صدق المريد، وهمة حقيقية التصور عن ملاحظة ذروة هذا الامر والجهل، والهمة: توجهُ القلب وقصده بجميع قواه الروحانية إلى جانب الحق لحصول الكمال له أو لغيره، وقال الإمام عبد الكريم الجيلي: (هي أعزُّ شيءٍ وضعه الله في الإنسان، وذلك أن الله تعالى لما خلق الأنوار أوقفها بين يديه فرأى كلاً منها مشتغلاً بنفسه ورأى الهمة مشتغلة بالله، فقال لها:"وعزتي وجلالي لأجعلنّك أرفع الأنوار ولا يحظى بكِ من خلقي إلا أشراف الأبرار"). وقال صلى الله عليه وسلم (من كانت همته الثريا فسينالها). وقال الإمام علي كرم الله وجهه (رُبَّ همّةٍ أحيت أمّة).

وهمه الإفاقة هي أول درجات الهمة، وهي الباعثة على طلب الباقي وترك الفاني، وهمة الألفة هي الدرجة الثانية، وهي التي تورث صاحبها الأنفة من طلب الأجر على العمل حتى يأنف قلبه أن يشتغل بتوقع ما وعده الله من الثواب على العمل، فلا يفرغ من التوجه إلى مشاهدة الحق، بل يعبد الله على الإحسان، ولا يفرغ من التوجه إلى الحق طلباً للقرب منه إلى طلب ما سواه، وهمة أرباب الهمم العالية هي الدرجة الثالثة وهي لا تتعلق إلا بالحق ولا تلتفت إلى غيره، فهي أعلى الهمم حيث لا ترضى بالأحوال والمقامات ولا بالوقوف مع الأسماء والصفات، ولا تقصد إلا عين الذات.

واللاهوت في اصطلاح أهل الحقيقة: هي الحياة السارية في الأشياء, والناسوت هو المحل القائم به, وذلك الروح . وقيل اللاهوت: الخالق , والناسوت: المخلوق. وربما يُطلق الأول على الروح والثاني على البدن, وربما يطلق الأول على العالم العلوي, والثاني على العالم السفلي, وعلى السبب والمسبب, وعلى الجن والإنس .

والملكوت: عالم الغيب المختص بالأرواح والنفوس . وقيل هو حقيقة المجرّدة اللطيفة غير المقيدة بقيودٍ كثيفة شجيّة جسمانية, ويقابله الملْكُ بمعنى المادة الكثيفة بالقيود . والملك عالم الشهادة من المحسوسات الطبيعية كالعرش والكرسي, وكل جسم يتميّز بتصرف الخيال المنفصل من مجموعة الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة .

والجبروت: هو عالم العَظَمَة يعني عالم الأسماء والصفات الإلهية, وقيل: هو عالم الوسط وهو البرزخ المحيط بالأمريات الجمّة, وقي قيل: هو عبارة عن الذات القديمة، وتفرد الله سبحانه بالجبروت لأنه يجري الأمور مجاري أحكامه, ويجبر الخلق على مقتضيات إلزامه, أو لأنه يستعلي عن دَرَكِ العقول .

جاء في الدرة الشريفة: (كيف لا وهو الجوهرة المنطوية على كنوز الدقائق اللاهوتية). (وببديع قدرتك العظموتية). وجاء في حزب السيف (أن تجعل لي نوراً من أنوار لاهوتك , ومهابةً من سلطان جلال جبروتك). وجاء أيضاً (وافتح لنا باب خزنة أسرارك العظموتية، لنشاهد العجائب الملكية والملكوتية).

وجاء في حزب الهمزة:

بالهوت واللاهوت والملكوت


والجبروت صفِّ السيرمن وعثائي


38- الوارد:
وهو في اللغة: الشجاع الجريء والطريق وكل طويل, وخلاف الصدور عن الماء , وفي اصطلاح القوم: هو كل ما يرد على القلب من المعاني الغيبية من غير تعمّد أو تعمّل من العبد , وقيل ما يرد من كل اسمٍ على القلب , ويستغرق القلب بعد أن يبدو على القلب حال من الحق , وقد يكون الوارد من الحق أو من العلم, كما يكون وارد سرورٍ أو حزنٍ أو قبضٍ أو بسط وغير ذلك من المعاني. والواردات أعمَّ من الخواطر . قال ذو النون رحمه الله:"واردُ حقّ، جاء يُزعج القلوب"أي جاء يحرّكها إلى الله تعالى بتأثير الوعظ والسماع والوجد .

جاء في كتاب (الأنوار القدسية في بيان قواعد الصوفية) للشيخ عبد الوهاب الشعراني قدس الله سره:"ومن شأن المريد أن يلازم ما أمره به شيخه, ولا يتقيد بأفعال شيخه كلّها, إلا إذا كان أمره بذلك, فإن مشاهدة الأشياخ لا يدركها المريد, فليحذر المريد من عدم خروجه لصلاة الجماعة أو مجلس الذكر, إذا لم يخرج الشيخ لذلك, فربما كان ذلك من الشيخ لثقل وارد ورد عليه, فمنعه من القدرة على الخروج والمشي, بخلاف المريد, فربما كان ذلك منه نفاقاً وكسلاً, ووالله إني لأتكلّف الخروج لصلاة الصبح حتى أخرج أجر رجلي جراً من ثقل واردات الليل, ولا اتخلّف خوفاً على أحد من الإخوان أن يقتدي بي في ذلك, فيهلك ولا يشعر بذلك".

قال الشيخ عبد الرحمن الشريف قدس الله سرّه في نصائحه الرحمانية: (فقم في محراب الأذكار, وتهيأ لقبول الواردات الأبكار).

39- وحدة الأسماء:
الاسم في اللغة: هو اللفظ الموضوع على الجوهر والعَرَضْ للتمييز , وقيل: هو ما دل على معنى في نفسه غير مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة, وهو اسم عين يدل على معنى يقوم بذاته كزيد وعمرو, واسم معنى وهو ما لا يقوم بذاته سواء كان معناه وجودياً كالعلم أو عدمياً كالجهل .

والاسم عند أهل الحقيقة: ليس هو اللفظ بل هو ذات المسمّى باعتبار صفاته , وقيل ما يُعين المسمّى في الفهم , ويصوره في الخيال, ويحضره في الوهم, ويدبره في الفكر, ويحفظه في الذكر, ويوجده في العقل سواءً كان المسمّى موجوداً أو معدوماً, حاضراً أو غائباً, كذلك الحق سبحانه وتعالى لا سبيل إلى معرفته إلا من طريق أسمائه وصفاته .

ووحدة الأسماء ما ركب الله في فطرة الإنسان من كل اسم من أسمائه من اللطائف وهيأه بها للتحقق بكل الأسماء الجلالية والجمالية, قال تعالى {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا}, ولكل مخلوق سوى الإنسان حظ من بعض الأسماء دون الكلّ, كحظ الملائكة من أسم السبّوح والقدُّوس, ولذا قالوا {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} , وحظ الشيطان من اسم الجبار والمتكبّر, ولذلك عصى واستكبر, واختصَّ الإنسان بالحظ من جميعها, ولذلك أطاع تارة وعصى أخرى . قال الشبلي رحمه الله:"أريد من قال الإسم وهو يتحقق ما يقول"، وقال أيضاً:"تاهت الخليقة في العلم, وتاه العلم في الإسم, وتاه الإسم في الذات" .

وإذا تجلت ذات الحق سبحانه وتعالى على عبده بصفةٍ من صفاتها، سبح العبد في فلك تلك الصفة إلى أن يبلغ حدّها بطريق الإجمال لا بطريق التفصيل، واستوى على عرش تلك الصفة، فكان موصوفاً بها .

جاء في حزب الهمزة:

وبوحدة الأسماءالكثيرة خُصّنا


بالجمع ثم بجمعه الأسماء


40- وحدة الأفعال:
الفعل في اللغة حركة الإنسان أو كنايةٌ عن كل عمل متعدّ , وقيل: هو الهيئة العارضة للمؤثر في غيره بسبب التأثير أولاً كالهيئة الحاصلة للقاطع بسبب كونه قاطعاً, وقيل: هو كون الشيء مؤثراً في غيره كالقاطع ما دام قاطعاً , وفي اصطلاح النحاة ما دلَّ على معنىً في نفسه، مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة .

ووحدة الأفعال في اصطلاح أهل الحقيقة: هي أن يرى العبد جريان القدرة في الأشياء، ويَشَهدُه سبحانه وتعالى مُحرّكها ومسكّنها بنفي الفعل عن العبد وإثباته للحق , والعبد في هذا المشهد مسلوبُ الحول والقوة والإرادة .

41- وحدة الذات:
الوَحْدةُ التفرد في اللغة والتقدم في العلم أو البأس . وتأتي بمعنى ضد الكثرة ونظيراتها الأحديّة والواحديّة .

والذات لكل شيء في اللغة: ما يخصه ويميزه عن جميع ما عداه, وقيل ذات الشيء: نفسه وعينه, والفرق بين الذات والشخص أن الذات أعم من الشخص لأن الذات تطلق على الجسم وغيره, والشخص لا يطلق إلا على الجسم . والوحدة أو الأحديّة هي اعتبار الذات مع إسقاط جميع الصفات والأسماء والنسب والتعينات . والذات هو الأمر الذي تستند إليه الأسماء والصفات في عينها لا في وجودها, وذات الله سبحانه وتعالى نفسه التي هو بها موجود لأنه قائم بنفسه, وهي غيب الأحديّة .

ووحدة الذات: هي اعتبار الذات من حيث إنتشاء الأسماء منها , وواحدتيها بها مع تكثرها بالصفات . ولا يكون الإسم والنعت والصفة إلا لذي ذات, فالقادر اسم من أسماء الله تعالى, والقدرة صفة من صفاته, والتقدير نعتٌ من نعوته, قال الواسطي:"ليس مع الخلق منه إلا اسم أو نعت أو صفة, والخلق محجوبون بأسمائه عن نعوته, وبنعوته عن صفاته, وبصفاته عن ذاته" .

والذات هي: الوجود الحق المحض ووَحدتُه عينةُ، لأن ماسوى الوجود من حيث هو وجودٌ، ليس إلا العدم المطلق وهو اللاشيء المحض, فوحدة الذات هي عين ذاته لا بشرط أن يكون أو لا يكون شيء معه, وهي منشأ الأحديّة: وهو كونه بشرط أن لا يكون شيء معه. والواحدية: وهي كونه بشرط أن يكون معه شيء. والحقائق في الذات الأحديّة كالشجرة في النواة وهي غيب الغيوب .

جاء في حزب الهمزة:

وبوحدة الذات العليّ ووصفها


وبوحدة الأفعال يامولائي
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس