عرض مشاركة واحدة
قديم 04-23-2009
  #2
أبو يوسف
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 518
معدل تقييم المستوى: 16
أبو يوسف is on a distinguished road
افتراضي رد: المراح في المزاح

وقد كان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يمزحون حتى بحضرته، وكذلك من بعدهم من التابعين والعلماء والأئمة.
ونحن ذاكرون من مزحهم نبذة:

روى البخاري عن بكر بن عبد الله المزني: كان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه
وسلّم يتبادحون بالبطيخ، فإذا كانت الحقائق كانوا هم الرجال. وسئل النخعي: هل كان
أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يضحكون؟ قال: نعم والإيمان في قلوبهم مثل
الجبال الرواسي.
وعن يحيى ابن أبي كثير قال: كان رجل من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
ضحاكاً، فذكر ذلك النبي صلّى الله عليه وسلّم كأنهم يعيبون ذلك، فقال النبي عليه السلام: أَنَّى تَعجَبُونَ إِنَّهُ لَيَدخُلُ الجَنَّةَ وَهُوَ يَضحكُ.
وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه قال: كان أسيد بن حضير رجلاً ضحاكاً مليحاً،
فبينا هو عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يحدث القوم ويضحكهم فطعن رسول الله
صلّى الله عليه وسلّم بأصبعه في خاصرته فقال: أَوجعتني قال: اقتَصَّ قال: يا رسول الله إِنَّ
عليك قميصاً ولم يكن عليَّ قميص، فرفع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قميصه
فاحتضنه ثم جعل يقبّل كَشحَه فقال: بأَبي وأُمي يا رسول الله أَردت هذا.
وفي ذكري أنه القائل لما رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم متغير الوجه ومنحرفا أو
مغضبا: لأضحكنه ثم قال: يا رسول الله إِن الدَّجال يأتي الناس في حال قَحطٍ وضيقٍ
ومعه جبالٌ من ثَريد أَفرأَيتَ إِن أَدركتُ زمانه أن أَضرب عَلَى ثريده حتى إذا تبطّنت منه
آمنت بالله وكفرت به أَم أَتنزَّه عن طعامه؟ فضحك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم-
وكان ضحكه التبسم- وقال: بَل يُغنِيكَ الله تَعَالى يَومَئِذٍ بِمَا يُغنِي المُؤمِنيِنَ.
وروى عبد الله بن وهب قال: قال الليث في حديث عبد الله بن حذافة صاحب رسول
الله صلّى الله عليه وسلّم إنه كانت فيه دعابة قال: بلغني أنه حل حزام راحلة النبي في
بعض أسفاره حتى كاد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يقع قلت لليث: ليضحكه
ذلك؟ قال: نعم.

وعن عثمان بن نائل مولى عثمان بن عفان عن أبيه قال: خرجت مع مولاي عثمان في
سفرة سافرناها مع عمر في حج أو عمرة، وكان عمر وعثمان وابن عمر أيضا، وكنت وابن عباس وابن الزبير في شبان معنا أيضاً، ومعنا رَباح بن المعترف الفهري، فكنا نترامى بالحنظل وكان عمر يقول لنا: لا تُنفّروا علينا رِكابَنا قال: فقلنا ذَاتَ ليلةٍ: احدُ لنا قال: مع عمر؟ قلنا: احدُ فإِن نهاك فانتَهِ قال: حتى إِذا كان السَّحَر قال له عمر: كُفَّ فإِن هذه ساعةُ ذكرٍ، فلما كانت الليلة الثانية قلنا: يا رَباح انصب لنا نَصب العرب قال: مع عمر؟
قلنا انصِب فإِن نهاك فانتَهِ، فنصب لنا نَصبَ العرب حتى إِذا كان السَّحَرُ قال له عمر: كُفَّ فإِنّ هذه ساعة ذكر، فلما كانت الليلة الثالثة قلنا: يا رَباح غَنّنِا غِناء القِيَان قال: مع عمر؟ قلنا غَنّهِ فإِن نهاك فانتِهِ قال: فغني، فو الله تركه أَن قال له: كُفَّ فإِن هذا يُنَفِرّ القلوب.

وعن ابن أبي نجيح عن أبيه قال: قال عمر بن الخطاب إِني لَيعجبني أَن يكون الرّجل في
أهله مثلَ الصبي فإِذا بُغي منه حاجة وُجد رجلاً. ونظر عمر بن الخطاب إلى أعرابي
يصلي صلاة خفيفة فلما قضاها قل: اللهم زوجني بالحور العين فقال عمر: أَسأت النقد
وأعظمت الخطبة.
وعن أبي بكرة أن أعرابيا وقف على عمر بن الخطاب فقال:
يا عمرَ الخير جُزيت الجنه = أُكسُ بُنياتي وأُمَّهُنَّه
وكن لنا من الزّمان جُنَّه = أُقسم بالله لَتفعلنَّه
فقال عمر: وإِن لم أَفعل يكون ماذا؟ فقال: إِذاً أَبا حفصٍ لامضينَّه
قال: فإِن مضيتَ يكون ماذا؟ فقال:
والله عنهنَّ لتُسأَلنه = يوم تكون الأعطيِات منَّه
وموقفُ المسؤول بينهنّه = إِما إِلى نارٍ وإِمَّا جَنَّه
فبكى عمر حتى اخضَلَّت لحيتُه ثم قال لغلامه: يا غلام أَعطِه قميصي هذا لذلك اليوم لا
لشعره ثم قال: والله لا أَملك غيره.
( النعيمان و ما أدراك من هو )
وعن ربيعة بن عثمان قال: دخل أَعرابي عَلَى رسول الله عليه وأَناخ ناقته بِفنائه، فقال
بعض أَصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم للنعيمان الأنصاري: لو عقرتّها فأَكلناها فإِنا قد
قَرِمنا إِلى اللحم ويغرَم رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم قال: فعقره النعيمان فخرج الأَعرابي
فرأَى راحلته فصاح: واعُقراه يا محمد، فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: مَن
فَعَلَ هذا؟ فقيل: النُّعيمان فاتبعه يسأَل عنه حتى وجده في دار ضبُاعَة ابنة الزُّبير بن عبد
المطلب وقد حفرت خنادق وعليها جريد، فدخل النُّعيمان في بعضها، فمر رسول الله
صلّى الله عليه وسلّم يسأل عنه فأشار إليه رجلٌ ورفع صوته يقول: ما رأَيته يا رسول الله
وأشار بأصبعه حيث هو قال: فأَخرجه رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم وقد سقط على
وجهه السعف وتغير وجهه فقال: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعتَ؟ قال: الذين دلُّوك علَّي يا
رسول الله هم الذين أَمروني قال: فجعل رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم يمسح وجهه
ويضحك قال: ثم غَرِمها رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم للأَعرابي.
قال عبد الله بن مصعب: كان مخرمة بن نوفل بن أهيب الزهري بالمدينة وهو شيخ كبير
أعمى، وكان قد بلغ مائة وخمس عشرة سنة، فقام يوما في المسجد يريد أن يبول فصاح به
الناس فأتاه نعيمان ابن عمرو ابن رباعة بن الحارث بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار فتنحى به ناحية من المسجد ثم قال له: اجلس ها هنا، فأجلسه يبول ثم تركه،فصاح به الناس، فلما فرغ قال: من جاءَ بي إِلى هذا المجلس؟ قالوا: نعيمان بن عمرو قال:
فعل الله به وفعل أَما إِنَّ الله علَّي إِن ظفرت به أَن أَضربه بعصاي هذه ضربةً تبلغ منه ما
بلغت، فمكث ما شاء الله حتى نسيَ ذلك مخرمة ثم أتاه يوماً وعثمان قائم يصلي في
ناحية من المسجد، وكان عثمان إذا صلى لا يلتفت فقال له: هل لك في نُعَيمان؟ فقال: نعم ،أَين هو؟ دُلَّني عليه، فأَتى به حتى أوقفه على عثمان فقال: دونك هذا هو، فجمع مخرمة يديه بعصاه فضرب عثمان فشَّجه فقيل له: إِنما ضَربتَ أَمير المؤمنين عثمان قال: فسمعت بذلك بنو زهرة فاجتمعوا في ذلك فقال عثمان: دعوا نُعيمان، لعن الله نُعيمان: وروي أن مخرمة قال: من قادني؟ قيل نعيمان قال: لا جَرَمَ لا عَرَضتُ له بشّرٍ أَبداً.
وقد شهد نعيمان بن عمرو بدراً.

وعن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه قال: كان بالمدينة رجل يقال له نعيمان
يصيب الشراب فكان يؤتي به إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فيضربه بنعليه ويأمر أصحابه
فيضربونه بنعالهم ويحثون عليه التراب، فلما كثر ذلك منه قال له رجل من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لعنك الله فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لا تفعل فإِنه يحبُّ الله ورسولَه.
قال: وكان لا يدخل المدينة رُسُل ولا طُرفَةٌ إِلاَّ اشترى منها ثم جاء به إِلى النبي صلّى الله
عليه وسلّم فقال: يا رسول الله هذا أَهديته لك، فإِذا جاء صاحبُه يطلب نُعيمان بثمنه
جاء به إِلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله أَعطِ هذا ثمن متاعه فيقول
رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أوَ لم تُهِده لي فيقول: يا رسول الله إِنه لم يكن عندي ثمنُه
ولقد أَحببت أَن تأكلَه فيضحك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ويأمر لصاحبه بثمنه.
وروي أَنه أهدى النبي صلّى الله عليه وسلّم جرة عسل اشتراها من أعرابي بدينار، وأتى
بالأعرابي باب النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: خذ الثمن من ها هنا، فلما قسمها النبي
صلّى الله عليه وسلّم نادى الأعرابي: أَلا أَعطني ثمنَ عسلي فقال صلّى الله عليه وسلّم:
إِحدى هنات نُعيمان: وسأَله لَم فعلت هذا؟ قال: أردت بِرّك ولم يكن معي شيء، فتبسم
النبي صلّى الله عليه وسلّم وأَعطى الأعرابيّ حقَّه.
وشكا عيينة بن حصن إلى نعيمان صعوبة الصيام فقال: صُمِ الليل فُروي أَنه دخل عُيَينة
على عثمان وهو يفطر في شهر رمضان فقال: العَشاء فقال: أنا صائم فقال عثمان: الصوم
بالليل؟ فقال: هو أَخفُّ علَّي إِن عثمان قال: إِحدى هَنات نُعيمان.

وعن أم سلمة زوج النبي صلّى الله عليه وسلّم قالت: خرج أبو بكر الصديق قبل وفاة
رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعام في تجارة إلى بصرى، ومعه نعيمان بن عمرو الأنصاري وسليط بن حرملة وهما ممن شهد بدراً مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وكان سليط بن حرملة على الزاد، وكان نُعيمان بن عمرو مزاحاً فقال لسليط: أَطعمني قال: لا أُطعمُك حتى يأتي أبو بكر، فقال نعيمان لسليط: لأَغيظنَّك، فمروا بقوم فقال لهم نعيمان: تشترون مني عبداً لي؟ قالوا: نعم قال: فإِنه عبدٌ له كلام وهو قائل لكم: لست بعبده، أَنا ابن عمه. فإِن كان إِذا قال لكم هذا تركتموه فلا تشتروه ولا تفسدوا علي عبدي، قالوا: لا بل نشتري ولا ننظر في قوله، فاشتروه منه بعشر قلائص، ثم جاؤُوه ليأخذوه فامتنع منهم، فوضعوا في عنقه عمامةً فقال لهم: إِنه يتهزّأَ ولستُ بعبده فقالوا: قد أَخبرَنا خبرَك ولم يسمعوا كلامه، فجاءَ أبو بكر رضي الله عنه فأخبروه فاتبع القوم فأَخبرهم أَنه يمزح، وردَّ عليهم القلائص
وأَخذ سَلِيطاً منهم. فلما قدموا على النبي صلّى الله عليه وسلّم أَخبروه الخبر فضحك
من ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأصحابُهُ حَولاً.

(فلانة المضحكة )
وعن عائشة رضي الله عنها أن امرأة كانت بمكة تدخل على النساء قريش تضحكهن،
فلما هاجر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ووسع الله دخلت المدينة قالت عائشة:
فدخلت علَّي فقلت لها: فلانة ما أَقدَمَك؟ قالت: إليكن قالت: فأَين نزلتِ؟ قالت: عَلَى
فلانة امرأة كانت تضحك النساءَ بالمدينة، قالت عائشة: ودخل رسول الله صلّى الله عليه
وسلّم فقال: فلانة؟ فقالت عائشة: نعم فقال: عَلَى من نزلت؟ قالت: عَلَى فلانة المضحكة
فقال: الحَمدُ لله الأَرواحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مَنهِا ائتلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ منهَا اختَلَفَ.

( مع سيدنا علي )
وقال علُّى بن أبي طالب رضي الله عنه: لا بأس بالمفاكهة يخرج بها الرّجلٍ عن حدّ
العُبوس، وعن بكر بن أبي محمد قال: أَهدى المجوس لعلي بن أبي طالب فالوذجاً فقال
علُّي: ما هذا؟ فقيل له: اليوم النيروز فقال علُّي: ليكن كلُّ يومٍ نيروزاً، وأَكَل. وفي رواية قيل له: اليوم المِهرَجان فقال: مَهرِجُونا كل يوم هكذا.
وعن عمرو بن دينار عن محمد بن علي قال: طرحت لعلي بن أبي طالب وسادة فجلس
عليها وقال: لا يأَبي الكرامة إِلاّ حمار. وأتى رجلٌ علي بن أبي طالب فقال: إني احتملت
عَلَى أُمي فقال: أَقيموه في الشمس واضربوا ظلَّة الحدَّ، وفي رواية أن رجلاً أتاه برجلٍ فقال: إِن هذا زعَم أَنه احتلم عَلَى أُمي فقال: أَقِمه في الشمس فاضرِب ظلَّه.

( أبو الدَّرداء )
وروي عن أبي الدَّرداء أنه كان لا يتحدث إلا وهو يتبسم فقالت له امرأته أم الدَّرداء: إِني
أَخاف أَن يرى الناسُ أَنك أَحمق فقال: ما رأَيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حدّث
حديثاً إِلاّ وهو يتبسّم في حديثه.

( ابن عباس )
وكان ابن عباس إِذا أُكثر عليه في مسائل القرآن والحديث يقول: أَحمِضُوا يريد خذوا في الشّعِر وأَخبار العرب.

( سلمان )
وروى الأعمش عن أَبي وائل أَنه قال: مضيت مع صاحب لي نزور سلمان، فقدم إلينا خبز شعير وملحا جريشا فقال صاحبي: لو كان في هذا الملح سَعتَر كان أَطيبَ أَي فأَحضِره لنا، فلما أَكلنا قال صاحبي: الحمدُ لله الذي قنّعنا بما رزقنا فقال سليمان: لو قنِعت بما رُزقت لم تكن مِطهَرَتي مرهونةً.

( عمر و الزبير )
وعن أبي الحويرث المرادي قال: سار عمر ومعه الزبير بن العوام، فلما مرَّ عمر بمحسر
ضرب فيه راحلته حتى قطعه وهو يرتجز:
إليك تعدوُ قَلِقاً وَضينُها = مخالفاً دينَ النصارى دينُها
معترضاً في بطنها جَنِينُها = قد ذهب الشحمُ الذي يَزينُها
قال: وسابق عمر الزبير براحلته فجعل عمر إذا بذّت راحلته راحلة الزبير يقول: سبقتُك
وربّ الكعبة. وجعل الزبير إذا بذّت راحلته راحلة عمر يقول: سبقتُك وربّ الُكعبة.

( العبادلة )
وعن خارجة بن زيد قال: خرج عبد الله بن عمر وعبد الله بن عيّاش بن أبي ربيعة من
المسجد، فلما كانا على بابه وقد أحفيا شواربهما حتى بدت الشفاه كشف كل واحد
منهما ثيابه حتى بدت ساقاه وقال لصاحبه: ما عندك خير، هل لك أَن أُسابقك؟
وعن حميد بن قيس قال: ورد عبد الله بن عمر ماء عسفان، وكان مولى لمعاوية عاملاً
على عسفان، فجاء إلى ابن عمر فسلم عليه وقال له: والله إِني لأحبك في الله فقال له ابن
عمر: والله إِني لأبغض ضربَ وجهك، فتكعكع وقال: غفر الله لك يا أبا عبد الرحمن، قال: ما شأني؟ وجعل ابن عمر يضحك فقال له قائل: إنما يقول لك أكره ضربه.
عن عبيد الله بن خالد بن أبي بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن
أبيه قال: حدثني حمزة بن عبد الله بن عمر قال: كنت أُحسّ من نفسي بحسن صوت
وكان صوت سالم بن عبد الله كُرغاء البعير فقلت له: أنا أحسن منك صوتً فقال
عبد الله بن عمر: احدِيَا حتى أسمع فغنينا غِناء الرُّكبان فقلت لأبي أَيُّنا أَحسنُ صوتاً؟ فقال: أَنتما كحِمارَي الِعبَادي.
قيل: وكان عبد الله بن عمر أبعد الناس عن الرَّفَث، فأتاه ابن أبي عَتيق يوماً وكان ذا
فُكاهة ومزاح وفي يده رقعة فيها:
أذهبت مالَكَ غيرَ مُتَّرِكٍ = في كل مُومِسةٍ وفي الخمرِ
ذهب الإله بما تعيش به = وبقيت وحدك غيرَ ذي وَفرِ
وكانت زوجة ابن أبي عتيق عاتكة بنت عبد الرحمن المخزومية قد هجته بهما فقال: يا
أَبا عبد الرَّحمن انظر هذه الرَّقعةَ وأَشِر علي برأيك فيمن هجاني بما فيها، فلما قرأها
عبد الله استرجع وقال له: أَرى لك أَن تعفوَ وتصفحَ، فقال له: أَنا والله يا أَبا عبد الرَّحمن أرى غير ذلك قال: ما هو؟ قال: أَفعَلُ به لاَ يكني، فقال له عبد الله بن عمر: سبحان الله ما تتركُ الهزل وأَرعد وأَبَرق فقال: هو والله ما أَخبرتك، فاقترقا، ثم لَقِبَه ابن أبي عتيق بعد ما ظنَّ أَن ابن عمر نسىِ ذلك فقال له: أَتدري بذلك الإِنسان؟ قال: أَيّ إِنسانٍ؟ قال الذِي أَعلَمتُك أَنه هجاني قال: ما فعلتَ به؟ قال: كل مملوكٍ له فهو حرُّ إِن لم أَكن فعلت به، لاَ يكني، فأَعظم ذلك ابنُ عمر فقال ابن أبي عتيق: امرأَتي التي قالته، فُسري عن ابن عمر وقام وهو يضحك: وقال له: أَحسنت فزدنا من هذا الأدب.
وابن أبي عتيق هو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن ابن أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
وعن عبيد الله بن خالد المذكور عن أبيه عن نافع مولى عبد الله ابن عمر قال: كان عبد
الله بن عمر يمازح مولاةً له فيقول لها: خلقني خالق الكرام، وخلقك خالق اللئام، فتغضب
وتصيح وتبكي ويضحك عبد الله بن عمر.

وعن عبد الله كثير بن جعفر قال: اقتتل غلمانُ عبد الله بن عباس وغلمانُ عائشة،
فأخبرت عائشة بذلك فخرجت في هَودج لها عَلَى بغلةٍ لها، فِلِقَيها أَن غلماني وغلمان ابن
عباس اقتتلوا فركبت لا صلح بينهم، فقال: يعتقُ ما يملك إِن لم تَرجِعي فقالت: ما حملك
عَلَى هذا؟ قال: ما انقضى عنا يوم الجمل حتى تريدين أَن تأتينا بيوم البغلة؟

وعن أم قُثَم بنت العباس قالت: دخل علينا علي ونحن نلعب بأربعة عشر قالت: وكنا
صبيناً فأحببنا أَن نتلهّى بها، فقال عليّ: أَلاَ أَشتري لكُنٍَّ جوزاً بدرهم فتلعبن به وتتركن
هذه؟ قالت: فاشترى لنا بدرهم جوزاً فلعبنا به وتركنا الأربعة عشر.

وعن عبد الله بن عُمير اللَّيثي قال: جاءت امرأَةٌ إِلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
فقالت: يا رسول الله إِنّ زوجي لا يصلي صلاةَ الغداة، ويأتيها وهي صائمة، ويضربها إِذا
قرأت القرآن فقال: ادعيه إِليَّ فجاءت به إِلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: إنَّ هذِهِ تَزعُمُ أَنَّك لاَ تُصَلّي الغَدَاةَ، وأَنَّكَ تَأتِيَها وَهيَ صَائِمَةٌ، وَتَضرِبُهَا إِذَا قَرَأَتِ القُرآنَ قال: صدقَت، فَهَمَّ رسول الله أن يلعنه ثم استتابه، وكان صلّى الله عليه وسلّم حليماً فقال له: لَم تَفعَلُ ذلِكَ،؟ قال: يا رسول الله إِني من أَهل بيت معروف لهم النوم فأَنا أتشدّد للصلوات حتى إذا أَخذت مضجعي فإنها لَتعالجني بكل ما عولج به إِنساَن فما أَستيقظ إِلاَ بحرّ الشمس قال: أَما إِذَا استيقَظتَ فَصَلّه قال: فَلَم تَأتِيَها وَهيَ صائِمَةٌ؟ فقال: يا رسول الله أَنا رجلٌ شابّ وهي امرأة تصوم فلا تفطر فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لاَ تَصُومي تَطَوُّعاً إِلاُّ بإِذنِهِ، وإِذا أذِنتَ لَهَا فَلاَ تَقرَبها قال: فَلِمَ تَضرِبُهَا إِذَا قَرَأَتِ القُرآنَ؟ قال: تقرَأُ بسورةٍ واحدةٍ من كتاب الله تَولَع بتلك السورة فتقرأُها فضحك النبي صلّى الله عليه وسلّم ثم قال: تِلكَ السُّورَةُ لَو قُسِمَت بَينَ النَّاسِ وَسِعَتهُم.

وعن أبي سفيان بن حرب أَنه سمع يمازح النبي صلّى الله عليه وسلّم في بيت بنته أم
حبيبة ويقول: والله إِن هو إِلاَّ أن تركتُك فتركتك العرب إن انتطحت فيك جَمَّاء ولا ذات قَرن ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم يضحك.
وعن عطاء بن يسار أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال يوماً وهو يحدث وفيمن
عنده رجل من أهل البادية فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: انَّ رَجُلاً مِن أَهلِ الجَنَّةِ
استَأذَنَ رَبَّهُ فيِ الزَّرعِ فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ: أَوَ لَستَ فَيِما شِئتَ؟ قَالَ: بَلى وَلكِن أُحِبُّ أَن أَزرَعَ
قَالَ: فَيَقُولُ الله: فَليَزرَع قال: فَيَبذُرُ حَبَّهُ فَيُبَادِرُ الطَّرفَ نَبَاتُهُ وَاستِوَاؤُهُ واستِحصَادُهُ وَيَكَوُنُ أَمثُال الجِبِاَلِ قال فَيَقُولُ الله تعالى: دُونَكَ بُني آدَمَ فَإِنَّهُ لاَ يُشبِعُكَ شَيُّ قال فقال الأعرابيُّ: يا رسول الله والله لا تجده إِلاَّ قريشاًّ أو أَنصاريًّا فإِنهم أَصحاب الزرع، فأَما نحن فلسنا بأصحابه قال: فضحك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
وعن عبد الله بن سرجس قال: أتى الضحّاك بن سفيان الكلابي إلى رسول الله صلّى الله
عليه وسلّم قبل بيعته ثم قال: عندي امرأَتان أَحسن من هذه الحُمُيراء أَفلا أنزل لك عن
إِحداهما فتتزوَّجَها؟ وعائشة جالسة تسمع قبل أَن يُضرَبَ الحجاب فقالت: أَهي أَحسن أَم
أنت؟ قال: بل أَنا أَحسن منها وأكرم، وكان امرأً دَميماً قبيحاً قال: فضحك النبي صلّى الله عليه وسلّم من مسأَلة عائشة إِياه.

وعن عوف بن مالك الأشجعي قال: أَتيتُ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم في غزوة تبوك وهو
في قُبَّةٍ من أَدَم فسلمت فردّ علّي وقال: اُدخُل فقلت: أَكُلّيِ يا رسول الله؟ قال: كُلُّك
فدخلت. قيل: إِنما قال: أدخل كُلّيِ من صِغَر القبة.

وعن عبد الله بن رواحة أنه كان له جارية فاتهمته امرأَته أن يكون أصابها فقالت: إِنك
الآن جُنُبٌ منها، فأنكر ذلك فقالت:فإِن كنت صادقاً فاقرأ القرآن وقد عهدتَه لا يقرأُ القرآن وهو جُنُبٌ فقال:
شهدت بأَن دين الله حقٌ = وأَن النار مثوى الكافرينا
وأَن العرشَ فوق الماء طافٍ = وفوق العرش ربُّ العالمينا
وتحمله ثمانية شِدادٌ = ملائكة الإِله مسوَّمينا
وروي هذا الأثر على وجه آخر وهو أن عبد الله بن رواحة كان مضطجعاً إلى جنب
امرأته فلم تجده في مضجعه، فقامت فخرجت فرأَته على جاريته، فرجعت إلى البيت
فأخذت الشَّفرة ثم خرجت وفرغ فقام فلقيها تحمل الشَّفرة فقال: مَهيَم قالت: لو أَدركُتك حيث رأَيُتك لَوَجَأت بين كتفيك بهذه اُلشفرة قال: وأَين رأَيتِني؟ قالت: راَيتك عَلَى الجارية قال: ما رأيتني وقد نهانا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أَن يقرأَ أَحدُنا القرآن وهو جُنُبٌ قالت: فاقرأ فقال:
أَتانا رسول الله يتلو كتابَه = كما لاح مشهورٌ من الفجر ساطُع
أَتى بالهدى بعد العمى فقلوبُنا = به موُقِنَاتٌ أَن ما قال واقع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه = إِذا استَثَقلَت بالمشركين المضاجع
فقالت: آمنت بالله وكذّبت بصري، ثم غدا عَلَى إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
فأَخبره فضحك حتى بدت نواجذُه.
وعلى وجه آخر وهو أن عبد الله بن رواحة كانت له امرأة وكان يتقيها، وكانت له جاريةٌ فوقع عليها فقالت وفَرِقت أَن يكون قد فعل فقال: سبحان الله فقالت: اقرأ علَّي فإنك جُنبٌ، فقال:
شهدت بإِذن الله أَن محمداً = رسولُ الذي فوق السموات من عَلُ
وأَن أَبا يحيى ويحيى كلاهما = له عملٌ من ربه متقبَّل
وعن عبد الله بن نافع بن ثابت قال: جلس ابن أبي عتيق مع أبي بكر بن محمد بن عمرو
بن حزم مجلس القضاء فخاصمت امرأة إِلى أَبي بكر متنقبة لها عين حسنةٌ حَوراء، فأقبل
أبو بكر على ابن أبي عتيق فقال: ما تقول في أَمر هذه؟ فقال: لها عينٌ مظلومة، إلى أَن
طالت بهما الخصومة وأَدلَقَتها، فكشف وجهها فإِذا أَنفها ضخمٌ قبيح فقال له أبو بكر ما
تقول في أَمرها؟ فقال: لها أَنف ظالمة، وأبو بكر ابن محمد إِذا ذاك يلي عمل المدينة
وقضاءها.
وحدث محمد بن الضحاك بن عثمان الحزامي وغيره أَن ابن أبي عتيق وفد على الملك بن
مروان فلقي حاجبه فسأله أَن يستأذن له عليه، فسأله الحاجب ما نزعه؟ فذكر ديناً قد
مسّه، فاستأذن له، فأمر عبد الملك بإدخاله، فأدخله وعند رأس عبد الملك ورجليه
جاريتان وضيئتان، فسلّم وجلس فقال له عبد الملك: ما حاجتك؟ قال: مالي حاجة إِليك
قال: أَلم يذكر لي الحاجب أَنك شكوت إِليه ديناً عليك وسألتَه ذِكرَ ذلك لي؟ قال: ما فعلتُ وما علَّي دَين وإِني لأيسُر منك قال: انصرف راشداً فقام ودعا عبدُ الملك الحاجبَ فقال له: أَلم تذكر لي ما شكا إِليك ابن أبي عَتيق من الدَّين؟ قال: بلى قال: فإِنه أَنكر ذلك، فخرج إِليه الحاجب فقال: أَلم تَشكُ إِلَّي دَينك وذكرتَ أَنك خرجت إِلى أَمير المؤمنين فيه وسألتني ذكره؟ قال له: بلى قال: فما حملك عَلَى إِنكار ذلك عند أمير المؤمنين؟ قال ابن أبي عَتيق: دخلت عليه وقد جلس الشمس عند رأسه، والقمر عند رجليه ثم قال لي: كن سَأَلاً، والله ما كان الله ليرى هذا أَبداً، فدخل الحاجب عَلَى عبد الملك فأَخبره خبره فضحك ووهب الجاريتين له وقضى دَينَهَ ووصَلَه وكان سببَ الأنس بينه وبين عبد الملك.
وعن عمرو بن دينار عن ابن أبي عتيق أنه مرَّ به رجل ومعه كلب فقال للرجل: ما
اسمك؟ قال: وَثّاب قال: فما اسم كلبك؟ قال: عمرو فقال: واخِلافاه.
وعن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حيان قال: قلت لامرأتي: أَنا وأَنتِ عَلَى
قضاء عمر بن الخطاب قالت: وما قضاء عمر؟ قلت: قضاؤه إِذا أَصاب الرَّجلُ اُمرأَتَه
عند كل طُهر فقد أَدّى حقّها قالت: أَنا أول من ردّ قضاء عمر. وفي رواية عنه عاتبت
جدّتي جدّي في قلة الباه فقال لها: بيني وبينك قضاء عمر بن الخطاب قالت: وما قضاء
عمر؟ قال قضى أن الرَّجل إِذا أتى امرأَتَه في كل طُهر مرةً فقد أَدّى لها حقّها قالت له:
أفكل الناس ترك قضاء عمر بن الخطاب ولم يأخذ به غيري وغيرك؟.
وحكى رجل قال: دخلنا عَلَى ابن سيرين وهو يصلي، فظنّ أَنّا عجبنا لصلاته، فلما
انصرف من الصلاة أخذ في حديث الصبيان، فظننا أنه أراد أن يُوَرّي عن الصلاة.
وعن عطاء بن السائب: كان سعيد بن جبير يقصّ علينا حتى يبكيَنا، وربما لم يَقُم حتى
يضحكنا.
__________________
خَليليَّ وَلّى العمرُ مِنّا وَلَم نَتُب = وَنَنوي فعالَ الصالِحات وَلَكِنّا
أبو يوسف غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس