عرض مشاركة واحدة
قديم 09-23-2009
  #6
شاذلي
محب نشيط
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 342
معدل تقييم المستوى: 16
شاذلي is on a distinguished road
افتراضي رد: تفضل اقرأ رسالة (وحدة الأمة لاتناقض التوحيد )

المبحث الخامس:الغلط في عدم التفريق بين مسألة اعتقاد السببية و اعتقادالإيجاد .

أولاً: قال الشيخ المرشد عبدالقادر عيسى رحمه الله تعالى :لابد للمؤمن في جميع أحواله أن تكون له نظرتان:
ـ نظرية توحيدية لله تعالى، بأنه وحده مسبب الأسباب، والفاعل المطلق في هذا الكون، المنفردُ بالإِيجادوالإِمداد، ولا يجوز للعبد أن يشرك معه أحداً من خلقه، مهما علا قدره أو سمت رتبتهمن نبي أو ولي.
ـ ونظرة للأسباب التي أثبتها الله تعالى بحكمته، حيث جعل لكل شيءسبباً.
فالمؤمن يتخذ الأسباب ولكنه لا يعتمد عليها ولا يعتقد بتأثيرهاالاستقلالي، فإِذا نظر العبد إِلى السبب واعتقد بتأثيره المستقل عن الله تعالى فقدأشرك، لأنه جعل الإِله الواحد آلهة متعددين. وإِذا نظر للمسبِّب وأهمل اتخاذالأسباب، فقد خالف سنة الله الذي جعل لكل شيء سبباً. والكمال هو النظر بالعينينمعاً، فنشهد المسبِّبَ ولا نهمل السبب. انتهى كلامه رحمه الله تعالى .[1]
ثانياً:من المعروف أن توحيد الألوهية :هو إفراد الله بالعبادة وحده لا شريك له.
وهذا لا ينازع فيه أحد من المسلمين فلا يوجد على وجه الأرض رجل مسلم يزعم جواز صرف شيء من العبادة لغير الله تعالى .
إذن فماهو مناط الشرك عند من قال بكفر المستغيثين بالأنبياء والأولياء؟
بقراءة كتبهم ، والرسائل ،ثم التاريخ ،ثم الحوارت يتبين أنهم جعلوا مناط الشرك
بالله تعالى في مسألة الاستغاثة هو عدم القدرة على النفع ،فمن استغاث بمن لايقدر فقد أشرك بالله تعالى.
وسبب هذا الغلط هو توهمهم أن الحجج التي ساقها الله تعالى في مناقشة الكفار بعدم قدرة آلهتهم على التصرف تدل على أن عدم قدرتها هو مناط الشرك بالله تعالى .مع أن المقصود إنما هو إقامة الحجة على أنها لا تملك النفع والضركما يتوهمون ،بل المالك لذلك هو الله وحده لا شريك له ،وأنها لا تستحق أن تعبد مع الله تعالى كما يفعلون .وليس المقصود أن عدم قدرتها هو سبب الإشراك ،وإلا لكان مقتضى ذلك أنها لو كانت تقدر لكان جعلهم شركاء لله تعالى جائزاً.وهذا باطل بلا ريب للأسباب التالية:
السبب الأول :أن هؤلاء الناس يجّوزون الاستغاثة بمن يقدر ولا تكون من الشرك ،مع أن التعلق بالقادر وإمكان اعتقاد الشرك به أقوى ،وذلك لأن الله قادر جل جلاله ،والمستغاث به من الخلق قادر فهناك تصور اشتراك بينهما ، بخلاف من لايقدر فلا يمكن أن يعتقد أنه شريك لله تعالى ،لأنه لايقدر والله يقدر، فأي شراكة بين من يقدر ومن لايقدر ؟!
فلو كانت شبهتهم هي في إمكان وقوع الشرك في الاستغاثة بالمخلوق الذي يقدر لكان أقوى شبهة من توهم الشرك بمن لايقدر !.
السبب الثاني:بالنظر في النصوص الشرعية تجد أن هناك استغاثات بمن لم يقدر ولم توجب الشرك بل غاية ما في الأمر أنهم ظنوا فيه القدرة على الإغاثة وأخطأوا في هذا الاجتهاد مع اعتقادهم أنه مجرد سبب فقط،كما حصل في الاستغاثة بسيدنا آدام عليه السلام في أرض المحشر وغيره من الأنبياء ليشفعوا ،ولم يستطع أن يشفع لهم عليه السلام بل إنه سيعتذر ويرسلهم إلى غيره من الأنبياء عليهم السلام حتى يشفع من يقدر وهو سيدنا خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم .
وهكذا يقال في المستغيثين بالأنبياء والأولياء في الحياة البرزخية في قبورهم فإن المستغيث إن أخطأ في ظنه أنهم سبب في الإغاثة ،كما أخطأ الناس في ظنهم أن سيدنا آدام قادر على الإغاثة ؛فلا يعني الوقوع في الشرك قطعاً وهذا واضح جداً.
السبب الثالث:أن الشرع الشريف جعل مناط الشرك هو اعتقاد الندية لله تعالى كما قال جل وعلا ((ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب
الله ))ومعلوم أن الكاف في قوله (كحب)هي كاف التسوية والتشريك ومعلوم أن الند هو النظير المساوي كما بينه أئمة اللغة .ولم يجعل مناط الشرك هو عدم القدرة . فقد يعتقدون شريكاً له في شيء من أفعاله ،وقد يعتقدون شريكاً لله في صفاته ،وقد يعتقدون شريكاً له في استحقاق العبادة . أماعدم القدرة فليست من أفعاله ولا من صفاته فأين تصورالشراكة في ذلك؟!
السبب الرابع :أن الشرع الشريف لم يجعل عدم القدرة مناط للشرك ،بل على العكس تماماً فإن الشارع الحكيم قد احتج بعدم القدرة على وهاء شبهة الإشراك فقال تعالى ((أيشركون مالايخلق شيئاً وهم يخلقون *ولا يستطيعون لهم نصراً ولا أنفسهم ينصرون )) فحجهم المولى جل وعلا بأن الذي لايقدر لا يصلح حتى مجرد الاشتباه بكونه نداً لله تعالى .ومفهوم عكس ذلك أن من يقدر قد يتعلق به الجهلة والضلال فيجعلونه نداً لله تعالى .
فظن أصحاب هذا القول أن عدم القدرة هو سبب الشرك غير صحيح .


مطلب في تحقيق مناط الشرك في الدين الإسلامي:
إذا تبين ضعف شبهة هؤلاء الأخوة من أهل القبلة ،في أن مناط الشرك هو عدم قدرة الأموات على النفع فوجب إيضاح مناط الشرك كما جاء في الشرع .
ومناط الشرك هو :اعتقاد أن لله ـ سبحانه وتعالى ـ نداً في أفعاله أو صفاته أو في استحقاق العبادة .ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى ((ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله ))ومعلوم أن الكاف في قوله (كحب)هي كاف التسوية والتشريك ومعلوم أن الند هو النظير المساوي كما بينه أئمة اللغة .ولم يجعل مناط الشرك هو عدم القدرة .
وقال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سئل أي الذنب أعظم فقال((أن تجعل لله نداً وهو خلقك ))
وقال الكفار لأوثانهم يوم القيامة ((تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين)) فاعتقادهم المساوة بين الله جل جلاله ومعبوداتهم هومناط الشرك سواء كان ذلك في أفعاله ،أو صفاته أو في اعتقادأن غيره يستحق العبادة سبحانه، وهذا لم يقع من المسلمين كما سأبينه إن شاء الله تعالى .
مطلب في تحقيق أن المسلمين لم يقعوا في الشرك بالأنبياءوالأولياء:
وهذا معلوم من قواعد الإسلام بلا ريب وذلك للموانع التالية:
المانع الأول:الأصل أنهم على دين الإسلام ومحققون لشهادة أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك معلوم بصريح ألفاظهم :في الأذان ،وفي الأوراد ،وفي أذكار دبر الصلاة ،وفي التلبية في الحج وفي الصلاة حين يرددون في كل ركعة (إياك نعبد وإياك نستعين ) وفي غير ذلك من الشرائع التي يؤمنون بها ويعملون بها مع علمهم بأن معناها أنه لا معبود بحق إلا الله ولا ينكر ذلك إلا مكابر.
الثاني:أن من يستغيث بالأنبياء والأولياء بعد موتهم لايعتقد إلا أنهم أسباب فقط وليسوا بأنداد لله تعالى ولا شركاء له لا في أفعاله ولا في صفاته ولا في العبادة.
فكيف نلزمه بما لايعتقد ونتهمه بأنه واقع في الشرك المخرج من الملة وهو يعلم في قرارة نفسه أنه لايعتقد بشريك لله تعالى وإنما يعتقد أن الله سن في الكون سنة الأسباب وجبل الناس على الأخذ بها،وأن ما يفعله هو السعي في الأسباب لا أكثر من ذلك وعلى ضوء ذلك يتصرف .
الثالث:أنهم يعتقدون أنها أسباب عادية يغلب عادة نفعها بإذن الله تعالى ولا يعتقدون أنها أسباب مستقلة عن الله تعالى بشيء لا في شيء صغير ولا كبير، بل الخالق للنفع هو الله جل جلاله ،وإنما الاستغاثة بالأنبياء والأولياء هو من باب الأخذ بالأسباب وهم من أقوى الأسباب .فإذا شاء الله تعالى أعطى للمستغيث النفع وإن شاء لم يعطه.والغالب أن ينفع بذلك تفضل منه سبحانه جل شأنه.
المانع الرابع:أنه لا وجه لأن يقال أنهم يعبدون الأنبياء أو الأولياء بحجة أنهم يستغيثون بهم!وذلك للأسباب التالية :
السبب الأول:أن الاستغاثة لن تكون شركاً إلا في صورتين :
الصورة الأولى :صورة مردها إلى توحيد الربوبية:وهو توحيد الله بأفعاله والتي منها الخلق والرزق والتدبير .والشرك هنا إما باعتقاد الاستقلال عن الله مطلقاً أو بالشراكة لله جل جلاله.
فإذا كان المستغيث يعتقد أن المستغاث به شريك لله في التدبير أو في شيء من أفعاله جل جلاله فقد أشرك سواء كانت الاستغاثة به في الحياة الدنيا أو في الحياة البرزخية في قبره.وكذلك لو كان يعتقد أنه مستقل عن الله تعالى في تدبير أي شيء من أمور الكون وأن الله لادخل له في ذلك كاعتقاد الدهرية في الدهر ،والماديين في المادة ،والفلاسفة في الأسباب ونحو ذلك .
كذلك إذا اعتقد أن السبب ينفع نفعاً مستقلاً عن الله تعالى لكن بقوة أودعها الله فيه وليس بخلق الله لذلك فهي أيضاً عقيدة ضالة وقع فيها المعتزلة .
وكل هذه الصور الثلاث لا يعتقدها أهل السنة ممن يستغيث بالأنبياء والأولياء ممن قد ينفع الله بهم إذا أراد جل جلاله. فلا وجه للقول بأنهم وقعوا في الشرك .رغم أن الكثير ممن يفعل الاستغاثة يفعلها بقصد التوسل مع اعتقاده أن النفع والضر بيد الله وحده لا شريك له وإنما يفعل هذه الاستغاثة كما يفعل سائر الأسباب .
الصورة الثانية:مردها إلى توحيد العبادة:وهو إفراد الله بأعمال العباد.وهو تحقيق معنى لا إله إلا الله أي لا معبود بحق إلا الله جل جلاله.
ومعلوم أن الاستغاثة عمل من الأعمال الظاهرة التي يعملها الإنسان بلسانه والأعمال في الشريعة مردها إلى النية وذلك لحديث ((إنما الأعمال بالنيات )) فإذا كانت صورة الاستغاثة بالحي الحاضر في ألفاظها هي نفسها حين يُستغاث بها الأنبياء والأولياء في حياتهم البرزخية ،فلماذا يقال أن هذا يستغيث بهم عبادة لهم وأن الآخر يستغيث بهم بدون قصد العبادة ؟!وهل هذا إلا محض تحكم .!فإن قيل لأن الأصل في المسلم السلامة وهو من أهل لا إله إلاالله .وهو إنما يستغيث بالحي من باب السببية فقط لاعبادة للمستغاث به .
فيقال وأهل السنة كذلك يصرحون بذلك أيضاً ويقولون أن الأنبياء والأولياء مجرد أسباب لا نقصد أن نعبدهم بهذه الاستغاثة .والأصل فيهم السلامة والإسلام .فلماذا الكيل بمكيالين ؟!
فإن قيل أن الاستغاثة بالحي لأنه يستطيع أن ينفع وفق العادة ؟فأقول :إذن لم يعد النقاش في دائرة الشرك المخرج من الملة بل أصبحنا نتكلم عن دائرة نفع الأسباب أو عدم نفعها ،وجدوى الأسباب أو عدم جدواها ،وهذا لاعلاقة له بالشرك .فيبقى إثبات نفع الاستغاثة بالأموات كأسباب فقط هو مجال النقاش بين المسلمين ولم يعد هناك مجال لتصور موحد يناقش من وقع في الإشراك،! بل أصبح ذلك من الظلم الواضح المستبين .
وسأنقل عنهم كلامهم في ذلك إن شاء الله تعالى الذي يؤكد ما أقول.
ويدل على أنهم لا يريدون عبادتهم، تصريحهم بأنه لا معبود بحق إلا الله تعالى وترديدهم للشهادتين بلفظ قاطع الدلالة على اعتقادهم في كثير من العبادات؛ بل وصلاتهم ،وصيامهم ،وحجهم ،وعمرتهم ،وزكاتهم ،وكثرة صلاتهم على النبي صلى الله عليهم وسلم ،وكثرة ترديدهم لذكر (لا إله إلا الله )بل هو من الأوراد الأساسية عند أصحاب الطرق الصوفية .فكيف يقال :أنهم يعبدون غير الله تعالى وكيف يقال أنهم واقعون في الشرك المخرج من الملة ؟!!
تنبيه:يدّعي أناس أن الزائرين لقبور الأنبياء أو الأولياء يطلبون منهم الرزق أو الشفاء أو نحو ذلك وهذا شرك لأنه لايقدر على ذلك إلا الله تعالى .!
فأقول :هم يعتقدون أنهم أحياء في قبورهم حياة برزخية فيريدون من الأنبياء أو الأولياء أن يشفعوا لهم عند الله تعالى بمعنى أن يدعوا الله أن يرزقهم ،وهكذا تجده عند الطلب من الأحياء في الحياة الأولى حيث أنهم يشكون عليهم الفقر أو المرض يرجون منهم التسبب في الشفاء أو الغنى وإن كان الشافي والمعطي حقيقة هو الله جل جلاله ،وكم سمعت من الأحياء من يشكو ما به من الأمراض لغير الأطباء وهو يرجو شفاعتهم بالدعاء له أو الرقية أو نحو ذلك من الأسباب ،مع علمه أن الشافي حقيقة هو الله فليس الطبيب ولا الراقي ولا الشافع ؛هو الشافي وإنما جبل الناس على تعاطي الأسباب .
ولذا فإن هذا لا يُعّد من الشرك لأن مثل هذه الألفاظ مشتركة في الإطلاق فقد تطلب من الله وقد تطلب من المخلوق كما سبق بيانه بل أزيد ذلك بأمثلة واضحة.
مثال :قال الله تعالى { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً وارزقوهم فيها واكسوهم ...}والرزق هنا هو على وجه السببية لا على وجه الاستقلال فلو سألت الأبناء من يجلب هذه الأرزاق إلى بيتكم ؟لقالوا والدنا أو ذكروا غيره من المخلوقين ومعلوم أن ذلك من باب السببية لا من باب الإيجاد . لأن الرازق حقيقة هو الله . فإِذا لاحظنا المسبب في معرض التوحيد، أدركنا قوله تعالى: {إنَّ اللهَ هوَ الرَّزَّاقُ ذو القوَّةِ المتِينُ} [الذاريات: 58]. وإِذا لاحظنا السبب وقلنا: إِن فلاناً يُرزَقُ أولاده من كسبهِ، لا نكون بذلك قد أشركنا .ولو قلنا أن الملك يرزق رعيته أو يعولهم لا نكون بذلك قد أشركنا .
لكن لو كان الملك لم يرزق الرعية أصلاً أي لم يكن سبباً في ذلك ،أو كان الوالد عاجزاً ولم يسعى في أن يرزق أولاده فإن قولنا أنه هو الذي يرزقهم هذه الأرزاق التي يقتاتون عليها لا يكون شركاً ،بل أقصاه أن ذلك غير صحيح لأنه لم يكن سبباً في ذلك بل السبب هم الجيران أو جمعية خيرية أو نحو ذلك .
والمقصود بالرزق هنا هو التسبب فقط لا الإيجاد ـ وكذلك الأمر بالنسبة للإِنعام، ففي معرض التوحيد قوله تعالى: {وما بِكُم مِنْ نِعمَةٍ فَمِنَ اللهِ} [النحل: 53]. لأنه المنعم الحقيقي وحده . وفي معرض الجمع بين ملاحظة المسبِّب والسبب قوله تعالى: {وإذْ تَقولُ للذي أَنْعَمَ اللهُ عليهِ وأنْعَمْتَ عليه...} [الأحزاب: 37]. فليس الرسول صلى الله عليه وسلم شريكاً لله في عطائه، وإِنما سيقت النعم لزيد بن حارثة رضي الله عنه بسببه صلى الله عليه وسلم .
ـ وكذلك بالنسبة للاستعانة، إِذا نظرنا للمسبب قلنا: "إِذا استعنْتَ فاستعن بالله". وإِذا نظرنا للسبب قلنا: {وتعاونوا على البرِّ والتقوى} وهو عام فيشمل التعاون بالأرواح والأبدان والأموال وغير ذلك من صور التعاون على البر والتقوى .{لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها}.لكن إذا كان النبي أو الولي لا يستطيع التسبب في رزق هذا العبد فلا يعني أن هذا المستغيث به يعبده كما أنه أيضاً إذا كان يستطيع أن يتسبب في إيصال الرزق له لا يعني أنه يعبده.لأنه أصلاً ما قصد عبادته قط ،سواء كان مستطيعاً لنفعه أو غير مستطيع . إلا إذا كانت الاستغاثة بالطبيب حين يقول المريض: أغثني ادركني عالجني انقذني ارحمني سبب للشرك المخرج من الملة .فإذا كانوا لايقولون بذلك بل يجوّزونه .
فأقول :إن الشرك ليس مناطه عدم القدرة كما وضحت ذلك في المبحث الأول بل مناطه ما ذكرته في المبحث الثالث فإذا تحقق أنهم يتلفظون بذلك في الاستغاثة فلا يعني أنهم وقعوا في الشرك إلا إذا قصدوا بذلك عبادة الميت أو اعتقدوا أنه شريك لله تعالى في شيء من أفعاله كالرزق والشفاء وغيرها من الأفعال .واما إذا اعتقدوا كونه سبباً فقط والشافي حقيقة والرازق حقيقة هو الله فلا يخلو الأمر من احتمالين:
إما أن ينفع الله بهذه الاستغاثة وهذا احتمال ،وإما أن لا يتحقق النفع المطلوب .
وسواء تحقق ذلك أم لم يتحقق فإنه لايدل على الوقوع في الشرك وسواء كان هناك فائدة ترجى في هذا السبب أولا فائدة في ذلك فإنه ليس مناطاً للوقوع في الشرك شرعاً ،لأن مناط الشرك ليس هو القدرة ولا عدم القدرة وقد سبق تفصيل ذلك .
فإن حصل من بعض العوام أو حتى العلماء مثل تلك الألفاظ المستبعدة فلا وجه لتكفيرهم بذلك لأنهم لايعتقدون فيهم إلا مجرد السببية فقط .ومن المعلوم أن السبب مهما اعتقد الإنسان عظمته في النفع بإذن الله فإنه لا يصل إلى الشرك الأكبر إلا في حالة اعتقاد أنه شريك لله تعالى أو مستقل بذلك التصرف عن الله تعالى .أو نوى الإنسان عبادته بالاستغاثة .وكل هذه الاحتمالات مستبعدة جداً على المسلمين لما وقر في قلوبهم من أنه لامعبود بحق إلا الله وحده لا شريك له .وكذلك لما وقر في قلوبهم في مسألة السببية التي سبق ذكرها.


[1]من كتابه حقائق عن التصوف .وقد كان الشيخ عبدالقادر عيسى هو مرشد الطريقة الشاذلية في بلاد الشام وتوفي سنة 1412للهجرة.
__________________
عروش الدنيا وممالكها، وبطشها وسلطنتها.. كل ذلك أقلّ من أن يقاوم خفقة من خفقات قلب محبّ!..


ونعيم الدنيا وأفراحها، ولهوها ولذائذها.. كل ذلك أقلّ من أن يخلق لمعةَ فرحٍ في قلب حزين!..
شاذلي غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس