عرض مشاركة واحدة
قديم 09-06-2008
  #3
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

ترجمة حياة المؤلف :



"وهذه نبذة موجزة عن حياة المؤلف - رحمه الله تعالى - من كتابه "الراح الطهور في التحدث بنعمة الله الشكور"، وهذا الكتاب - الذي لم يطبع بعد - يحتوي على المنن والهبات التي منحها الله سبحانه وتعالى له بمحض الفضل الإلهي وبعض مشاهده الصوفية وذكرياته العظيمة0


وقد كتبه - رضوان الله عليه - في معرض التحدث بنعمة الله تعالى لا على سبيل الفخر وتزكية النفس كما كتب الإمام الشعراني المنن التي أكرمه الله بها في حياته0


قال الله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ } .


وقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: " أنا سيد ولد آدم ولا فخر" .


فإليك أيها القارئ اليسيرة من حياته المباركة التي سجلها في كتابه متبرءاً من حوله وقوته مرجعا الفضل كله لتوفيق الله ومعونته، قائلاً - رحمه الله تعالى وغفر له -:


"ولدت بمدينة الفيوم سنة 1307هـ وكان والدي من العلماء وأراد أن يكون له ولد من أهل العلم فألحقني بمكتب لحفظ القرآن الكريم، ومن نعم الله عليَّ أني كنت محافظا على مواعيد المكتب، وكان المعلم يحبني، ولم يحصل خلاف بيني وبين التلاميذ لأني كنت مقبلا على القرآن بشغف شديد، ولم أتذكر أن المعلم ضربني أو أساءني، وأذكر وأنا في سن العشر سنين، كنت إذا مررت بمنزل فقير أخذتني العواطف على أهله وقرأت لهم الفاتحة أن الله تعالى يسهل لهم ويوسع أرزاقهم وإذا وجدت ميتا مشيت في جنازته ولو لم أعرفه وإذا سمعت عن مريض زرته وإذا وجدت من يحتاج لقضاء مصلحة ساعدته فيها وذلك من فضل الله علي 000 وكنت إذا سمعت من يتلفظ بقول قبيح تعجبت له كيف ينطق به، وأفرح بإعطاء الصدقة وأبتهج بدعاء الفقير، وقد حببني الله في العلم والعلماء فكنت أجلس في الدرس وأنا مسرور جدا 00


وبعد أن أتممت حفظ القرآن الكريم درست أحكام التجويد ثم حصل عندي شوق شديد إلى طلب العلم بالأزهر الشريف فألحقني والدي به وأقبلت على الدراسة بحب شديد وكنت أتلذذ بفهم المسائل العلمية حتى قل عندي النوم والطعام فكنت أحضر درس الحديث بعد صلاة الفجر فأتلذذ به ويدوم انشراح صدري طول اليوم وأتلقى الفقه على المذهب الشافعي بعد الظهر وهكذا أظل طوال اليوم لا أمل من التزود من هذا الفيض الإلهي وقد أكرمني الله تعالى بأساتذة من أهل المعرفة والفتح الرباني00


وكنت مولعاً بالكتب النافعة الثمينة وأجتهد في البحث عنها وشرائها فلا تراني إلا ومعي بعض كتب العلم لأنه صار غذاء لروحي ولا أستريح إلا بمصاحبته ولذلك كنت أحب أن أقضي الإجازة بالأزهر رغبة في العلم والإقبال عليه طول عمري 000، وقد أكرمني الله تعالى بإخوان صدق ووفاء لأني كنت لا أسيء إلى أحد ولا أتكلم في عورة مخلوق، وأحاول أن أدخل السرور على كل مسلم فأحبني أساتذتي وإخواني وقد كنت مغرماً بمحبة آل البيت رضوان الله عليهم حباً في جدهم صلى الله عليه وسلم فما يمضي يوم إلا وتشرفت بزيارة سيدنا الحسين والسيدة زينب ليدوم الوصل بالحبيب المحبوب صلى الله عليه وسلم وكنت في الصيف أنام في الأزهر ليسهل على القيام لصلاة الفجر وفي ليلة بينما أنا نائم رأيت رجلا عليه ملابس جميلة وهو بهي الطلعة وجهه كالبدر فضمني وقبلني وأعطاني شيئا أبيض يشبه الكرة مكتوب على وجه منه لا إله إلا الله محمد رسول الله وعلى الوجه الثاني بشارة تخصني فأخذت الهدية وعلمت أن الذي رأيته هو سيدنا الحسين رضي الله عنه فاستبشرت لذلك لأنها رؤية صالحة 000 وقد فتح الله على وألهمني أن أكتب رسالة في التوحيد وأنا في سن العشرين أي بعد دخولي الأزهر بثلاثة أعوام00


ثم أكرمني الله تعالى بالعمل في المساجد لخدمة الدعوة الإسلامية ولكني كنت مشوقا بالبحث عن الوارث الكامل في هذا الزمان إلى أن وقع في يدي كتاب "معارج المقربين" للإمام السيد محمد ماضي ابي العزائم رضي الله عنه فانجذبت روحي لصاحب هذا الكلام فأخذت في البحث عنه وفي نفس الليلة رأيته في عالم الرؤيا وتحدث معي بكلام زاد به غرامي ولما التقيت به وجدت صورة محمدية تدل على أنه الوارث المجدد والإمام الأوحد في هذا الزمان فتتلمذت على يديه إلى أن كشف الله لي أسراراً خفية وعلوم قدسية 00


ولقد رايت في عالم الرؤيا رجلا عظيما يحمل الإمام أبا العزائم على صدره بمنزلة حمل الوالد لولده والسيد الإمام يخرج من فمه ما يشبه اللبن فتلقيته منه بيدي وشربته وكان كثيرا ثم التفت إلى هذا الرجل العظيم المهيب وقال: إنك من الآن صارت عندك علوم الرسالة فعلمت في الحال انه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن اللبن إشارة لأسرار علوم الرسالة المحمدية وأن الله أكرمني بشيء منها على يد أستاذي أبي العزائم رضي الله عنه 0


ومما منّ الله به علي أني لا أسيء إلى أحد وإن أساءني سامحته لوجه الله ولا أحقد ولا أتمنى ضرراً لإنسان ولا أبيت على كراهة لمخلوق واكره الغيبة وأشعر عندها بألم شديد يزعجني وإن صدر مني تقصير في حق أحد ضاق صدري وأجتهد في رضاه وأحسن الظن وأعتقد الخير في جميع المسلمين وأن المعاصي أمراض مهلكة فأحاول أن أبتعد عنها بالكلية 00


ومما من الله به علي أن الله كاشفني ببعض من حكم أحكام الدين كحكمة الوضوء والصلاة وغيرها من العبادات وأكرمني بكشف بعض أسرار الأحكام القدرية من الأمراض والبلايا وأكرمني بفهم أسرار بعض الآيات القرآنية وأكرمني برؤية الجنة والحمد لله 00


وأعترف بتقصيري وخطئي فإن أصبت فبفضل الله وإن أسأت فبفطرتي وطبعي وما توفيقي إلا بالله ".


فهذه المقتطفات التي اخترتها من كلامه تلقي أضواء كاشفة على حياته التي تدل على انه كان ملحوظاً بعناية الله تعالى مؤهلاً بفطرته لهذا الفيض الإلهي 0


فقد نشأ في بيئة دينيه كلها ورع وتقوى لأن والده من العلماء العاملين وكان خطيبا بمسجد "الروبى بمدينة الفيوم" الذي كان فيه المؤلف0


فما أن شب وترعرع إلا أن وجد الأسوة الحسنة والقدوة الطيبة فهو من سلالة الأولياء والصالحين ،فقد كان أجداده من السادة الصوفية ولهم مؤلفات عديدة ومخطوطات كثيرة في كافة علوم التصوف والفقه والتفسير لا تزال في مكتبته العظيمة التي ورثها من والده وتركها لبنيه من بعده0


ويكفي أنه كان داعياً إلى الله تعالى بعمله وسلوكه قبل علمه وبيانه فكل من خالطه أو عرفه أو تتلمذ على يديه رأى منه العجب العجاب من الأخلاق المحمدية والصورة الإسلامية التي تجذب القلوب وتحرك لطائف الأرواح 0


ومن المنح الربانية التي وهبها الله سبحانه وتعالى له أنه كان في كتابته يجمع بين سهولة الأسلوب المبسط والمعاني الدقيقة العميقة وذلك ما يسمونه في علم البلاغة "بالسهل الممتنع" فكل قارئ يستطيع أن يتذوق من كلامه ما يستطيع، فقد كان شاعراً ملهماً وأديباً رائعاً ينظم الشعر ارتجالاً في أي مناسبة روحية وقد ألف نهج البردة، ومنها:






أمن شهود جمال الله ذي الكــرم = هجرت نومك في حل وفي حــرم
أم من ظهور معاني اللطف في صور = حسنى تجلى بها المحبوب في النعــم
أم هـذه جذبـات الحب من أزل = بغير كسب لأواه ومصطلــــم







ومن الهمزية:





كيف تخفى وحسنك الوضاء = وجميع الوجود منك مضـاء
يا جميــلا له حنان ولطف =بالبرايا وجاره لا يســـاء
يا رحيما ألطافــه غمرتنا =وتوالت لم يحصها إمــلاء







وقد ترك - رحمه الله - أثراً عظيما في قلوب أحبابه وتلامذته وترك علماً ينتفع به من تفسيراً للقرآن الكريم وفقه وتصوف وترك ابناً صالحاً يدعو له هو فضيلة الشيخ نصر الدين أحمد العقاد من علماء الأزهر وفقه الله ونفع به0


وجزى الله المؤلف خيراً عن الإسلام والمسلمين . ولا يفوتني أن أقدم أسمى آيات الشكر وأجل معاني التقدير لصاحب القلم المبارك، والفهم النوراني، والفيض الإلهي المحفوظ بالعناية، والملحوظ بعين الرعاية السيد بسام محمد بارود جليس الصالحين، ومن تلقى عنهم دقائق المعاني وأسرار الحقائق، الذي أحسبه والله حسيبه - ولا أزكي على الله أحداً -من شباب أهل الجنة، وطلاب المعرفة السابقين للخيرات بتوفيق الله تعالى ، والذي أثرى المكتبة الإسلامية بأسمى المعارف والأسرار الروحية، والتحقيقات السنية المرضية، وخاصة كتب السادة الصوفية ، فجزاه الله أحسن الجزاء.


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . " اهـ



(يتبع إن شاء الله تعالى مع الباب الأول... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 10-18-2011 الساعة 10:42 AM
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس