عرض مشاركة واحدة
قديم 01-21-2011
  #153
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الأنـــــوار الـقــد ســــــيــة في شرح اسماء الله الحسنى واسرارها الخفية

التَّوَّابُ جَلَّ جلالُهُ


"هو الذي يقبل عن عباده التوب، ويعفو عن السيئات. من عصى ورجع إليه قبله، فإن وقع في ذنبٍ وعاد إليه رحَّب به، فإن زلَّ بعد ذلك واعتذر عفا عنه وغفر، ولا يزال العبد توَّاباً، ولا يزال الرب غفَّارا (1) .

ولقد علم الحقُّ من فطرة العبد النقص والميل إلى الذنب، فقال: { إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ }(2) .

وكثرة التوبة توجب للعبد محبة الله وهي أكبر مقام، لأن التوبة اعتراف بالنقص، ووقوف بالذل على أعتاب الحضرة العلية (3) .

ولذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كان يكثر من التوبة ليعلِّمنا طريق السعادة (4) .

والعبد التائب يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه (5) ، وتبدَّل سيئاته حسنات (6) ." اهـ




الدُّعــــاءُ


" إلهي .... أنت التواب الرحيم، تحب من رجع إلى الصراط المستقيم، افتح أعين بصائرنا، ونوِّر بفضلك ضمائرنا لنقبل عليك بالأشواق، ونتجمل من صفاتك بالأخلاق، ونخرج من القيود إلى الإطلاق، لأنك تقبل كل اعتذار إليك، وتعفو عن كل من أقبل عليك، إنك على كل شيء قدير. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم".



===========================

(1) قال سيدي عبد الكريم القشيري في التحبير: معنى توبة الله على العبد أن يعود عليه بألطافه، وييسره لتوبته. وقيل: توبة الله على العبد، خلق التوبة له. وقيل: قبولها.

قال الإمام القشيري في الرسالة: التوبة بداية، والأوبة نهاية، والإنابة واسطتهما، فمن تاب لخوف العقوبة فهو صاحب توبة، ومن تاب طمعاً في الثواب فهو صاحب إنابة، ومن تاب مراعاة للأمر لا خوفاً ولا طمعاً فهو صاحب أوبة.

ويقول حجة الإسلام الغزالي: إن التَّواب هو الذي يرجع إلى تيسير أسباب التوبة لعباده، مرة بعد أخرى، بما يظهر لهم من آياته، ويسوق إليهم من تنبيهاته، ويطلعهم عليه من تخويفاته وتحذيراته، حتى إذا اطلعوا بتعريفه على غوائل الذنوب، استشعروا الخوف بتخويفه، فرجعوا إلى التوبة فرجع إليهم فضل الله بالقبول. فإذاً ابتداء التوبة من الله، وإتمامها عليه.

(2) : سورة البقرة – الآية 222.

(3) : قال تعالى : { إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ }. سورة البقرة – الآية 222.

وفي الحديث الشريف عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه ابن النجار عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وإذا أحب الله عبدا لم يضره ذنب ثم تلا: { إنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} قيل: يا رسول الله وما علامته؟ قال: الندامة). قال في فيض القدير: قوله: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) لأن التائب حبيب اللّه { إن اللّه يحب التوابين } وهو سبحانه لا يعذب حبيبه بل يغفر له ويستره ويسامحه. وقوله: (وإذا أحب اللّه عبداً لم يضره ذنب) لأن المحب يستر الحبيب فإن بدا منه شين غفره فإذا أحب عبداً فأذنب ستره فصار كمن لا ذنب له فالذنب يدنس العبد والرجوع إلى اللّه يطهره وهو التوبة فرجعته إليه تصيره في محل القرب منه كذا ظهر لي في تقريره ثم رأيت حجة الإسلام قال: معناه إذا أحبه تاب عليه قبل الموت فلم تضره الذنوب الماضية وإن كثرت كما لا يضره الكفر الماضي بعد الإسلام.

(4) :روى الإمام مسلم في صحيحه - كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار - باب استحباب الاستغفار والاستكثار منه. بسنده عَنْ الأَغَرّ الْمُزَنِيّ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ، أَنّ رَسُولَ اللّهَ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنّهُ لَيُغَانُ عَلَىَ قَلْبِي. وَإِنّي لأَسْتَغْفِرُ اللّهَ، فِي الْيَوْمِ، مِائَةَ مَرّةٍ". وعنه رضي الله عنه أيضاً أنه كان يُحَدّثُ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا أَيّهَا النّاسُ تُوبُوا إِلَىَ اللّهِ. فَإِنّي أَتُوبُ، فِي الْيَوْمِ، إِلَيْهِ مِائَةَ مَرّةٍ". وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، تَابَ اللّهُ عَلَيْهِ".

قوله صلى الله عليه وسلم: "أنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة" ، قال القاضي: قيل المراد الفترات والغفلات عن الذكر الذي كان شأنه الدوام عليه، فإذا فتر عنه أو غفل عد ذلك ذنبا واستغفر منه، قال: وقيل هو همه بسبب أمته وما أطلع عليه من أحوالها بعده فيستغفر لهم، وقيل سببه اشتغاله بالنظر في مصالح أمته وأمورهم ومحاربة العدو ومداراته وتأليف المؤلفة ونحو ذلك، فيشتغل بذلك من عظيم مقامه فيراه ذنبا بالنسبة إلى عظيم منزلته، وإن كانت هذه الأمور من أعظم الطاعات وأفضل الأعمال فهي نزول عن عالي درجته ورفيع مقامه من حضوره مع الله تعالى ومشاهدته ومراقبته وفراغه مما سواه فيستغفر لذلك، يكون استغفاره إظهارا للعبودية وإِلافتقار وملازمة الخشوع وشكرا لما أولاه.وقيل: يحتمل أن هذا الغين حال خشية وإعظام يغشى القلب ويكون استغفاره شكرا كما سبق، وقيل هو شيء يعتري القلوب الصافية مما تتحدث به النفس والله أعلم.

قوله صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب في اليوم مائة مرة" هذا الأمر بالتوبة موافق لقوله تعالى: { وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون} وقوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا} وقد سبق في الباب قبله بيان سبب استغفاره وتوبته صلى الله عليه وسلم ونحن إلى الاستغفار والتوبة أحوج.

قال الإمام النووي رضي الله عنه في شرحه للحديث: قال أصحابنا وغيرهم من العلماء: للتوبة ثلاثة شروط: أن يقلع عن المعصية، وأن يندم على فعلها، وأن يعزم عزما جازما أن لا يعود إلى مثلها أبدا، فإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فلها شرط رابع وهو رد الظلامة إلى صاحبها أو تحصيل البراءة منه.

والتوبة أهم قواعد الإسلام وهي أول مقامات سالكي طريق الاَخرة. قوله صلى الله عليه وسلم: "من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه" قال العلماء: هذا حد لقبول التوبة، وقد جاء في الحديث الصحيح: "إن للتوبة بابا مفتوحا فلا تزال مقبولة حتى يغلق فإذا طلعت الشمس من مغربها أغلق وامتنعت التوبة على من لم يكن تاب قبل ذلك" وهو معنى قوله تعالى: { يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا}. ومعنى تاب الله عليه قبل توبته ورضي بها، وللتوبة شرط آخر وهو أن يتوب قبل الغرغرة كما جاء في الحديث الصحيح، وأما في حالة الغرغرة وهي حالة النزع فلا تقبل توبته ولا غيرها ولا تنفذ وصيته ولا غيرها.‏

(5) : ‏روى ابن ماجة والطبراني في الكبير والبيهقي في الشعب بسندهم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:" التائبُ من الذنب كَمن لا ذنبَ له". ومن شواهده ما أخرجه البيهقي وأبن عساكر عن ابن عباس بزيادة: "والمستغفر من الذنب وهو مقيم عليه كالمستهزئ بربه، ومن آذى مسلما كان عليه من الإثم مثل كذا وكذا"، وفي لفظ: " كان عليه من الذنوب مثل منابت النخل"، وسنده ضعيف، بل الحديث موقوف على الراجح. ولأبي نعيم والطبراني في الكبير بسند ضعيف عن أبي سعيد الأنصاري مرفوعا الندم توبة، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وروى الديلمي وابن النجار والقشيري في الرسالة عن أنس بلفظ الترجمة وزيادة : "وإذا أحب الله عبدا لم يضره ذنب". انظر : كشف الخفاء للعجلوني - الحديث رقم 944.

(6) : قال الله تعالى: { وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}. سورة الفرقان - الآيات 68-70. "اهـ



( يتبع إن شاء الله تعالى مع اسمه الشريف : المُنتَقِمُ جَلَّ جَلالُهُ ...... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس