عرض مشاركة واحدة
قديم 08-31-2008
  #1
نوح
رحمتك يارب
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,437
معدل تقييم المستوى: 18
نوح is on a distinguished road
افتراضي احذروا كثرة الحلف بالله

في رحاب آية ... احذروا كثرة الحلف بالله
يقول الحق سبحانه وتعالى في سورة (البقرة 224 227): “وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لأيمانكُمْ أَن تَبَرواْ وَتَتقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ الناسِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللغْوِ فِيَ أيمانكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ. للذِينَ يُؤْلُونَ مِن نسَائِهِمْ تَرَبصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاؤُوا فَإِن اللّهَ غَفُورٌ رحِيمٌ. وَإِنْ عَزَمُواْ الطلاَقَ فَإِن اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ”.

ينهى الحق سبحانه وتعالى عباده المؤمنين عن التمسك باليمين التي تمنعهم من فعل الخير، فيقول سبحانه وتعالى “ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا”. والمعنى الذي رجحه كثير من المفسرين للآية الأولى: لا تجعلوا الحلف بالله حاجزا ومانعا عن البر والتقوى والإصلاح بين الناس، وذلك أن بعض الناس كان إذا دعي إلى فعل الخير وهو لا يريد أن يفعله يقول: حلفت بالله ألا أفعله، فنهاهم الله عز وجل عن سلوك هذا الطريق.

وهذا المعنى هو المناسب لما يأتي بعد ذلك من قوله تعالى: “للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر” ووجه المناسبة أن الله تعالى يكره للمؤمن أن يجعل الحلف به مانعا من رجوعه إلى أهله، ولأن هناك أحاديث كثيرة تحض من حلف على ترك أمر من أمور الخير أن يكفر عن يمينه، وأن يأتي الأمر الذي فيه خير، ومنها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليكفر عن يمينه وليفعل الذي هو خير”.

وفي هذه الآية الكريمة نهي للمسلم أيضا عن أن يجعل اسم الله هدفا لأيمانه بكثرة الحلف به في كل حق وباطل، وذلك من أجل البر والتقوى والإصلاح بين الناس، فإن من شأن الذي يكثر الحلف أن تقل ثقة الناس به وبأيمانه.

ثم ختم سبحانه الآية بقوله: “والله سميع عليم” أي سميع لأقوالكم وأيمانكم عند النطق بها عليم بأحوالكم ونياتكم فحافظوا على ما أمركم به، وانتهوا عما نهاكم عنه لتنالوا رضاه ومثوبته.

اليمين اللغو

ومعنى قوله سبحانه “لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم” لا يعاقبكم الله ولا يلزمكم بكفارة ما صدر عنكم من الأيمان اللاغية فضلا منه وكرما.

واليمين اللغو هي التي لا يقصدها الحالف بل تجري على لسانه عادة من غير قصد.

ثم بين سبحانه اليمين التي هي موضوع المحاسبة والمعاقبة فقال: “ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم” أي: لا يؤاخذكم الله في اليمين التي لم تصدر عن روية وتفكير، ولكن يؤاخذكم - أي يعاقبكم في الآخرة - بما قصدته قلوبكم وتعمدتم فيه الكذب في اليمين، بأن يحلف أحدكم على شيء كذباً ليعتقد السامع صدقه، وتلك هي اليمين الغموس التي تغمس صاحبها في النار. ويدخل فيها الأيمان التي يحلفها شهود الزور والكاذبون عند التقاضي، ومن يشابههم في تعمد الكذب.

ويرى جمهور العلماء أن هذه اليمين لا كفارة فيها وإنما كفارتها التوبة الصادقة ورد الحقوق إلى أصحابها إن ترتب على اليمين الكاذبة ضياع حق أو حكم بباطل.

وقوله سبحانه: “والله غفور حليم” يؤكد معنى عدم المؤاخذة في اللغو. أي والله “غفور” حيث لم يؤاخذكم باللغو “حليم” حيث لم يعاجل المخطئين بالعقوبة.

إضرار بالزوجة

وبعد بيان هذه الأحكام في الأيمان العامة عقّب سبحانه ذلك ببيان حكم اليمين الخاصة فقال: “للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم”. وهاتان الآيتان تتعلقان بالذين يحلفون على ترك مباشرة أزواجهم مدة يراجعون فيها أنفسهم، وينتظرون فيها ما يستقر عليه أمرهم، وهذه المدة هي أربعة أشهر فإن رجعوا عما حلفوا عليه من ترك مباشرة الزوجة، ورأوا أن المصلحة في الرجوع فإن الله تعالى يغفر لهم ما فرط منهم، وإن استمروا على ترك مباشرة نسائهم، وأصروا على ذلك بعد انقضائها، فإن شرع الله تعالى يحكم بالتفريق بينهما لأن الحياة الزوجية لا تقوم على البغض والكراهية والهجران.
__________________

نوح غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس