عرض مشاركة واحدة
قديم 04-06-2011
  #19
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الشعاعات - الشعاع الرابع عشر


الشعاع الرابع عشر - ص: 586
دفاع طاهري
الى محكمة "آفيون" للجنايات الكبرى:
لقد تم تبليغي من قبل مقام الادعاء العام لمحكمة "آفيون" بان التهمة الموجهة لي ولاستاذي بديع الزمان سعيد النورسي ولاصدقائي الآخرين هي استغلال الشعور الديني لتحريض الشعب للاخلال بامن الدولة، وان هذا هو سبب تقديمي للمحكمة.
لقد اجبت عن جميع الاسئلة التي وجهت اليّ (سواء في محكمة صلح "إسبارطة" ام في دائرة التحقيق في "آفيون") اجابات صحيحة. ولقد قامت محكمة "دنيزلي" باعادة جميع كتبنا المصادرة وذلك بعد ان اصدرت قرارها بتبرئتنا، ولم تعاقبنا. لاننا - مع اخوتنا الآخرين من طلبة استاذي بديع الزمان - كنا نقرأ ونستنسخ رسائل النور ونتراسل بيننا، مع انني قمت قبل ست سنوات - ودون إذن من استاذي - بطبع خمسمائة نسخة من رسالة "الشعاع السابع" لبديع الزمان في مطبعة في استانبول بالاحرف القديمة. فقد قامت محكمة "دنيزلي" بقرارها المؤرخ في 20/7/1945 باعادة جميع هذه الكتب بصناديقها الينا، وعند ذلك تم توزيع هذه الرسائل - مقابل ثمن طبعها - على طلاب النور الذين كانوا في شوق اليها.
وهكذا، واستناداً الى الحكم الذي اكتسب صورة قطعية بقرار التمييز الذي صدر عن هذه المحكمة الموقرة، فقد قمت قبل سنتين بجلب الاوراق وجهاز الإستنساخ "رونيو" من استانبول الى "اسبارطة".
وقد قام اخي "خسرو آلتن باشاق" بكتابة مجموعتين من المجموعات الثلاثة الموجودة بين ايديكم. اما المجموعة الثالثة فقد قمت انا بكتابتها. قمنا اولاً بطبع مجموعة "ذو الفقار" و"المعجزات القرآنية" و "المعجزات الأحمدية" وبعنا بعضها واشترينا من هذا المبلغ الاوراق اللازمة لمجموعة "عصا موسى" وتم طبعها، ثم اشترينا الاوراق لمجموعة "سراج النور" وطبعناها. وقد استغرق هذا مدة سنة واحدة. وعندما قمت بنقل ثلاثين مجموعة الى "اكريدر" قبضوا علي وسلموني الى الجهات العدلية في "اكريدر" ولم تمض مدة طويلة حتى دوهم بيت "خسرو آلتن باشاق" من قبل الجهات العدلية لمدينة "اسبارطة" حيث صودر جهاز "الرونيو" ومجموعات رسائل
الشعاع الرابع عشر - ص: 587
النور وقدّمنا الى المحكمة قبل سنة، وفي النتيجة أُصدر علينا - خسرو وانا وصديق آخر معنا - الحكم بالحبس لمدة شهر واحد لقيامنا دون اذن رسمي بطبع كتب دينية غير ممنوعة. فقمنا بتمييز هذا القرار، وقبل ان تظهر نتيجة التمييز جئ بي الى سجن "آفيون".
وهكذا يراد في محكمتكم الموقرة ايقاع العقوبة بي لانني قدمت هذه الخدمة لديني ولاخواني في الدين، وذلك للمسائل الواردة في رسالة "الشعاع الخامس" - التي كانت المحكمة قد اعادتها لنا - والتي تحتوي على شرح لبعض الاحاديث الشريفة، كما ان المدعي العام لمحكمة "افيون" اتهمني واتهم مؤلف الرسالة و "خسرو آلتن باشاق" مع ست واربعين طالباً من طلاب النور بـالاخلال بأمن البلاد وبكتابة هذه الرسائل وقراءتها مطالباً بايقاع العقوبة بنا.
وكمواطن حقيقي في هذا الوطن فانني ساتكلم في حضوركم دون ان احيد عن الحقيقة وأقول:
انني طالب منذ عدة سنوات لاستاذي سعيد النورسي الذي اكنّ له احتراماً كبيراً، فقد ربانا برسائله وهذب اخلاقنا الدينية ورقّاها، ومع اننا ننظر اليه بصفة "مجدد" الا انه يرفض هذا ويردنا. وانا اشهد عن يقين بانه لا توجد عنده ولا في رسائله ولا عند طلابه اية محاولة للقيام باخلال أمن البلاد، ولاسيما ان احد الاتهامات الموجهة الينا كان بخصوص اثمان الكتب، وعندما اطلعت محكمة "اسبارطة" على الحقيقة في هذا الخصوص عن قرب لم تصدر بحقنا اية عقوبة، ذلك لاننا لانحتاج في معيشتنا الى اثمان هذه الكتب ابداً ولانعتاش عليها. ونحب ان نقول لمحكمتكم الموقرة بانها مقابل اثمان جهاز الاستنساخ "الرونيو" واثمان الورق والحبر.
ان جهودنا هذه و خدمتنا النابعة من نيات صافية وفي سبيل الله تعالى لايمكن ان تشكل ذنباً او جرماً، لذا نطلب من محكمتكم الموقرة ومن ضمائركم الحية اعادة رسائل النور الينا.
الموقوف
طاهري
* * *
الشعاع الرابع عشر - ص: 588
دفاع زبير:
هيئة محكمة "آفيون" للجنايات الكبرى!
انني متهم بتهمة تشكيل جمعية سرية وبالاخلال بأمن الدولة، ولانكم سوف تقتنعون بما ساعرضه عليكم ادناه اقتناعاً كاملاً بانني لم اقترف مثل هذا الجرم فانني ارد هذه التهمة منذ الآن.
اجل! انني طالب من طلاب النور... اقول هذا واعلنه بكل سرور وقناعة لان انكار هذا الأمر يتناقض تماماً مع دروس الفضيلة التي لقنتني اياها رسائل النور، لذا فلست مستعداً لاقتراف هذا الجرم، ان الشخص الذي يقرأ رسائل النور على الدوام لايمكن ان يخفي قراءته هذه، بل على العكس من ذلك فانه يفتخر بهذه ويعلنها دون تردد او خشية، ذلك لان رسائل النور لاتحتوي على اية جملة بل على اية كلمة توجب الخشية او التردد.
كنت قد حاولت بيان قيمة رسائل النور في كراسة تتألف من اربعين الى خمسين صفحة.. لا اقول بانني مدحتها.. ذلك لانني لست قادراً على ايفاء جزء صغير من رسائل النور حقها فكيف بكل هذه الرسائل؟
ذلك لان هذه الرسائل تفسير حقيقي للقرآن الكريم الذي هو عقل الكون وشمسه التي نورت واضاءت طريق البشرية وهدتها وارشدتها منذ مايزيد على الف وثلاثمائة سنة. وكما ذكرت، فان وجدتم موضعاً اياً كان حول الجمعية السرية في المؤلفات التي حاولت بيان قيمتها، يمكنكم ايقاع العقوبة بى لكوني آنذاك مروجاً لمؤلفات ضارة. ولكن رسائل النور هذه التي أُلفت بشكل رائع وغير مسبوق والتي حازت على رضى وتأييد الشخصيات العلمية والتي تملك قدرة اصلاح مجتمع فاسد وتملك قابلية ارشاد انسان القرن العشرين وانقاذه من الضلالة ومن المادية ومن الالحاد ومن عبادة الطبيعة ومن حياة السفاهة ومن ظلمة الافكار الدامسة التي تفضى اليها هذه المادية، وتفتح - الرسائل بفيض من القرآن الحكيم ونور منه - ابواب السعادة الأبدية والسلامة الابدية للبشرية. فاذا لم يكن في كليات رسائل النور أي موضوع يؤيد
الشعاع الرابع عشر - ص: 589
التهم المسندة اليها، فان صدور اي عقاب ضدي يعد تناقضاً مع اسس العدالة، وهذا - حسب قناعتنا - هو ماستراه محكمتكم وستقبله.
لقد قيل في اثناء استجوابي: يقال أنك من طلبة رسائل النور؟ اقول: انني لا اجد في نفسي لياقة لكي اكون طالباً لاستاذ عبقري مثل بديع الزمان سعيد النورسي. فان قبل هو هذا فأنني سأقول بكل فخر: أجل!... انني من طلاب رسائل النور.
كثيراً ما تعرض مؤلف رسائل النور - استاذي الذي لامثيل له بديع الزمان سعيد النورسي - الى افتراءات من قبل اعدائه الخفيين وسيق الى المحاكم، ولكنه بُرئ من قبل جميع هذه المحاكم، وقد قامت هيئة مؤلفة من الاساتذة ومن علماء الاسلام بتدقيق كل سطر بعناية في المجموعة الكاملة لرسائل النور، واعترفوا في تقاريرهم بان هذه الرسائل مؤلفة عن علم كبير وانها تفسير حقيقي للقرآن الحكيم. فاذا كانت هذه هي الحقيقة فلماذا يساق الى المحكمة مرة اخرى؟... ساقول لكم قناعتي التامة حول هذا الأمر:
ان الذين يقرأون رسائل النور، ولاسيما من الشباب الواعي يكتسبون ايماناً قوياً. فيصبح متديناً تديناً لايهتز ولايتوانى عن اية تضحية، ويكون محباً لوطنه. وعندما يوجد ايمان صلد في اي موضع كان فلا يكون هناك مجال للسفاهة وللسقوط الاخلاقي الذي يكون نتيجة طبيعية لبعض الايدولوجيات الضارة. وكلما زاد عدد المتسلحين بهذا الايمان القوي ضاق المجال امام توسع الماسونية والشيوعية. ان رسائل النور تقوم - استناداً الى آيات القرآن الكريم - بالبرهنة على مدى زيف الفلسفة المادية التي يستند اليها الشيوعيون وذلك ببراهين وحجج قوية وتبرهن مدى بعدها عن الحق وعن الحقيقة ببراهين عقلية وفكرية ومنطقية فتنير بذلك اذهان الذين سقطوا في ظلمة هذه الفكرة الفاسدة وتنقذهم. وتقوم باثبات وجود الله للماديين الذين لايؤمنون الا بما يشاهدونه باعينهم بادلة قوية يستحيل انكارها او الاعتراض عليها.
ان هذه الرسائل تستقرئ نفسها على طلاب الثانوية وعلى طلاب الجامعة بما تتمتع به من اسلوب أخاذ وأصيل ومن ادب راقٍ.
الشعاع الرابع عشر - ص: 590
ولهذا فقد ادرك الشيوعيون والماسونيون ان رسائل النور تشكل عائقاً قوياً امام افكارهم السامة، لذا فانهم يتوسلون الى مختلف الافتراءات والدسائس لكي يزيلوا رسائل النور ويمنعوا قراءتها لانها مستند قوي ومنبع ثر للايمان لكونها تفسيراً حقيقياً للقرآن الكريم. ومع انه لم تظهر هناك اية امارة على ما اسندوه الى رسائل النور كذباً، فانهم مستمرون على هجومهم.
ويظهر من هذا انهم يرومون اخافتنا وإبعادنا عن رسائل النور ومن جهة اخرى كي يقدموا لنا كتبهم المسمومة. وهكذا يستطيعون محو الايمان وازالته من امتنا ومن شبابنا لكي يتم الانهيار الاخلاقي. فيضمنوا بذلك سقوط الحكومة سقوطاً ذاتياً ويسلموا وطننا وامتنا الى دولة اجنبية، فهذا هو أملهم. وانا اود ان اعلن في حضور محكمتكم بكل صراحة ودون اي تردد: ليعلم هؤلاء جيداً بل ليرتجفوا خوفاً، ذلك لاننا لن نخشى ألاعيبهم ولانخشاهم، لاننا رأينا الحق والحقيقة وتعلمناها من رسائل النور وآمنا بها.
ان الشباب التركي يقظ غير نائم، وهذه الامة التركية المسلمة لايمكن ان تكون خاضعة تحت حكم دولة اخرى. ان الشباب المسلم الفدائي - استناداً الى قوة ايمانه اليقيني - لايمكن ان يسمح ببيع وطنه. ان الامة التركية المتدينة البطلة والشباب التركي المؤمن لايمكن ان يجبنا او يخافا. لذا فاننا نقرأ رسائل النور وسنداوم على قراءتها لانها تسمو بنا الى اعلى مستوى من الخلق الانساني والى اعلى مراتبها، ولانها تعلمنا - نحن الشباب - الدين الذي هو سبب رقينا في جميع المجالات، ولانها تبث فينا محبة الوطن ومحبة الامة وتربينا على القيم الدينية التي تجعلنا نضحي بكل مانملك في سبيلهما. وكما ذكرت سابقاً فانني استفدت فائدة كبيرة من رسائل النور مع انني قرأت جزءً يسيراً منها، ولو كنت املك ثروة لصرفتها في نشر المجموعة الكاملة لهذه الرسائل التي تحقق فوائد كثيرة جداً للوطن وللامة وللانسانية جمعاء، ذلك لانني على اتم استعداد للتضحية بكل ما املك في سبيل ديني وفي سبيل السعادة الابدية لوطني ولامتي وفي سبيل سلامتهما.
كنت احس فراغاً كبيراً في نفسي ، في روحي، وبينما كنت ابحث عن كتاب لأقرأه وجدت رسائل النور التي ما ان قرأتها حتى علمت بانني لن استطيع بعد
الشعاع الرابع عشر - ص: 591
مفارقتها، اذ احسست بانها هي التي تسد هذه الحاجة القلبية لدي، لانني وجدت فيها البراهين والادلة العقلية والايمانية المنقذة من الشبه العلمية والايمانية وتخلصت بذلك من القلق ومن الضيق الذي كانت الشبهات تحدثه وتولده فيّ. وادركت من هذه الحقائق ان رسائل النور كتبت لانسان هذا العصر.
لكي يملك الانسان المزايا السامية كالادب الجم والتربية الراقية فان عليه ان يملك ايماناً قوياً، ولما كانت رسائل النور تعرض الحقائق الايمانية بادلة غاية في القوة وبامثلة واضحة. فقد أحسست ان ايماني يقوى كلما قرأتها، وهذا انقذني من السقوط في هوة الضلالة، وانقذني من العدول عن ديني الجامع لكل جوانب الحق والحقيقة - وهما اسس ارقى مدنية - وانقذني من ان اكون لقمة سائغة يلتهمها الوحش الأحمر. لذا فهى تنقذ قراءها من كثير من المصائب المادية والمعنوية وتعطي لهم علماً يفوق العلم الذي يملكه خريج الجامعة، وتبث فيهم حب الاسلام وحب الوطن والامة وتعلمهم اطاعة الله والعمل الجاد والنشاط والرحمة. فأيما قارئ لها لايتخلى عنها ولايغادرها مهما كان الثمن ولايمكن اخراج مثل هذه المشاعر الخالصة نحو رسائل النور من احترام وتوقير من قلب اي شخص مهما كان.
توصف رسائل النور من قبل مقام الادعاء العام بانها مؤلفات ضارة؛ وانا احتج بشدة على هذه الفرية التي لايقول بها من كان له نصيب من ضمير ووجدان.
ويذكر الادعاء بانني كنت اشجع على قراءة رسائل النور... اجل!... هذا صحيح. ولكن قلوب جميع المثقفين دميت من الافتراء الآخر، بل بكتْ بحرقة وقشعريرة حتى اصطكت اسنانهم من فرط الإفتراء.
ان القرن العشرين هو القرن الذي تسود فيه الافكار المدللة عليها بالبراهين، اذ لا يلتفت احد الى اي شئ ولايمكن الايمان بأي شئ دون دليل ودون برهان، لذا نطلب من مقام الادعاء اثبات ان رسائل النور كتب ضارة.
من بين المقاصد والغايات مايشيعه الاعداء الخفيون من افتراءات هو كسر التساند والرابطة فيما بيننا، النابعة من مشاعر الحب والاحترام والتراحم للاخوة التي تربط بين قراء رسائل النور الذين ارتبطوا بروابط الاسلام من اجل خدمة القرآن فقط وليس من
الشعاع الرابع عشر - ص: 592
اجل اي هدف آخر... اذا كانت هذه هي غايتهم.. فهم واهمون وعبثاً يحاولون. وانا - باعتباري اكثر قراء رسائل النور عامية واقلهم فهماً وفي الصفوف الخلفية منهم - اقول جواباً لهؤلاء:
لو كان احدنا في الشرق والآخر في الغرب.. لو كان احدنا في الشمال والآخر في الجنوب.. لو كان احدنا في الآخرة والآخر في الدنيا فاننا جميعاً معاً، ولو اجتمعت قوى الكون لما استطاعت ان تبعدنا عن استاذنا سعيد النورسي ولا عن رسائل النور ولا ان تفرق فيما بيننا.
ذلك لاننا نخدم القرآن، وسنظل نخدمه، ولاننا نؤمن بحقيقة الآخرة. فانه مامن قوة تستطيع قلع هذه المحبة وهذا التساند المعنوي فيما بيننا، ذلك لان المسلمين جميعاً سيجتمعون في دار السعادة الابدية.
دعوني اذكر لكم - ان سمحتم - الحقيقة المهمة التالية باسم أمن وسلامة وطننا وامتنا:
ان من ضمن الخطط السرية للشيوعيين هو تحريض الشعب ضد الحكومة، بجانب التقارير المزيفة الكاذبة التي تقدم للمسؤولين في الحكومة لايداع بديع الزمان سعيد النورسي في السجن واظهار ان مؤلفاته ضارة، فان هناك محاولات لترويج دعايات كاذبة لايصدق بها اي فرد من افراد الشعب.
ولان هذه الامة مقتنعة تماماً ومنذ سنوات عديدة ان بديع الزمان سعيد النورسي عبقري نادر من عباقرة الاسلام في هذا العصر، وان له شخصية فذة من جميع الاوجه، فان من المستحيل على اية دعاية ان تقضي على هذه القناعة الصحيحة او ان تفسدها.
انني احمد الله سبحانه وتعالى واثني عليه بما يسر لي بلطفه الاستفادة من مؤلفات استاذ كبير، وانا مدين من كل قلبي ومن كل كياني لهذا الاستاذ. حيث انني اخذت دروساً قيمة حول الايمان وحول الاسلام. وانا اتقبل بكل رحابة صدر البقاء في السجن سنوات عديدة من أجل هذا الاستاذ الفاضل الذي قضى سنوات عديدة وشاقة وهو يكتب ويؤلف لكي ينقذ شبابنا من ان يكون طعمة للشيوعية وان يكون السجن الانفرادي الابدي مصيره.
الشعاع الرابع عشر - ص: 593
منذ عشرين عاماً تقوم رسائل النور - التي هي تفسير للقرآن الكريم - باعطاء دروس الايمان والاسلام والفضيلة الى ملايين الافراد، وتقيهم من الالحاد، فلو حكم علي بالاعدام في سبيل هذه الرسائل لاسرعت الى المشنقة وانا اهتف: الله...الله... يارسول الله.
ان رسائل النور التي تصون شبابنا من الوقوع في احضان الشيوعية والخروج من دينه والسقوط في مهاوي البلايا والمصائب التي تؤدي به الى خيانة الوطن التي لاعقاب لها الا الاعدام رمياً بالرصاص... انني مستعد ان يحكم علي بالاعدام رمياً بالرصاص من أجل رسائل النور هذه وان ابرز صدري لتلك الرصاصات دون خوف او تردد، ولو قطعوني بالخناجر ارباً ارباً في سبيل استاذي بديع الزمان لدعوت الله ان يجعل دمائي المتناثرة حوالي تكتب: "رسائل النور... رسائل النور".
هيئة المحكمة الموقرة!
ان قراءة رسائل النور وتحصيل العلم فيها شئ مبتكر وأصيل في الحقيقة ولايوجد ما يشابهه؛ ذلك لان اي تحصيل علمي آخر تكون الغاية من الاستمرار فيه هي المنفعة المادية أو الحصول على موقع ما. اي ان الدوام لهذه الدروس لا تكون عن رغبة بل في الغالب للحصول على منافع مادية او على شهرة. اما رسائل النور فتشبه جامعة حرة غير منظمة، والذين يداومون في هذه الجامعة بقراءة رسائل النور لا يبتغون اي هدف دنيوي بل يبتغون خدمة الايمان والقرآن فقط لاغير.
ومع هذا فان رسائل النور التي هي مؤلف علمي وايماني جاد، تُقرأ بكل شوق وبكل لهفة، وتقرأ بمتعة وسرور كبيرين الى درجة ان قراءها الصادقين يحسون برغبة لقراءتها مرات عديدة. وان الذين استنسخوا رسائل النور وقرأوها عندما سيقوا الى المحاكم واصبحت حياتهم في خطر، فانهم اعترفوا بقراءتهم لها وبعزمهم على دوام قراءتها، ولو ايقنوا ان قرار الاعدام سيصدر بحقهم لما تزحزحوا عن موقفهم الثابت هذا. وهذه الخاصية الموجودة في رسائل النور ضمن صفاتها الخارقة للعادة لابد انها تجعلكم تتساءلون:
الشعاع الرابع عشر - ص: 594
"أ أرواح هؤلاء المعترفين رخيصة عليهم الى هذا الحد؟".
اذن فهناك حقيقة سامية في رسائل النور وفي بديع الزمان، ولابد من عدم وجود امور ضارة في هذه المؤلفات، لانهم لم ينكروا قراءتها.
ان طلاب المدارس يدرسون دروسهم لوجود قوة تفرض عليهم النظام والدراسة، اما بديع الزمان فلم يجبر احداً على قراءة رسائل النور، ولكن هناك مئات الآلاف من القراء اكثرهم لم يشاهدوه ولكنهم متعلقون به برابطة قوية لاتنفصم وارتضوا لانفسهم ان يكونوا طلبة لرسائل النور وان يتلقوا دروسهم عنها.
ان مثل هذا النظام الرائع وغير الاعتيادي للتدريس لم يشاهد لا في التأريخ القديم ولا في التاريخ المعاصر ولم يُشاهد في اية جامعة.
قال لي السيد المدعي: "ان الاحترام الذي تبديه نحو بديع الزمان لاتبديه نحو المفسرين الآخرين".
وهذا صحيح.. فان الاحترام والتوقير يتناسب مع درجة الكمال، والمنة والشكر يتناسب مع مقدار الفائدة المستحصلة، فان عظم الفائدة المستحصلة من مؤلفات بديع الزمان لانراه في غيرها.
ان الماسونيين والشيوعيين يحاولون الاّ نعرف والاّ يعرف شبابنا خاصة بديع الزمان الذي يعد من اكبر المؤلفين والمفكرين المسلمين في القرن العشرين. ولكن الشباب التركي المسلم والامة الاسلامية وشبابها الواعين عرفوا هذا الاستاذ الرائد واستفادوا منه وجعلوا غيرهم ايضاً يستفيدون منه.
وهذا هو السبب في ان الارتباط القوي نحو بديع الزمان والثقة به لايمكن ان تهتز او تنفصم.
ولكون رسائل النور تقوم بتفسير آيات القرآن الحكيم بمهارة فائقة وبلغتنا التركية دون ان تفقد هذه الايات خصوصيتها التي تعد اكبر معجزة لها، فان جميع طبقات الشعب رجالاً ونساءً، موظفين واصحاب حرف، علماء وفلاسفة يستطيعون قراءتها والاستفادة منها. ومن جراء الفوائد التي يرونها فيها -كل حسب استعداده - يزداد
الشعاع الرابع عشر - ص: 595
تعلقهم بها. فالجميع يقرأونها.. طلاب الثانوية وطلاب الجامعة واساتذة الجامعة والفلاسفة، وفضلاً عن استفادة هذه الطبقة المثقفة فانهم يتفقون ويجمعون على روعة بيان التأليف واسلوبه في رسائل النور فيزداد شوقهم لقراءة المجموعة الكاملة لهذه الرسائل.
ان جميع من تعرّف حديثاً على بديع الزمان وعلى رسائل النور من اصحاب الادراك السليم يأسفون على عدم معرفتهم لها في السابق، ولكي يعوّضوا عن المدة التي فقدوها وتأخروا فيها، نراهم يستغلون الفرص المناسبة - وان كانت خمس دقائق - ليقرأوا رسائل النور باستمرار. ولم تشاهد مثل هذه الرغبة الشديدة ومثل هذا التعلق الشديد بمؤلفات اي عالم اجتماعي او عالم نفسي او فيلسوف، إذ لايستفيد من هؤلاء سوى الاشخاص المتعلمين. فعندما يطالع طالب في مدرسة متوسطة، او امرأة تعرف القراءة كتاباً لفيلسوف ما، فانهم قد لايستفيدون منه، ولكن الجميع -كل حسب قابلياته - يستفيدون من رسائل النور. لذا فان هناك امة كاملة تنتظر بلهفة قراركم بتبرئة بديع الزمان وطلاب النور. ولو لم يقم سعيد النورسي بتلقين طلابه دروساً في الصبر والتحمل لدى اوقات المحن والشدائد - مثلما جمع طلابه عندما كان قائداً للحامية الفدائية في اثناء الحرب - فان الافاً من طلاب النور كانوا سيضربون خيامهم على تلول مدينة "آفيون" ينتظرون فيها قرار البراءة من محكمة الجنايات الكبرى في "آفيون".
لم يستطع احد حتى الآن اثبات: ان نشاط سعيد النورسي ونشاط طلاب النور يدخل من الناحية القانونية في اطار نشاط جمعية سرية. فلماذا لا يمكن اثبات ذلك؟ أفيعجز شخص يُعدّ رجل قانون مختص ارتقى حتى وصل الى مقام الادعاء العام عن اثبات ذلك قانونياً؟ كلا... انه ليس عاجزاً عن ذلك ابداً. ولكن نظراً لعدم وجود تشكيلة لجمعية سرية فانه لايكون بوسع احد ان يثبت وجود مثل هذه الجمعية.
لقد قال المدعي العام في البداية: "طلاب النور ليسوا جمعية" فكان رأيه هذا وحكمه صائباً وضمن الاطار القانوني، ولكنه عاد بعد قليل - ولا احد يدري لماذا - وقال: "انهم جمعية"... وهذا تناقض، ولاشك انه راي له لاحكم. ونحن على يقين بان هيئة المحكمة تدرك هذه الحقيقة ادراكاً تاماً وانها ستقرر انه "لاتوجد جمعية سرية تؤلف بينهم".
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس