عرض مشاركة واحدة
قديم 11-30-2008
  #2
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: من عقلاء المجانين

قال بعض أهل الكوفة ولد لبعض أمراء الكوفة ابنة فساءه ذلك فاحتجب وامتنع من الطعام والشراب فأتى بهلول حاجبه فقال إئذن لي على الأمير، هذا وقت دخولي عليه، فلما وقف بين يديه قال: أيها الأمير ما هذا الحزن أجزعت لذات سوى هيأته رب العالمين أيسرك أن لك مكانها ابنا مثلي ؟ قال: ويحك فرجت عني فدعا بالطعام وأذن للناس.

قال عبد الواحد بن زيد مر بهلول برجل قد وقف على جدار رجل يكلم امرأته، فأنشأ يقول:
كن حبيبـاً إذا خـلـوت بـذنـب دون ذي العرش من حكيم مجيد؟
أتـهـاونـت بـالإلـه بـــديا وتواريت عن عـيون الـعـبـيد
أقرأت القرآن أم لـسـت تـدري أنّ ذا العرش دون حبل الـوريد
ثم ولى وهو يقول من نوقش في الحساب غفر له، فقلت له من نوقش الحساب عذب، فقال اسكت يا بطال إن الكريم إذا قدر غفر.

ولبهلول:
إذا خـان الأمـير وكـاتـبــاه وقاضي الأرض داهن في القضاء
فويل ثـــم ويل ثـــــم ويل لأهل الأرض من أهل السـمـاء

قال الحسين الصقلي نظرت وقد زار سعدون بهلولاً ورأيتهما فسمعت سعدون يقول لبهلول أوصني وإلا أوصيك فناداه بهلول أوصني يا أخي فقال سعدون أوصيك بحفظ نفسك ومكنها من حبك فإن هذه الدنيا ليست لك بدار، قال بهلول أنا أوصيك يا أخي، فقال قل، فقال: اجعل جوارحك مطيتك واحمل عليها زاد معرفتك واسلك بها طريق متلفك فإن ذكرتك ثقل الحمل فذكرها عاقبة البلوغ. فلم يزالا يبكيان جميعاً حتى خشيت عليهما الفناء.

قال علي السيرافي حمل الصبيان يوماً على بهلول، فانهزم منهم فدخل دار بعض القرشيين ورد الباب، فخرج صاحب الدار فأحضر له طبقاً فيه طعام فجعل يأكل ويقول فضرب لهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب.

قال نعيم الخشاب كتب بهلول إلى الواثق:
أما بعد فإن المراء قد لعب بدينك والأهواء قد أحاطت بك ومقالات أهل البدع قد سلخت عنك عقلك وابن أبي داود المشئوم قد بدل عليك كلام ربك، اقرأ فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى، إلى قوله فاعبدني أيكون هذا الكلام مخلوقاً، فرماك الله بحجارة من سجيل مسومة عند ربك وما هو من الظالمين ببعيد ثم كتب عنوانه من الخائف الذليل إلى المخالف لكلام ربه تعالى.

قال سالم بن عطية كتب بهلول إلى ابن أبي داود: أما بعد فإنك قد ميزت كلام الله من الله وزعمت أنه مخلوق فإن يك ما ذكرت باطلاً فرماك الله بقارعة من عنده، ويلك أكنت معه حين كلم موسى، فإن كنت راداً عليه فاقرأ: عليها غبرة ترهقها قترة أولئك هم الكفرة الفجرة ثم كتب عنوانه من الصادق المتواضع إلى الكاذب المتجبر.

قال عبد الرحمن الهاشمي لما ولي الخلعي على شرطة بغداد وكان يرى برأي ابن أبي داود كتب إليه بهلول: أما بعد فإن السماء بأكنافها ونور كواكبها وضياء شمسها وقمرها وصفوف ملائكتها والعرش والملائكة المقربين وافحجب المزدلفة بقدرة خالقها والنار وزبانيتها والجنة وسندسها والأرضين وجبالها والجبال وكهوفها والحيتان في بحارها والوحش في قفارها والجن في أقطارها والطير في أوكارها والسباع في وجارها والأشجار وثمارها يسبحون له في الغدو والآصال.

ولبهلول في الترقيق:
اضمر من اضمر حبي له فيشتكي اضمار اصمار
رق فلو مـرّت بـه ذرة لخضبتـه بـدم جـاري

وله أيضاً في أرق منه:
اضمر أن يأخذ المراة لكي ينظر تمثاله فـأدنـاهـا
فجاء وهم الضمير منه إلى وجنته في الهوى فأدماها

وله أيضاً: شبهته قمراً إذ مر مبتـسـمـا فكاد يجرحه التشبيه أو كلمـا
ومر في خاطري تقبيل وجنتـه فسلبت فكري من عارضيه دما

قال محمد بن عبد الله بينا أنا في مسجد الكوفة يوم الجمعة والخطيب يخطب، إذ قام رجل به لمم وجنون فقال: أيها الناس إنى رسول الله إليكم جميعاً، فقام بهلول فقال "ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضي إليك وحيه وقل ربّ زدني علماً".

قال علي بن خالد بت ليلة على سور طرسوس فمر بهلول فلكزني برجله ثم أنشأ يقول:
يا طالب الحور ألا تستحي يحملك النوم على السـور
وخاطب الحور طويل البكا مقيد الأعضاء محصـور
لا يطعم الغمض وما إن له راحة جسم أو يرى الحور
في جنة زخرفها ذو العلى ينعم فيها كل مـحـبـور
قال فانتبهت فزعاً ولم أنم بعد ذلك في الحرس.

وسئل بهلول عن رجل مات وخلف ابناً وابنة وزوجة ولم يخلف من المال شيئاً كيف تكون القسمة، فقال للإبنة الثكل وللزوجة خراب البيت وما بقي من الهم فللعصبية !

قال محمد بن خالد الواسطي أنشدني بهلول يقول:
دع الحرص على الدنيا وفي العيش فلا تطمع
ولا تجمع من المـال فما تدري لمن تجمع
فإن الرزق مقـسـوم وسوء الظن لا ينفـع
فقير كل ذي حـرص غني كل من يقـنـع

قال مالك بن دينار مررت بمقبرة فوجدت بهلول المجنون قاعداً بين القبور وهو عريان إلا ما يستر العورة فأتيت نحوه لاستفيد من طرائفه فوجدته تارة ينظر إلى السماء فيستهل وتارة ينظر إلى الأرض فيعتبر وتارة ينظر عن يمينه فيضحك وتارة ينظر عن شماله فيبكي فسلمت عليه فرد على السلام فسألته عما رأيت من حاله فقال يا مالك أرفع رأسي إلى السماء فأذكر قوله تعالى وفي السماء رزقكم وما توعدون فأستهل وانظر إلى الأرض فأذكر قوله تعالى منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى فأعتبر وأنظر عن يميني فأذكر قوله تعالى وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين فأضحك وأنظر عن شمالي فأذكر قوله تعالى وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال فأبكى فقلت يا بهلول إنك لحكيم أتأذن لي أن أشتري لك قميص قطن قال افعل فسارعت للسوق وأتيته بقميص قطن فنظر إليها وقلبه يميناً وشمالاً ورمى به إلي وقال ليس مثل هذا أريد قلت وكيف تريده قال أريد قميصاً من الإخلاص محفوظاً من الدنس والانتقاص غرس قطنه بالحقائق وحرس من جميع البوائق سقاه جبريل بماء السلسبيل فأينع حسناً وأثمر قطناً فلقطته أيدي الكرام البررة التالين سورة الحمد والبقرة ثم حلجته أكف الوفاء بعز وصفاء من غير جفاء ثم نخلته الأوتار المتصلة بالأنوار وغزلته مغازل الحمد والثناء بالمحبة والاعتناء جعلت الجنة لنا ثواباً وكان هو للأبسة من النار حجاباً فهل تقدر يا مالك على مثل هذا فقلت إنما يقدر عليه من خصك بوصفه وألهمك لمعاينته وكشفه ثم قلت يا بهلول صف لي لألبس هذا القميص فقال نعم إنما يلبسه من خصه الله بأنواره وكتبه في ديوان أبراره وأحياه بالسابقة وقواه بالعزيمة الصادقة فجسمه بين الخلق يسعى وقلبه في الملكوت يرعي فلا يتكلم بغير ذكر الله لفظة ولا ينظر لغير الله لحظة ثم صاح صيحة عظيمة وقام وهو يقول إليك فر الهاربون ونحوك قصد الطالبون وببابك أناخ التائبون.

حج هارون الرشيد راجلاً من أجل يمنيه حين حنث فقعد يستريح في ظل ميل فمر به بهلول المجنون وكان في الركب فقال له يا أمير المؤمنين

هب الدنيا تواتيكـا أليس الموت يأتيكا
ألا يا طالب الدنـيا دع الدنيا لشاتيكـا
إلى كم تطلب الدنيا وظل الميل يكفيكا
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 09-27-2009 الساعة 05:49 PM
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس