عرض مشاركة واحدة
قديم 11-24-2008
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي لمـاذا تهـتم إسـرائـيـل بـالأدب العـربـي؟


:extra138:

:extra159:

لمـاذا تهـتم إسـرائـيـل بـالأدب العـربـي؟


محمد أحمد صالح


في الآونة الأخيرة أخذت قضية ترجمة الأدب العربي إلى العبرية شكل الأزمة بين المثقفين العرب, حيث يعتبرها البعض شكلاً من أشكال التطبيع, وحقيقة الأمر أن الإسرائيليين اهتموا بترجمة الأدب العربي حتى من قبل نشأة دولة إسرائيل, وهم لا ينتظرون موافقتنا على هذه الترجمة, وذلك لأسباب تتعلق بالصراع العربي ـ الإسرائيلي, وليس ـ بالتأكيد ـ من ضمنها الرغبة في التعرف على ثقافات الحضارات المغايرة.
تستعين دولة إسرائيل في تعاملها مع المجتمعات العربية وقضايا الصراع معها, بأشكالها المختلفة بمجموعة من المؤسسات والمراكز المتخصصة في مجال الأبحاث والدراسات العربية والشرق أوسطية على المستوى العسكري والسياسي والاجتماعي والاقتصادي بل وحتى الثقافي, منها على سبيل المثال لا الحصر: مركز (هشيلوح) بجامعة تل أبيب, ومركز (ترومان) و(فان لير) في القدس وغير ذلك. ولا يأتي اهتمام هذه المؤسسات والمراكز البحثية باللغة العربيـة وآدابـها على المسـتوى الثقافي بمنأى عن مفردات الصراع العربي الإسرائيلي.

ولقد كانت ترجمة الأدب العربي, بمختلف أجناسه وعصوره, أحد المجالات المهمة والوسائل الحيوية التي يمكن أن تساعد في التعرف على المجتمعات العربية ودراسة التطورات الفكرية والاجتماعية والسياسية, ويقول د. إبراهيم البحراوي في كتابه ( الأدب الصهيوني بين حربي يونيو 67 وأكتوبر 73) إن ( الأدب يمثل واحدا من أهم وأوثق السجلات المعرفية التي يمكن الاستناد إليها في استقاء المعلومات عن التكوينات الباطنة في مجتمع من المجتمعات والتي يصعب في أحيان كثيرة رصدها عبر سائر المصادر المعرفية المباشرة من كتابات سياسية واجتماعية وفلسفية وما شاكلها.

ويفسر السيد ياسين اهتمام المؤسسات البحثية الإسرائيلية بترجمة ودراسة الأدب العربي بمختلف عصوره, بدءا من العصر الجاهلي حتى العصر الحديث, بأن (أي أدب يرصد العمليات الاجتماعية التي تصاحب التغير الاجتماعي وتلقي الأضواء عليها وعلى مساراتها المتعددة, بصورة أكثر بروزا ووضوحا وحيوية من كثير من البحوث العلمية. من هنا يهتم الباحثون العلميون بتحليل مضمون هذه الأعمال الأدبية حتى يضعوا أيديهم على مفاتيح التغير الاجتماعي في المجتمع وآثاره.

رؤية غير أكاديمية

وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على أن دراسة الباحثين الإسرائيليين لهذا الأدب بمختلف عصوره وترجمته لا تنطلق من رؤية أكاديمية علمية صرفة, وإنما من رؤية تستهدف التعرف على المجتمعات العربية التي تتعامل معها على أنها مجتمعات معادية في ظل الحرب, أو مجتمعات مجاورة في ظل السلام.

وحول هذا يقول الباحث الإسرائيلي د. ساسون سوميخ (إن مطالعة الأدب العربي الحديث ضرورة حياتية لكل مثقف إسرائيلي ولكل قاريء إسرائيلي نبيه, إذ من دون اطلاعه على التيارات الأدبية فإن معلوماته عن الإنسان العربي وعن عالمه ستكون مشوهة, ومرتكزة على المعلومات الصحفية اليومية غير العميقة, ويتعلم القاريء الإسرائيلي عن طريق مطالعة الأعمال الأدبية العربية في مجال الرواية والمسرح والشعر كثيرا من المفاهيم النفسية للإنسان في القاهرة وفي دمشق وفي بيروت وبغداد وحتى في الريف المصري واللبناني والسوري وهلم جرا, ويتعرف بهذه الوسيلة على مشاكل ومتاعب الأديب العربي والإنسان العادي في نفس الوقت.

مراكز بحثية

ويتأكد اهتمام إسرائيل ورغبتها في التعرف على المجتمعات العربية المعادية والمجاورة ويبرز من خلال إنشاء المؤسسات والمراكز البحثية التي تهتم بترجمة ودراسة الأدب العربي وتدريس اللغة العربية. لقد كان معهد الدراسات الشرقية من أوائل المعاهد التي أقيمت في الجامعة العبرية, فقد أنشيء عام 1926م, أي بعد إنشاء أول جامعة صهيونية في فلسطين بعام واحد. كما تضم الجامعات الرئيسية التي أقيمت في إسرائيل ـ مثل جامعة تل أبيب وجامعة حيفا وجامعة بار إيلان وجامعة بن جوريون بالنقب وغيرها ـ أقسام لدراسة الأدب العربي وعلوم الشرق الأوسط. كما تصدر هذه الأقسـام والمراكز البحثية عددا من الدوريات والمجلات التي تتناول بالبحث الأدب العربي وتنشر ترجمات لأجناسه الأدبية بمختلف عصوره, هذا إلى جانب قضايا اللغة العربية والدراسات اللغوية المقارنة بين اللغات السامية والأدب الشعبي وغير ذلك. وتنظم هذه الأقسام والمراكز دورات لتعليم اللغة العربية, لأن من يتخصص في دراسة تاريخ الشرق الأوسط واللغات السامية أو الحضارة العربية في الأندلس أو تاريخ الجماعات اليهودية في الشرق الأوسط يجب أن يتعلم اللغة العربية. وهناك توجه عام في إسرائيل يقضي بأن يتعلم اللغة العربية أي طالب إسرائيلي مهما كان تخصصه, سواء في العلوم الطبيعية أو القانون أو الطب.

الأدب القديم

وقد حاول الباحثون الإسرائيليون ـ في أحيان كثيرة ـ أن يقدموا أنفسهم للعالم الغربي على أنهم متخصصون في الدراسات العربية والشرق أوسطية. فنجد ـ على سبيل المثال ـ الباحث يعقوب م. لانداو ينشر كتابا عن المسرح والسينما في مصر بالولايات المتحدة. ترجم هذا الكتاب بعد ذلك إلى الفرنسية وغيرها من اللغات الأخرى.

لم يقتصر اهتمام هؤلاء الباحثين على دراسة وترجمة الأدب العربي الحديث بمختلف أجناسه الأدبية إلى العبرية, بل امتد ليشمل الأدب العربي القديم بمختلف عصوره, لأن هذه النوعية من الدراسات (تساعد في تحديد وبلورة الطابع القومي لشخصية شعب من الشعوب). فقام يوسيف يوئيل ريفلين (1890م ـ 1971م) بترجمة عشرات القصائد العربية القديمة, منها أشعار عنترة بن شداد, كما ترجم كتاب (ألف ليلة وليلة) في ثلاثين مجلدا خلال السنوات 1947 ـ 1970م. كما ترجم إبراهيم المالح كتاب (كليلة ودمنه) لواضعه عبدالله بن المقفع, كما قام أشير جورين بترجمة مختارات من المعلقات, وقصائد من الشعر الجاهلي والأموي والأندلسي والعباسي, إلى جانب قصائد من ألف ليلة وليلة. وقد صدرت هذه المختارات عام 1970م بعنوان (أشعار العرب).

ولم تقتصر الترجمة على الأدب الإبداعي وإنما امتدت لتشمل الأدب الديني. فقام يوسيف يوئيل ريفلين بترجمة معاني القرآن الكريم إلى العبرية, فصدرت الطبعة الأولى من هذه الترجمة عام 1936م, وصدرت الطبعة الثانية عام 1933م. ثم قام آهارون بن شيمش عام 1971م بترجمة جديدة لمعاني القرآن الكريم. كما قام المترجم نفسه بترجمة كتاب (سيرة الرسول) لابن هشام, كما ترجمت حافا ليزروس يافيه كتاب (المنقذ من الضلال) للفيلسوف أبي حامد الغزالي, كما قام عمانوئيل كوبوليبتش بترجمة (مقدمة ابن خلدون) عام 1966م.


__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس