عرض مشاركة واحدة
قديم 01-06-2009
  #2
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: ماأصل تسمية آزورا لمنطقة دير الزور

- ونتساءل: مادام أنّ هذين الديرين قديمان ، فهل ذكرهما أحد من الشعراء القدماء ؟
بحثت في دواوين الشعراء النصارى ، فوجدت ذكرا للديرين في ديوان الأخطل التغلبي ، كما ذكرهما جرير في هجائه للأخطل وفي غير ذلك ، وذكرهما عمرو بن شأس الأسدي في ديوانه وجاء ذكرهما بصيغة التثنية دون تفريق بين الصغير والكبير
وذلك لدى الشعراء الذين ذكرت أسماءهم ، وجاء في تعريف شراح هذه الأبيات قولهم عن الديرين : موضع بالشام دون أن يحددوا موقعهما
ولم يرجعوا إلى علماء النصارى لمعرفة موقع هذين الديرين لأن ذاكري الأديرة إنما ذكروها لأنها " تكاد تنفرد باستيعاب أخبار شخص من أعلام الأدب أو السياسة أو الإدارة فيهم الخليفة والأمير والوزير والكاتب والنديم والماجن والخليع هذا ما ذكره الشابشتي في مقدمة كتابه ( الديارات ) مبينا سبب تأليفه لهذا الكتاب
ونعود إلى ديوان الأخطل لنقرأ ذكر الديرين فنجده يقول :
عـفا ديرٌ لُِبّـَى من أمـيمـة َ فـالحَـضْـرُ
وأقــفــــرَ إلا أنْ يـُـلِـــمَّ بـــه سَــــــــفــْرُ
قـليـلا ًغِـرارُ العـيـن ِ، حتـَّى يُقـَلـِّصوا
عـلى كالـقـَطا الجُـونِي ِّ، أفـزعَـهُ القطـرُ
قـضـيْـنَ مـن الدـيـريـن ِ هَـمّـًا طلبنـهُ
فـهُـنَّ إلـى لـَهـْـو ٍ وجـاراتـِـهـا شـــــــُزرُ
قال محقق الديوان – د: فخر الدين قباوة - : الديران : موضع دون أن يحدد مكانه في بلاد العرب مع أنّ معظم مساكن تغلب في ( البشر ِ ) ، كما ذكرنا من قبل في بيت ٍ للأخطل
وجاء في ديوان عمرو بن شـأس الأسـدي الذي حققه يحيى الجبوري (طبع في النجف عام 1976 )
كما ذكر القصة نفسها أبو الفرج الأصفهاني في أخباره عن عمرو بن شأس الأسدي ،التي كانت سبب قوله القصيدة التي ورد فيها ذكر الديرين
وهي قول عمرو بن شأس الأسدي :
إذا نـحـنُ أدْلـَجـْنـا وأنـتِ أمامـنـا
كــفـــى بــرَيَّــاكِ لــمـطـايـانـا هـادِيـــا
ألـَيسَ يـزيـدُ العـيسَ خفـَّة َ أذرع ٍ
وإنْ كـُنَّ حـَسْـرى أنْ تـكـونـي أمـامِـيـا
ذكـَرْتـُكِ بـالـديرَين يـومـًا فأشرفتْ
بنـاتُ الـهـوى حـتـَّى بـلـَغـْنَ التـراقِـيـــا
كما أورد القرشيُّ هـذه الأبيات في حماسته التي طبعتها وزارة الثقافة السورية في دمشق عام 1995
وذكر أبو الفرج الأصفهاني أنّ المرأة التي ذكرها عمرو في قصيدته من بني عامر من قيس والمعروف أنّ قيسا تسكن الجزيرة التي عـدَّ البلدانيون الدير وجبل البشر منها وأنّ الدير هي المعبر إلى الجزيرة ، كما أنّ بعض قبائل قيس ما يزال يسكن مدينة الدير في أيامنا هذه
قال شراح ومحققو الأبيات : الديران : موضع ولم يحددوا مكانه ، ولم يكلفوا أنفسهم عناء البحث أو سؤال أساقفة المسيحيين عن مكان الديرين حتى يكون تحقيقهم وافيا بالغرض وذكر جرير الديرين في ثلاثة قصائد أولاها عندما قالها يهجو التيم والتي جاء فيها ذكـره للديرين عندما قال :
لـمَّـا تـذكـََّرتُ بـالـديـريـن أرَّقـني
صـوتُ الـدجـاج وقـرعٌ بالنواقـيـس
وفي الثانية يذكر الديرين عندما قال يرثي ابنه سوادة الذي هلك بالشام ( دون أن يحدد الشراح مكان وفاته ) ومنها قوله
إلا تـكـُنْ لـكَ بالـديرين ِ بـاكِـيَـة ٌ
فـَرُبَّ بـاكِـيـَة ٍ بـالـرَّمـل ِ مِـعـْوال ِ والثالثة قالها يهجو الأخطل التغلبي :
يـا خـزر تـغـلب مـاذا بـالُ نِسـوتِـكـُم لا يـَسْــتـَفِـقـْنَ إلـى الـديـريـن ِ تـَحـْنـانـا
ومن المعروف أن مساكن تغلب هي محافظة الدير، بـادية وحضرا ، انطلقوا منها فيما بعد إلى الجزيرة فالموصل فحلب التي أقاموا فيها دولة الحمدانيين
ومن رجوعنا إلى شروح الشـُّراح للأبيات نجدهم يقولون : الديران : موضع 0 ولم يقولوا :
موضعان0 مما يقوِّي ويرجح قول البطريرك مار أغناطيوس : إن الدير ديران ، كبير وصغير كما أن دخول معظم تغلب وسكان المنطقة في الإسلام قلل عدد المسيحيين في المنطقة في القرون التي تلت القرن الأول الهجري مما جعل المسيحيين القلـَّة يستغنون عمـَّا يزيد عن حاجتهم من الكنائس والأديرة لأنها تحتاج إلى صيانة ممن يسكنها فهُجـِرَت وحـلَّ بها الدمار وبالرجوع إلى ما أورده الأب مِتـْري هـاجـي أثنـاسيو ( دكتور دولة في الآداب من جامعة السوربون ) في كتابه " موسوعة بطريركية إنطاكية التاريخية والأثـرية " نقرأ ما أورده في الجزء الثاني ( ص393 ) والمعنون بعنوان " سورية الشمالية الغربية والشرقية قوله : أوزارا (OZARA ) دير الزور :
كانت تعرف في العـصر الروماني باسم ( آزورا) وهي تقع شمال شرقي سورية وعلى الفرات بنيت هـذه المدينة الكبيرة والقديمة على نهر الفرات تحت اسم ( زعـُوُرَا ) وأطلق عليها اليونان اسم ( أوزارا )
ويذكر أنّ الأبنية اليوم ( ألـَّف الأب متري كتابه هـذا قبل هـدم الدير العتيق وإزالة التـل الذي كان قائما عليه ) مشادة فوق تل اصطناعي كان يضمُّ في داخله أنقاض خمس مدن متراكبة آثارها الواحدة فوق الأخرى 0 ويتمثل موقعها في مدينة ( شورا) التي كانت في الألف الثلث قبل الميلاد وكانت جزءا من دولة ( زوحي ) الآرامية
أما الدكتور عبدالله الحلو فقد ذكر في كتابه" صراع الممالك في التاريخ السوري القديم – ما بين العصرالسومري وسقوط المملكة التدمرية عندما تحدَّث عن وسائط النقل ( ص 51 – 52 ) قائلا : وجرت العادة في ذلك الزمن أنْ تـُسَيَّـرَ هـذه الطوافات في مجرى الفرات الأعلى والأوسط حتّى تصل إلى موقع دير الزور أو ماري أو هيت (المسماة قديما تـُتـُل )حيث تنزل حمولتها
وذكر الأستاذ بسّام عارف الوني في كتابه ( دير الزور لؤلؤة الفرات ً 15 ) أنّ ( مون مارشيه ) جزم أنها - أي دير الزور – في مكان البلدة القديمة ( آزورا ) أو ( أوزارا )
وقال في الصفحة - 16 – من الكتاب المذكور : " وذكر الشيخ محمد سعيد العرفي إبان وجوده في مصر أنّ أقدم من أشار إلى ( الدير ) أبو بكر الخلال شيخ مذهب الإمام أحمد بن حنبل المتوفى سنة ( 211 هـ ) قال في رسالته الحث على التجارة والصناعة : ( إنّ الإمام أحمد أمر عبد الملك الميموني بالإقامة في ضيعته التي تبعد عن الرقة أياما ، وعن رأس العين مثلها ، وفيها دير معتزل وبقربه مدينة ) وتعريف هـذا ينطبق على الزور
وقد زار كثير من الرحالة الغربيين الدير أو مروا بها ووصفوها من أشهرهم :
‍1 – ليونرد روفولف طبيب ألماني 0 عام 1573 م 0وصف الدير وأهلها
2 – فرنسيس تشسني كولونيل ملاح بريطاني أسندت إليه حكومته استطلاع طريق بري يمتد من سورية إلى الخليج العربي وذلك عام 1835 م
3 – الليدي آن بلانت عام 1878 م أعْجـِبَتْ بأهل الدير
4 – كارل أدوار ساخو 32 / 12 / 1879 م وصف الدير وصفا جيدا
5 – الأب فردينان توتل كاتب ومؤرخ فرنسي قال عنها : حاضرة الفرات الأوسط ولها امتداد تاريخي يصل إلى جذور الآراميين والآشوريين والبابليين 0 كانت زيارته عام 1887 م 0 وغير هؤلاء كثير
هـذا عرض موجـز لمحافظة الدير ( دير الزور ) وتعريف بها ليطلع القارئ عليه ويربط ما سنعرضه في بحثنا الذي يلي هذا التعريف ومن نافلة القول أن نبين طبيعة المنطقة بإيجاز فللمنطقة طبيعتان : بدوية وحضرية
فالبدوية صحراوية قاسية يسكنها البدو المتنقلون مع أنعامهم بين جزيرة العرب وبادية الشام والفرات
وحضرية طبَّـعـها النهر بطبيعته ولطـّفَ من طبع أهلها الحاد الذي ورثته من أصولها البدوية فالبيئة البدوية أثـَّرت في السكان ، خشـَّنت طباعهم وسلوكهم ، ووسمت اللهجة بسماتها من حيث سرعة الأداء ، وبدا ذلك في حذف بعض الحروف ، وإبدال بعضها بغيره ، وهذا ما سنلاحظه في هذه اللهجة عن دراسة سماتها العامة أمّـَا البيئة الحضرية فقد رققت طباع السكان ، وخففت من حِـدَّة سلوكهم ، ساعدها في ذلك وقوع التجمعات الحضرية على ضفاف الفرات ، وبين جنـَّاته وربوعه الخضراء وهذا ما نلاحظه في تعابير سكان المنطقة
وعلى ضوء ما سبق نستعرض اللهجة في مدينة دير الزور
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس