عرض مشاركة واحدة
قديم 08-18-2008
  #2
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

دورا أوروبوس مجتمع عالمي:
بالإضافة إلى السوريين من شعوب ما بين النهرين والتدمريين، استفادت المدينة من وجود كل من اليونان والفرس والرومان والبربر القادمين مع الجنود الرومان وحضارات الشرق الأقصى من خلال وقوعها على طريق الحرير، ومن وجود ديانات عدة، بدءاً ببعل والآلهة السورية المحلية ومن ثم الآلهة اليونانية والفارسية والرومانية، ومروراً باليهودية (حيث تمتع اليهود بعيش كريم في هذه المدينة بعد سبيهم إلى بابل)، ومن ثم المسيحية التي أنشئت في دورا أوروبوس أول كنيسة لها لا تزال نقطة جذب للعديد من السياح.
هذا التنوع الهائل الذي جمع كل ما في العالم القديم من ثقافات مختلفة، خلق حالة فريدة من نوعها في هذه المدينة. هذه الحالة يمكن أن نطلق عليها بحق أنها كانت مجتمع عالمي أو قرية عالمية لما تميزت به من غنى التعددية والإختلاف. وربما لا نغالي إذا قلنا بأن دورا أوروبس وخلال كل فترات وجودها كان يوجد فيها ما لا يقل عن خمس ديانات في آن واحد.
لقد ساهم في بناء هذه الحالة، التسامح الكبير الذي تمتعت به هذه المدينة، وهذا ما يظهر في جدارياتها التي تصور الحياة اليومية لأهل هذه المدينة، جامعة بين مختلف الثقافات والأديان في بوتقة واحدة. ولربما كانت نموذج مصغر لحال سوريا اليوم التي تعتبر نموذجاً حياً للتعددية والعيش المشترك في إطار لحمة فريدة. ألا يستحق منا هذا الموضوع أن نروج له في كل العالم، مسلطين الضوء على كونية دورا أوروبوس في ذاك الزمان؟.

إنها دعوة لتجسيد هذه الحالة من خلال عمل فني ضخم، سواءً كان على صعيد الدراما السورية والتي حتى اللحظة تغفل هذه الحقبة من التاريخ، أو من خلال المسرح السوري والذي أصبحنا نسمع أصداء نجاحاته المختلفة في أكثر من دولة. وبالطبع فإننا لا نعفي الوزارات والجمعيات الأهلية من واجبها أيضاً في هذا الإطار ولعل على رأسهم كل من وزارة السياحة والثقافة والتربية.

نهاية دورا أوروبوس:

لقد دلت الحفريات على أن حصار الفرس للمدينة وضربها بالنار والحجار أدى إلى تهدم العديد من المنازل والمباني، من بينها المعبد اليهودي والكنيسة المسيحية الأولى المكتشفة حتى اليوم. ومع ذلك لم تنهار المدينة، فباشر الفرس بحفر خنادق تحت الأرض لخلخلة سور وأبراج المدينة، وقد حاول الرومان منعهم بحفر خنادق أخرى للوصول إلى معسكر الفرس، إلا أن الفرس كانوا أسرع مما أدى إلى استسلام الرومان.
يمكن معرفة هذه الأمور من خلال انهيار المباني على الأسلحة الرومانية التي بقيت دون استعمال، بينما وجدت بقايا متفجرات الفرس من كتل نارية، مما يدل على أن خطتهم توجت بالنجاح.
ورغم أن السيناريو السابق لتهدم المدينة يبقى في إطار التحليل، إلا أنه من المؤكد أن نهاية هذه المدينة تمت في تلك السنة على يد الفرس، وبعدها أصبحت عبارة عن أنقاض خالية من السكان، تجتذب من وقت لآخر بعض صيادي الغزلان، وبعض الرهبان المسيحيين الذين كانوا يتوقون للعزلة والسكون.

اكتشافات:

في نيسان عام 1920 قامت الكتيبة الهندية من الجيش الإنكليزي والتي كانت تخوض آخر المعارك مع الجيش العثماني، قامت بحفر خنادق دفاعية بجانب سور المدينة، فتكشف لهم لوحتان جداريتان الأولى تمثل كاهن سوري، والثانية تمثل ضابط روماني يقدم الأضاحي لآلهته.

إنه لقاء غريب بين جندي روماني في لوحة جدارية تعود إلى سبعة عشرة قرناً مضى وبين جندي أسيوي أوروبي في مكان سوري يبعد عن موطن هؤلاء آلاف الكيلومترات.
أول عالم آثار عمل في الموقع في ذات العام كان الأمريكي James Henry Breasted وبعد عامين من الاكتشاف بدأت أول حملة تنقيب جدية. بعد ذلك أتى البلجيكي Franze Cumont ومن ثم مشروع فرنسي أمريكي استمر لعشر مواسم من عام 1928 حتى عام 1937 وتوقف لنفوذ موارد تمويله. وأتى بعدهم مشروع روسي ضخم أشرف عليه العالم Mikhail Rostovtzeff وتم من خلال هذا المشروع اكتشاف معظم الأمور المهمة.
في عام 1980 انطلق مشروع سوري فرنسي ترأسه الفرنسي Pierre Leriche واستعملت فيه تقنيات حديثة في البحث والمسح والتنقيب. 










_________________
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس