البوم.. الطائر المظلوم
لا يختلف اثنان على أن البوم حيوان مرعب, يصعب النظر إلى عينيه المتوقدتين ويخشى الإنسان العادي أن تؤكل عيناه من شدة تحدقه بهما, لذلك تتشاءم غالبية الشعوب منه وتعتبره مصدر شؤم وشر وأذى, كما حضه على الابتعاد عنه تحاشي النظر إليه, في حين نرى على الدفة الثانية أن شعوبا أخرى اعتقدت بأنه مصدر حكمة وصديق للإنسان, بين هذين الاتجاهين كانت مادتنا التالية.
يعتقد أصحاب الاتجاه الأول من غالبية الشعوب أن هذا الطير حليف الشيطان وأن السحرة عرفت ذلك فاتخذت منه رفيقا إضافة لجلبه سوء الحظ أو الشقاء, في حين ساد الاعتقاد بين اليونانيين أن البوم مقرب من الآلهة جميعا خصوصا الآلهة أثينا, فهو في نظرهم رمز الحكمة وقد تراءى لهم ذلك في ميله إلى الصمت وقضائه الوقت الطويل فيما شبهوه بالتفكير وبطبيعة الحال الحكيم كثير التأمل قليل الكلام.
والطريف أن هذه الأسباب التي حدت باليونان إلى تمجيده وتقديسه هي نفسها التي دفعت الشعوب الأخرى إلى التشاؤم منه, فصمته يدل على خبثه ومكره لأن البوم يسعى في طلب الرزق في ظلمة الليل, ويتسلح بالصمت كصفة له من أجل اصطياد فريسته حتى إذا رآها ببصره الحاد أو شعر بوجودها بسمعه المرهف انقض عليها بغتة وجنى ثمر صمته الطويل, إضافة إلى أدلة أخرى تزيد من التشاؤم منه شذوذه على سائر الطيور في قدرته أن يدير رأسه دورة كاملة دون أن يحرك جسمه أو يغير وضعه علاوة على إطلاقه صوتا كئيبا أشبه بالنذير.
يفكر المرء بعد ذلك في البوم وما نسجوا حوله من معتقدات خاطئة فيرى أنه طير مظلوم صديق للإنسان والمزارعين بقدر ما هو عدو للقوارض فتصبح المحاصيل الزراعية في مأمن من شرها.
بقي لنا أن نذكر أخيرا لهذا الطير أشكالا وأنواعا كثيرة ويبلغ طوله نحو 70 سم ومنها لا يزيد على 15 سم , وهناك البوم العملاق الذي يبلغ طوله نحو 150 سم