عرض مشاركة واحدة
قديم 08-13-2008
  #15
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

وأقصى الصالح إسماعيل عن الفضلاء من العلماء الحنابلة، وانصرف الى الهو، وأعاد ما أبطله أخوه من المنكرات: ففرض على التجار والصناع وارباب الحرف والفقراء كثيرا من المكوس والضرائب التي كان أخوه الأشرف قد رفعا عنهم!

وأحاط به النخاسون الكبار وأغنياء تجار الرقيق فأعاد فتح الحانات والمواخير!.

وأحيا كل المفاسد والبدع التي كان أخوه الأشرف قد أماتها استجابة لطلب الشيخ عز الدين..!

وكان الصليبيون الفرنجة والتتار الطامعون في الاستيلاء على أرض العرب قد عرفوا ولع الصالح إسماعيل بالنفائس وبالتحف الفاخرة والخمر الغالية والجواري الحسان، فطفقوا يقدمون إليه الهدايا النادرة، حتى بادلهم الهدايا ونشأت بينه وبينهم ألفة ومودة.. ولقد دسوا اليه من الجواري الحسان من أصبحن عيونا عليه، فكن لا يبرحن مجالسه في اللهو أو الجد ويطلعن على كل أسراره، وهو بهن سعيد!

وفسد الأمر في دمشق، فارسل أهل الغيرة فيها يشكون الملك الصالح إسماعيل الى أخيه الأكبر الملك العادل سلطان مصر. فسار على رأس جيش الى دمشق، وأبطل المفاسد ورفع المكوس والضرائب الظالمة عن كاهل الصناع وأرباب الحرف والفقراء والتجار، وعين الشيخ العز عز الدين عبد العزيز ابن عبد السلام قاضيا، صونا للعدل، وحفظا للشريعة، وضمانا لصلاح الأمر، وأذعن الأشرف لأمر أخيه الأكبر.

وكان على الشيخ عز الدين، أن يضع على رأسه أكبر عمامة في الدولة: عمامة قاضي القضاة، صاحب أكبر منصب ونفوذ.. الرجل الذي يلزم بأحكامه كل أولياء الأمر حتى السلطان نفسه!

ورأى الشيخ عز الدين أن يتحلل من التقاليد، فطرح العمامة كبيرها وصغيرها، ووضع على رأسه طاقية من لباد مصر وهي غطاء الرأس الذي لا يستعمله الا فقراء الناس في مصر والشام. وكان من قبل عندما عين خطيبا لجامع الأموي، قد طرح الرداء الأسود الذي ألف خطباء الجامع ارتداءه، وعدل عن صعود المنبر بالسيف وعن ترصيع الخطبة بالسجع.

هاهو ذا الشيخ عز الدين، يجمع كل وسائل النفوذ وأدواته: فهو خطيب الجامع الأموي، وأكبر المفتين، وهو شيخ حلقة، يقنع الناس بوضوح الدليل ونصاعة البرهان وقوة الحجة، ثم هو الى كل ذلك قاضي القضاة، فعلى رجال الدولة تنفيذ ما يقضي به، وإلا أثموا شرعا، واختل ميزان الأمور، فتهرأت الدولة!

والشيخ يجد ويصطنع الاجتهاد في دروس الفقه والأصول بالزاوية الغزالية في الجامع الأموي، وينشط في قضائه وفتاويه لاستنباط الأحكام من القرآن والسنة وإجماع الصحابة، والقياس الصحيح وتحري مصالح الأمة التي هي مقصد الشريعة، حتى لقد صح عند الشيخ ابن الحاجب المالكي وهو واحد من أفقه علماء دمشق أن يقول: «لم نعرف منذ الأئمة الأربعة من هو أفقه من الغزالي، إلا الشيخ العز عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام».

وظل الشيخ عز الدين يعمل على إماتة البدع، وإحياء السنن في كل ما يصدر من أحكام، وما يلقي من دروس وخطب، وما ينشئ من فتاوي. وقال: «طوبى لمن ولي أمرا من أمور المسلمين، فأعان على إماتة البدع وإحياء السنن».. " اهـ
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس