عرض مشاركة واحدة
قديم 03-23-2011
  #4
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الملاحق - ملحق امير داغ الثاني

الملاحق - ملحق أميرداغ/2، ص: 350
وظائف ضرورية له وتركها ناقصة غير كاملة.. وعندها ينقلب ما كان نعمة عظمى الى نقمة عظمى، بما ثبط من شوق الانسان نحو العمل الضروري له.
تأملت في هذا الراديو الصغير الذي أمامي. وقد أتوا به الى غرفتي لاستمع الى القرآن الكريم. فاذا هو ماكنة صغيرة ضمن صندوق صغير، فرأيت أن هناك حصة واحدة فقط للكلام الطيب من بين عشر حصص للهو والترفيه، فعلمت ان هذا خطأ يرتكبه الانسان. وسيصلح باذن الله خطأه هذا ويقوّمه في المستقبل. فيجعل الراديو مدرسة ايمانية، وذلك بجعله حصة الكلام الطيب أربعة أخماس جميع الحصص، شكراً عاما تجاه نعمة الراديو هذه، وتوجيه تلك النعمة لصالح حياة الانسان الخالدة.
النقطة الثانية:
لقد ذكر في رسائل النور:
ان من لايقدر على خلق الكون لن يقدر على خلق ذرة واحدة، وليس غير خالق الكون الذي يقدر على خلق ذرة في موضعها المناسب ويسوقها الى وظيفتها بانتظام.
نذكر حجة جزئية من الحجج الكلية لهذه الجملة:
هذا الراديو بقربي، هو محفظة لانواع الكلمات.. وما فيها من جهاز قد لا يحوي إلاّ جزءاً قليلا من الهواء. لنتأمل في هذا الهواء القليل جدا، فيوضح لنا ما يأتي:
انه حسب قائمة دار الاذاعة التي بين ايدينا، هناك ما يقرب من مئتي مركز اذاعي، هذه المراكز متفاوتة في القرب والبعد، فقد تبعد عنا ساعة او سنة.
فلولا وجود قوة لا حد لها في كل ذرة من ذرات الهواء وارادة لا حصر لها، وعلم تام محيط بلهجات المقرئين في تلك المراكز على الارض كلها، ولولا وجود بصر حاد محيط يرى اولئك جميعهم، ولولا سمع يقدر على سماع كل شئ في آن واحد، دون ان يشغله شئ عن شئ.. لما امكن وصول كلمة قرآنية - الحمد لله مثلا - الى اذاننا في الدقيقة نفسها التي تبث فيها من المركز، بحروفها الكاملة وبلهجتها ولغتها، بل بنبرات صوت المتكلم بها، دون ان يطرأ عليها تغيير. كل ذلك بوساطة تلك الذرات التي في حفنة هواء جهاز الراديو الصغير. فايصال مختلف كلمات


الملاحق - ملحق أميرداغ/2، ص: 351
القرآن، بمختلف الاصداء والاصوات من دون تغير ولا خلل، الى اسماعنا ، انما هو بتلك القدرة المطلقة والصفات المطلقة. ولولاها لما وجدت ولا ظهرت هذه المعجزة، معجزة القدرة.
اي ان ذرات الهواء، في هذا الجهاز الصغير، لا تنال القيام بتلك الاعمال المعجزة، ولا تُظهر معجزة القدرة، الا بقدرة من هو قدير مطلق وبارادته ومن هو عليم سميع بصير محيط بكل شئ، ومن لا يصعب عليه شئ، بل اعظم شئ كأصغره امام قدرته..
وبخلاف هذا فان اسناد هذا الامر المعجز الى المصادفة العشواء والقوة العمياء والطبيعة الصماء - التي يظن وجودها في موجات الهواء - انما هو جعل كل ذرة من ذرات الهواء، والهواء المحيط بالارض حكيما مطلقا بصيراً بكل شئ، عليما لا يخفى عليه شئ، قادراً على كل شئ!. وما هذا إلا خرافة ممجوجة ومحال بل محالات بعيدة كل البعد عن منطق العقل..
ألا فليأت اهل الضلال، وليروا: ما أبعد مذهبهم عن العقل!
النقطة الثالثة:
ان الهواء الضئيل جداً الموجود في جهاز الراديو الصغير، يؤدي مهمة السندانة لأزاهير الكلمات المعنوية الطيبة. فيظهر من معجزات القدرة الالهية ما يبين ان كل ذرة منه تثبت وجود الله سبحانه و تعرّفه بذاته المقدسة وصفاته الجليلة.
فلقد ساح الحكماء الفلاسفة، والعلماء الاعلام في جنبات الكون خيالا، ووضعوا ما فيه نصب نظر العقل، ليثبتوا وجوده سبحانه و وحدانيته، بايراد دلائل واسعة عظيمة، ومن بعد ذلك ينالون معرفة الله الحقة.
بينما هناك حقيقة وهي: ان الشمس حالما تشرق، تبيّنها قطعة من زجاج مثلما يبينها سطح البحر، اي كل منها يشير الى تلك الشمس. فبناء على هذه الحقيقة، فان كل ذرة من ذرات هواء هذا الراديو تبين بذاتها تجلي التوحيد، وكمال صفاته تعالى. ولقد اثبتت رسائل النور - التي هي لمعة من لمعات الاعجاز المعنوي للقرآن الكريم - هذه الحقيقة بوضوح تام.


الملاحق - ملحق أميرداغ/2، ص: 352
لذا لا يجد طالب النور المدقق ضرورة الى قول: "لا موجود الا هو" ليحصل على الحضور القلبي الدائم وتذكر المعرفة الالهية دائما. كما انه لا يحتاج ايضا الى قول : "لا مشهود الا هو" كما هو الحال لدى قسم من اهل الحقيقة، لينعم بالحضور القلبي الدائم.. بل تكفيه اطلالة من نافذة الحقيقة السامية:
وفي كل شئ له آية تدل على انه واحد
وتوضيح هذه العبارة باختصار هو:
ان لكل احد من هذا العالم عالما يخصه، وكونا خاصا به، اي كأن هناك عوالم واكواناً متداخلة بعدد ذوي الشعور.. وان حياة كل احد هي عمود لدنياه الخاصة به، كما لو كان بيد كل واحد مرآة ووجهها الى قصر عظيم، فيكون كل منهم مالكا لذلك القصر في مرآته.
لذا يجد قسم من اهل الحقيقة المعرفة الالهية ويحصلون على حضور القلب الدائم بانكار دنياهم الخاصة بهم، وبترك ما سوى الله، فيقولون: "لا موجود الا هو"..
وقسم آخر من اهل الحقيقة يقولون: "لا مشهود الا هو" بلوغاً منهم الى معرفة الله والحضور القلبي الدائمي . فيزجون دنياهم في سجن النسيان ويسدلون عليها ستار الفناء. فيحصلون على حضور القلب، ويجعلون عمرهم في حكم نوع من العبادة.
اما في هذا الزمان فان رسائل النور قد وضحت بالاعجاز المعنوي للقرآن الحكيم سر العبارة الاتية:
وفي كل شئ له آية تدل على انه واحد
اى ان رسائل النور تبين انه ابتداء من الذرات وانتهاء الى المجرات، هناك نافذة في كل منها تطل على التوحيد، وفي كل منها دلائل واشارات تدل مباشرة على ذات الواحد الاحد بصفاته الجليلة.
فلقد اشارت اشارات مجملة "نكتة لفظ هو" الى هذه الحقيقة السامية، حقيقة الايمان وحضور القلب. بينما اثبتتها رسائل النور اثباتا قاطعا واضحا. في حين بينها اهل الحقيقة سابقا بيانا مجملا مختصرا.


الملاحق - ملحق أميرداغ/2، ص: 353
بمعنى ان هذا الزمان الرهيب اشد حاجة من اي وقت آخر الى هذه الحقيقة، حتى انعم الله على الناس، بوساطة اعجاز القرآن الكريم، وفصلتها رسائل النور واصبحت احدى ناشريها.
الباقي هو الباقي
اخوكم
سعيد النورسي
***

[المألوف المعجز ]
باسمه سبحانه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ابداً دائما
اخوتي الصديقين الاعزاء!
اولا:
نهنئكم - ملء كياننا وارواحنا - بالشهور الثلاثة المباركة التي تُكسب الانسان ثمانين سنة من عمر معنوي خالد. ونبارك لياليكم الفاضلة، ليلة الرغائب، ليلة المعراج، ليلة البراءة، ليلة القدر راجين من رحمته تعالى ان تتقبل مكاسبكم المعنوية وادعيتكم بحق اخوانكم، مباركين خدماتكم الطيبة وتوفيقكم في سبيل نشر النور.
ثانيا:
ان مصيبة النسيان التام التي المّت بي من جراء التسميم، قد تحولت بفضل الله الى نعمة ورحمة ومفتاح لكشف عدد من الحقائق. فاعلمكم بهذا لئلا تتألموا كثيراً على حالي، رغم اني ارجو دعواتكم بكل ما املك.
نعم! لقد قرأت الآن رسالة "المناجاة" التي هي في مستهل مجموعة "سراج النور" فلاحظت ان كثيرا من الحقائق تتستر تحت حجب الالفة والعادة والاطراد.


الملاحق - ملحق أميرداغ/2، ص: 354
وحيث ان الملحدين من اهل الغفلة واهل الطبيعة والفلسفة خاصة، لا يرون كثيرا من معجزات القدرة الالهية المحجوبة تحت حجاب قوانين الله ونواميسه الجارية في الكون، تراهم يسندون حقيقة جليلة الى سبب اعتيادي تافه، ويحملونها عليه. فيسدون بهذا الطريق المؤدي الى معرفة القدير سبحانه في كل شئ. بل يعمون أبصارهم عن النعم التي وضعها المنعم في كل شئ، فلا يرونها، ويسدّون أبواب الشكر والحمد.
فمثلا: ان القدرة الالهية الجليلة مثلما تستنسخ كلمة واحدة مليون بل مليار مرة في آن واحد، وذلك بتجليها على صحيفة الهواء. فكل كلمة طيبة ايضاً تستنسخ برمز الآية الكريمة
(اليه يصعد الكلم الطيب) (فاطر: 10) في كرة الهواء المحيطة بالارض، وفي آن واحد - في حكم بلا زمان - بقلم القدرة الالهية. وقد تسترت معجزة عجيبة من معجزات القدرة في كرة الهواء كأنها لوحة محو واثبات للحقائق المقبولة المعنوية، تسترت بستار الالفة عن انظار الغافلين منذ زمن آدم عليه السلام.
وقد اثبتت تلك المعجزة نفسها في الوقت الحاضر بوساطة جهاز سموه "الراديو" بحيث ان تجلياً للقدرة الازلية المطلقة التي يضم علماً مطلقاً وحكمة مطلقة وارادة مطلقة، حاضر وناظر في كل ذرة من ذرات الهواء. اذ ان الكلمات المختلفة التي لا حدود لها تدخل الاذن الصغيرة للذرة وتخرج من لسانها الدقيق، دوناختلاط او التباس، لا خلل ولا تحير.
بمعنى انه لو اجتمعت الاسباب كلها، لا تستطيع بحال من الاحوال ان تظهر تجلي القدرة الازلية في هذه الوظيفة الفطرية لذرة واحدة.. ولما كانت الاسباب لا دخل لها مطلقا في اظهار الصنعة البديعة المعجزة في آذان تلك الذرة الصغيرة التي لا تعد وفي السنتها الدقيقة التي لا تحصى ، فان اهل الضلال والغفلة يسترونها تحت ستار الالفة والعادة والقانون والاطراد، ويضعون عليها اسماً اعتياديا يخدعون به انفسهم موقتا.
فمثلا: مثلما ذُكر في حاشية ذيل الكلمة الرابعة عشرة، انه:
اذا صنع صنّاع ماهر مئة اوقية من مختلف الاطعمة، ومئة ذراع من مختلف


الملاحق - ملحق أميرداغ/2، ص: 355
الاقمشة، من قطعة تافهة لا تتجاوز قلامة اظفر. ثم قال احدهم: ان هذه الاعمال قد نتجت من تلك القطعة الخشبية التافهة، مصادفة، وبامور طبيعية تهويناً من قيمة خوارق صنعة ذلك الصناع الماهر.. كم يكون كلامه هذا هذيانا، وخرافة خرقاء وضلالة بعيدة!.
كذلك الامر في شجرة الصنوبر او التين، وامثالها من الوف بدائع صنع الله الحاوية على معجزات قدرته سبحانه، فتراهم يبرزون حبة البذرة قائلين ان هذه الاشجار الضخمة قد نشأت من هذه البذور.
وكذلك الامر في هذا الجهاز الذي جعل الهواء المحيط بالكرة الارضية ميدان محاضرة، وحوّل سطح الارض الى مدرسة وملتقى دروس المعرفة والعرفان. ويتضمن نعماً لا حد لها، ينبغي الشكر غير المحدود عليها. وهو انموذج معجل لإحسانات إلهية، تنعم على البشر في حياته الاخروية الابدية، وهو دليل لا ريب فيه وهدية رحمانية تغدق مباشرة من خزينة الرحمة الإلهية. فاطلاق اسم "الراديو" على هذه الهدية المهداة، واطلاق اسم الكهرباء وموجات الهواء.. انما هو اسدال ستار الكفران على تلك النعم الالهية التي تربو على مئات الالوف - كما هو في المثال السابق - بل هو بلاهة لا منتهى لها يقترفها الماديون والضالون، بحيث تفضي بهم الى جناية غير متناهية، تعرضهم الى عقاب غير متناه يستحقونه.
فيا اخوتي:
لقد قرأت هذا اليوم - بنية التصحيح - رسالة "المناجاة" التي هي في مستهل مجموعة "سراج النور" ولكن لما كانت قوة حافظتي قد وهنت وضعفت نهائيا، فقد رأيتني كأنني اتيت حديثا الى الدنيا تجاه تلك الحقائق في "المناجاة" رغم اني في الثمانين من العمر، فلم تعد تلك العادات المعروفة ستارا وحجابا امام تأملي، لذا قرأت تلك "المناجاة" بشوق كامل، واستفدت منها استفادة عظيمة بفضل الله. ووجدتها خارقة حقا وعلمت ان اعداءنا المتسترين يغررون ببعض الموظفين الرسميين في سبيل مصادرة "سراج النور"، محتجين بما في آخره - من بحث الدجال - الا ان قناعتي ان سبب ذلك هو رسالة "المناجاة" التي في مستهلها، كما كان سبب هجوم الملحدين على "مرشد الشباب" بحث (نكتة توحيدية في لفظ "هو").


الملاحق - ملحق أميرداغ/2، ص: 356
ثالثا:
نبشركم بكياننا كله يا اخوتي: ان الاخلاص التام الذي يتحلى به طلاب النور والوفاء الحقيقي الجاد والتساند الذي لا يتزعزع الذي يحملونه يجعل جميع المصائب التي تنزل بنا - من حيث الخدمة الايمانية - نعماً عظيمة .. نعم، ان فتوحات النور تتوسع في الخفاء بما ليس بالحسبان ولا يخطر على خيال احد.
فمثلا: لقد اضطروا الى دفع مئة ليرة ورقية اجرة للسيارة التي نقلتني من اسبارطة الى المحكمة المنعقدة هنا" استانبول". ثقوا يا اخوتي لو كنت ادفع مئتي ليرة لنتائج تخص خدمة الايمان تنشأ من هذه المسألة فقط وتخص "مرشد الشباب" فحسب، او مما يخصني انا بالذات، لكنت اعد تلك النقود المصروفة قليلة زهيدة تجاه تلك النتائج الجليلة.. فكيف بالنتائج التي تعود الى عامة الطلاب والناس عموما والمسائل الكلية!
الباقي هو الباقي
اخوكم المريض الراجي دعاءكم
سعيد النورسي
***

[النظر الى المخلوقات]
"حاشية لرسالة مفتاح عالم النور"
في سفرة بالسيارة ذات يوم، مع طالبين نوريين جامعيين، كنا نستمع من راديو السيارة الذي لا يرتبط باي اتصال سلكي، الى مولود نبوي شريف مقام في مكان بعيد. قلت لذينك الجامعيين:
ان الدليل على ان تجلي القدرة الالهية تظهر في "النور" تجلياً بديهياً دون حجاب - كتجلي الحياة والوجود - هو:
ان الهواء الموجود في هذا الجهاز الصغير، والذي لا يتجاوز حجمه ظفر الانسان، هذا الهواء القليل جدا والنور المعنوي الضئيل جدا، لا يستمع الى الكلمات القادمة


الملاحق - ملحق أميرداغ/2، ص: 357
من هذا المولود النبوي ثم يقولها، وانما ايضا يستمع الى الوف الكلمات ويسمعنا جميع الكلمات التي تبثها الوف اذاعات العالم، ونسمعها بمثل ما نسمع هذا المولود النبوي بوضوح.
بمعنى ان اصغر موجود جزئي يصبح اكبر كلي!
ثم ان هذا الهواء القليل جدا ينجز من الوظائف بقدر ما ينجزه الهواء المحيط بالكرة الارضية، اي يكبر اصغر جزئي بكبر الكرة الهوائية المحيطة.
فلو لم يسند هذا الامر الى تجلي القدرة الالهية لنتجت خرافة عجيبة تحمل من المتناقضات ما لا يسعه خيال، اذ ان انقلاب الشئ الى ضده محال، فكيف يصبح هذا الجزئي الذي هو صغير بالوف الدرجات، كليا بألوف المرات؟
وكيف يصبح هذا الجامد العاجز الذي لا يشعر بشئ مقتدرا وذا شعور وادراك وإرادة؟
فهذه خرافة تحمل مئات الخرافات والمتناقضات التي لا مثيل لها.
بمعنى ان الامر انما هو بتجلي القدرة الالهية بالبداهة. والذي يمثل ذلك التجلي الواسع في الهواء عامة يبينه معنى الحديث الشريف: "ان لله ملكا، له اربعون الف رأس، في كل رأس اربعون الف لسان، يسبح اربعين الف تسبيحة بكل لسان". بمعنى انه يسبح اربعا و ستين تريلون تسبيحة في اللحظة نفسها.
أي ان الهواء المحيط بالارض كهذا الملك . اي يكتب على صحيفة الهواء كل كلمة طيبة بعدد تسبيحات هذا الملك.
يقول الهواء المحيط: ان هذا الحديث ينبئ عني وعن الملك الذي يشرف على اعمالي، لانه ضمن كلمات الانسان كلها والاصوات الاخرى التي لا تحد، ترد هذه الكلمات الطيبة بحروفها دون اي التباس مع انها تختلط مع بعضها، وبنبرات المتكلم بها، وبصوته المتميز، فليس في الامكان قطعا احالة هذا العمل الذي يتم بشعور كلي كامل - هو وظيفة ذرة واحدة مني- اليّ ولا الى اي سبب من الاسباب.
اي انه تجلي القدرة الازلية التي تضم ارادة شاملة كل شئ وعلما محيطا بكل شئ ليس الا، ذلك التجلي العام الشامل لكل شئ، الحاضر والناظر بتجلي الاحدية في كل مكان.


الملاحق - ملحق أميرداغ/2، ص: 358
والشاهد على هذا يربو على الملايين، احد اولئك الشهود: الراديو.
ان مضمون ما جاء في الكلمة الثانية عشرة، لدى المقارنة بين حكمة القرآن وفلسفة الانسان هو الآتي:
ان الفلسفة التي توصل اليها الانسان تحجب معجزات القدرة الالهية وخوارق رحمته تعالى بستار العاديات، فلا ترى دلائل الوحدانية المضمرة تحت تلك العاديات وتلك النعم الجليلة. ولا تبينها ولا تدل عليها. بينما اذا ما رأت ما هو خارج عن العادة من جزئيات خاصة، تتوجه اليه وتهتم به.
فمثلا: انها لا ترى معجزة القدرة الالهية في خلق الانسان السوي ولا تهتم به بينما تجلب الانظار بحيرة واستغراب الى الانسان ذي الرأسين او ذي ثلاثة ارجل الخارج عن القاعدة. فهي تخبى معجزات القدرة الكلية العامة تحت ستار العادة. في حين انها تجعل المواد الخارجة عن وظائفها والجزئية مدار عبرة وتأمل!.
ومثلا: انها لا ترى المعجزات في اعاشة صغار الانسان والحيوانات، بل تعدها امراً عادياً فلا تعيرلها بالا، ولكن حشرة نأت عن طائفتها وانعزلت عن امتها وظلت في قعر البحر ومدت اليها يد المعونة بورقة خضراء، واخذت تتغذى عليها، ادمعت عيون صيادي الاسماك على الحادث هذا، واعلنوا عنها ببهاء حتى ذكرتها احدى صحف امريكا في حينه.
بينما في اصغر حيوان هناك الوف الوف المعجزات امثال هذه للارزاق، اذ تتدفق الاثداء بسائل الحياة للصغار. بيد ان الفلسفة البشرية لا ترى تلك المعجزة، معجزة الرحمة والاحسان الالهي كي تشكر ربها وتؤمن بالرحمن وتقابله بالشكر.
وهكذا فالحكمة القرآنية تمزق ذلك الحجاب، حجاب العاديات المضروب على المخلوقات وترشد البشرية الى تلك المعجزات الكلية والنعم التي يسبغها الله سبحانه على الكائنات قاطبة فتعرف ربها وتسوق الجميع الى العبودية المكللة بالشكر لله تعالى. وهكذا فان اعجب خطأ واغربه مما تقترفه الفلسفة البشرية هو:
ان الانسان الذي لا تفي ارادته وجزؤه الاختياري لفعل جزئي ظاهري جدا وهو "التكلم" ولا يقدر على ايجاده، وانما يدفع الهواء الى مواضع مخارج الحروف، والله


الملاحق - ملحق أميرداغ/2، ص: 359
سبحانه هو الذي يخلق الكلمات بناء على هذا الكسب الجزئي، ويكتبه بالوف الوف النسخ في الهواء.
فعلى الرغم من قصر يد الانسان عن الايجاد الى هذا الحد، فان اعطاء اسم "ايجاد الانسان" على معجزة قدرة الهية كلية تعجز جميع الاسباب، اسباب الكون، دونها، خطأ جسيم وأي خطأ. يدرك ذلك كل من له ذرة من شعور.
ومثال ذلك هو:
ان رجلاً عاجزاً جعل قانوناً الهيًا - يضم مئة الف من الخوارق - وسيلة لاستفادة البشر، بكشفه الراديو، بالهام الهي، اي بنوع من استجابة دعاء الانسان الفعلي، كم يكون خطأ قول الانسان: نعم ان الراديو قد اوجده المخترع الفلاني، وهو الذي اوجد القوة الكهربائية. وهناك آخرون يسعون لايجاد مادة لقراءة ما في دماغ الانسان!.
نعم! ان الله سبحانه وتعالى قد خلق العالم دار ضيافة تليق بالانسان، وهيأ له فيها كل ما يحتاجه ويلزمه، وكنوع من متطلبات الضيافة يسلم الى يده - في بعض الازمان والعصور- نعماً ظلت مخفية عنه، وذلك نتيجة دعائه الفعلي الذي هو البحث عن الحقائق والتحري عنها، المتولد من تلاحق الافكار. فبينما يجب على الانسان ان يشكر ربه تجاه هذه النعم، اذا به يرتكب كفرانا عظيما فينسى انها منه تعالى وينظر اليها من ايجاد انسان اعتيادي عاجز ويسندها الى مهارته بل يُنسي الاخرين كذلك تلك الخوارق الناشئة من احسان عميم يغدق بعلم وارادة ورحمة وشعور، حيث لا يظهر الا سببا ومشهداً منه. ويفوض امره الى المصادفة العشواء والطبيعة والمواد الجامدة. وما هذا الا فتح لباب الجهل المطلق المنافي للانسان المكرم المخلوق في احسن تقويم.
لذا يلزم النظر الى المخلوقات بالنظر الحرفي لا الاسمي، وفق دستور:
وفي كل شئ له آية تدل على انه واحد
وذلك لاجل ان يسمو الانسان الى مستوى الانسان حقا.
(سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا انك انت العليم الحكيم)
***
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس