عرض مشاركة واحدة
قديم 03-23-2011
  #5
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الملاحق - ملحق امير داغ الثاني

الملاحق - ملحق أميرداغ/2، ص: 360
[تحليل سيرة ذاتية]
باسمه سبحانه
اخوتي الصديقين الاعزاء!
اولا: نبارك لكم مولودكم النبوي الشريف، ونبارك توفيقكم في اعمالكم ونبشركم بانتشار رسائل النور انتشارا مؤثرا في الاوساط بما هو فوق المعتاد. ونهنئ جميع طلاب النور.
ثانيا: في هذه الليلة المباركة خطر على قلبي خاطر قوي وهو:
انه لمناسبة ما كتبه الطلاب الجامعيون في استانبول من خوارق عن حياة سعيد القديم وسعيد الجديد في كتاب "سيرة ذاتية" تولد لدى القراء رأيان ونشأت فكرتان هما:
الاول: لقد حصل حسن ظن مفرط لدى الاصدقاء - كما يحصل في الولاية - بما يفوق حدي بكثير.
الثاني: حصل ظن وشبهة بما هو خارج طوقي بألف مرة لدى المعارضين واهل الفلسفة، اذ ظنوا وجود دهاء خارق جدا، بل حتى تولد لدى البعض منهم توهم وجود سحر قوي.
ولقد سئلت في اماكن كثيرة اسئلة تدور حول هذا المعنى، وطلبوا مني جلية الامر ماديا ومعنويا.
وانا بدوري اضطررت الى بيان حقيقة ذات مقدمات كثيرة لورود ذلك الخاطر في هذه الليلة.
المقدمة الاولى: ان بذرة شجرة الصنوبر التي هي بحجم حبة الحنطة تكون منشأ لشجرة صنوبر ضخمة. فالقدرة الالهية تخلق تلك الشجرة العجيبة من تلك البذرة، وقد لا توجد للبذرة الا حصة واحدة من مليون حصة من الخلق،حيث سطر فيها قلم القدر فهرسا معنويا لتلك الشجرة. فلو لم يسند الامر الى القدرة الالهية للزم وجود مصانع تسع مدينة كاملة كي تتكون تلك الشجرة العجيبة باغصانها المتشعبة.


الملاحق - ملحق أميرداغ/2، ص: 361
وهكذا فان احدى دلائل عظمة الله وقدرته سبحانه هو انه يخلق من شئ صغير جدا كالذرة، اشياء عظيمة عظمة الجبال.
وهكذا بمثل هذا المثال اُعلن باقتناع تام وبخالص نيتي ولا اتكلف التواضع ونكران الذات فاقول:
ان خدماتي واحداث حياتي قد اصبحت في حكم بذرة، لكي تكون مبدأ لخدمة ايمانية جليلة، قد منحت العناية الالهية منها في هذا الزمان شجرة مثمرة برسائل النور النابعة من القرآن الكريم.
فاقسم لكم لتطمئنوا فاقول:
انني ما كنت اجد في نفسي قابلية ولا مزية ولا اهلية فائقة لتلك الخوارق التي مرت في حياتي، لذا كنت اتقلب في حيرة. بل ما اجد في نفسي كفاءة لتدبير امورها وارتباطها بعلاقات بالمجتمع فكيف لها بدهاء خارق وولاية خارقة!
نعم لقد أظهرت حالات جلبت الانظار اليّ، ولكنها كانت خارجة عن ارادتي واختياري، حتى بدت كأنها نوع من جلب الاعجاب، وما كانت الا من قبيل عدم تكذيب حسن الظن الذي كان يحمله الناس نحوي.
ولكن لما كنت اجهل الحكمة في عدم كوني في الحقيقة على ما يظنه الناس بي، ولا افيد شيئا للدنيا، وها قد اصبحت موضع توجه الناس بما يفوقني بألف مرتبة ومرتبة، لذا كنت اتلقى هذا الامر باعتباره خلافاً للحقيقة كليا.
ولكن بفضل الله وكرمه، والف حمد وشكر له، اذ قد انعم علي فهم شئ من حكمة ذلك الامر، في اواخر ايامي بعد قضاء ما يقرب من ثمانين سنة من العمر.
وسأشير الى شئ منها. وها انا ابين قسما من عديد نماذجها:
المثال الاول:
انه حسب الطرق المتبعة في المدارس الدينية ينبغي دراسة العلوم الشرعية مدة خمس عشرة سنة - في الاقل - كي تحرز الحقائق الدينية والعلوم الاسلامية.
ففي ذلك الوقت لم يبد على سعيد ذكاء خارق او قوة معنوية وحدها بل ظهرت


الملاحق - ملحق أميرداغ/2، ص: 362
ايضاً حالة عجيبة كانت خارجة عن نطاق استعداده وقابلياته كلها، بحيث انه بعد اطلاعه على مبادى الصرف والنحو خلال سنة او سنتين، ظهرت عليه الحالة العجيبة، فكأنه اكمل قراءة ما يقرب من خمسين كتابا خلال ثلاثة اشهر، وقد استوعبها واجيز عليها وتسلم الشهادة باكمالها.
هذه الحالة اظهرت بعد ستين سنة بوضوح: ان تفسيراً للقرآن الكريم سيظهر ويناول القارئ في فترة قصيرة لا تتجاوز أربعة اشهر، العلوم الايمانية وان ذلك الضعيف "سعيد" سيكون عاملا له وفي خدمته.
ومن جراء ذلك الوضع تخطر على البال معان كأنها اشارات غيبية بأنه سيأتي زمان تضمحل فيه المدارس الدينية، لا يمكن نيل العلوم الاسلامية في خمس عشرة سنة بل حتى في سنة واحدة.
الانموذج الثاني:
ان مناظرة "سعيد" في ذلك الزمن البعيد علماء اجلاء وهو بعدُ في فترة الصبا، واجابته عن اسئلتهم - من دون ان يسأل أحدا - اجابة صائبة رغم كونها في اعقد المسائل، هذه الحالة التي ظهرت، اعترف اعترافا قاطعا، واعتقد جازما انها ليست ناشئة من حدة ذكائي، ولا من خارق استعدادي قط. فانا الذي كنت صبيا صغيرا، مبتلى بامور كثيرة ، مبتدءا بعد في العلوم، سارح الفكر، ومثيرا للمناقشات، فما كان في طوقي قطعا اجابة اسئلة علماء افذاذ. بل كنت اغلب في مناقشات صغار العلماء وصغار طلاب العلم، لذا فانا على اقتناع تام بأن اجاباتي الصائبة تلك، ليست ناشئة من استعدادي ولا من ذكائي.
فلقد كنت طوال السنوات السبعين الماضية في حيرة من هذا الامر، ولكن الآن بفضل الله واحسانه فهمت حكمة منها وهي:
ستمنح علوم المدارس الدينية التي هي بمثابة بذرة تلك العلوم شجرة طيبة وسيكون لخادم تلك الشجرة حساد ومعارضون كثيرون.
وهكذا فان قيام اصحاب المشارب والمسالك المختلفة بين المسلمين في هذا الزمان بانتقاد عمل خدام تلك الشجرة، شجرة النور، ولاسيما من علماء الدين سواء بسبب


الملاحق - ملحق أميرداغ/2، ص: 363
المنافسة او بسبب اختلاف المشارب. فضلا عما يثير رسائل النور كثيرا من عرق علماء الدين. كما كان دأب اهل السنة والمعتزلة سابقًا في دحض بعضهم بعضًا ونشر مؤلفات في تفنيد آراء الآخرين والظهور عليهم.. اقول بينما كان الامر لابد ان يؤول الى هذا الا ان الله سبحانه اراد ان يجري الامر على خلاف تلك العادة المتبعة منذ القدم.
فألف شكر وشكر لله سبحانه.
وانا على اعتقاد جازم ان سبب عدم تأليفهم اي كتاب لنقد رسائل النور او الاعتراض عليها انما هو:
اجابة سعيد الصغير اجابة صائبة لعلماء عظام، في ذلك الوقت. اذ تلك الاجابات السديدة قد فتت في عضد شجاعتهم وجرأتهم، حتى انهم لم يتصدوا لرسائل النور ولم يعارضوها رغم مخالفتهم لها مشربا، ورغم ما يحملون من روح المنافسة والغيرة العلميتين.
لذا اقتنعت اقتناعا تاما ان هذه هي حكمة واحدة لعدم قيام العلماء بالاعتراض على الرسائل. اذ لو بدأ الاعتراض لكان اعداؤنا المتسترون والملحدون ومن يوالونهم يتخذون ذلك الاعتراض ذريعة مهمة جداً لتهوين شأن رسائل النور وعلماء الدين معا. فالحمد لله حمداً لا حد له، لم يقاوم رسائل النور حتى اولئك العلماء الرسميون الذين تعرضت لهم الرسائل كثيرا.
الانموذج الثالث:
على الرغم من ان سعيداً القديم فقير الحال منذ ايام طفولته، كما ان والده فقير الحال، فان عدم قبوله الصدقات والهدايا من الاخرين، بل عدم استطاعته قبولها، الا بمقابل، رغم حاجته الشديدة جدا، وعدم ذهاب "سعيد" قط في اي وقت من الاوقات لاخذ الارزاق من الناس وعدم تسلمه الزكاة من احد - عن علم - كما كانت العادة جارية في كردستان، حيث كانت ارزاق طلاب العلم تدفع من بيوت الاهلين وتسد مصاريفهم من اموال الزكاة.
اقول اني على قناعة تامة الآن من ان حكمة هذا الامر هي:


الملاحق - ملحق أميرداغ/2، ص: 364
عدم جعل رسائل النور - التي هي خدمة سامية خالصة للايمان والآخرة - في آخر ايامي وسيلة لمغانم الدنيا، وعدم جعلها ذريعة لجر المنافع الشخصية.
فلاجل هذه الحكمة اُعطيتْ لي هذه الحالة، حالة النفور من تلك العادة المقبولة وتلك السجية غير المضرة، والهروب منها، وعدم فتح يد المسألة من الناس. فرضيت بالعيش الكفاف وشدة الفقر والضنك. وذلك لئلا يفسد الاخلاص الحقيقي الذي هو القوة الحقيقية لرسائل النور.
واشعر كذلك ان في هذا الامر اشارة فيها مغزى ، بان هذه الحاجة هي التي تدفع اهل العلم الى الانهماك بهموم العيش حتى يغلبوا على امرهم في الزمان القابل.
الانموذج الرابع:
بينما كان سعيد الجديد يجهد في ان يجنب نفسه ايام شيخوخته عن السياسة وامر الدنيا كليا، فان اهل الدنيا خلافا لكل القوانين والاعراف والانصاف والوجدان بل خلافا للانسانية، انزلوا به اقسى ضربات الظلم الشنيع طوال ثمان وعشرين سنة، فقاسى ذلك الضعيف، سعيد، امر العذاب وتحمل اشدالعنت منهم مع انه ما كان يتحمل اذى الذباب، وذلك بما وهب له سبحانه من الصبر العظيم والتحمل الذي لا مثيل له لاذى الاهانات الشنيعة. وعلى الرغم من مزاجه العصبي ورهافة حسه وعدم التخوف في فطرته، والجرأة التي يحملها من ايمانه بحقيقة ان الاجل واحد لا يتغير، فان صبره وسكوته في حالة في غاية من المسكنة والخوف، بل منح الفرح والانشراح لروحه بعد معاناته تلك الانواع من التعذيب والاهانات.. اقول ان حكمة واحدة من هذا الامر هي الآتية كما اقتنعت بها قناعة تامة:
عدم جعل رسائل النور التي تفسر حقائق القرآن الحكيم الايمانية، وسيلة لاي شئ كان - عدا مرضاة الله - اذ قد أشاع اهل السياسة شبهة استغلال "سعيد" الدين لاجل السياسة، فعُذّب سعيد وسجن لئلايكون الدين وسيلة للسياسة. ولكن القدر الالهي لطم سعيداً لطمات رأفة وشفقة من تحت ستار ذلك الحكم الظالم لاهل السياسة، لئلا يفسد الاخلاص الذي استلهمه من رسائل النور قائلا له:
"أياك ان تجعل رسائل النور - التي هي تفسير لحقائق الايمان - وسيلة لجر منافعك الشخصية، بل حتى لكمالاتك المعنوية، واحذر ان تجعلها ذريعة للخلاص من البلايا


الملاحق - ملحق أميرداغ/2، ص: 365
والاذى والاضرار. وذلك لكي يبقى الاخلاص الحقيقي- الذي هو القوة العظمى لرسائل النور- مصونا من الخلل".
فانا مقتنع الآن قناعة تامة ان تلك اللطمات كانت لطمات رأفة نزلت بي من القدر الالهي، بل اطمأننت تماما انه متى ما انصرفت لشؤون آخرتي وحدها، وانشغلت بعباداتي الشخصية وحدها، تاركا خدماتي لرسائل النور، في هذا الوقت بالذات، يتسلط علي اهل الدنيا فيذيقوني العذاب والآلام.
احيل ايضاح هذا الانموذج الرابع الى الرسالة الاخيرة - الحقيقة هي التي تتكلم - التي تخص بيان السبب في القاء اهل السياسة سعيدا في السجون والمعتقلات منعا لاستغلال الدين في امور السياسة، ومعرفة سعيد بعد ذلك حكمة الامر بانها لطمات قدر الهي رؤوف، وصفحه عنهم بعد ذلك ، وكذا معرفته حكمة الصبر الشديد والتحمل الشديد الذي وهبه الله له.
الانموذج الخامس:
ان هذا المسكين سعيد، برغم حاجته الشديدة الى الكتابة وجودة الخط، وانشغاله بها منذ سبعين سنة، واضطراره الى تصحيح مئتي صفحة في اليوم الواحد احيانا، لا يملك من الخط ما يتعلمه طفل ذكي في العاشرة من العمر في عشرة ايام. هذا الامر محير حقا، اذ لم يكن سعيد محروماً من القابليات كليا، فضلا عن ان اشقاءه يجيدون الخط وحسن الكتابة.
فانا مقتنع تمام الاقتناع بان حكمة بقائي نصف امي برداءة الخط وانا في اشد الحاجة اليه هي:
انه سيأتي زمان لا يمكن للقدرات والقوى الشخصية والجزئية ان تقاوم وتصد هجوم اعداء رهيبين، فيبحث سعيد بحثا حثيثا عن الذين يملكون خطا جيدا ليشركهم في خدمته فيشكلون معا الاف الاقلام التي تحول تلك الخدمة الشخصية الجزئية الى خدمة كلية عامة قوية، اذ يجتمعون حول تلك البذرة، بذرة النور، اجتماع الماء والهواء والنور، ويمدون تلك الشجرة المعنوية بالعون، ففضلا عن هذه


الملاحق - ملحق أميرداغ/2، ص: 366
الحكمة فان اذابة انانيته في حوض الجماعة المبارك كاذابة قالب الثلج نيلاً للاخلاص الحقيقي، حكمة اخرى تدفع لخدمة الايمان.
الباقي هو الباقي
اخوكم
سعيد النورسي
***

[لا ذنب في رسائل النور]
اخوتي الاعزاء الصادقين!
نهنئكم من صميم ارواحنا واعماق قلوبنا بحلول العيد السعيد، و ستدركون باذن الله عيداً يعم العالم الاسلامي كله ذات يوم. ان هناك امارات كثيرة تبين ان القرآن الحكيم الذي هو منبع جميع القوانين السامية للجماهير المتحدة الاسلامية، سيكون مهيمناً في المستقبل. وسيأتى ذلك اليوم باذن الله، ذلك العيد الحق للمسلمين جميعاً، بل البشرية قاطبة.
ثانياً: مما لا ريب فيه ان رسائل النور وطلابها تحت العناية الالهية وحفظها، اذ رغم الظروف الدقيقة في هذه المرحلة، ورغم القوانين الاعتباطية، ورغم العناد الشديد، وطوال هذه المدة المديدة، لم يتمكنوا ان يلحقوا الضرر بطلاب النور إلاّ بنسبة واحد في المئة.
فعلى الرغم من خططهم الرهيبة لإشغال ستمائة طالباً من طلاب النور النشطين بالمحاكم المتتالية، لم يتمكنوا الاّ على ستة من الطلاب. حتى لم تجد خمس و عشرون محكمة من محاكم العدل شيئاً ما في الالوف من رسائل النور وفى الالوف من طلاب النور - كما ذكره بطل النور - خلال تحقيقاتها المتوالية. بل الدليل القاطع على ذلك هو قول الكثير من دوائر العدل أنه : لا ذنب في رسائل النور ولا نجده فيها.


الملاحق - ملحق أميرداغ/2، ص: 367
فضلاً عن اننى قد تكلمت في كل من محكمة استانبول وآفيون وامثالها بما يناقض قوانينهم - التى يمكن استعمالها لاغراض سيئة - ولم يستطيعوا ان يدينوني.
علاوة على ان رسائل النور التى حطمت القوانين الجائرة للمدنية الاوروبية لم يجدوا فيها ذنباً قط. مما يبين بوضوح ان حقائق رسائل النور قد حملت دوائر العدل على الانصاف، بظهورها وتغلبها على معارضيها. فالعناية الالهية تضم رسائل النور تحت جناحها، وكيف لا وهى معجزة من معجزات القرآن الكريم. أما هجوم المعارضين والمخالفين عليها، فيكون باذن الله وسيلة لسطوع رسائل النور وسبباً لانتشارها.
***

[مع ضباط الأمن]
يقول استاذنا:
لم يقابلنى احد من مسؤولي الحكومة خلال ثمان وعشرين سنة الاّ وضايقنى، ماخلا ضباط الأمن "المباحث" فانهم لم يضايقوني قطعاً فضلاً عن ان بعضهم تصرف معي تصرف مدافع وحامٍ. والآن اوضح حكمة هذا التصرف منهم:
لقد تحقق ان رسائل النور وطلابها هم كأفراد أمن معنويين، يحاولون الحفاظ على الامن والنظام في البلاد عن عقيدة، وقد نصبوا حارساً في كل قلب مؤمن بارشاداتهم ونصائحهم. وشعر ضباط الامن بهذا شعوراً معنوياً، فاظهروا لنا في كل وقت وجه الصداقة. وسر هذا هو الآتى:
ان قانوناً اساسياً للقرآن الكريم هو
(ولا تزر وازرة وزر اخرى) (فاطر: 18) فيمنع القرآن بموجبه محاولة الاخلال بالنظام، وذلك لئلا يتضرر تسعون بالمائة من الناس في اثناء القضاء على عشرة من الجناة. وبناء على هذا السر الدقيق فانه على الرغم من وجود قوى معنوية رهيبة تحاول الاخلال بالأمن والنظام، وعلى الرغم من فعالياتهم ونشاطهم في البلاد كافة، بل ان نشاطهم هنا اكثر مما في فرنسا ومصر والمغرب وايران، لم يستطيعوا الاخلال بالامن. وما سبب ذلك الاّ ستمائة الف من نسخ


الملاحق - ملحق أميرداغ/2، ص: 368
رسائل النور وخمسمائة الف طالب من طلابها وقد اصبحوا كقوة معنوية ساندة للأمن ليصدوا تلك القوى الهدامة الرهيبة.
فضباط الأمن شعروا بهذا، لذا يبدون حالات تتسم بالرحمة والانصاف والشفقة على رسائل النور خلاقا للموظفين الرسميين منذ ثمان وعشرين سنة.
ويقول استاذنا ايضاً:
"انني اقول: ان على افراد الأمن ان يكونوا اصحاب تقوى ودين فيؤدوا الفرائض ويجنبوا انفسهم الخطايا والذنوب، اكثر من العلماء المتصوفة، وهذا ما تقتضيه مهمتهم وواجبهم نظراً للحاجة الشديدة، وذلك ليؤدوا وظائفهم في سبيل استتباب الأمن والنظام حق الاداء، تجاه الدمار الرهيب الذى يحدثه المخربون المعنويون".
طلاب النور
الذين في صحبته
***

الحقيقة هي التي تتكلم
لقد أثبتت رسائل النور انه قد تنبثق عدالة من بين طيات الظلم. أي قد يتعرض أحدهم الى الظلم والى الحيف فتصيبه نكبة، وقد يحكم عليه بالحبس ويرمى به في غياهب السجون.. لاشك ان مثل هذا الحكم ظلم واضح، ولكنه قد يكون سبباً لتجلي العدالة وظهورها، ذلك لأن القدر الالهي قد يستخدم الظالم لتوجيه العقوبة الى شخص استحقها بسبب آخر، وهذا نوع من أنواع تجلي العدالة الالهية.
وانا الآن أفكر.. لِمَ اُساق من محكمة الى محكمة، ومن ولاية الى ولاية، ومن مدينة الى اخرى طوال ثمانية وعشرين عاماً؟ وما التهمة الموجهة اليّ من قبل من ارتضوا لأنفسهم معاملتي بكل هذا التعذيب الظالم؟ أليست هي تهمة استغلال الدين في سبيل السياسة؟ ولكن لِمَ لا يستطيعون اثبات ذلك؟.. ذلك لأنه لا يوجد أي شئ من هذا القبيل في الحقيقة وفي الواقع. فهذه محكمة تقضي الشهور


الملاحق - ملحق أميرداغ/2، ص: 369
والسنوات في محاولة الحصول على أي دليل يدينني فلا تستطيع، واذا بمحكمة اخرى تسوقني للتحقيق وللمحاكمة تحت التهمة نفسها وتقضي بدورها مدة في هذه المحاولة وفي الضغط عليّ وتعرضني لأنواع شتى من التعذيب، وعندما لا تحصل على أية نتيجة تتركني، واذا بمحكمة ثالثة تمسك بخناقي هذه المرة.. وهكذا انتقل من مصيبة الى مصيبة، ومن نكبة الى اُخرى. لقد انقضى ثمان وعشرون سنة من عمري على هذا المنوال، واخيراً ايقنوا من عدم وجود أي نصيب من الصحة للتهم المسندة اليَّ؛ واني أتساءَل:
سواء أكان ذلك قصداً أو وهماً فانني أعلم علم اليقين عدم وجود أية علاقة لي بهذه التهمة، كما ان جميع أهل الانصاف يعرفون بانني لست بالرجل الذي يستغل الدين لغاية سياسية، بل ان الذين وجّهوا اليّ هذه التهمة يعرفون ذلك في قرارة نفوسهم.
اذن فما السبب في اصرارهم على اقتراف هذا الظلم في حقي؟ ولماذا بقيت معرضاً على الدوام لهذا الظلم والتعذيب مع كوني بريئاً ودون أي ذنب؟ ولماذا لم استطع التخلص من هذه المصائب؟ ألم تكن هذه الأحوال مخالفة للعدالة الالهية؟
لقد بحثت عن أجوبة لهذه الاسئلة خلال ربع قرن من الزمن فلم اُوفق في ذلك. ولكني الآن عرفت السبب الحقيقي في قيامهم بظلمي وتعذيبي. وانا أقول وكلي أسف:
ان ذنبي هو اتخاذي خدماتي القرآنية وسيلة للترقي المعنوي والكمالات الروحية. والآن بدأتُ افهم هذا وأحسه تماماً، وانا اشكر الله تعالى الاف المرات لانه طوال سنوات طويلة وضعت موانع معنوية وقوية جداً خارج ارادتي لكي لا اتخذ خدماتي الايمانية وسيلة للترقيات المادية والمعنوية أو من أجل الخلاص من العذاب ومن جهنم أو حتى من أجل سعادتي الأبدية أو من أجل أية غاية أخرى.
لقد اذهلتني هذه الاحاسيس الداخلية العميقة والخواطر الالهامية، فبينما نرى ان كل فرد له الحق في اكتساب المقامات التي يعشقها، وفي نيل السعادة الأخروية عن طريق الأعمال الصالحة، هذا زيادة على انه لا ينتج أي ضرر لأي أحد، ومع هذا

عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس