الموضوع: صيقل الإسلام
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-02-2011
  #29
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: صيقل الإسلام


صيقل الإسلام/تعليقات - ص: 300
وكذا في مانعة الجمع ومانعة الخلوّ.. لان اللزوم او العناد بين الشيئين يستلزم سلب العناد في الاول، وسلب اللزوم في الثاني بالبداهة، دون العكس.. لجواز عدم اللزوم مع عدم العناد بين الشيئين، كما في الاتفاقيات.
ثم المتصلة مع مانعة الجمع - موجبة او سالبة - متفقة في الكيف.. وفي احد الجزئين بالذات او بالتلازم، وهو في المتصلة مقدم مع التناقض بالذات، او بالتلازم في الجزؤ الآخر وهو في المتصلة تال، تلازمتا وتعاكستا. فان عين كل جزؤ من مانعة الجمع يستلزم نقيض 1 الاخر. الذي هو الاعم من العين المأخوذ مقدماً. ولان عين الملزوم يمتنع اجتماعه مع نقيض اللازم، وفي السالبة 2. لان سلب منع الجمع جواز الجمع، وهو نوع اتصال بين العينين، وسلب اللزوم نوع انفصال.
واما المتصلة مع مانعة الخلوّ، فكذا تستلزم مانعة الخلوّ لمتصلتين يركب من نقيض كلّ من الجزئين مقدماً، وعين الآخر تالياً. وكذا كلّ متصلة تستلزم مانعة الخلو من نقيض المقدم مع عين التالي.. والاّ لزم تخلّف اللازم عن الملزوم. فاذا اتفقتا في الكم والكيف، واتفقتا او تلازمتا في جزؤ - وهو في المتصلة تال - وتناقضتا بالذات، او بالتلازم في الجزؤ الآخر - وهو في المتصلة مقدم - تلازمتا وتعاكستا بعين الدليل السابق؛ كإما لا انسان وإما لافرس، فكلّما كان انساناً.
اعلم! أن المنفصلتين المتّحدتين الجنس.. إن تلازما تعاكسياً في الجزئين، او مع جزؤ مع الاتحاد في الآخر.. فمتلازمتان متعاكستان.. بسر احكام المتساوية متساوية، المستند الى قياس اقتراني مركب من المتصلة والمنفصلة، المنتج للمنفصلة المطلوبة. هكذا، كلما صدق هذا المساويّ، صدق ذاك. وإما ذاك، وإما ذاك، وإما هذا.. فانتج إما هذا المساوي، واما ذاك . فقس!..
وكذا، في الحقيقي.. إن تناقضا في الجزئين بالذات او بالتلازم. وأما مانعة الجمع - إن كان طرفاً احدهما، او احد طرفهما لازماً، والآخر أحدها ملزوما مع اتحاد الآخر - فالملزومة الطرف، لازمة اللازمة الطرف في الموجبة بحكم الخلف دون العكس.. بسر التخلّف؛ كمنع الجمع بين الانسان والفرس، دون بين الحيوان والجسم اللازمين.
____________________
1 اذ فيه عناد الصدق.
2 ايضاً تلازمتا تعاكسياً.


صيقل الإسلام/تعليقات - ص: 301
وفي السالبة اللازمة الطرف، لازمة ملزومة الطرف بالخلف. لان جواز الجمع بين الملزومين يستلزم جواز الجمع بين اللازمين.. والاّ لزم المحال دون العكس بالتخلف؛ كجواز الجمع بين الحيوان والجسم، مع عدم جواز الجمع بين الانسان والفرس، الملزومين لهما. و.. والمانعتا الخلوان - إن كان طرفا احدهما، او احد طرفهما مع الاتحاد في الاخر لازماً، وطرفا الاخرى او احدها ملزوماً - ففي الموجبة اللازمة الطرف لازمة فقط. وفي السالبة الملزومة الطرف لازمة فقط.. اللزوم بسر الخلف، وعدم العكس بسرّ التخلف.. والجمع والخلف ايجاباً وسلباً- كزلزل. واما المختلفة الجنس، فالحقيقة مع مانعة الجمع - ان اتحدتا في طرف واحد - طرف الحقيقة لازم لطرف مانعة الجمع، وملزوم لطرف مانعة الخلو فهما لازمتان في الايجاب بسرّ ان منع الجمع الذي في ضمن الحقيقية بين الشئ ولازم شئ يستلزم منع الجمع بين شيئين. وما في ضمن الحقيقة من منع الخلو بين الشئ، وملزوم شئ يستلزم منع الخلو بين شيئين، دون العكس فيهما للتخلف. وفي السالبة الحقيقية لازمة، بسر ان سلب الاعم اخصّ، وسلب الاخص اعمّ.
اعلم! ان تعاند الشرطيات بعد معرفة تلازمها سهل المأخذ. ففي كلّ متلازم متعاكس - كما مرّ - بين عين كل مع نقيض الاخر عناد حقيقيّ. وفي عين المتعاكس بين عين الملزوم ونقيض اللازم عناد الجمع.. وبين نقيض الملزومة وعين اللازمة عناد الخلف.
خاتمة الخاتمة:
كما تنحرف الحملية 1 عن طبيعتها وتختفي تحت قيد، حتى تحت حرف واحد؛ كذلك الشرطية تنحرف عن صورتها وتندمج تحت كلمة، او حملية تدلّ
____________________
الحمل قسمان: اشتقاق اي يكون اشارة الى انه بانواع احواله وحروفه وكلماته وعباراته ونظائره وقرائنه، وغيرها هداية ومواطأة وهي اتحاديّ، فيه ادّعاء اي انه هو كحمل التعريفات على المعرفات وبالعكس، لكنه قليل، والموصوفات على صفائها كالناطق زيد.
واشتمالي: اي المحمول عام مشتمل عليه كحمل المشتقات على موصوفاتها؛ كزيد ناطق او عالم مثلا: لكن الرازي لم يجعل الاشتمال قسم المواطأة، بل يشمله بجعل المواطأة اتحاديا فقط. والسيد شريف جرجاني يشملها على الدلالة. اوصافه ثمان:
الظاهر: اي دلالته ظاهر ، اي قابل للتأويل، ويحتمل معنى آخر مالم يحتمل معنى، لكنه قابل له. والنسخ: كان قابلاً له فقط، مالم يكن قابلاً لشئ. هذه اقسام النظر تأمل!.
خفيّ: مادلّ لنوع ضعيف من نفسه.. مادلّ بتأمل دقيق ايضا من نفسه.. مادل بتعليم الغير.. مادل لكن عند الله فقط.. هذه اقسام الخفي . اي ان المعنى الغير الحقيقي للفظ لابد ان يكون مطمحاً للنظر ومقصوداً من الكلام، باعتبار قصد المقام، كالعين للرقيب، والاذن للجاسوس، والسخاوة لكثرة الرماد، والشجاعة للاسد وقس. فتنقل من المعنى الحقيقي للّفظ اليه، سواء كان تابعاً له حقيقة؛ كمن كثرة الرماد.. او اعتباراً؛ كمن سخىّ اليه باعتبار المقام، فيكون كناية.. او كان متبوعاً حقيقة مثلا او اعتباراً؛ كمن العين او الاذن مثلا، فيكون مجازاً. لكن في الاستعارة قليل.
العموم: ماوضع لمستغرق.. ماوضع لمشخص.. ماوضع لمعان.. ماوضع لمعنيين قريب او بعيد.
الاستعمال: ما استعمل في معنى واضح.. مااستعمل فيما استثر.
فهم: عبارة مافهم من اشارة اللفظ اليه. يعنى ان المعنى إما ان يكون مفهوماً من نفس اللفظ، او من اشارته الى شئ او من مفهوم معناه، او من مقتضى الحال.. فان الحملية جبرية، فهو اقتضاء الصدق. وان المنشأيّة فهو اقتضاء الصحة.
1

صيقل الإسلام/تعليقات - ص: 302
عليها باحدى الرابط العطفية او غيرها.. وكذلك القياس الاستثنائي كثيراً مايندمج ويستتر تحت “لما” وامثاله. وغير المستقيم تحت “لو” وامثالها. مثلا عطف جملة موجبة على منفية بواو الجمع يتضمن مانعة الجمع. لان النفي المتوجه الى الواو نفي الجمع. وقس عليه مايفيد هذا المعنى وعطف المثبت على المنفي بـ “او”، يتحرك تحته منع الخلوّ. “الى” و”حتى” ومايفيدهما او يرادفهما، تحمّر تحتهما المتصلة للزومية. و”لما جئتني اكرمتك” يدل على المقدمة الشرطية.. والاستثنائية والنتيجة لدلالة “لما” على تحقق المقدم، وكذا مايرادفها. و”لو جئتني لاكرمتك” يدل على الشرطية. واستثناء نقيض التالي، والنتيجة عند المنطقيّين، وبالعكس عند اهل العربية. مثلا: “لوخدمتني لأكرمتك” يقال مرة في مقام لَومِ المخاطب له، ومرّة في مقام منة المخاطب عليه. ففي الاول هو اهل العربية - عند الثاني، وفي الثاني عند الاول. وكذا يقال 1 “لَو” لامتناع الامتناع” وانما عيّروا بالامتناع دون العدم، لان كلّ 2كل الماضي
____________________
1 اطنب بالايجاز كالتنزيل، اي لامتناع الاول بدليل امتناع الثاني عند الاول.. ولامتناع الثاني بدليل امتناع الاول عند الثاني.(تقرير)
2 اي الامتناع يستعمل في محال. والحال ان الخدمة ليس كذلك؟ . فاجاب: بان المحال عام... والتفصيل، ان الطبقات ثلاثة. الوجوب، والامتناع ، والامكان، والحال بمشخصاته مثال الوجوب بتعلق العلة العامة.. وهو ارادة الله بوجودها. والماضي للثاني. اذ ما وجد بوجود العلة فعدمه محال. وما لا وجود له محال. والاستقبال للثاني.(تقرير)


صيقل الإسلام/تعليقات - ص: 303
إن كان عدماً فوجودها محال. وان كان وجودا فعدمه محال. اما “لولا عليّ لهلك عمر” 1فنقيض التالي هو التالي، فيصير “كلما” 2. واصل “لولا”، “لالو”. اي دخل “لا” على احد جزئي منع الجمع فاستلزمه 3. اي النفي عين الاخر فاستجلب “لو” للزوم، وبتركيبه “مع” لاللدلالة على وجود العين. وانتاجه لتالينا، التي فارقته لاصورة.
مقدمة:
ومن المعقولات الثانية مايسمى بالامور العامة، ومنها الوحدة والكثرة. فالوحدة إما حقيقي او اعتباري. فالاعتباري: فالاتحاد في الجنس المجانسة، وفي الفصل.. او اخصّ الصفات المماثلة. وفي الكَمْ المنفصلة؛ المساواة. وفي المتصلة؛ الموازاة او المحاذاة او الموافقة او المطابقة. وفي الوضع المشاكلة وفي الملك المشاركة. وفي مقول الاضافة والفعل والانفعال، المناسبة. وفي “متى” المعاصرة. وفي مقول “اين” المجاورة.
واما الكثرة، والاثنينية. ان لم يكن فيها التماثل، فالتخالف.. فان لم يعبّر فيها التماثل فالتخالف، فان لم تعبر فيها منع الاجتماع، فالتغاير.. وان اعتبر منع الاجتماع من جهة واحدة في زمان واحد وفي محل احد، فالتقابل. فان توقف تعقل احدهما على الاخرى فالتضايف.. والاّ فان كان طرفاها وجوديين، فباعتبار الصدق التباين. وباعتبار الوجود، التضادّ.. وان كان احد الطرفين عدمياً، فان اشترط قابلية المحلّ؛
____________________
1 ذخائر العقبى - الحافظ محب الدين احمد بن عبدالله الطبري ص/ 82 - ع.ب.
2 اي “لولا” كلما في كون تاليه استثنائياً مستقيما كاستثناء عين المقدم المنتج لعين التالي.(تقرير)
3 اي ان بين طرفي ما بعد “لولا”، وكذا “لوما” بمعناها منع الجمع في الاصل - كما في المثال المذكور - و “لولاك لولاك لما خلقت الافلاك” لولاك ليصدق منع الجمع.. كاما وجد عليّ واما هلك عمر.. واما انت توجد واما لا اخلق. فلما اريد اللزوم بين الطرفين، جيئ بـ”لا” على التالي. اذ الشرطية المتصلة اللزومية تتركب مانعة الجمع، بجعل عين احد الجزئين مقدما ونقيض الاخر تالياً. وجيئ “لو” للدلالة على اللزوم، فكان بمعنى “لما” فالقياس بعده مستقيم. والحال ان “لولا” يدل على تحقق وجود المقدم “كلما” فرفع “لا” صورة على التالي، واجتمع مع “لو” هو عارض البسيط.. والبسيط إما ليس بمادة كالمجرّدات؛ كالواجب والنفوس مطلقا. واما مادة: وهو ايضا إما غير متجزئ؛ كالجوهر الفرد ومفروض النقطة.. واما ليس من الطبائع المختلفة، كالسماء.. وإما مشترك الجزئي والكليّ في الاسم: كالماء .. فاحفظ.(تقرير)


صيقل الإسلام/تعليقات - ص: 304
فعدم وملكه.. والاّ فالتنافي في المفردات، التناقض في الجمل او فيهما. والايجاب والسلب في الجمل.
ثم التناقض من احكام القضايا التي لها دخل في الاستدلال. لانا كثيراً مانثبت لزوم النتيجة للدليل وغيرها بالخلف، وهو اثبات الشئ بابطال النقيض.. فلابد من معرفة فحوى التناقض..
اعلم! ان التناقض من الاحكام التي يتوقف عليها بيان الاشكال النظرية. فان غير الاول نظري، يثبت انتاجه بقياس الخلف المؤسس على اخذ النقيضين.. وبقياس الاستقامة المتوقف على معرفة العكوس.
ثم التناقض لايحتاج الى كثير مؤنة بحسب الحقيقة، فبعد معرفة الشئ يكون نقيضه بديهياً. لان نقيض كل شئ رفعه، والرفع نفي، والنفي عدم، والعدم كالوجود اعرف الاشياء ، لانها اعمّ. والشئ معلوم بالعرض.. الاّ ان العدم الغير المحصل لايكون مصدراً للاثار المقصودة لنا. فارادوا ضبط قضايا محصّلة، هي لوازم النقائض الحقيقية او عينها.. مثلاً ان نقيض زيد ليس بقائم ، ليس زيد بقائم”. وهو كما ترى.. ولذا عرّفوه باختلاف قضيتين. اي لامفردين. لانه لامدخل له في الخلف. او مفرد وقضيته بالايجاب والسلب. اي لا بالافراد والتركيب وغيرهما.. بحيث يقتضي لذاته. اي لابواسطة مقدمة اجنبية، هي معاند مساو الشئ معاند للشئ، امتناع صدقهما وكذبهما، اي بينهما انفصال حقيقي.
ثم يستفاد من التعريف اشتراطه بثلاث اختلافات واتحاد واحد، او اثنين او ثلاثة او ثمانية او اربعة عشر. اما الاختلاف ففي الكيف بصريح التعريف، وبالتخلف. في “ابنك ايها الغرب قائم، ولاقائم” والاختلاف في الكم للتخلّف ايضاً في الموضوع والمقدم الاعمّ بالكذب في الكليّة، والصدق في الجزئية، والاختلاف في الجهة، وسيجئ..
ثم الاتحاد الواحد: ففي النسبة.. لانه اذا اختلف احد طرفيهااو قيد من قيودها، اختلفت النسبة. فبعكس النقيضين اذ اتّحدت، اتحدتا في قيودها.. او الاتحاد في الموضوع يقيّد به، والمحمول بقيود الاربعة، او فيها وفي الزمان، لان الزمان لايتأتى ان يصير جزؤ المحمول في الجملة او في الموضوع.. وفي الجزؤ والكلّ، لا الجزئية والكلية.


صيقل الإسلام/تعليقات - ص: 305
وفي الشرط. كالجسم مفرق للبصر. ليس بمفرق بشرط البياض والسواد. وفي المحمول، والزمان والمكان والاضافة والقوة والفعل.. او في هذه الثمانية مع التبادل في قيود الموضوع والمحمول بسر التخلف في الكل...
اعلم! إن القضية باعتبار كل قيد من قيودها تتضمن قضية قد تصير مناط الحكم. واعلم ايضاً، ان نقيض الشئ عدمه.. وان القضية ذات القيود الثلاثة لها ست عدمات. فلابد في اخذ نقيضها من عدم يعمها.. وماهو الاّ عدم الاخصّ من قيودها. فان عدم الاخصّ اعمّ، وعدم الاعمّ اخصّ، يجوز خلوّهما. وفي الموجهة القيد الاخصّ، هو الجهة. ففي “الانسان حيوان” بالضرورة مدار التناقض حيوانية الانسان ضرورية. وسلب الضرورة امكان، فنقيض الضرورية الذاتية، الممكنة العامة في جانبها المخالف.. وهو يستلزم سلب الضرورة في جانبها المخالف، وهو الموافق للضرورة.
ولما كان بين الثبوت - لكل الافراد والسلب عن البعض - تناقض؛ فكذلك بين الثبوت في جميع الازمان والسلب في البعض او بالعكس ذاتاً او صفة تناقض.. فنقيض الدائمة المطلقة المستلزمة لوقت، والعرفية الحينية الوقتية، او بالعكس.
واما الوقتية، فكالشخصية باتحاد الوقت.. فنقيضها الممكنة الوقتية. واما المنتشرة، فلما انتشرت الوقت كان كالنكرة في الاثبات.. فانما يناقضه الامكان، اذا نفاه على سبيل العموم كالنكرة في سياق النفي حكماً.
اعلم! ان نقيض المركبات ليست من جنسها.. وانما اخذوا منفصلة محصلة، هي لازمة نقيضها؛ بسبب ان اصل القضية كالوجود له فرد واحد، وهو وجود جميع اجزائها. ونقيضها الذي كعدمها متعدد الافراد، حتى في مركب ذي خمسة اجزاء.. للعدم احد وثلاثون فرداً، وذات جزئين ثلاثة افراد. فلهذا ، لايعين عدم جزؤ الاخصية. بل ينشر ويردد فيما لاتداخل بين اجزائه.. ومن الإبهام والترديد بتولد إما حملية شبيهة المنفصلة، او منفصلة شبيهة الحملية.
ثم ان المتشابهتين في المتصلة متساويتان، وفي المنفصلة متلازمتان. او كانتا جزئيتيّن ومتخالفتان. يعنى ان المنفصلة اخصّ. إن كانتا كليّتين. مثلاً، كل عدد إما زوج وإما فرد.. وكل انسان إما كاتب وإما أمي. ولايصدق إما كلّ عدد زوج، إما


صيقل الإسلام/تعليقات - ص: 306
كل عدد فرد.. وإما كل انسان كاتب، إما كل انسان اميّ. بل مبعض بسبب أن كليّة الحملية، كل فرد، اذا لم يتم الحكم. وتقديم “إما” على “كلّ” يصيّره مجموعياً. اذ دخوله بعد تمام الحكم.. وبعد تمام الحكم كلّ كلّ إفرادي يكون كلاّ مجموعياً.
واعلم ايضاً! ان المركب متحدّ موضوع جزئيّهاحقيقة بالضرورة لاجل التركيب والمحلل لاضرورة في حقيقة موضوعي الجزئيين. ونحن نأخذ نقيض جزئين المحللّ. فلابد ان يكون المحلل عين المركب في الموضوع، ليكون نقيض نقيضه. ففي القضايا المركبة، الكليّة المحلل عين المركب.. بسرّ كلّ، فانه محيط.. فلا إشكال في اخذ نقيضها.
وأما المركبات الجزئية: فلما كان مفهوم الجزئية المركب أخصّ، بسرّ الاتحاد من مفهوم الجزئيتين المحللتين لعدم ضرورة أن يكون البعضان مشيرين الى ذات واحد، فيكون نقيض المحللّ الاعمّ اخصّ من نقيض المركب. فلهذا كذب، بعض الحيوان انسان لادائماً، وجودية لادائمة.. مع كذب “لاشئ من الحيوان بانسان دائماً، وكل حيوان انسان دائماً”. والنقيضان لايرتفعان.
فلأخذ نقيض المركبة الجزئية ثلاث مسالك: احدها، تثليث التقسيم. اي إما لاشئ.. وإما كل.. وإما مبعض. والثاني: تقييد الموضوع بنقيض المحمول في النقيض السالبة.. وتقييد الموضوع بعين المحمول في النقيض الموجبة. والثالث: بالترديد بين نقيض جزئي المحلل ليتحد الموضوع، فيكون حملية مرددّة للمحمول. ثم ان من الشرائط الاتحادية في التناقض الاتحاد في النوع. اي الذهنية بنوعيها. والخارجية بقسميها للتخلف بالاختلاف، وفي الشرطيات الاتحاد في الجنس، اتصالاً وانفصالاً.. والنوع لزوماً وعناداً.. واتفاقاً للتخلف ايضاً . ثم ان تناقض الجملتين يستلزم عدم الجمع والرفع في الوجود.. وفي المفردين في الوجود بوجوهه.
[فصل في العكس] 1
الحكم الثاني من الاحكام التي يتوقف عليها اثبات لزوم النتائج للاشكال العكس. ويطلق لغةً على غير اللازم وعلى النقيض ومطلق التبديل. واما هنا فبالمعنى
____________________
1 كلنبوي ص/28
صيقل الإسلام/تعليقات - ص: 307
المصدريّ تبديل طرفي القضية حملية، او متصلة لزومية مع بقاء الكيف والصدق لا الكذب، لجواز صدق اللازم مع كذب الملزوم. وبالمعنى المتعارف اخص القضايا اللازمة الحاصلة بالتبديل. ثم للزوم المغايرة بين اللازم والملزوم، لاعكس معتبراً لما نسبته من الاضافة المتشابهة الطرفين كالعناد، والاتفاق نظير الاخوة. ثم ان لزوم العكس نظريّ، يحتاج الى البرهان، وهو ثلاثة.
احدها: الخلف.. اساسه إثبات العكس بابطال النقيض. وتصويره: لو لم يصدّق العكس لزوماً، لأمكن انفكاكه. فيمكن صدق نقيضه مع كل صادق ومنه الاصل. ولو أمكن صدقهما لانتج بالشكل الاول سلب الشئ عن نفسه، وهو محال لوجود الموضوع للايجاب في احدهما. وامكان المحال باطل. وبطلان اللزوم يستلزم بطلان الملزوم.. إما بصورته وهو بديهي الانتاج. وإما بأصل القضية وهو مفروض الصدق.. فلم يبق الاّ نقيض العكس، وهو منشأ المحال. فلا يمكن صدقه، فيلزم العكس.
الثاني: طريق العكس.. وهو عكس نقيض العكس، ليضاد او يناقض الاصل.. والعكس صادق بالفرض. فعكس النقيض باطل.. فملزومه وهو النقيض ايضا باطل، ونقيض النقيض وهو العكس صادق ألبتة.
وحاصله:
أنه لو لم يصدّق العكس لزوماً، لأمكن صدق صدق لازمه وهو عكسه. ولو صدق اللازم لزم اجتماع الضدّين او اجتماع النقيضين. والاصل مفروض الصدق فعكس النقيض هو ملزوم المحال فلا يمكن، فيلزم العكس.
اعلم! ان عكوس الموجّهات الموجية ثلاثة فقط. الحينية المطلقة للدّوام الاربع.. والحينية اللادائمة للخاصّتين.. والمطلقة العامة لخمسة.
واعلم! ان بسرّ لازم اللازم، لازم كلّ ما هو اعمّ من العكس عكس، لا اصطلاحاً.. وبسرّ ان ملزوم الملزوم ملزوم. فكل ماهو أخصّ من الاصل يستلزم عكسه.
واعلم ايضاً! انّ لنا مقامين: اثبات ونفي.. فلاثبات اللزوم لنا ثلاث طرائق الخلف كما مرّ. واما الافتراض والعكس، فكالتنبيه والتنوير للزوم الدّور 1 في البعض. فاعلم
____________________
1 وهو الموجبات.

صيقل الإسلام/تعليقات - ص: 308
ان الدائمتين والعامتين عكسها الحينية المطلقة بالخلف.. اي والاّ لصدق نقيضها، فهو العرفية العامة السالبة الكلية، فهو كبرى للاصل.. فينتج سلب الشئ الموجود عن نفسه بإحدى الجهات الاربعة، لان نتيجة الشكل الاول تتبع الصغرى اذا كانت الكبرى وصفيّة - كما هنا - وسلب الشئ عن نفسه محال، فليس من صورة الشكل ولا من الصغرى، بل من الكبرى. وهو نقيض العكس، فلايمكن ايضاً. فيصدّق ويلزم العكس. وبالافتراض وهو جعل عقد الحمل صغرى وعقد الوضع كبرى. فينتج بالثالث العكس، ولايلزم الدّور.. او الاثبات بغير الثالث لان المراد تنبيه وتصوير.. وبالعكس ايضاً. مثلاً: “كل انسان حيوان” باحدى الجهات.. فبعض الحيوان انسان، حين هو حيوان.. والاّ لزم جمع النقيضين او الضدّين. إذ نقيض العكس يستلزم مايضادّ الاصل الصادق. وضدّ الصادق كاذب، فملزومه وهو النقيض أكذب. فنقيض النقيض وهو العكس صادق. ولازم ايضاً لامتناع امكان المحال.
وأما مقام النفي، فبالتخلف.. واعلم أن الاعمّ للأخصّ.. كما أن الاخصّ ملزوم الاعمّ.. وان لازم الاعمّ، لازم الاخص.. وإن ملزوم الاخص، ملزوم الاعمّ.. وانّ مالايلزم الخاصّ لايلزم العامّ.. والاّ لزم الخلف.. وان مالايستلزم الاعمّ، لايستلزم الاخصّ.. والاّ ثبت الخلف.
واعلم ايضاً! انّا نحتاج في نفي عكسيته، ماعدا الحينية المطلقة لهذه الاربعة، الى اثنى وثلاثون موادٍ تخلف. فالاقصر في طريقه: ان نأخذ من جانب الاصل الاربعة، الاخصّ الاقوى الملزوم لأخواته. ونأخذ من جانب العكس، اللازم الاعمّ، الاخف اللازم لاخواته. فالاخصّ في الاصل الضرورية الذاتيّة، وفي جانب العكس الاعمّ، ولو من وجه الوقتيّة.. مع التخلّف في صدق “كل كاتب انسان” بالضرورة.. مع كذب “بعض الانسان كاتب” بالضرورة في وقت.
والخاصّتان الى حينيّة لادائمة. مثل “كل كاتب متحرك” مادام كاتباً، لادائما. اي لاشئ من الكاتب بمتحرك بالفعل.. عكس بعض المتحرك كاتب، حين هو متحرك. وبعض المتحرك ليس بكاتب بالفعل.. والا لصدق “كل ذاتٍ متحرك كاتب دائماً”. اي الكتابة دائمي للذات. ومقتضى الجزؤ الاول من الاصل: أن التّحرك دائم بدوام الكتابة، الدائمة بهذا الفرض.. فيكون التّحرك دائماً للذات.. فيكون ضدّ قيد الاصل المفروض الصدق..


صيقل الإسلام/تعليقات - ص: 309
فعكس القيد “بعض المتحرك ليس بكاتب” بالفعل، لايبين بالخلف، لان نقيضه وهو “كل متحرك كاتب” دائماً.. مع نفس القيد ينتج سلب الشئ عن نفسه بالفعل، وهو جائز. لان عنوان الموضوع منفكّ، ولابطريق العكس.. لان عكس كل متحرك كاتب دائماً، بعض الكاتب متحرك في حين. وهو لايضاد القيد.. ولا بالافتراض.. لانه جعل عقد الحمل صغرى وعقد الوضع كبرى، فخرج من عقد الوضع، بسبب ايجاب الجزؤ الاول؛ “كل انسان كاتب” بالفعل. ومن عقد الحمل: “لاشئ من الانسان بمتحرك” بالفعل، فلايكون صغرى للشكل الثالث لاشتراط الايجاب.
اعلم! ان عكس الوقتيتين والوجوديتين والمطلقة العامةوالمطلقة العامة، فنحن على وظيفتين:
الاولى: اثبات لزوم هذه لتلك، بتلك الطرائق. فالاقصر: ان نأخذ الاعمّ من الخمسة. لان لازم الاعم، لازم الاخصّ والاعمّ المطلقة. لان المطلق أعمّ من المقيد. فاذا صدّق: “كل كاتب ضاحك” بالفعل، صدق لزوماً بعد الضاحك، “كاتب” بالفعل بالخلف. اي والاّ فلا شئ من الضاحك بكاتب دائماً - كبرى للاصل - فينتج لاشئ من الكاتب بكاتب دائماً. وهو محال لوجود الموضوع. لانه كان عقد وضع الموجبة. والدليل الذي يستلزم المحال باطل.. لفساد احد اركانه. والصورة بديهيّة، والاصل الصغرى مفروضة الصدّق، فيبطل نقيض عكسنا.. فثبت “بعض الضاحك كاتب” بالفعل. فان شئت فاستدل على سبيل التنبيه التنوير دون الاثبات، للزوم الدّور بالعكس والافتراض. هكذا لو لم يصدّق العكس، لصدق النقيض. والنقيض يستلزم عكسه، وهو يضاد الاصل الصادق، فيكذب فيبطل ملزومه . فثبت نقيض النقيض، وهو العكس.
والافتراض: جعل عقد الحمل صغرى، وعقد الوضع كبرى بالثالث الذي نتيجته تابعة لعكس صغراه، وهو المطلوب. وخلاصته: إن الاصل يخبرنا بأن عنوان الموضوع وعنوان المحمول ثابتان بالفعل لذات واحد. فأيتّهما ثبت للذات، - بناء على سلّميته - يثبت له الاخر بالفعل كما ترى.
أما الوظيفة الثانية: فنفي لزوم الاخص من المطلقة لا الاعمّ، فانه لازم ايضاً. والطريق الاخصر للتخلف: أن نأخذ الاخص من الخمسة؛ لان مالايلزم الاخص


عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس