عرض مشاركة واحدة
قديم 01-05-2009
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي التنكر لمعاني الهجرة وعضاتها

خطبة الجمعة للدكتور محمد سعيد رمضان البوطي
2/1/2009


الحمد لله، الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، الحمد لله على سابغ نعمه، والحمد لله على كل حال ونعوذ بالله من حال أهل النار، الحمد لله أن جعلنا من أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم خير الأنام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله، خير نبي أرسله. أرسله الله إلى العالم كلِّهِ بشيراً ونذيراً. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد صلاةً وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين. وأوصيكم أيها المسلمون ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى. أما بعد فيا عباد الله:
كنا نتوقع أن يستقبل عالمنا الإسلامي فاتحةَ العام الهجري بتجديد البيعة لله سبحانه وتعالى وبمزيد من الالتزام بعظات الهجرة ودروسها التي تركها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من ورائه ولكنا ويا للأسف فوجئنا بنقيض ذلك، فوجئنا بما قد رأيناه من أن معظم قادة العالم العربي والإسلامي متنكرون لمعاني الهجرى وعظاتها، معرضون عنها مستخفون بها. أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلال هجرته من مكة إلى المدينة بأن نضحي بالدنيا كلها، بمظاهر الرئاسة فيها وكل أنواع المشتهيات والأهواء التي تتألق فيها في سبيل القيم الإنسانية والمبادئ التي شرفنا الله سبحانه وتعالى بها. وننظر وإذا بجل هؤلاء القادة يسيرون على النقيض من وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، يضحون بالمبادئ الإنسانية والقيم السامية الراسخة في سبيل المشتهيات والأهواء وفي سبيل استبقاء الكراسي والعروش. أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم مَنْ بعده من خلال هجرته من مكة إلى المدينة ومن خلال إعلانه الأخوة الإسلامية وترسيخه لجذورها في أول دولة إسلامية أقامها رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى بأن نكون أمناء على هذه الأخوة وأن نؤدي حقوقها، وننظر وإذ بجل قادة عالمنا العربي والإسلامي يتنكرون لهذه الأخوة ويتنكرون لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ويضحون بأخوة الإسلام في سبيل ترسيخ الكراسي وفي سبيل مزيد من نسج الشهوات والأهواء والأموال، أما قول الله عز وجل: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: من الآية10] فقد أصبح أمراً منسياً يُتْلَى ويُعمَلُ بنقيضه، يُسمَع ويُستَخَفُّ بشأنه. عباد الله إن هذا القتل الذي يستحر اليوم بالأطفال والنساء والشيوخ وكل البرآء، هذا القتل الذي تحول إلى معين لدم لا يجف، ليس مصدره بقعة معينة، ليس المعني به أهالي غزة وإنما المعني بهذا القتل الذي يستحر العالم الإسلامي كله وإنما أهل غزة هو الرمز الأقدس لهذا العالم الإسلامي ولهذا الهدف المرسوم الذي لم يعد خفياً على أحد. وإن المساجد التي هُدِّمَتْ فيها والمصاحف التي مُزِّقَتْ على أرضها ليس المعني بها بقعة معينة وإنما المعني بها القضاء على الإسلام كله حيثما وُجِد وأينما انتشرت شمسه وإلى أي جهة وصلة أشعته، وإنما غزة وأهل غزة هو الرمز الأقدس لهذا الهدف المرسوم يا عباد الله. وإن قوى الشر التي تتربص بالأبرياء وتفعل فعلها الذي تذوب له أفئدة الوحوش في أدغالها، هذه القوى ليست متمثلة في شرذمة من الناس أبداً وإنما هي حصيلة الفئات العالمية كلها تلك التي اجتمعت على عداوة الإسلام وتلك التي تضافرت جهودها بدافعٍ من الأحقاد والضغائن للقضاء على هذه الشمس الساطعة التي انتشرت أشعتها في آفاق الدنيا، وما إسرائيل وذيولها من الأتباع الخونة إذا الرمز الأقذر لهذه القوى التي تفعل فعلها اليوم. هما رمزان اثنان؛ غزة الرمز الأقدس للعالم الإسلامي الذي يُراد القضاء عليه، الرمز الأقدس للإسلام الذي يُراد إطفاء نوره، أما الرمز الأقذر فهو إسرائيل وذيولها من الخونة، إسرائيل هذه رمز لقوى الشر المتضافرة في الجهات الأربع للعالم والتي قررت قرارها وأجمعت على أن تقضي على هذا الإسلام أينما وجد وأن تقضي على خطره وأن تتخلص من الاضطراب الذي تعاني منه من جراء خطر انتشار الإسلام هنا وهناك. عباد الله في الوقت الذي أشرقت شمس عامٍ هجري جديد والأمة الإسلامية تعيش ذكرى هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعيش ذكرى أول دولة إسلامية مسالمة أقامها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، في فاتحة هذا العام وأمتنا الإسلامية تعيش ذكريات هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ننظر فماذا نرى؟ نرى أقنعة الإسلام الزائفة وهي تتساقط من وجوه أولئك الذين كانوا، وربما لا يزالون، يتظاهرون بالإسلام، اليوم تتساقط هذه الأقنعة، اليوم أمام هذا الامتحان الرباني، امتحان الدعوة إلى الانتصار للإسلام، إلى الانتصار للقيم، إلى الانتصار للسلم الذي دعا إليه ربنا من خلال بعثة كل الرسل والأنبياء والإسلام يدعوا إلى الانتصار للإخوة المظلومين الذين يُقَتَّلون وتُسْفَكُ دماؤهم صباح مساء، ننظر وإذا بهم ينحازون إلى صفوف العدو الأرعن، ننظر وإذا بأقنعة الإسلام التي كم وكم وكم خُدِعْنَا بها تتساقط من وجوههم، ولكأنهم يقولون إن بلسان القول أو بلسان الحال لمن يدعوهم إلى أن يحققوا العهد الذي أُقيم في أعناقهم لكأنهم يقولون ومن قال لكم إننا نمثل هذه الأمة التي نتربع على كرسي فوق صدرها، إننا نمثل قوى الشر، إننا نمثل إسرائيل التي هي الرمز الأقذر والأنجس لقوى الشر في العالم كله. هذه المحنة يا عباد الله لها ظاهر وباطن، لها مظهر جلي ولها باطن خفي، أما الظاهر الجلي فمأساة تتقطع لها القلوب، محنة ما أظن أن تاريخنا الإسلامي بحلوه ومره سجل مثل هذه الظاهرة، الخيانات الكثيرة التي مرت في العالم الإسلامي إن في ربوع غربنا الإسلامي أو في ربوع شرقنا هذا كثيرة ولكنها ما بلغت هذا المبلغ قط، هذا هو الظاهر محنة وبلاء أما الباطن فإنما هو منحة من منح الله عز وجل ليستبين الصادق من الكاذب ولكي تتمزق أقنعة النفاق يا عباد الله. أما غزة وأهاليها فلا أستطيع أن أرسل إليهم من فوق هذا المكان إلا عزاءً واحداً يتمثل في آيتين في كتاب الله عز وجل أرجو أن يبلغ كل منهما آذان هؤلاء الإخوة الصامدين الصابرين، أما الأولى فقول الله عز وجل: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ، وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} [آل عمران:141]، وأما الآية الثانية فهي قول الله عز وجل ولكأنما أنزلت في هذا العصر خطاباً لهؤلاء الإخوة تبريداً للظى قلوبهم: {إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة:40] لاحظوا أيها الإخوة فرق ما بين هاتين الجملتين لتدركوا المدى البعيد من معنى كل منهما {وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى} لم يقل وكلمة الله العليا، لم يسلط عليها الجعل الزماني الخاص بوقت معين وإنما جعلها جملة مستأنفة {وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا}
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 11-23-2011 الساعة 04:51 PM
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس