عرض مشاركة واحدة
قديم 03-23-2011
  #2
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: المثنوي العربي النوري - المقدمات والتقديم

ومن كان له عين في بصيرته، يرى في التنزيل عيناً ترى كل الكون، كصحيفة مبصرة واضحة.. وقد جاء مكرراً ليقرّر.. ومردّداً ليحقق قصصاً واحكاماً. مع انه لايُملُّ تكرارهُ، ولايُزيل عَوْدهُ ذَوْقَه ولايُسئمُ تردادهُ. كلما كرّر حقّق وقرّر، بل ما كررته تحلو وتفوحُ انفاسُ الرحمن منه “ان المسك ماكررته يتضوّع”. وكلما استعدتَه استَلذْتَه؛ ان كان لك ذوق سليم بقلب غير سقيم. والسر فيه: انه قُوتٌ وغذاءٌ للقلوب، وقوة وشفاء للارواح. والقوت لايُملُّ تكرارهُ.. فمألوفه آأنس وألذ، خلاف التفكّه الذي لذتُه في تجدده، وسآمتهُ في تكرره”.
ويصل تحليل هذا الموضوع في الكلمة الخامسة والعشرين الى مرتبة جذابة وساحرة، فما كان هنا قطرة يصبح هناك بحراً واسعاً، وما كان هنا نبتة صغيرة يصبح هناك غابة كثيفة.
وبعد هذا التذكير القصير في “ المثنوي”... بعد صفحات قليلة فقط نراه يعرض علينا موضوعاً قرآنياً غاية في الروعة عرضاً موجزاً.
“انك اذا استمعت القرآن فألبس لكلّ نغمةٍ من نغماتهِ المتطوّرة على الحُجُب، والمتنوعة في المراتب الارشادية، والمنصبغة بحسيات الوسائط، من جبرائيل عليه السلام الى من تسمع منه، مايناسبها.
فلك ان تَمُرّ بسمعك من القارئ في مجلسك الى الاستماع من النبيِّ “ص” الذي يقرأُه في ذروة شاهق النبوة في مجلس الارض على ابنائها من بني آدم وغيرهم.
ولك ايضاً ان تستمع من جبرائيل وهو يخاطب النبيَّ في الافق الاعلى “عليهما الصلاة والسلام”.
ولك ان تستمع من خلف سبعين الف حجابٍ من المتكلم الأزلي، وهو يتكلم مع النبي في قاب قوسين او ادنى. فألبسْ ان استطعتَ لكلٍّ ما يليقُ به!..”
وكتاب “المثنوي” يعد في الحقيقة معرضاً لمواضيع واسعة جليلة، وفهرساً لها... يمكن ان يؤلف حول كل واحد منها كتاباً خاصاً... هذه المواضيع التي تناولها بالشرح والتفصيل فيما بعد في رسائل النور في مختلف اجزائها.
فما اهم وما اعظم تلك الحقائق التي تناولها تحت عنوان “زهرة” باختصار وضمها فيما بعد الى رسائل النور!.
ورسالة “ذرة” تعد مثل نبتة صغيرة للتقوى والعمل الصالح. فهناك يتم استجواب رغباتنا ومشاعرنا الدنيوية، وتُنفخ فكرة التوحيد لاذهاننا ويُعرض الايمان الشامل المترامي الاطراف امام الانظار.
اما رسالة “شمة” فتمس القلوب مثل طيف رقيق، حيث تعرض امام الانظار ان غنى الايات وعمق معانيها لا يمكن مقارنتها بالشعر، وتقف امام غايات خلق اعضاء الانسان فيكشف بعض الاستار عن العيون ويزيل الألفة التي تكدر البصائر وتضعفها.
وفي الرسالة العاشرة يأخذ بيدنا الى سفوح معاني القضاء والقدر والعطاء الالهي ليمس قلوبنا بمعاني الايات القرآنية واسرارها، ومن ثم يجد مقدمة لكي يعرض على الباحث عن الحقيقة اليوم طريقاً مختلفاً لكي يوصله الى الحق... يعرض هذا بينما هو يحول انظارنا الى افق عجزنا وفقرنا. وبعد خطوتين فقط وتحت عنوان آخر يسترعي انتباهنا الى ان الانسان يختلف في خلقه عن جميع الاحياء الاخرى حيث يؤكد ويذكّر أنه فهرس للوجود باجمعه، ومن ثم نراه يعود الى الادعية التي تناولها بالتحليل فيما بعد في كليات رسائل النور مرات عديدة، فيفرج بين الابواب السرية لقبول الادعية والاستجابة لها فيثير في قلوبنا الرغبة والشوق للمناجاة. وفي موضع آخر نراه يقيم التوازن بين “التحدث بالنعمة” و “الغرور”.
وبعنوان “شعلة” نسيح معه في المعاني الواسعة للفظ الجلالة “الله” الذي هو اسم ذات له، فيهز قلوبنا بانفعال معرفة ذات طعم آخر لم نتذوقها من قبل.
ثم سرعان ما يفتح فقرة حول الادعية فينبه قُرّاءه بان ايفاء الوظائف الدينية بهمة عاليه يُعَدّ دعاءً فعلياً.
ثم يعود فيوجه الانظار الى أهمية التربة وكيف ان الدنيا تعد كقلب للعالم وينهي ملاحظاته بعد ذلك بشرح حديث “اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد”.
وتحت عنوان “نقطة” يضيف الاستاذ بديع الزمان دليل الضمير الانساني - الذي يعده نقطة تماس بين عالم الغيب وعالم الشهادة - الى الأدلة الرئيسية الثلاثة حول الذات الالهية التي كثيراً ما وقف عندها في رسائل النور، ففرج بذلك فرجة في باب وقف عنده الكثير من المفكرين وارباب القلوب من المتصوفة وهم على درب السير في مدارج السلوك.
وهو يؤكد على استحالة التطور اذ ذكر منذ البداية ان الطفرات لا يمكن ان تفسر شيئاً ولا ان تكون كافية لاي تطور وذلك في وقت مبكر وقبل ان ينتبه الكثيرون الى هذه الحقيقة، وذكر ان من المستحيل الانتقال من نوع الى نوع آخر في عالم الاحياء. لذا فقد قال بشكل مجمل وبشكل مطلق “لا” لنظرية التطور مستنداً في ذلك الى اساس فكري سليم.
ان جهود الاستاذ المدقق احسان قاسم الصالحي المشكورة في تهيئة الطبعة العربية للمثنوي - مثلما هيأ من قبل ترجمة كليات رسائل النور - فوق كل تقدير، وهي بلاشك افضل بكثير من مثل هذه المقدمات التي حررناها والتي لا تخلو من العيوب والقصور.
والحقيقة ان الجهود المباركة للاستاذ احسان قاسم لم تقتصر - كما فعلنا نحن - على جزء من كليات رسائل النور وبشكل مجمل، بل شملت كل رسائل النور.
وكان من المفروض ان تكون كل مسألة من المسائل التي عرضتها هذه الرسائل موضوعاً لرسالة دكتوراه تراعي كل الاسس العلمية الموجودة في المستويات الاكاديمية الغربية. وهذا الامر مهم من ناحية ظهور القيمة الحقيقية لرسائل النور على المستوى الاكاديمي. وكذلك من ناحية كونها جهوداً في مستوى الجهود التي بذلها الاستاذ احسان قاسم.
صحيح ان العديد من اصدقائنا الشباب قدموا دراسات واطروحات ماجستير ودكتوراه حول رسائل النور ولكن لم تكن أيّا منها كافية لاعطاء القيمة الحقيقية لذلك العملاق بابراز مستوى فكره الرفيع.
وكل ما نتمناه هو تأسيس معهد يأخذ على عاتقه القيام بهذه المهمة في اقرب فرصة.

المثنوي العربي النوري - ص: 1
بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

مقدمة المحقق
الحمد لله والصلاة والسلام على رسولنا محمد ومن والاه، وبعد..
ان مما دفعني الى القيام بتحقيق هذا الكتاب بهذا النمط من التحقيق المتواضع هو:
اولاً: حاجتى الماسة الى من يرشدنى الى دروب النفس الامارة بالسوء، ويكشف لي عن دقائق مسالكها و خبايا دسائسها، ويضع امامي علاج امراضها المتنوعة، ومن ثم يأخذ بيدي الى منابع الايمان في رياض الكون الفسيح لأنهل منها ما أنهل حتى يرتوي القلب ويشبع العقل وتنبسط الروح.. بمعنى انني قمت بهذا التحقيق لنفسي قبل كل احد.
ثانياً: وجدت ان كثيراً من الباحثين والمفكرين يرومون الوصول الى اصول فكر الاستاذ النورسي، ويهمهم ان يوغلوا معه في اعماق تجاربه مع النفس، وان يرافقوه في سريان روحه في ارجاء الكائنات، ويعملوا فكرهم في ما نصبه من موازين علمية ومعايير منطقية ومناهج فطرية؛ فاردت ان اضع بين يدي هؤلاء الافاضل هذا السفر النفيس من مؤلفات الاستاذ الذي عدّه مشتل رسائل النور وغراسها حيث فيه خلاصة افكاره، بل ان اغلب ما ازهر من افكاره - في رسائل النور - بذوره كامنة في هذا الكتاب.
ولما كان الغوص في هذه الامواج الزاخرة من الافكار و الخواطر والمسائل و اخراج لآلئها الثمينة ودررها النفيسة ليس في طوقي، فاكتفيت بهذا التحقيق، ليجد اولئك الكرام بين يديهم نسخة كاملة من الكتاب، فيبذلوا فيه جهدهم لعل المولى القدير يقيض منهم من يضطلع للقيام بتلك المهمة التي اعجز عنها، فيسدّ جوعة الروح وهزال الفكر التي يعانى منها الكثيرون.. بمعنى انني قمت بهذا التحقيق لهؤلاء الاكارم.


المثنوي العربي النوري - ص: 2
ثالثاً: ان كل مسلم بل كل انسان يشعر في قرارة نفسه انه بحاجة الى تربية روحه و تزكية نفسه وتنمية عقله وتوسيع آفاق خياله، فتراه يتلمس مبتغاه من مظانه من الكتب.. فاردت ان اضع هذا الكتاب القيم امام كل مسلم، بل كل انسان ليرى نمطاً جديداً وفريداً من اساليب التزكية والتربية، قلما يجده في كتاب آخر؛ حيث انه يمزج ادق الموازين العقلية والمقاييس المنطقية بأرفع الاشواق القلبية واسطع التفجرات الروحية ضمن امثلة ملموسة تكاد لا تخفى على احد، آخذاً بيد القارئ برفق، متجولاً معه في ميادين النفس والافاق، مبيناً له ما توصل اليه من نتائج يقينية، بعد تجارب حقيقية خاض غمارها تحت ارشاد القرآن الكريم.. بمعنى انني اردت ان ابيّن بهذا التحقيق هذا المنهج القرآني الفريد لكل مسلم، بل لكل انسان.
قبل كل ذلك وبعده؛ فان قطرة من عمل خالص لوجه الله أعظم من بحر من الاعمال المشوبة، فأملي بالله عظيم ان يتقبل هذا التحقيق المتواضع خالصاً لوجهه الكريم، واتضرع اليه تعالى ان يهئ في مقبل الايام من يوفي حق هذا الكتاب من الشرح والبيان ليعم النفع ويجزل الثواب.
***
ولقد سار التحقيق هذا وفق الخطوات الآتية:
1- المقابلة بين النسخ المتوفرة لديّ وهى:
أ- الطبعة الاولى من الكتاب، المطبوع في استانبول سنة 1340 - 1341 هـ (1922م) وقد رمزت اليها بـ (ط1)
ب - نسخة خطية "بالرونيو" بخط "احمد نظيف" احد طلبة الاستاذ النورسي، مصحح من قبل الاستاذ نفسه، حيث كتب في الختام دعاءً رقيقاً للكاتب و مساعديه.
ج - مخطوط بخط "جيلان جالشقان" الذي خدم الاستاذ النورسي وهو مازال شاباً ولازمه حتى وفاته. و المخطوط مصحح من قبل الاستاذ نفسه.


المثنوي العربي النوري - ص: 3
د - الطبعة الاخيرة من الكتاب، المطبوع في مطبعة النور سنة 1985م في آنقرة، و تتميز هذه الطبعة بتصحيح كثير من أخطاء الطبعة الأولى، ولكن ما زالت فيها اخطاء مطبعية كثيرة، فعالجتُ تلك الاخطاء و اعتبرت هذه الطبعة هي المعول عليها في التحقيق.
هـ - الترجمة التركية للكتاب، وقد قام بها شقيق الاستاذ النورسي: الملا عبدالمجيد، وطبعَتْها "دار سوزلر" في استانبول سنة 1976 وقد رمزت اليها بـ (ت).
و- مخطوط الترجمة التركية بخط "علي الصغير" أحد طلبة الاستاذ والذي كان يلقّبه بـ "ذى الروح العظيمة" وقد سجل له دعاءً لطيفاً في الختام، والمخطوط هذا بالحروف العربية بخلاف المطبوع الذي هو بالحروف اللاتينية.
2- وضع بعض الفقرات، وافادات المرام التي لا توجد الاّ في (ط1) في الهامش مع الاشارة الى مواضعها.
3 - استخراج الآيات الكريمة من القرآن الكريم ووضع اسم السورة ورقم الآية.
4 - تخريج الاحاديث الشريفة الواردة على الاغلب بالمعنى، اعتماداً على كتب موثوقة وبمعاونة الاخ الكريم "فلاح عبدالرحمن" جزاه الله خيراً.
5 - استخراج الامثال الواردة من كتاب "مجمع الامثال للميداني"
6 - رسم املاء الكتاب حسب قواعد الاملاء الشائع اليوم، حيث كان رسم الاملاء في النسخ الاصلية والمطبوعة على الرسم القديم. مثل: الصلوة. الحيوة.
7 - درج معانى بعض الكلمات في الهامش باختصار شديد؛ اذ قد صعب عليّ معاني بعض الكلمات، مما دفعني الى مراجعة قواميس اللغة وبخاصة: المحيط للفيروزابادي، ومختار الصحاح للرازي.
8 - القيام بترجمة كل ما ورد في الكتاب بالتركية من عبارات وفقرات ورسائل. الخّصها بالآتي:
أ- مقدمة الكتاب، حيث قد كتبها الاستاذ النورسي سنة (1954) اي بعد


المثنوي العربي النوري - ص: 4
ما يقارب اكثر من ثلاثين سنة على تأليفه، وقد قام أخوه عبد المجيد بترجمة هذه المقدمة الى اللغة العربية، فأعدتُ النظر فيها لتكون اكثر مشابهة بالنص.
ب - البيان الذي اُلقي في مجلس الامة التركي.
ج - رسالة "نقطة من نور معرفة الله جلّ جلاله" كاملة .
د- بعض الهوامش او المقدمات المقتضبة التي وردت، وقد وضعتها بين قوسين مركنين [ ] لتمييزها عن الاصل العربي.
اما الفقرات التي وردت في الكتاب باللغة الفارسية فقد تفضل بترجمتها مشكوراً الاخ الكريم (فاروق رسول يحيى) الذي وفقه الله تعالى بترجمة ونشر العديد من رسائل النور باللغة الكردية. وقد حصرنا هذه الفقرات المترجمة عن الفارسية بين قوسين مركنين مزدوجين [[]].
9- الاشارة في الهوامش الى تلك المسائل التي وضّحها المؤلف - فيما بعد - في رسائل النور والتي وفقنا المولى الكريم الى ترجمتها.
10- توضيح بعض العبارات او الجمل في ضوء ما جاء في الترجمة التركية للكتاب والاشارة اليها بـ (ت ورقم الصفحة) في الهامش.
11- تشكيل بعض الكلمات، ووضع علامات الترقيم لإزالة اللبس.
12- وضع تراجم لقسم من الاعلام الواردة في الكتاب.
13-تعريف بعض المصطلحات، مع ترك الكثير منها، حيث الكتاب نفسه كفيل بشرحه، وبخاصة اذا استعين "بالفهرس التحليلي".
14- وضع فهارس عامة و تحليلية للموضوعات والاعلام والاماكن وغيرها تسهيلاً للقارئ الكريم.
15 - واخيراً نشر رسالة "نور من انوار نجوم القرآن" لأول مرة بألحاقها بهذا المجلد"المثنوى" لشدة الترابط والتشابه في مباحثهما. وذلك بعد اجراء التحقيق على مخطوطها الوحيد المكتوب بخط "الحافظ توفيق الشامي" احد طلاب الاستاذ النورسى في منفاه "بارلا". علماً ان المخطوط صحح من قبل المؤلف.
***


المثنوي العربي النوري - ص: 5
وبعد القيام بهذه الخطوات وفي اثنائها، لفتت نظري مسائل نحوية لغوية لا تستقيم مع ما تعلمناه في دراستنا المدرسية. فألجأتني الى البحث عنها في بطون الكتب القديمة المعتمدة كالمغني والاشموني، والاستفسار عنها ممن لهم الباع الطويل في معرفة دقائق اللغة، فأرشدوني الى ما فيه الصواب، جزاهم الله خيراً، حتى أطمأن القلب الى ان ما كتبه الاستاذ النورسي هو الصحيح أو فيه الجواز. وأن ما ألفناه ودرسناه من قواعد اللغة لا يرقى ليكون محكاً في مثل هذه المسائل.
وأرى من الأفضل تلخيص عدد من تلك المسائل التي ربما تلفت نظر القارئ الكريم ايضاً مع أنها لا تخفى عليه . وهي:
1- ايثاره استعمال جمع العقلاء لغير العاقل؛ اشارة الى ان كل جزء من أجزاء العالم حيّ عاقل يسّبح لله، وعملاً بما في الآية الكريمة
(رأيتهمُ لي ساجدين).
2 - تغليب التذكير على التأنيث، ولا سيما في الافعال المتقدمة على الفاعل المؤنث المجازي بخلاف المتأخرة عن الفاعل.
3 - استعماله الوجوه المختلفة للكلمات التي يجوز فيها التذكير والتأنيث، كالروح. وربما يستغرب القارئ من ايراد كلمة "النفس" أحياناً بصيغة التذكير، الاّ ان استغرابه يزول بمجرد قراءة العبارات التي تليها، حيث يجد ان المقصود منها "أنا" اي ذات الانسان.
وامثالها من الامور التي لم نألفها. ولا يخفى ان لهذه الوجوه تخريجاتها اللغوية وشواهدها التي تسندها الاّ اننا لم نوردها في مواضعها لئلا نشغل القارئ الكريم عن الهدف الاساس من الكتاب.
5 - كلمة "الذات" الدالة على الله سبحانه ترد بصيغة التذكير فمثلاً: الذات الأقدس، اذ جعلها اسماً للحقيقة من كل شئ فزال عنه التأنيث.
6- الاكثار من استعمال جمع المؤنث السالم، حتى في بعض الجموع، مثل: لوازمات، شؤونات، نواتات...
7 - لقد تخللت الجمل كلمات تركية، استعملها الاستاذ لزيادة الايضاح - أو قالها اثناء التدريس - وهي موضوعة بين قوسين () للتمييز، ويعقبها على الاغلب


المثنوي العربي النوري - ص: 6
معناها بالعربية. فمثلاً: ان هذا (التمل جوروك) الاساس فاسد.. او (شمندوفر) القطار.. (فابريقة) المعمل.
8 - استعماله كلمة "غير" معرّفة بـ "ألـ" مما لا تُستعمل في الاسلوب الحديث 1 وقد بعث اليّ العالم الجليل "عمر الريشاوي" رسالة يوضح فيها هذه المسألة أدرج هنا ملخصها لإزالة اللبس:
(اننا اذا أردنا كلمة "غير" صفةً للمعرفة، فلا نملك سوى اختيار أحد الطريقين:
أ- تحليتها بـ "ألـ" لتصبح معرفة وتصلحُ بالتالي صفة للمعرفة كما هو مقرر نحوياً.
ب- أضافتها الى المعرفة.
ولما كان الطريق الثاني لا يحقق هدفنا، إذ باضافتها الى المعرفة لا تصبح معرفة، تعيّن اتخاذ الطريق الاول وهو تحليتها بـ "ألـ" ولا محيد عن ذلك، هذه من ناحية القواعد النحوية، واما من حيث الاستعمال، فتبدو ندرة استعمالها مع "ألـ" او لا نجدها الاّ في كلام المجدّدين.
والخلاصة: ان الكاتب او المتحدث يجب عليه رعاية احد الامرين:
اما رعاية ناحية الاستعمال واضافتها الى المعرفة وقبول التأويل؛ وهو ان هذه الكلمة عوملت معاملة المعرفة، كما في قوله تعالى:
(غير المغضوب عليهم) و (لا يستوى القاعدون من المؤمنين غيرُ اُولي الضرر)
واما مراعاة ناحية القواعد وهو تحليتها بـ "ألـ" لأن المقام - وهو كون الاسم صفة للمعرفة - يقتضي ذلك نحوياً).
ثم أبدى الاخ الكريم ملاحظة مهمة وهي:
اولاً: ان المشكلة التي اصبحت مثار البحث حالة واحدة وهي كون "غير" صفة للمعرفة، اما حالاته الاخرى: فاعلاً او مجروراً او مضافاً او صفة للنكرة او حالاً او بدلاً او غير ذلك من الحالات الاعرابية الاخرى فلا اتصور اية مشكلة فيها نحوية او استعمالية.
_____________________
1 وقد اشرنا الى هذا ايضاً في المجلد الخامس من كليات رسائل النور (اشارات الاعجاز) ص35 فمن شاء فليراجعه.

عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس