عرض مشاركة واحدة
قديم 04-06-2011
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي الشعاعات - الشعاع الثاني عشر

الشعاع الثاني عشر - ص: 329

الشعاع الثاني عشر

دفاع محكمة دنيزلي 1
باسمه سبحانه
ايها السادة!
انني اؤكد لكم ان الذوات الموجودين هنا إما لاتربطهم رابطة مع رسائل النور او هناك مجرد رابطة بسيطة معها، مع ان لي العديد من الاخوة الحقيقيين بكل معاني الاخوة التي تستطيعون تصورها. ولي على درب الحقيقة العديد من الاصدقاء الواصلين للحقيقة.
اننا ايها السادة على يقين تام لايتزعزع بان الموت بالنسبة لنا - بسر القرآن الكريم - ليس اعداماً ابدياً بل تذكرة تسريح.. بينما يعد هذا الموت بالنسبة لمعارضينا وبالنسبة للسائرين في درب الضلالة موتاً اكيداً واعداماً ابدياً (ان لم يكن يؤمن بالآخرة ايماناً لاشبهة فيه).. او ان هذا الموت يعد بالنسبة اليه سجناً انفرادياً ابدياً ومظلماً (ان كان يؤمن بالآخرة ولكنه منغمس في حياة السفاهة والضلالة).
انني أسألكم : أتوجد في هذه الدنيا مسألة اكبر من مسألة الموت؟.. أهناك مسألة انسانية أهم واكبر من هذه المسألة؟ فكيف اذن يمكن ان تستغل هذه المسألة من اجل

_____________________
1 لقد اجرى استاذنا بديع الزمان سعيد النورسى فى دفاعه امام محكمة «دنيزلى» بعض ما يلزم من الاضافة والحذف ورفعه دفاعاً فى محكمة "آفيون" وذلك لوحدة القضية. وقد ادمج ايضاً القسم الاعظم من هذا الدفاع مع دفاعه فى محكمة «آفيون» واطلق عليه اسم "الشعاع الرابع عشر" - طلاب النور.



الشعاع الثاني عشر - ص: 330
شئ آخر؟.. ومادام من المستحيل ان يكون هناك شئ آخر أهم من هذه المسألة، اذن فلِمَ انتم منشغلون بنا هكذا؟
اننا لاننظر الى اشد عقوبتكم واقصاها الا انها تسريح وتذكرة سفر الى عالم النور، لذا فاننا ننتظرها بثبات كامل .. ولكننا نعلم علم اليقين ان الذين وقفوا ضدنا واصدروا الاحكام ضدنا سيلقون عن قريب عقابهم بالاعدام الابدي وبالسجن الانفرادي، ذلك العقاب المرعب.. اننا موقنون من ذلك وكاننا نشاهدهم في عذابهم هذا كما نشاهدكم انتم في هذا المجلس .. اننا نشاهدهم هكذا ونتألم كثيراً من الناحية الانسانية من اجلهم. وانا على اتم استعداد لإثبات هذه الحقيقة المهمة والبرهنة عليها وافحام اكبر المنكرين لها وإلزام اشد المتمردين عليها.. وانا على اتم استعداد لقبول اي عقاب كان ان لم اقم بهذا الاثبات اوضح من الشمس في رابعة النهار وامام اكبر علمائكم وفلاسفتكم وليس فقط امام المختصين من هذه اللجنة الذين لايملكون اي نصيب من العلم ومن الاختصاص، انهم مشبعون بالحقد ولا علم لهم بالمعنويات ولايهتمون بها.
وكمثال على هذا نذكر اننا قمنا في ظرف اسبوعين بتأليف رسالة "الثمرة" للمسجونين، وهي رسالة تلخص اهداف رسائل النور وتبين اسسها وغاياتها. فهي بمثابة رسالة دفاع عن رسائل النور، لذا فاني اقدمها وابرزها لكم، ولكي تقدم هذه الرسالة الى المراجع الرسمية في "انقرة" فاننا نبذل في السر جهوداً مضنية لكتابتها بالحروف الجديدة 1 وانا ادعوكم لقراءة هذه الرسالة، فان لم تصدقني قلوبكم بعد قراءتها - ولا اقول نفوسكم - فانني سارضى بكل ألوان التعذيب والاهانة في سجني الانفرادي الموجود انا فيه حالياً. ولن انبس ببنت شفة او بأي شكوى.
والخلاصة ان امامكم طريقين: إما ان تطلقوا الحرية الكاملة لرسائل النور او تحاولوا - ان استطعتم - ان تغلبوا الحقائق الواردة فيها وتقضوا عليها.
انني لم اكن حتى الآن افكر فيكم ولا في دنياكم، وما كان في نيتي ان افكر فيهما في المستقبل، ولكنكم اضطررتموني الى هذا، وربما كان هذا ضرورياً لتنبيهكم
_____________________
1 اي بالحروف اللاتينية. - المترجم



الشعاع الثاني عشر - ص: 331
وايقاظكم، ولعل القدر الإلهي هو الذي ساقنا الى هذا. اما نحن فان مرشدنا هو الدستور القائل (مَن آمن بالقدر أمِن من الكدر) لذا فقد عقدنا العزم على تحمل جميع صنوف مضايقاتكم بكل صبر.
الموقوف
سعيد النورسي
* * *

باسمه سبحانه
ايها السادة!
انني مقتنع تماماً - نتيجة شواهد ودلائل عديدة - بان الهجمات التي تُشن علينا ليس مبعثها الزعم القائل باننا "نستغل الشعور الديني للاخلال بالأمن الداخلي".. كلا، ولكن ذلك الهجوم - الذي يتم تحت ذلك الغطاء الزائف - يتم في سبيل الكفر والزندقة ويستهدف ايماننا وإنهاء مساعينا وخدماتنا في سبيل هذا الايمان ومن اجل اقرار الهدوء.. ونحن نملك ادلة وبراهين عديدة على هذا. ولنقدم هنا برهاناً واحداً فقط على ذلك:
لقد قرأ عشرون ألف فرد عشرين الف نسخة من رسائل النور في ظرف عشرين سنة، ورضوا بها وتقبلوها. ومع ذلك لم تقع حادثة واحدة مخلة بالأمن من قبل طلاب رسائل النور. ولم تسجل المراجع الرسمية اية حادثة من هذا القبيل، كما لم تستطع المحكمة السابقة ولا المحكمة الحالية العثور على مثل هذه الحادثة، علماً بان نتائج مثل هذه الدعاية القوية والمنتشرة بكثرة كان لابد لها من الظهور في ظرف عشرين يوماً بشكل حوادث ووقائع.
اذن فان القانون رقم (163) 1 ليس إلاّ غطاء كاذباً وزائفاً يشهر ضد حرية الضمير وحرية الوجدان والعقيدة، وقانوناً مطاطاً يراد منه ان يشمل كل المتدينين وكل
_____________________
1 ينص هذا القانون على معاقبة كل من سعى لاقامة دولة دينية في تركيا او استغل الشعور الديني في هذا السبيل، وهو القانون الذي اتكأت عليه جميع الحكومات لضرب الحركات الاسلامية في تركيا. - المترجم



الشعاع الثاني عشر - ص: 332
الناصحين والدعاة، ولا يريد اهل الالحاد والزندقة الاّ القيام باستغفال بعض المسؤولين الحكوميين لضربنا وتحطيمنا.
وما دامت هذه هي الحقيقة فاننا نصرخ بكل قوتنا:
ايها البائسون الذين سقطوا في درك الكفر المطلق.. يامن بعتم دينكم بدنياكم!.. اعملوا كل ما تستطيعون عمله، ولتكن دنياكم وبالاً عليكم.. وستكون.. اما نحن فقد وضعنا رؤوسنا فداءً للحقيقة القدسية التي تفتديها مئات الملايين من الابطال برؤوسهم.. فنحن متهيأون وجاهزون لاستقبال كل انواع عقوباتكم .. بل حتى اعدامكم.
ان وضعنا وحالنا خارج السجن - تحت هذه الظروف - أسوأ مائة مرة من حالنا داخله، ولايبقى بعد هذا الاستبداد المطلق الموجه الينا اي نوع من انواع الحرية.. لا الحرية العلمية ولا الحرية الوجدانية ولا الحرية الدينية.. اي لايبقى امام اهل الشهامة واهل الديانة وامام مناصري الحرية ومحبيها من سبيل الا الموت او الدخول الى السجن.
اما نحن فلا يسعنا الا ان نقول: (إنا لله وانا اليه راجعون) ونعتصم بربنا ونلوذ به.
الموقوف
سعيد النورسي
* * *
باسمه سبحانه
السيد علي رضا رئيس المحكمة المحترم!
لكي استطيع الدفاع عن حقوقي فانني اتقدم بطلب وبرجاء مهم:
انني لا اعرف الحروف الجديدة، كما ان خطي في الحروف القديمة غير جيد، ثم انهم منعونى من لقاء الآخرين ومواجهتهم. اي انني اكاد اكون في عزلة كاملة او في سجن انفرادي.. الى درجة انهم سحبوا مني ورقة اتهام الادعاء العام بعد ربع ساعة


الشعاع الثاني عشر - ص: 333
فقط من اعطائها لي. كما انني لا استطيع من الناحية المالية الاستعانة بمحام. وماقدمت لكم دفاعي الا بعد مشقة كبيرة، ولم استطع ان احصل على نسخة من هذا الدفاع بالحروف الجديدة الا بصورة سرية. وكنت قد امليت كتابة رسالة "الثمرة" (التي هي بمثابة دفاع عن رسائل النور وبمثابة خلاصة مسلكها) لكي اقدمها الى الادعاء العام وارسل منها نسخة او نسختين الى الجهات الرسمية في "انقرة". ولكنهم سحبوها منى ولم يعيدوها الي. بينما كانت الجهات العدلية في محكمة "اسكى شهر" قد قامت بارسال آلة طابعة إليّ في السجن، فاستطعنا كتابة بضع نسخ من دفاعي بالحروف الجديدة، كما قامت المحكمة نفسها بالكتابة ايضاً.
وهكذا فان طلبي الذي اعدّه مهماً، هو قيامكم بارسال آلة طابعة، او السماح لنا بجلب هذه الطابعة لكي يتسنى لنا القيام بطبع بضع نسخ بالحروف الجديدة من رسالة "الثمرة" التي تعد - كما قلت - بمثابة دفاع عني وعن رسائل النور، وذلك بغية إرسال نسخ منها الى وزارة العدل والى مجلس الوزراء ومجلس النواب ومجلس الشورى للدولة، ذلك لأن التهم التي وجهها اليّ الادعاء العام تنحصر كلها حول رسائل النور، ولاشك ان اي دعوى حول رسائل النور واي اعتراض عليها لايعد شيئاً هيناً او بسيطاً، ولايعدّ مسألة شخصية غير ذات اهمية، بل هى مسألة عامة وحادثة ذات شأن كبير تهمّ هذا البلد وهذه الامة وهذه الحكومة مما تجذب اليها باهتمام انظار العالم الاسلامي بأسره.
ان الاصابع التي تحارب رسائل النور من خلف الاستار هي الاصابع الاجنبية التي تحاول تحطيم وكسر الود والمحبة والاخوة التي يكنها العالم الاسلامي نحو هذه الامة في هذا الوطن. هذه المحبة والاخوة التي تعد اكبر قوة لهذه الامة. لذا فلكي يتم تحطيم هذه المحبة وهذه الاخوة وتبديلها وتغييرها الى بغض ونفور فان هناك اصابع تحاول استغلال السياسة وجعلها آلة ووسيلة لتشجيع الالحاد والكفر المطلق، وهي بذلك انما تقوم بعملية خداع للحكومة. وقامت مرتين بعملية تضليل للعدالة عندما تقول لها: "ان طلاب رسائل النور يستغلون الدين من اجل السياسة وان هناك احتمالاً ان يتضرر من ذلك أمن البلد".


الشعاع الثاني عشر - ص: 334
ايها البائسون!.. ان رسائل النور لاعلاقة لها بالسياسة، بل تقوم بتحطيم الكفر المطلق - الذي اسفله الفوضى واعلاه الاستبداد المطلق - وتفتيته وردّه على اعقابه. واكبر برهان على ذلك هو رسالة "الثمرة" التي هي بمثابة دليل واحد من بين مائة حجة ودليل على ان رسائل النور تسعى لتأسيس الامن والنظام والحرية والعدالة في هذا البلد، لذا اطلب تكليف هيئة علمية واجتماعية عالية لتدقيق هذه الرسالة، فان لم تقتنع هذه الهيئة بما اقول فانني ارضى بكل عقاب وباي نوع من انواع الاعدام.
الموقوف
سعيد النورسي
* * *

باسمه سبحانه
السيد الرئيس!
لقد تم اتخاذ ثلاثة اسس في قرار المحكمة:
المادة الاولى: الجمعية
انني اُشهد جميع طلاب النور الموجودين هنا وجميع من تحدثوا وتقابلوا معي وجميع من قرأوا او استنسخوا رسائل النور، وتستطيعون ان تسألوا انتم منهم بانني لم اقل لاي أحد: اننا سنشكل جميعة سياسية او طريقة نقشبندية، بل كنت اقول دائماً: "اننا نحاول انقاذ ايماننا، ولم يجر بيننا حديث خارج عموم اهل الايمان وخارج الجماعة الاسلامية المقدسة التي يربو عدد افرادها على ثلاثمائة مليون مسلم 1، ولم نجد لانفسنا مكاناً خارج ما اطلق القرآن الكريم عليه اسم "حزب الله" الذي يجمع تحت ظل اخوة الايمان جميع اهل الايمان. ولاننا حصرنا جهدنا في خدمة القرآن فلاشك اننا من "حزب القرآن" ومن "حزب الله" فان كان قرار الاتهام يشير الى هذا فاننا نقر بذلك بكل خلجة من خلجات ارواحنا وبكل فخر واعتزاز. اما ان كان يشير الى معانٍ اخرى فاننا لانعلم عنها شيئاً.
_____________________
1 كان هذا هو تقريباً عدد المسلمين في العالم آنذاك. - المترجم



الشعاع الثاني عشر - ص: 335
المادة الثانية:
ان قرار الاتهام يعترف - استناداً الى تقرير وشهادة شرطة "قسطموني" - بان "رسالة الحجاب" و "رسالة الهجمات الست وذيلها" وجدت داخل صناديق مغلقة ومسمّرة وتحت اكوام الحطب والفحم. اي لم تكن معدة للنشر ابداً. وقد مرت من تدقيق ونقد محكمة "اسكي شهر" وادت الى اصدار عقوبة خفيفة لي. ولكن الادعاء العام الذي اخذ بعض الجمل من هذه الرسائل واعطى لها مفهوماً ومعاني غير صحيحة، يريد ان يرجع بنا تسع سنوات الى الوراء وان يحمّلنا مسؤولية جديدة حول تهمة سبق وان عوقبنا من اجلها.
المادة الثالثة:
وردت في قرار الاتهام وفي مواضع عدة عبارات امثال (يمكن ان يخل بأمن الدولة). اي تم وضع الاحتمالات والامكانات محل الوقائع الثابتة. وانا اقول: ان من الممكن ومن المحتمل ان يقوم كل شخص باقتراف جريمة القتل، فهل يمكن إدانة كل شخص وتجريمه على اساس الاحتمال؟
الموقوف
سعيد النورسي
* * *

باسمه سبحانه
السيد رئيس المحكمة!
ارفق لكم طياً صورة من دفاعي الذي قدمته كعريضة الى المراجع الرسمية في "انقرة" والى رئيس الجمهورية، وكذلك الرسالة الجوابية التي ارسلتها رئاسة الوزارة، مما يظهر مدى قبولها واهتمامها بعريضتي. وقد ادرجت في دفاعي هذا الاجوبة القاطعة التي ردت على بيان الادعاء العام المملوء بالتهم التي لا اساس لها من الصحة وبالاوهام التي لامبرر لها. كما يوجد في هذا الادعاء كثير من الاقوال المبنية على


الشعاع الثاني عشر - ص: 336
مضابط الشرطة المغرضة والسطحية والتي عارضها تقرير الخبراء، وقد سبق وان قدمت اعتراضاتي عليها والتي يمكن تلخيصها بالآتى:
كما ذكرت لكم سابقاً فانه عندما ارادت محكمة "اسكي شهر" تجريمي حسب المادة رقم 163 قلت لها:
"لقد وافق 163 نائباً من نواب البرلمان للحكومة الجمهورية البالغ عددهم مائتي نائب (اي بنفس عدد المادة 163) على تخصيص مائة وخمسين الف ليرة لانشاء "دار الفنون" - الجامعة - في مدينة "وان". وان موافقتهم هذه والاهتمام الذي ابدته حكومة الجمهورية نحوي يعني اسقاط التهمة الموجهة الي حسب المادة 163"
عندما قلت هذا للمحكمة قامت اللجنة الاستشارية لتلك المحكمة بتحريف ماقلته وادعت ان 163 نائباً اجروا تحقيقاً حول سعيد وطالبوا بمحاكمته!.
وهكذا، واستناداً الى امثال هذه التهم الباطلة لتلك اللجنة الاستشارية يحاول الادعاء العام جعلنا مسؤولين امام هذه التهم، بينما جاء بالاجماع قرار الهيئة المختصة ذات المستوى الرفيع من العلم التي تشكلت بقرار من المجلس النيابي وحول اليها تدقيق رسائل النور مايأتي:
"لاتوجد فيما كتبه سعيد او طلاب النور اية دلائل او امارات صريحة حول استغلال الدين او المقدسات وجعلها اداة ووسيلة للاخلال بأمن الدولة او التحريض على ذلك ولا على محاولة القيام بتشكيل جمعية ولا اية نيات او مقاصد سيئة، ولم نجد في وسائل تخاطب طلاب النور وخطاباتهم اية نيات سيئة ضد الحكومة ولا اية مقاصد لتشكيل جمعية او طريقة صوفية. وقد تبين انهم لا ينطلقون في حركتهم من هذا المنطلق".
كما قررت هذه الهيئة المختصة وبالاجماع كذلك على مايأتي:
" ان تسعين بالمائة من رسائل النور لم تبتعد قيد انملة عن مبادئ الدين واسسه ولا عن مبادئ العلم والحقيقة، وقد كتبت باخلاص وبتجرد. ومن الواضح تماماً ان هذه الرسائل لاتنوي استغلال الدين ولا القيام بتشكيل جمعية ولا محاولة الإخلال بأمن الدولة، كما ان الرسائل المتبادلة بين طلاب النور، او بين طلاب النور وبين سعيد


الشعاع الثاني عشر - ص: 337
النورسي تحمل هذا الطابع ايضاً. وباستثناء بعض الرسائل السرية (لايتجاوز عددها عشر رسائل) التي لم تتطرق الى مواضيع علمية. بل تحمل طابع الشكوى والالم، فقد كتبت جميع رسائل النور إما لشرح آية او لتوضيح معنى حديث شريف وبيانه. كما ان معظم رسائل النور كتبت لتوضيح الحقائق الدينية والايمانية، وحول عقائد الايمان بالله وبرسوله واليوم الآخر. ولكي تتوضح هذه الحقائق بشكل افضل انتهجت رسائل النور اسلوب ضرب الامثال وايراد القصص، وقدمت رأيها العلمي وارشاداتها ونصائحها الاخلاقية ضمن مناقب حميدة وتجارب في الحياة وقصص ذات عبر، ولا تحتوي هذه الرسائل على اي شئ يمكن ان يمس الحكومة او المراجع الرسمية".
لذا فاننا في الحقيقة متأثرون جداً من قيام الادعاء العام باهمال تقرير هذه الهيئة العلمية المتخصصة ذات المستوى المرموق وتركه جانباً، والتوجه الى التقرير القديم الناقص والمشوش والمضطرب، ثم بناء اتهاماته الغريبة استناداً اليه. لذا فان من الطبيعي ان نرى هذا غير لائق بعدالة هذه المحكمة التي نسلم بها وبانصافها. وهذا يشبه - ولا مشاحة في الامثال - ماجرى مع "البكطاشي" 1 الذي قيل له: "لماذا لاتصلي؟" فاجاب: "لانه ورد في القرآن (لاتقربوا الصلاة"( فقيل له: "ولكن لماذا لاتكمل قراءة الآية وهي تقول (وانتم سكارى)" فاجاب : "انني لست حافظاً للقرآن". وعلى هذا المثال تؤخذ جملة معينة من "رسائل النور" وتبنى عليها الاتهامات ضدنا دون ان تُقرأ وتدقق الجمل التالية والموضحة لها، وسترون امثلة عديدة - حوالي اربعين مثالاً - على هذا في مذكرة دفاعي التي ساقدمها لكم. وكانموذج لهذا اقدم هذه الحادثة الطريفة:
وردت سهواً عبارة "ان رسائل النور تفسد الشعب" في مذكرة الادعاء العام فى محكمة "اسكى شهر" عندما كان يشرح اثر الدروس الايمانية لرسائل النور، ومع ان المحكمة شطبت فيما بعد هذه الجملة ، الاّ ان احد طلاب النور (واسمه عبدالرزاق) قال بعد مضي سنة على تلك المحكمة:

_____________________
1 البكطاشي: اي من اتباع الطريقة "البكطاشية" التي بدأت على اسس سليمة ثم انحرفت حتى اصبح افرادها يضرب بهم المثل في ترك الصلاة والصوم وفي شرب الخمور. - المترجم



الشعاع الثاني عشر - ص: 338
ايها الشقي! كيف يستطيع احد ان يقول عن "ارشاد" رسائل النور "افساداً" ؟ أيقال بحق رسائل النور التي ظهرت وتاكدت قيمتها الدينية ولم تبدر منها خلال عشرين سنة اية اساءة او ضرر نحو الادارة الحكومية ولا نحو اي شخص، بل قامت بارشاد الالاف من الشباب وتقوية ايمانهم وتقويم اخلاقهم ؟ اذن فكيف تستطيع ان تصف "ارشاد" رسائل النور بانه "افساد"؟ ألا تخشى الله؟.. قطع الله لسانك!.
اننا نحيل ما قاله مقام الادعاء العام - الذي اطلع على الاقوال المحقة لطالب النور هذا - من ان "سعيداً ينشر الفساد من حواليه".. نحيله الى ضمائركم والى شعور الانصاف في وجدانكم.
ولكي يجد مقام الادعاء فرصة لغمز الدروس الاجتماعية لرسائل النور قال:
"ان الوجدان هو مقام ومكان الدين، فالدين لايرتبط بالحكم ولا بالقانون، اذ عندما ارتبط بهما في السابق ظهرت الفوضى الاجتماعية".
وانا اقول:
ان الدين ليس عبارة عن الايمان فقط، بل العمل الصالح ايضاً هو الجزء الثاني من الدين، فهل يكفي الخوف من السجن او من شرطة الحكومة لكي يبتعد مقترفو الكبائر عن الجرائم التي تسمم الحياة الاجتماعية كالقتل والزنا والسرقة والقمار ويمتنعوا عنها؟ اذن يستلزم ان نخصص لكل شخص شرطياً مراقباً لكي ترتدع النفوس اللاهية عن غيها وتبتعد عن هذه القذارات. ورسائل النور تضع مع كل شخص في كل وقت رقيباً معنوياً من جهة العمل الصالح ومن جهة الايمان، وعندما يتذكر الانسان سجن جهنم والغضب الإلهي فانه يستطيع تجنب السوء والمعصية بسهولة.
وقد بيّن الادعاء العام امارة لامعنى لها عندما ابرز اسماء الموقعين على التوافقات الظاهرة فى احدى الرسائل، وقال: انهم افراد جمعية! فيا ترى هل يمكن اعطاء اسم الجمعية على اصحاب التواقيع الموجودة فى سجلات اصحاب المحلات والدكاكين؟. ولقد حدث وهمٌ شبيه بهذا فى محكمة "اسكى شهر" واجبت عنه ايضاً.. فلو كانت هناك جمعية دنيوية فيما بيننا، لكان المتضررون بسببى ينفرون منى نفوراً شديداً ويهربون. ولكن مثلما لي ولنا ارتباط لا ينفصم مع الامام الغزالى، حيث انها


الشعاع الثاني عشر - ص: 339
رابطة اخروية لا دنيوية، كذلك هؤلاء الابرياء المتدينون لهم رابطة قوية بهذا الضعيف لاجل ما تلقوا من دروس ايمانية. ومن هنا نشأ ذلك الوهم "جمعية سياسية".
كلمتى الاخيرة:
(حسبنا الله ونعم الوكيل)
الموقوف
فى السجن الانفرادى
سعيد النورسى
* * *
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس