عرض مشاركة واحدة
قديم 02-04-2010
  #1
محمّد راشد
رحمه الله
 الصورة الرمزية محمّد راشد
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 404
معدل تقييم المستوى: 16
محمّد راشد is on a distinguished road
افتراضي الابتهاج بدرر الحلاج


ربما الكثيرون لم يسمعوا بمأساة الحلاج, ذلك الصوفي الذي تكلم فشطح, فاتهم بالزندقة وصلب,وحار به الناس فنهم من اعتبره وليّا كبيرا ومنهم من عده مجنونا, ومنهم من نسبه للكفر.

وهذه بعض أخبار الحلاج التي جمعها ابن الساعي

عن إبراهيم بن فاتك قال: لما أُتي بالحسين بن منصور ليصلب رأى الخشبة والمسامير فضحك كثيراً حتى دمعت عيناه. ثم التفت إلى القوم فرأى الشبليّ فيما بينهم فقال له: يا أبا بكر هل معك سجادتك. فقال: بلى يا شيخ. قال: افرشها لي. ففرشها فصلى الحسين بن منصور عليها ركعتين وكنت قريباً منه. فقرأ في الأولى فاتحة الكتاب وقوله تعالى: (لنبلونكم بشيءٍ من الخوف والجوع) الآية، وقرأ في الثانية فاتحة الكتاب وقوله تعالى: (كل نفس ذائقة الموت) الآية، فلما سلم عنها ذكر أشياء لم أحفظها وكان مما حفظته:
(اللهم إنك المتجلي عن كل جهة، المتخلي من كل جهة. بحق قيامك بحقي، وبحق قيامي بحقك. وقيامي بحقك يخالف قيامك بحقي. فإنّ قيامي بحقك ناسوتيّة، وقيامك بحقي لاهوتيّة. وكما أنّ ناسوتيّتي مستهلكة في لاهوتيّتك غير ممازجة إياها فلاهوتيتك مستولية على ناسوتيتي غير مماسّة لها. وبحق قِدَمك على حدثي، وحق حدثي تحت ملابس قدمك، أن ترزقني شكر هذه النعمة التي أنعمت بها عليَّ حيث غيّبت أغياري عمّا كشفت لي من مطالع وجهك وحرمت على غيري ما أبحت لي من النظر في مكنونات سرّك، وهؤلاء عبادك قد اجتمعوا لقتلي تعصُّباً لدينك وتقرُّباً إليك. فاغفر لهم، فإنك لو كشفت لهم ما كشفت لي لَما فعلوا ما فعلوا، ولو سترت عني ما سترت عنهم لَما ابتُليتُ. فلك الحمد فيما تفعل ولك الحمد فيما تريد، ثم سكت وناجى سراً.

فتقدم أبو الحارث السياف فلطمه لطمةً هشم أنفه وسال الدم على شيبه. فصاح الشبليّ ومزق ثوبه وغشى على أبي الحسين الواسطيّ وعلى جماعة من الفقراء المشهورين. وكادت الفتنة تهيج ففعل أصحاب الحرس ما فعلوا." اهـ

----------------------------

ذكر عن قاضي القضاة أبي بكر بن الحدّاد المصريّ قال: لمّا كانت الليلة التي قُتل في صبيحتها الحلاّج قام واستقبل القبلة متوشحاً بردائه ورفع يديه وتكلم بكلام كثير جاوز الحفظ. فكان مما حفظته منه أن قال:
نحن بشواهدك نلوذ. وبسنا عزتك نستضيء، لتبدي ما شئت من شأنك. وأنت الذي في السماء عرشك، وأنت (الذي في السماء إله وفي الأرض إله). تتجلى كما تشاء مثل تجلّيك في مشيئتك كأحسن صورة، والصورة فيها الروح الناطقة بالعلم والبيان والقدرة والبرهان. ثم أوعزتَ إلى شاهدك الأنيّ في ذاتك الهويّ. كيف أنت إذا مثّلت بذاتي، عند عقيب كرّاتي، ودعوت إلى ذاتي بذاتي، وأبديت حقائق علومي ومعجزاتي، صاعداً في معارجي إلى عروش أزلياتي، عند القول من بريّاتي. إني أُخذت وحُبست وأُحضرت وصُلبت وقُتلت وأُحرقت واحتملت السافيات الذاريات أجزائي. وإنّ لذرّةً من ينجوج مظانَّ هاكول متجليّاتي اعظم من الراسيات اهـ. ثم أنشأ يقول:

أنعَي إليك نفوساً طاح شاهدُها = فيما ورا الحيثِ بل في شاهد القِدَمِ
أنعي إليك قلوباً طالما هطَلت = سحائبُ الوحي فيها أبحُرَ الحِكَمِ
أنعي إليك لسانَ الحقّ مذ زَمَنٍ = أوْدَى وتذكارُه في الوهمِ كالعدمِ
أنعي إليك بياناً تستكين له = أقوالُ كلّ فصيحٍ مقوَلٍ فَهِمِ
أنعي إليك إِشاراتِ العقول معاً = لم يبقَ منهنّ إِلاّ دارسُ الرِمَمِ
أنعي وحُبِّك أخلاقاً لطائفةٍ = كانت مطاياهمُ من مُكمِد الكَظَمِ
مضى الجميعُ فلا عينٌ ولا أثرٌ = مُضِيَّ عادٍ وفُقدانَ الأُلي إِرَمِ
وخلّفوا معشراً يحذون لُبسَهمُ = أعمى من البَهْم بل أعمى من النَعَمِ

المصدر : كتاب أخبار الحلاج (لتاج الدين ابن الساعي)

وقال سيدي ابن علوان عندما قال ؛


تَمادى الشاهدان بنور عقلي***فذا يُحيي، وذاك يريد قتلــي
فوافقتُ المُشير إلى التَّجلـي ***وخالفتُ المشير إلى الَّتخلـي
ولو أني نطقتُ على فــنائي***لقلت مقالة الحلاج قبلـــي
ولكن شدَّ من أهــواه أزري***وقوَّى همتي وأجَدَّ عقلـــي
فبعضي من فنون الحب فـانٍ***وبعضي بين إخواني وأهلــي
فلا أدري أللإخوان أبقــــى ***أم الأهلين أم لله أم لــــي
ولي وجهان مكـــنونٌ وبادٍ***ولي علْمان جزئيٌّ وكُلـــي


من روض الرياحين
محمّد راشد غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس