عرض مشاركة واحدة
قديم 01-23-2009
  #2
هيثم السليمان
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: دير الزور _ العشارة
المشاركات: 1,367
معدل تقييم المستوى: 17
هيثم السليمان is on a distinguished road
افتراضي رد: لمسـات بيانية في سورة الناس

قل أعوذ برب الناس. ملك الناس. إله الناس

ـ
الاستعاذة في السورة هي بـ: رب الناس، بملك الناس، وبإله الناس من شر الوسواس الخناس
فالمستعاذ منه هو شر واحد والاستعاذة منه جاءت بالربّ والملك والإله من وسوسة الشيطان المُهلكة.
أما في سورة الفلق فقد كانت الاستعاذة بشيء واحد من شرور متعددة.
وفي هذا إشارة عظيمة إلى خطورة الوسوسة على الإنسان وعلى غيره لأنه إن استجاب لهذها لوساوس فقد يردي نفسه في الدنيا والآخرة
أما الأمر الذي ليس من كسبه (ما جاء في سورة الفلق) فقد استعاذ منه بأمر واحد وهذه لفتة بيانية عظيمة من هاتين السورتين الكريمتين إلى خطورة البشر وخطورة الوسوسة
ـ وجاء الترتيب في سورة الناس هكذا: الرب، الملك، الإله.
فالإنسان إذا وقع في حاجة يستعين أولاً بخبرته وعلمه أو بمن لديه هذه الخبرة والتجربة ليرشده
وهذا شأن المربي فهو المرشد والمعلم والموجه، ولذا بدأت الآيات به (رب الناس).
فإن لم ينجح فيما يريد لجأ إلى السلطة وصاحبها وهو الملك (ملك الناس)
فإن لم تُجد السلطة نفعاً التجأ إلى الله تعالى (إله الناس) " وأفوض أمري إلى الله
والترتيب في الآيات في السورة هو على سياق هذا الترتيب الطبيعي، وكحاجة الإنسان للتعامل في الحياة. وهو واضح في مراحل حياة الإنسان ومعاشهم، فالأجنة هي البداية ثم يخرج الناس للحياة ليواجهوا المربي الذي يقدم لهم ما يحتاجونه من تربية ورعاية، فإذا كبروا احتاجوا إلى المجتمع وما ينظم علاقتهم به، ثم يأتي سن التكليف حيث يحاسبه الإله
والمجتمعات عموما بين الربوبية والملك، فكل مجتمع يحتاج صغاره إلى المربي ثم إلى السلطة، أما الألوهية فتتأخر وقد تخفى على بعض الناس وتحيطها الشكوك والأوهام .. والإلحاد .. وتحتاج إلى تذكير
ـ وقد تدرّجت الآيات من الكثرة إلى القلّة
فالربّ هو المرشد الموجّه وقد يكون في المجتمع الواحد العديد من المرشدين والمربّين
لكن لكل دولة أو مجتمع ملك واحد
والدنيا فيها ملوك كثر ولكن إلهها وإلههم واحد
فانتقل من الكثرة للقلة من حيث دلالة الكلمة بالعدد (الرب كثير، الملك أقلّ وأما الإله فهو واحد).
ـ وردت كلمة الناس 3 مرات في السورة وكل منها تعني مجموعة من الناس مختلفة عن غيرها نوضحها فيما يلي:
كلمة الناس تطلق على مجموعة قليلة من الناس أو واحد من الناس أو كل الناس.
والربّ هو مُرشد مجموعة من الناس قد تكون قليلة أو كثيرة
أما الملك فناسه أكثر من ناس المربي
وأما الإله فهو إله كل الناس وناسه الأكثر حتماً.
ولو قالت الآيات : أعوذ برب الناس وملكهم وإلههم لعاد المعنى كله إلى المجموعة الأولى من الناس.. ناس الرب.. دون أن يشمل غيرهم
لذلك لا يغني الضمير هنا، بل لا بد من تكرار المضاف إليه مذكورا صريحا، لأن لكل معنى مختلف
فالتدرج في الصفات بدأ من الكثرة إلى القلة، أما في المضاف إليه (الناس) فبالعكس من القلة إلى الكثرة، فناس المربي أقل، وناس الملك أكثر، وناس الإله هم الأكثر
ـ ولا يجوز أن يأتي بحرف العطف فيقول برب الناس وملك الناس وإله الناس
فجاءت (قل أعوذ برب الناس* ملك الناس* إله الناس) حتى لا يُظنّ أنهم ذوات مختلفة ، بل هي ذات واحدة، فهو سبحانه المربي وهو الملك وهو الإله الواحد. وحتى لا يُظن أن المقصود أكثر من واحد، بل هو واحد سبحانه، فمن أراد الرب يقصد رب الناس ومن أراد الملِك يقصد ملك الناس ومن أراد الإله فلا إله إلا الله
هيثم السليمان غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس