عرض مشاركة واحدة
قديم 11-01-2011
  #26
عمرأبوحسام
محب فعال
 الصورة الرمزية عمرأبوحسام
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 47
معدل تقييم المستوى: 0
عمرأبوحسام is on a distinguished road
افتراضي رد: دراسات في القرآن والنبوة:

تركت فيكم...
هل ضاع سِرُّ تربية جيل القرآن جند الرحمان وتنظيمه وقيادته بوفاة الرسول المعظم وغياب شخصه الكريم؟ هل خبا إلى غير رَجعة ذلك النور النبوي الذي قَبَسَ منه الصحابة فوصلهم بنور القرآن وقربهم من الله جلت قدرته فأحبهم ونصرهم؟ كلا، بل هو صلى الله عليه وسلم النموذج الخالد لكل الأجيال. فمتى اكتشفنا من خلال كتاب الله وسنة نبيه سر التربية النبوية ومنهاجها انفتحت عنا أغلاق الجاهلية الراتعة في الأفئدة، المقيمة عليها، المقيدة لطاقات الفطرة الإيمانية، تمنعها من الانطلاق.
جاءت أحاديث كثيرة تأمرنا بالتمسك بعده صلى الله عليه وسلم بكتاب الله وسنته وأهل بيته. أحاديث تضمن لنا الهدى إن فعلنا. روى الترمذي عن زيد بن أرقم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر: وهو كتاب الله، حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، لن يفترقا حتى يَردا علي الحوض. فانظروا كيف تَخْلُفوني فيهما" . قال الترمذي: حديث حسن غريب.
القرآن وأهل البيت. هذه معادلة أعطاها الشيعة ما تستحق من الحرص على وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم. هؤلاء هم الآن، شهر صفر 1403، في عنفوان الثورة والحرب مع زعماء الجاهلية البعثية وكيلة الاستكبار العالمي. يا مرحبا بثورة تحت راية الإسلام! ومع كل ثوران وتغيير عميق تحدث اضطرابات يفلت معها زمام القول والعمل. طوينا في الحُسبان أخطاءَ الثورة الطبيعيةَ كتعاونها ضد المومنين مع نظام النصيرية الكافر وقلنا هذا حِلْفٌ اضطرت إخوانَنا إليه الحاجةُ الماسَّةُ لمَنْفَذ دبلوماسي ومورِدٍ للسلاح يخرق حصار الجاهلية المتفقة على خنق الثورة. ونطوي في الحُسبان توقف الثورة الإيرانية عن مد يد المساعدة للأمة الإسلامية المقاتلة في أفغانستان. ونقول: ثورة لها من همها ما يكفيها. لكنَّ إخوتنا عندما يعلنون على العالم ويبثون في صفوف المسلمين أنَّ إسلامهم هو إسلام آل البيت يوهمون المسلمين المتطلعين للتحرر من كابوس الجاهلية أن إسلام أهل السنة مُعادٍ لآل البيت، فتحدث البلبلة، ونسمع من الشباب أفواجا "تتشيع" كأنها تخرج من دين لدين.
إن إنجاز إخوتنا الذين زحزحوا عن صدورهم احتلال أمريكا ونهضوا هذه النهضة الرائعة لبركة من السماء. لكن رفع شعار آل البيت بما يوهم ضلال من يحبون آل البيت، دينا يدينون به الله دون أن يتسموا شيعة، يوشك أن يُفضي إلى تجذير الخلاف المذهبي فإذا البركة نقمة. سدد الله خطانا. ثم إن علماء السنة في إيران، أمام الدعوة إلى مذهب نشأ خلال قرون فهو يحمل أثرها بدل الدعوة إلى الإسلام الجامع، أخذوا ينظمون صفوفهم للدفاع عن حقهم في احترام مذهبهم. فما سمعنا تسامحا بل اضطهادا مذهبيا.
اللهم احفظ المسلمين من هذه الطامة التي تهدد، واجمع شملهم.
كتاب الله جامع، وإمامة آل البيت لا ينكرها مسلم. ومحبة آل البيت دين. فيبقى أن نسدد ونقارب ونجتهد لنجد صيغة موحدة. لا نطمع في رفع الخلاف من الأرض، فذلك طمع فيما لا مطمع فيه. لكنْ سَدُّ الذرائع لكيلا يدخل علينا مرة أخرى داءُ الطائفية الذي شتت شملنا. لا نطمع في العلاج السريع لمرض قروني، لكن نأسف إذ نرى الخطوات الأولى للثورة في إيران تتجه إلى غير ما يدل عليه الكلام الطيب الذي نسمعه من الإمام الخميني الذي يدعو لوحدة المسلمين في وجه الكفر والاستكبار، ويدعو لتخطي الطائفية. نأسف ونتألم. فهل هناك بلاغ في القمة لا يجد استجابة على مستوى التنفيذ؟ المهمة ضخمة ضخمة. ونحن نعذر، لكن نحذر.
كتاب الله وعترة رسول الله صلى الله عليه وسلم توأمان. وهما الثَّقَلان فينا كما جاء في لفظ الحديث. ثَقَلاَنِ يُرَزِّنَانِ المسلمين مخافَة أن تستخِفَّهم الطائفية، أو السطحية، أو العقلانية الإلحادية، أو التأويلية التي تبعدهم عن روح الإسلام. وروحُ الإسلام هو المنهاج الذي نحتاج، ويحتاج الشيعة، أن نبحث عنه، وننفي عنه رواسب قرون الانحطاط والحروب بين المسلمين. ننفي عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.
أخرج أبو داود والترمذي بسند صحيح عن عبد الرحمان السلمي وحُجر بن حجر، عن العرباض بن سارية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "صلى بهم ذات يوم، قال: "ثم أقبل علينا بوجهه، فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجِلَتْ منها القلوب. فقال رجل: يا رسول الله! كأن هذه موعظةُ مُوَدِّع، فماذا تعهَد إلينا؟ قال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن عبداً حبشياً. فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا. فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين. تمسكوا بها. وعَضُّوا عليها بالنواجذ. وإيَّاكم ومحدثاتِ الأمور. فإن كلَّ محدثة بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ" .
وصية عُلْوِيَّةٌ ما كان أنصع بيانها، وأوضح خَطْوَها، قبل أن تنشبَ الفتنة، ويُحْمَلَ السيف بين المسلمين، وتَدْلَهِمَّ الآفاق، ويفسُدَ الحكم، وتُنْقَضَ بعد ذلك كثيرٌ من عُرا الإسلام! الطاعة لعبد حبشي تعني الأخوةَ الإيمانية المُسَوِّيَّةَ للأجناس، لا تعني الطاعة العمياءَ للظالم القويِّ المتسلط كما تفسر ذلك أحاديث أخرى. ومع ذلك خضعت أجيال من المسلمين للعربي والعجمي والحبشي الظالم مخافة الفتنة وانتشارها. الاختلاف الكثير الذي خوفنا منه حبيبنا الهادي صلى الله عليه وسلم حدث، وعض كل فريق على ما يحسبه السنة الراشدة المهدية. والتقى العض المذهبي بالملك العاض، أو خالفه وحاربه، فكان تاريخُنا الممزق.
نرجو الله عز وجل أن نعبُرَ مواقعَ الردى في خطانا نحو الخلافة الثانية المهدية.
المنهاج النبوي جوهرٌ لَصق به أثناء معارك الاختلاف كثير من هذه الأدْران البشرية التاريخية. تولدت الشكوك في الرجال، وتولد التقديس المُغالي للرجال، وتولد التقليد الحرفيُّ للرجال. وتبنّت الأجيال أحقاد من مضوا، وأخطاءهم، وأفكارهم البشرية غير المعصومة من الميل والمبالغة. دخل كل هذا في بوتقة الصراع الطائفي المحالف أو المحارب للصراع السُّلالي الملكي فانصهر جسمين جامدين على خلافهما. هما الآن جسم الأمة الواحدة. ولا يمكن لشِقٍّ من الأمة أن يزعم أنه وحده الأمة.
ولعل الله عز وجل يجعل دواء الاختلاف في الاستضاءة بنور النبوة الذي لا ينكسف، وتبخير الجمود تحت شمسها الساطعة سطوع القرآن. لعل الله جلت عظمته يُلهِم الأمة مراجعة ما ائتُمِنَتْ عليه من دين الله، تعرض الخلاف على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. من يعرض، ومن يفهم ومن يُسَوِّي الخلاف؟ وبأي إرادة ومن أي منطلق وإلى أي هدف؟ لا يستوي الشيعة وهم الآن في ذروة الانتشاء بنصر الله المبين، من ذراه يتكلمون ويخططون، مع علمائنا الذين لا يزال سوادهم الأعظم تحت وطأة القرون، وتقليد القرون، وضرورة القرون، التي أدخلت كثيرا منهم تحت جناح الملك العاض والجبريِّ، طاعة منهم للعربي والعجمي والحبشي، وسَيْراً مع حرفية السنة، وربما اختيارا عن اقتناع لأهْوَن الشرور. لا نعجلْ، فبعد تحرير دار الإسلام يفتح الله تعالى لنا باباً لنتجاوز المَهاويَ التاريخية المهددة انقطاعا عن تاريخ الفتنة ووصلة بالنموذج الخالد.
يجمعنا حب الله ورسوله. ويجمعنا تحدي الجاهلية لنا، وخطرها المحدق بنا. يجمعنا واجب حمل الرسالة الخالدة للعالم، وواجب بناء الأساس للإمامة المهدية، وهي هي الخلافة الثانية الموعودة. ولن يحمل الرسالةَ جسمٌ مُصَدَّعٌ. لن يقوى على رد العدوان صفٌّ مشتت. ما هي حال مُرْضِيَةٌ أن يتخاصم ورَثَةُ الرسالة العظيمة على ميراثهم العظيم ودليل السماء بين أيديهم، وشخص الرسول المعصوم وسنته ماثلة في ضمائرهم.
كثير من سوء التفاهم راجع لوحشة طويلة ما تجالس فيها المسلمون من كلا الطائفتين، ولا تحاوروا، ولا تشاكوا آلامهم، ولا تبادلوا همهم. ويرحم الله الأستاذ حسنًا البنا، كان شديد الحرص على الاجتماع بعلماء الشيعة بحثاً عن أسباب الربط بين المسلمين.
عمرأبوحسام غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس