عرض مشاركة واحدة
قديم 09-06-2008
  #33
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

أسرار الوصول



"اعلم أن سرَّ الحضرة العليَّة لا يتجلَّى إلا لمن يتحقَّق ‏بالعبودية، والعبودية : أن تشهد في نفسك عين اليقين أنك ‏ضعيفٌ، فقيرٌ، جاهلٌ بحقائق الأمور. ذليلٌ ناقصٌ، خطَّاءٌ ‏مذنبٌ، لا حولَ لك ولا قوة إلا بالله (1) ‏.


فإذا واجهت حضرة الغني بفقرك، والعزيز بذُلِّك، والقوي ‏بضعفك، والكمال بنقصك، جاءتك الإغاثة في الحال.‏


والذي حجب الإغاثة ركون العبد على فكرته وقوته، ‏وتدبيره (2) ‏. ولذلك نرى القلوب تحنُّ إلى رحمة الأطفال، لأنهم ‏لا تدبير لهم ولا تفكير، وتعطف على المرضى والفقراء، لأنهم ‏تحقَّقوا بما يوجب العطف عليهم، ولو أن رجلاً ينازعك ‏ويخاصمك معتمداً على ماله وقوَّته، ورأيته مريضاً ضعيفاً ‏عطفت عليه، فإذا رأيته وقع في الأرض مغشياً عليه بادرت في ‏إسعافه، فإذا رأيته وقع صريعاً وخرجت روحه انفعل قلبك ‏بالعطف عليه، وكنت ممن يحملوه ويجهزوه ، مع أنه كان ‏خصماً لك!.‏


اقتباس:======================= الحاشية =====================


(1) ‎ ‎‏: وقد قال سيدي ابن عطاء الله :" تحقق بذلِّك يمدُّك بعزِّه ، تحقَّق بعجزك يمدُّك ‏بقدرته ، تحقَّق بضعفك يمدُّك بحوله وقوته" ولسيدي ابن عجيبة رحمه الله ورحمنا به، ‏كلام نفيس هنا لابأس بذكره تتميماً للفائدة حيث قال: أوصاف العبودية أربعة ‏يقابلها من أوصاف الربوبية أربعة : أولها: من العبد الفقر ، ومن الله الغنا. الثاني: من ‏العبد الذل ومن الله العز. الثالث: من العبد العجز ومن الله القدرة . الرابع: من العبد ‏الضعف ومن الله القوة. ‏


‏ والتحقق بالوصف: هو التجلي والاتصاف به قلباً وقالباً، ويكون ذلك بادياً بين خلقه، ‏فلا يتحقق الذل لله حتى يظهر ذلك بين عباده، فمن أراد أن يمـــــده الله ‏بالغنا به عما سواه، فليتحقق بالفقر مما سواه. ومن أراد أن يمده الله بالعز الذي لايفنى ‏، فليتحقق بالذل لله، والتواضع بين خلقه، فمن تواضع دون قدره، رفعه الله فوق ‏قدره، ومن أراد أن يمده الله بالقدرة الخارقة للعوائد فليتحقق بعجزه، ويتبرأ من حوله ‏وقوته، ومن أراد أن يمده الله = = بالقوة على طاعة مولاه ، ومجاهدة نفسه وهواه ، ‏فليتحقق بضعفه ، ويسند أمره إلى سيده ، فبقدر ماتعطي تأخذ ، وبقدر ماتتخلق ‏تتحقق ، وبقدر ماتتحقق بوصفك يمدك بوصفه ، انتهى من شرح الحكم لابن عجيبه ‏رحمه الله ورحمنا به .


(2) ‎ ‎‏: أي اعتماد العبد على تدبيره واختياره. فالواجب على المتأدب بآداب الله ترك ‏الاعتراض على الحال الذي أقامه الله فيه، وأراده له، فلا يريد خلاف ما يراد له ولا ‏يختار خلاف ما يختاره له ‏{وربك يخلق ما يشاء ويختار} ‏ قال سيدي ابن عطاء الله في ‏حكمه: "إرادتك التجريد مع إقامة الله إياك في الأسباب من الشهوة الخفية وإرادتك ‏الأسباب == مع إقامة الله إياك في التجريد انحطاط عن الهمة العلية" ، و "سوابق الهمم ‏لا تخرق سور الأقدار "، و"أرح نفسك من التقدير فما قام به غيرك عنك لا تقم به ‏لنفسك"، و " ما ترك من الجهل شيئاً من أراد أن يحدث في الوقت شيئاً غير ما أظهره ‏الله "، و "لا تطلب منه أن يخرجك من حال ليستعملك فيما سواها فلو أراد ‏لاستعملك من غير إخراج". وقد خلقك الله لما شاء لا لما تشاء فكن مع مراد الله ‏فيك لا مع مرادك لنفسك ففوض إليه ولا تركن إلى شيء ولا تدبر شيئاً وإن كان ولا ‏بد من التدبير فدبر أن لا تدبر وهو أقامك فيما فيه صلاحك لا فيما علمت أنت.‏" اهـ 133




(يتبع إن شاء الله تعالى مع: ‏"فالسعادة كلها لمن ‏ .... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس