عرض مشاركة واحدة
قديم 03-20-2009
  #1
ساره
محب نشيط
 الصورة الرمزية ساره
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 404
معدل تقييم المستوى: 16
ساره is on a distinguished road
افتراضي تقاليد السمن العربي في "المنطقه الشرقيه

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد قرئت هذا الموضوع في احدى المنتديات وعجبني فجلبتة على الفور اترككم مع السمن العربي

تقاليد السمن العربي في "المنطقه الشرقيه

قبل عدة عقود مضت، وقبل انتشار السمن الذي تنتجه المعامل الحديثة، كان السمن البلدي، أو كما يسميه أهالي "الرقة" السمن العربي، من أهم المواد الغذائية التي يجب توافرها في المنزل، والآن وبعد انتشار السمن المنتج بواسطة هذه المعامل ما زال الطلب على السمن البلدي في "الرقة" مستمراً، ومازالت النساء في الريف يصنعن هذه المادة حتى يومنا هذا.


وبتاريخ (19/1/2009)، التقينا السيد "عبد الكريم الشعيب"، وهو صاحب محل لبيع وشراء المنتجات والمواد البلدية، وبسؤاله عن طريقة صناعة السمن العربي، تحدث "الشُّعيب" قائلاً: «في الواقع إن صناعة السمن من اختصاص النساء في الأرياف والبادية، وهي قديمة جداً، والطريقة التقليدية لتحضير السمن تمرُّ بمراحل عديدة، فبعد أن يتمَّ حلبُ الأغنام، يُوضع الحليب في قدرٍ كبير، ويُسخَّن على النار لمدة ربع ساعة، وهي مدة كافية لغليانه، حيث يسكب بعد ذلك في قدور أو أوانٍ، ويترك حتى يبرد قليلاً، ثم يتم إضافة الخميرة على الحليب، والذي سيتحول بعد ساعات إلى لبن، أو كما يسميه أهالي المنطقة الشرقية "الخاثر".

ثم تقوم المرأة بوضع "الخاثر" داخل "الشُّكوة"، وهي عبارة عن وعاء مصنوع من جلد الأغنام، ومعالج بطريقة خاصة، وشكله يشبه الكيس وله عنق ضيق، وتضيف إليه قليلاً من الماء البارد، والذي يساعد على تكتُّل الدهون، وانفصالها عن اللبن، وبعد ذلك تَنفُخُ في عنق "الشُّكوة" حتى تصبح كالبالون، وتربط العنق بخيط يمنع تسرب الهواء، ويتم تعليقها بحبلين يبعدانها عن سطح الأرض، ليصبح شكلها كالأرجوحة، أو ككيس الرمل المتدلي الذي يستعمله الملاكمون، وتبدأ بعد ذلك عملية الخضِّ التي تستمر أكثر من نصف ساعة، حتى تتجمع كل الدهون التي يحتويها اللبن، والتي تُشكِّل مادة الزبدة، ونتيجة قلَّة الزبدة التي تستخرجها عادةً المرأة في اليوم الواحد، تقوم بتخزينها بوعاء جلدي صغير يسمى "المزبد"، وبعد تكرار هذه العملية لعدة أيام، تتجمع كمية جيدة من الزبدة، حيث توضع هذه

الكمية في قدر ويتم تذويبها بواسطة النار، فتتحول مباشرة إلى مادة السمن العربي، ولا تتجاوز النسبة التي ينقص فيها وزن الزبدة بعد التحويل، أكثر من /10%/، ثم يتم إفراغ السمن في وعاء من الجلد أيضاً يسمى "الظرف"، وهو مصنوع بنفس طريقة صنع "الشَّكوة"، وبعد ذلك يتم تخزينه كمؤونة للبيت، أو بيعه مباشرة للتجار أو المستهلكين».

وعن أنواع السمن العربي، الذي تنتجه محافظة "الرقة"، والذي يباع في الأسواق، قال "الشعيب": «هناك نوعان رئيسيان من السمن العربي، يتم تداولهما في الأسواق، النوع الأول هو سمن منطقة "الشامية"، وهي المنطقة الواقعة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، حيث تشتهر بخصوبة أراضيها وكثرة مراعيها، وأشهر العشائر التي تنتجه عشيرة "البو خميس" و"البو حمد" و"البو دبش"، ويعتبر السمن الذي يأتينا من هذه المنطقة، من أجود الأنواع المعروفة في محافظة "الرقة"، أما النوع الثاني فهو سمن منطقة "الجزيرة"، وهي تشمل الأراضي الواقعة شمال نهر الفرات، وينتج السمن في هذه المنطقة البدو الرُّحل، وبعض العشائر التي تعيش شمال النهر».

ولدى سؤال "الشعيب" عن طريقة صنع الوعاء الجلدي "الشكوة"، الذي يخضُّ فيه اللبن للحصول على السمن، حدثنا بقوله: «في الحقيقة، يجب التنويه إلى أن طريقة صناعة "الشكوة" هي نفس طريقة صناعة "الظرف" الذي يُخزَّن فيه السمن العربي، وتتم على عدة مراحل، فبدايةً يجب الحصول على جلد الماعز أو الغنم، ولا يجوز استخدام جلد الخروف الصغير، وهناك طريقة خاصة للحصول عليه، حيث لا يجب شقُّ الجلد بالسكين أبداً، بل يتم استخراجه



"الظرف" الجلدي الذي يخزَّن فيه السمن العربي
عن طريق سلخ جلد النعجة أو العنزة، واستخراج بدنها من خلال العنق، وبعد ذلك يتم ربط كافة الفتحات بخيط، وهي الفتحات في منطقة العنق والأرجل، ثم يوضع الحليب في جوف الجلد، ويحكم إغلاقه، ويمكن وضع مادة "الخاثر" عوضاً عن الحليب، لكن يجب مزجه بمادة الملح، ويترك لمدة /24/ساعة، ونقوم بوضع حجر فوقه ليساعد على عملية توزع وتشرُّب الجلد للمادة المضافة، بعد ذلك يتم حكُّ الجلد من الداخل بواسطة أداة غير جارحة، كالملعقة، وقديماً كان يتم استعمال عظم خروف لهذه الغاية.

والمرحلة التالية تسمى "التَّتمير"، وهي عبارة عن وضع دبس التَّمر السائل في جوف الجلد، والذي لا تقل كميته عادةً عن /2/كيلو، ثم يترك لمدة /24/ ساعة، يتم بعدها كشط هذا الدبس واستبداله بكمية أخرى، وتتم عملية الكشط بعد تعريض الجلد لحرارة الشمس، أو أي مصدر آخر للحرارة، وبعض النساء يكررن هذه العملية أكثر من مرة، حيث إنها تضمن جودة ونظافة أكثر للجلد، وفي محافظة "الرقة" هناك جملة مشهورة يرددها الناس كثيراً، تقول أن «فلانة لبنها ينشرب»، وذلك كناية عن نظافتها واعتنائها الشديد بنظافة "الشكوة" التي تَخضُّ فيها اللبن، وبعد هذه العملية يتحول لون الجلد من الأبيض إلى الأسمر، ويصبح طرياً للغاية، أما الجلد الخارجي، فإن المواد التي تمَّ استخدامها بدايةً، تساعد على انتزاع الصوف أو الشعر الذي يكسوه، ثم تبدأ عملية دباغته بواسطة استخدام دقيق قشر الرمان المجفَّف، الذي يطلى به الجلد من الخارج، وهنا تكون قد انتهت آخر مراحل صناعة


وعاء من المعدن لحفظ السمن العربي
"الشكوة" و"الظرف"، بعدها يصبُّ السمن العربي داخله ويربط بخيط مصنوع من الشعر».

ويحدثنا أخيراً "الشعيب" عن المأكولات التي يدخل فيها السمن العربي كمادة رئيسية، وذلك بقوله: «هناك مأكولات شعبية في "الرقة" والمنطقة الشرقية عموماً، يكون السمن العربي هو المكوِّن الرئيسي لها، ومن أشهرها أكلة "السياييل" و"العصيدة" و"الكشك" و"الحريرة" و"الخميعة"، ويتم تناول السمن العربي عادةً مع الدبس الحلو والمربَّيات، ونادراً ما يتم استخدامه لطبخ المأكولات العادية، وذلك بسبب غلاء سعره،
__________________
اللهم صلى على خير خلقك سيدنا محمد عدد خلقك ورضاء نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك وعلى اله وصحبه وسلم


التعديل الأخير تم بواسطة نوح ; 10-31-2009 الساعة 10:59 PM
ساره غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس