عرض مشاركة واحدة
قديم 08-09-2008
  #7
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

و لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله
حوكم النورسي بسبب رسائل النور، فتحولت مرافعاته في ساحات المحاكم إلى رسائل جديدة تضاف إلى رسائل النور. وعندما كان يزج به في السجن كان يجعل من سجنه مدرسة، ومن سجانيه طلاب علم. وعندما أريد للنورسي أن ينطوي تحت عباءة السلطة وقف في قاعة البرلمان يدعو النواب إلى المحافظة على الصلاة لوقتها. وعندما قررت الحكومة نفيه عن أهله وداره تفرغ للعبادة والتدبر وتأليف رسائل النور، وتحول المنفى إلى مدرسة، والسجن إلى معتكف. وصار فرض الإقامة الجبرية بمنزلة فرصة للخلوة الإيمانية. وعندما كانت الشرطة تفتش عن أوراقه كانوا يعثرون على رسائله المفقودة، التي كان هو نفسه يتمنى العثور على نسخة واحدة منها. وصار سجنه المتكرر فرصة للقاء طلابه الذين جمعوا من ولايات متباعدة.
في سيارة السجن: وقد سفر بديع الزمان إلى أنقرة بإحدى سيارات النقل العمومية في أواخر شهر رمضان وفي يوم شديد الحر، ولكنه وهو في الطريق لا ينسى أن يؤدي واجب التبليغ والإرشاد إذ يلتفت إلى حارسه قائلاً له: «هل يمكن الإيعاز إلى السيد السائق بأن يوقف السيارة؟ فلا إكراه في الدين ولكن عندي بعض النصائح أريد أن أسديها للركاب».
أوقف السائق السيارة والتفت بديع الزمان إلى الركاب مخاطبًا: «إن هذه الليلة ليلة القدر على أغلب الاحتمال، إن ثواب قراءة القرآن الكريم في الأيام الاعتيادية هو عشر حسنات لكل حرف من القرآن، وفي أيام رمضان ألف حسنة، أما في ليلة القدر فهو ثلاثون ألف حسنة، فلو عرض أحدهم عليكم خمس ليرات ذهبية لقاء عمل ما، أما ترغبون في الحصول عليها؟!
أجاب الركاب: «نعم.. نرغب في ذلك.».
فقال لهم: «إذًا فليقرأ كل مسلم منكم الآن سورة (الفاتحة) ثلاث مرات، وسورة (الإخلاص) مرة واحدة وآية الكرسي مرة واحدة، فإنها ستكون لكم ذخرًا في حياتكم الأبدية».
صدى من رحلة الرسول [ إلى الطائف: خرج الأستاذ أحد أيام الصيف من بيته متوجهًا إلى الجبل كعادته.. كان الجو صحوًا والشمس مشرقة وما إن وصل إلى قمة الجبل حتى تلبدت السماء بالغيوم السوداء منذرة باقتراب عاصفة.. وفعلاً ما لبثت السماء أن أرعدت وأبرقت وبدأت الأمطار تسقط بغزارة.. كان الأستاذ وحيدًا على قمة الجبل ليس له من ملجأ يتقي فيه سَيلَ المطر المُنهَمر سوى الأشجار التي لم تكن هي الأخرى كافية لتمنع عنه البَلل، وبعد مدة ليست بالقصيرة خفت شدة المطر وأخذ ينـزل رذاذًا، وانتهز الأستاذ الفرصة وقفل راجعًا إلى البلدة، وقد تبلل من رأسه إلى أخمص قدميه، وفي الطريق تمزق حذاؤه، فدخل البلدة وهو يَحملُ حذاءه بيده ويغوص في الطين بجواربه الصوفية البيضاء.
وهناك بالقرب من نبع الماء كان جمع من أهالي «بارلا» مجتمعين يتحدثون، شاهدوا هذا المنظر المؤثر، منظر العالم الجليل المهيب المنفي عن موطنه.. الوحيد.. المقاطع من قبل الجميع، وهو يحمل حذاءه الممزق بيده، ويغوص في الطين بجواربه، وقد تلطخت أطراف ثيابه بالطين، خيم سكون ثقيل على الجميع وتجاذبت الكثيرين عاطفتان مختلفتان، عاطفة الإسراع لمد يد المساعدة إليه، وعاطفة الخوف من عيون السلطة المترصدة لكل حركة من حركاته، وأخيرًا يندفع من بين الجمع شخص اسمه «سليمان» ويصل إليه حيث يأخذ الحذاء من يده ويغسله في الحوض ثم يرافقه حتى منـزله ويصعد معه إلى غرفته، ويصبح (سليمان كروانجي) هذا أول صديق له ويتتلمذ على يديه ويقوم بخدمته ثماني سنوات في بارلا.
يقول النورسي عن هذه الظروف: «إن نصف دنياي الخاصة قد انهد بوفاة أمي، بيد أنى رأيت أن النصف الآخر قد توفي أيضًا بوفاة عبدالرحمن ـ ابن أخيه ـ فلم تبق لي إذًا علاقة مع الدنيا... وبرغم أنني كنت أبذل الوسع لأتصبر وأتحمل ما كنت أعانيه من الآلام إلا أنه كانت هناك عاصفة قوية جدًا تعصف بأقطار روحي، فلولا ذلك السلوان النابع من نور القرآن الكريم يفيض على أحيانًا لما كان لمثلي أن يتحمل ويثبت».
وعلى ربا مدينة بارلا جعل يتدبر :«فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير». وكان من فيض الله عليه أن أملى أولى رسائل النور، ببركة التفكر في خلق الله.
ترهات بعض المتصوفة: حكى أحد طلاب النور ما دار بينه وبين النورسي:
ـ أستاذي، يقال إنه يظهر على يديكم كثير من الكرامات الغيبية، بيد أني لم أر أيًا من الأحوال الخارقة منكم، فإن كانت تلك الأحوال موجودة فعلاً، فأظهروها أمامي، ولتمش مسبحتكم هذه مثلاً.
تبسم الأستاذ، وذكر لي هذه الحكاية ليوضح الأمر:
ـ كان لأحدهم ولد يحبه كثيرًا، فهو وحيده، أخذه ـ ذات يوم ـ إلى محل المجوهرات ليشتري له بعض الهدايا الثمينة من الألماس والجواهر حسب رغبة ابنه المحبوب، تعبيرًا عن شدة حبه له. وكان صاحب المحل قد زين محله بنفاخات ملونة متنوعة على سقف المحل، ليلفت نظر الزبائن. وعندما دخل الطفل هذا المحل المزين بالنفاخات لفتت نظره ألوانها الجذابة، فقال باكيًا:
ـ أبي! أريد أن تشتري لي من هذه النفاخات.. أريد النفاخات..
ـ يا صغيري الحبيب، سأشتري لك مجوهرات ثمينة وألماسات غالية. ولكن الطفل ألح في طلب النفاخات..
وبعد أن أنهى الأستاذ هذا المثال قال:
أخي أنا لست إلا دلالاً في محل جواهر القرآن الكريم وخادمًا فيه، ولست ببائع نفاخات ملونة، فلا أبيع في محلي نفاخات، وليس في محلي وسوقي إلا الألماس الخالد للقرآن الكريم، فأنا منشغل يا أخي بإعلان نور القرآن.
بحث النورسي يومًا عن مسكن، فلم يجد سوى بيت يملكه رجل يدمن الخمر صباح مساء. وفي الصباح التالي كان المدمن يصلي الفجر خلف النورسي، ولم يذق بعدها خمرا أبدا. هكذا يكون إنقاذ الإيمان
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس