عرض مشاركة واحدة
قديم 08-09-2008
  #9
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

المعلم وضرب الأمثال: برع النورسي في سوق الأمثال إيضاحا لقوله، فمن أمثاله يعزي والدًا في فقد طفله:
«كان هناك رجل كريم في السجن. أُلحق به ولده الحبيب أيضًا. فكان يتألم كثيرًا بمشقات عجزه عن تأمين راحة ابنه فضلاً عن مقاساته آلامه الشخصية. بعث إليه الحاكم الرحيم أحدًا ليبلغه: «إن هذا الطفل وإن كان ابنك لكنه واحد من رعيتي، وأحد أفراد أمتي، سآخذه منك لأربيه في قصر جميل فخم».. بدأ الرجل بالبكاء والحسرة والتأوه، وقال: «لا. لا أعطي ولدي ولا أسلمه، إنه مدار سلواني!». انبرى له أصدقاؤه في السجن: يا هذا ! لا داعي لأحزانك ولا معنى لتألمك. إن كنت تتألم لأجل الطفل فهو سيمضي إلى قصر باذخ رحيب بدلاً من أن يبقى في هذا السجن الملوث المتعفن الضيق. وإن كنت متألمًا لذات نفسك وتبحث عن نفعك الخاص، فإن الطفل سيعاني مشقات كثيرة مع ضيق وألم شديدين فيما إذا بقي هنا لأجل أن تحصل على نفع مؤقت ومشكوك فيه! أما إذا ذهب إلى هناك فسيكون وسيلة لألف نفع وفائدة لك، ذلك لأنه سيكون سببًا لدر رحمة الحاكم لك، وسيصبح لك في حكم الشفيع. ولابد أن الحاكم سيرغب يومًا في أن يسعده باللقاء معك، ولا جرم أنه لن يرسله إليك في السجن، بل سيأخذك إليه ويخرجك من السجن ويبعثك إلى ذلك القصر لتحظى باللقاء مع الطفل، فيما إذا كنت ذا طاعة له وثقة به».
حوار مع شرطي: نفي الشيخ سنة 1926 إلى بارلا. يحكي الجندي المكلف بنقل النورسي:
«كُنتُ في مدينة «أغريدير» عندما استدعوني إلى مركز البلدية صباح أحد الأيام.. فذهبت إليه وكان هناك القائمقام وآمر الجندرمة مع أعضاء هيئة البلدية وشخص معمم في العقد الرابع من عمره يلبس جبة وله هيئة وقورة.
خاطبني آمر الجندرمة قائلاً:
ـ اسمع يابني، عليك أن تأخذ شيخنا هذا المعروف ببديع الزمان إلى بارلا. إن وظيفتك هذه مهمة جدًا، وعندما تسلمه إلى المخفر هناك دعهم يوقعوا على الأوراق الرسمية ثم أخبرنا بذلك. قلت له: حسنًا يا سيدي.
خرجت مع الشيخ وفي الطريق قلت له:
ـ يا شيخنا أنت بمنزلة والدي، وإن هذه وظيفة كلفتُ بها فأرجو أن لا تستاء مني.
ثم يستمر في وصف الرحلة بالقارب فيقول:
«كان الجو باردًا، فالفصل شتاء ومياه البحيرة متجمدة هنا وهناك وأحد جدافي القارب يكسر الثلوج بعصًا طويلة في يده ويفتح بذلك طريقًا للقارب.
بدأ الشيخ بديع الزمان بتوزيع بعض الزبيب وبعض الحلوى علينا، كنت أتفحصه بدقة فوجدته هادئًا كل الهدوء، إذ كان يتأمل في البحيرة والجبال المحيطة بنا..
ولكون النهار قصيرًا فقد أزف وقت صلاة العصر بسرعة، أراد أن يصلي واقفًا فوجهنا القارب باتجاه القبلة. سمعت صوتًا يقول:
ـ الله أكبر!.. لم أكُن قد سمعت في حياتي كلها تكبيرة بهذه الرهبة والخشوع، شعرت بأن الشعرَ في أجسادنا قد وقف. لم تكن حركاته وأطواره تشبه أطوار الشيوخ الذين عرفناهم..
كُنا نحاول جهدنا أن نبقي على القارب باتجاه القبلة وعندما أنهى الشيخ صلاته، التفتَ إلينا قائلاً:
ـ شكرًا لكم يا إخوتي، لقد أتعبتكم!
بائع الشاي: حكى تلميذه أمين عن وضع النورسي تحت المراقبة اللصيقة من شرطة قسطموني، فاخترع الأستاذ حيلة تمكنه من لقاء تلميذه كل يوم. فباع فراشه لأمين، ثم عاد فاستأجره منه، على أن يدفع له الإيجار يوميًا.
«وهكذا أصبحت بواسطة هذا الفراش أذهب إلى المركز يوميًا بحجة استلام الأجرة، فآخذ معي ما يحتاج إليه الأستاذ من ضروريات»
لقاء مختلف مع كبير الحاخامات: حاول اليهودي عمانوئيل كراصو أن يجتمع ببديع الزمان في إطار محاولات التأثير فيه، ولم يمانع في مقابلته. ولكن هذا اليهودي سرعان ما قطع الاجتماع وتركه هربًا من تأثيـر شخصية بديع الزمان، إذ قال وهو لا يكاد يصدق نفسه: «لقد كاد هذا الرجل العجيب أن يزجني في الإسلام بحديثه» فشتان بين لقاء ولقاء.
وقال لبطريرك الروم (1953م): «من الممكن أن تكونوا من أهل النجاة إن كنت مؤمنًا بالنصرانية الحقة، بشرط الإيمان بنبوة محمد، وبالقرآن الكريم كتابًا من عند الله تعالى».
فأجابه البطريرك: «إنني أقبل وأعترف بذلك». فسأله النورسي: حسنًا.. ولكن أتعلنون هذا أمام العلماء النصارى في الدول الأخرى؟ أجاب البطريرك: «لقد قلت لهم ذلك ولكنهم لا يقبلون». هكذا حاور النورسي.

وجه الموت المليح الصبوح
هذا التعبير اللغوي لا يأتلف إلا في ذهن رجل حكم عليه بالإعدام عدة مرات. وواجه الموت عيانًا في سيبريا، مما جعله في نهاية المطاف يقول: «الموت ليس إعدامًا نهائيًا، ولا فراقًا أبديًا، وإنما مقدمة وتمهيد للحياة الأبدية وبداية لها. وهو إنهاء لأعباء مهمة الحياة ووظائفها ورخصة منها وراحة وإعفاء، وهو تبديل مكان بمكان، وهو وصال ولقاء مع قافلة الأحباب الذين ارتحلوا إلى عالم البرزخ.. وهكذا، بمثل هذه الحقائق شاهدت وجه الموت المليح الصبوح. فلا غرو لم أنظر إليه خائفًا وجلاً، وإنما نظرت إليه بشيء من الاشتياق».

إياكم والغلو في النورسي
«إن من أشد ظلم البشر إعطاء ثمرات مساعي الجماعة لشخصٍ، وتوهم صدورها منه، فيتولد من هذا الظلم شركٌ خفيٌ، إذ توهم صدور محصل كسب الجماعة، وأثَر جُزئهم الاختياري من شخصٍ، لا يمكن إلا بتصور ذلك الشخص ذا قدرة خارقة ترقت إلى درجة الإيجاد، وما تولدت آلهة اليونانيين والوثنيين إلا من أمثال هذه التصورات الظالمة الشيطانية». هذا كلام النورسي بلسانه، فهل صحيح أن محبي النورسي لا يقبلون نقدًا لرسائل النور أو لشخص النورسي؟ إن كان فيهم مثل هذا فهذا شأنه، ولكن كلمات النورسي نفسه تعلن ما يقبله الرجل، قال يومًا لتلاميذه : «إن أستاذكم ليس معصومًا من الخطأ، بل من الخطأ الاعتقاد أنه لا يخطئ. اعلموا يا إخوتي ويا رفقائي في الدرس، أنني أُسر إن نبهتموني بكل صراحة لأي خطأ ترونه عندي. بل أقول: ليرضَ الله عنكم إذا قلتموه لي بشدة. إذ لا يُنظر إلى أمور أخرى بجانب الحق. إنني مستعد لقبول أية حقيقة كانت يفرضها الحق. وإن كنت أجهلها ولا أعرفها فأقبلها وأضعها على العين والرأس ولا أناقشها، وإن كانت مخالفة لأنانية النفس الأمارة».

النصب التذكارية
«مادامت رسائل النور تؤثر في القلوب العطشى إلى الإيمان، وإلى نور الحقائق، إذًا يفدى ليس (سعيد) واحد بل ألف (سعيد). وليكن كل ما قاسيته في غضون ثمان وعشرين سنة من الأذى والمصائب حلالاً زلالاً، أما الذين ظلموني وجرجروني من مدينة إلى أخرى، والذين أرادوا أن يصموني بمختلف التهم والإهانات، وأفردوا لي أماكن في الزنزانات فقد غفرت لهم ذلك، وتنازلت عن حقوقي تجاههم». ذلك تأويل: اذهبوا فأنتم الطلقاء.
ردًا على نصب تماثيل الأشخاص، أعلن النورسي: «..أما النصب التذكارية التي يجب على المسلمين إقامتها فهي المستشفيات والمدارس وملاجئ الأيتام والأقسام الداخلية للطلبة ودور العبادة وشق الطرق».
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس