عرض مشاركة واحدة
قديم 09-06-2008
  #77
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

الْجَبَّارُ جَلَّ جَلالُهُ


"هو الذي تنفذ مشيئته جبراً، ويظهر أحكامه قهراً، ولا يخرج أحدٌ عن قبضة تقديره، ولا ينفد أحدٌ من مشيئته في تقديره وأحكامه، وليس ذلك إلا لله، ولا يجبره أحد ولو كان عظيماً في همَّته.


وقد أشار لذلك العارفون فقالوا:" همَّة الرجال لا تخرق أسوار القدر في أي حال" (1) .


والجبَّار من العارفين: هو المنكسر في الظاهر والباطن (2) . جبر " الجبَّار" كسره، ورفع قدره، ونشر ذكره، وحلاَّه بالحال، وجمَّله بالمقال، فكلُّ من رآه جبرته حالته على أن يصغي إليه، لأن حالته الظاهرة مجملة جذَّابة للقلوب، وسريرته الباطنة معمورة بأسرار الغيوب، فيصير قدوة متبوعاً نافعاً، والكلُّ تابع له، يشهدون فيه الخير، مَن تابَعَهُ جبر كسره، وانصلح أمره، له همَّةٌ عالية، تذلُّ الكفرة والفجرة. لا يهمه إلا ظهور الحق، ولا يأنس إلا بأهل الصدق، ومن وجد فيه هذا الخلق وجب علينا أن نحبَّه ونتمسك بهديه، فإن له العناية في سعيه.


فإذا أردت أن تتجمَّل بأنوار هذا الاسم الشريف فتمسَّكْ بهدي طه الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم، وتجمَّل بالذل لله، وتخلَّق بالخلق الحميد حتى يلبسك الله حلة الهيبة، فتجبر القلوب على احترامك، وتخضع القلوب عند رؤيتك وكلامك. وإذا رأيت ظلماً انتشر بين العباد فاجمع إخوانك وتوبوا إلى الله ، وتوسَّلوا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقولا:" يا جبَّار!! بأدب واستحضار، حتى يتجلَّى لكم الربُّ فينصركم، ويجبركم، ويقهر خصمكم (3) .


والعبدُ المحبوب لله هو الذي يكون جباراً على نفسه، شديداً على الكفار والعصاة، لا يلين لنسه، وينفذ همته فيها مع شدة بأسه، يكون جباراً على الشيطان، محترساً من العصيان، متيقظاً في دقائق الأمور ، متنبهاً عند وساوس الصدور.


الدُّعــــــاءُ


"إلهي... أنت الجبَّار الذي تنفذ مشيئتك في جميع العوالم، وأنت القهار لكل عدوٍّ ظالم، فتسلِّط جبروت الانتقام على كل مسيء لبني الإسلام. أمدَّنا بالقوة النافذة العالية حتى نتجبَّرَ على أنفسنا، ونتعالى على الكفار وأهل الشرور، ونتخلَّص من الشيطان الرجيم، وامنحنا الانكسار لجنابك حتى تجبر كسرنا، وأعطنا التمسُّك بالشرع حتى ينصلح أمرنا، إنك على كل شيء قدير. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم." اهـ


================================

(1) - : يقول سيدي ابن عطاء في بعض حكمه الجليلة:" سَوابِقُ الهِمَمِ لا تَخْرِقُ أَسْوارَ الأَقْدَارِ ". يعني: أن ما قدره الله في الأزل لا تَخْرِقُ أسوارَه المحيطة به - فضلاَ عن أن تصل إليه - سوابقُ الهمم ؛ أي الهمم السوابق ، وهي قوى النفس التي تنفعل عنها الأشياء بإرادة الله تعالى، وتكون للولي كرامة ، ولغيره كالساحر والعائن إهانة . وفيه تشبيه الأقدار بمدينة لها أسوار في الصيانة والحفظ على سبيل المكنية . ؛ أي يجب عليك - أيها المريد - أن تعتقد أن الهمم أسباب عادية لا تأثير لها، وما ينشأ عنها إنما هو بقضاء الله تعالى وقدره، فيكون عندها لا بها . فإرادتك خلاف ما أراده مولاك لا تجدي نفعاً ، ولا تأثيراً لها في الحقيقة ، حتى تظن أنها توجب لك رفعاً .فـ:" أرِحْ نَفْسَكَ مِنَ التَّدْبِيرِ ، فما قامَ بهِ غيرُكَ عنْكَ لا تَقُم بهِ لنفسِكَ ".

(2) : فالتحقق بهذا الاسم: أن يكون عندك نور يخرق البواطن، فكل من واجهك انجبر كسره، ونهض حاله، فتجبر ما فسد من القلوب حتى تتهيأ لحضرة علاّم الغيوب.

(3) : فالتعلق بهذا الاسم كما قال سيدي ابن عجيبة في شرحه لهذا الاسم: بأن تبتهل إلى الله سبحانه في جبر خللك، وتكميل نقصك، أو بأن تكون جبّاراً على نفسك، قاهراً لهواك وشيطانك ، مالكاً لأحوالك تأخذ النصيب من كل شيء ، ولا ينقص من نصيبك شيء . فمن علم أنه "الجبار" دقَّ في عينيه كل جبار، وكان راجعاً إليه في كل أمر بوصف الافتقار، فجبر المكسور من أعماله، ورجّى الناقص من آماله." اهـ






(يتبع إن شاء الله تعالى مع اسمه الشريف: المُتَكَبِّرُ جَلَّ جَلالُهُ..... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس