عرض مشاركة واحدة
قديم 03-12-2012
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
I Icon Latest Reply ثمرة يوم الجمعة 21 / محرم / 1433هــ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

بسم الله ، والحمدلله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه وساَّم .
أما بعد :
عليك أيها المسترشد الخبير البصير - أرشدك الله إلى ما سمعت في القرآن الكريم ، ورزقك الاتِّصاف بما فيه من الحِكَم والآداب والأخلاق المرضيَّة والسجايا الفاضلة - أن تتأمَّل فيه حقَّ التأمُّل والتعمُّق ، حال كونك خالياً صافياً عن الكدورات العارضة من طغيان القوى البهيمية والحميَّة الجاهلية ، تاركاً بما عرض عليك من الأغراض النفسانية المترتِّبة على الأمور العادية المستلزمة فيه لأنواع الضلال والفساد من التفوُّق على الأقران ، والترفُّع على الإخوان ، والتكبُّر على ضعفاء الأنام ، والتلذُّذ بالسمعة والرياء المثيرة لأصناف الأهواء الفاسدة والآراء الباطلة التي لا يمكن قلعها وقمعها أصلاً .
سيما تمرَّنتَ ورسختَ في باطنك ، فلك أن تُراجع وجدانَك بأيِّ شئ أردت الترفُّع ، وقصدت التفوُّق والتفضُّل ؟ أما ترى أنَّ منشأك من كتم العدم ؟ أما استحيت التفوُّه من هذا وهذا ؟
وأما قصة كرامتك وخلافتك التي هي من المواهب الإلهية والعطاءات الغيبيَّة ، فإنما هي مبنيَّة على محض التذلُّل والتواضع والخضوع الانكسار مع كل ذرَّة من ذرائر الكائنات ، ولذا قيل : ( من عرف نفسه [ بهذه الأوصاف الحسنة ] فقد عرف ربَّه ) ، إذ مبناه على الحكمة المقنة المتشعِّبة من أسرار سرائر الرسالة والنبوة ، وهي عبارة عن اعتدال جميع الأوصاف ، وتزكية النفس عن جميع الرذائل ، بل هي مبنيٌّة على إفناء مقتضيات الأوصاف البشرية رأساً ، إرادة واختياراً .
وبالجملة من أنصف على نفسه ، أدرك أنَّ جميع ما في نفسه - سوى التذلُّل والانكسار ، والمسكنة والافتقار ، حال كونه خالياً عن شوب الرياء والسمعة والعُجب والجَرْبَزَةٍ - إنما هي رعونات صدرت من طغيان القوى البهيميَّة المؤيَّدة بالعقل المستعار ، المموَّه بتمويهات الأوهام الباطنة والنفس الأمارة ، وتزيينات الخيالات الكاذبة .
هب لنا من لدنك جذبةً تنجينا من أنانيَّتنا ، ولذةً تلجئنا إلى سلوك طريق الفناء الموصل إلى البقاء السرمدي ، إنَّك أنت الوهاب .
أقول : وأما أهل الطريق لابد أن يعرف ضعفه وذَّلته ، وإذا حصل معه شئ من الفضائل لا يتملَّك ، وهو من الله تعالى جلَّ جلاله ، لا ينبغي أن يتملك فضائل الله تعالى جلَّ جلاله .
هذه الأمور لا بد ان تُغرَس في القلب وتُؤخذ من القرآن الكريم ، وإذا حصل أو وصل إلى قلبه شئ من المخالفات يقول : هذا من نفسي الأمَّارة .
ومن فائدة الطريق للمريد الصادق الخالص ، أنه كلَّما حصل معه شئ من الفضائل فإنه يوجِه إلى الله جلَّ وعلا ، ثمَّ إلى أسيادنا رضي الله عنهم، وإذا حصل له شئ مخالف يوجِّه إلى نفسه الأمَّارة .
وصلى الله على سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه وسلَّم ، والحمدلله رب العالمين .



- هذا ما أملاه عليَّ العارف بالله المربي ، سيدي الشيخ أحمد فتح الله جامي ، شيخ الطريقة الشاذلية الدرقاوية ، حفظه الله تعالى ونفعنا به .
يوم الجمعة 21 / محرَّم / 1433 هــ
الموافق : 16 / كانون الأول / 2011 م

***
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس