عرض مشاركة واحدة
قديم 04-04-2009
  #4
ابو محمد
مشرف قسم التراث والتاريخ
 الصورة الرمزية ابو محمد
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 43
معدل تقييم المستوى: 0
ابو محمد is on a distinguished road
افتراضي رد: انتفاع الاموات بما يوهب لهم من الخيرات

وقد نص أصحاب المذاهب المتبوعة على ذلك :

– فجاء في " الفتاوى الهندية " على مذهب السادة الحنفية : " ويُستحب إذا دُفِن الميت أن يجلسوا ساعة عند القبر بعد الفراغ بقدر ما يُنحر جزور ويقسم لحمها ؛ يَتْلُونَ ، ويَدْعُون للميت " ا هـ ، وذكر أن ذلك قول الإمام محمد بن الحسن رحمه الله ، وأن مشايخ الحنفية أخذوا به .

– وأما السادة المالكية : فالمُعْتَمَـدُ عندهم استحبابُ ذلك ؛ ففي حاشية الدسوقي على "الشرح الكبير" : " ذهب ابن حبيب إلى الاستحباب وتأوَّل ما في السماع من الكراهة قائلاً : إنما كره ذلك مالك إذا فعل ذلك استنانًا ، نقله عنه ابن رشد ، وقاله أيضًا ابن يونس ، واقتصر اللخمي على استحباب القراءة ولم يعول على السماع ، وظاهر " الرسالة " أن ابن حبيب يستحب قراءة يس ، وظاهر كلام غيرهما أنه استحب القراءة مطلقًا " ا هـ .

وجاء في "النوازل الصغرى" لشيخ الجماعة سيدي المهدي الوزّاني المالكي : " وأما القراءة على القبر : فنص ابن رشد في " الأجـوبة " ، وابن العـربي في " أحكام القرآن " لـه ، والقـرطبي في " التذكرة " على أنه ينتفع بالقراءة ، أعني الميت ، سواء قرأ في القبر أو قرأ في البيت " ا هـ ، ونقله عن كثيرين من أئمة المالكية ؛ كأبي سعيد بن لُبٍّ ، وابن حبيب ، وابن الحاجب ، واللخمي ، وابن عرفة ، وابن المواق ، وغيرهم .

– أما السادة الشافعية : فقد قال الإمام النووي في " المجموع " : " قال أصحابنا : ويُستحب للزائر أن يُسلِّم على المقابر ، ويدعو لمن يزوره ولجميع أهل المقبرة ، والأفضل أن يكون السلام والدعاء بما يَثْبُتُ في الحديث ، ويُسْتَحَبُّ أن يقرأ من القرآن ما تيسَّر ويدعو لهم عقبها ، نصَّ عليه الشافعيُّ ، واتفق عليه الأصحاب " ا هـ .

وقال في " الأذكار ": " ويُسْتَحَبُّ أن يقعد عنده بعد الفراغ ساعةً قدر ما يُنحر جزور ويقسم لحمها ، ويشتغل القاعدون بتلاوة القرآن ، والدعاء للميت ، والوعظ ، وحكايات أهل الخير ، وأحوال الصالحين . قال الشافعي والأصحاب : يُستحب أن يقرأوا عنده شيئًا من القرآن ؛ قالوا : فإن ختموا القرآن كله كان حسنًا " ا هـ .

وقال في " رياض الصالحين " : " قال الشافعي رحمه الله : ويُستحب أن يُقرأ عنده شيءٌ من القرآن ، وإن ختموا القرآن عنده كان حسنًا " ا هـ .

– وكذلك السادة الحنابلة ؛ صرحوا بجواز ذلك .

قال العلامة المرداوي في "الإنصاف":"قوله ( ولا تُكره القراءة على القبر في أصح الروايتين ) وهذا المذهبُ ، قاله في "الفروع" ، ونصّ عليه – يعني الإمام أحمد – ، قال الشارح : هذا المشهور عن أحمد ، قال الخلاَّل وصاحبُه : المذهب رواية واحدة : لا تكره ، وعليه أكثر الأصحاب ؛ منهم القاضي ، وجزم به في "الوجيز" وغيره،وقدّمه في "الفروع"،و"المغني"، و"الشرح"، وابن تميم، و"الفائق"، وغيرهم "ا هـ.

والمتصفح لكتب السير والتراجم والتواريخ يرى عمل السلف على ذلك وتتابع الأمة عليه من غير نكير ، بما في ذلك السادة الحنابلة وأصحاب الحديث ، ويكفينا في ذلك ما ذكره الحافظ الذهبي في " سير أعلام النبلاء " في ترجمة أبي جعفر الهاشمي الحنبلي [ ت 470 هـ ] شيخ الحنابلة في عصره ، قال : " ودفن إلى جانب قبر الإمام أحمد ، ولزم الناس قبره مدةً حتى قيل : خُتِم على قبره عشرة آلاف ختمة " ا هـ .

حتى إن الشيخ ابن تيمية رحمه الله تعالى – وهو الذي ادّعى أن قراءة القرآن على القبر بدعةٌ مخالفًا بذلك ما عليه عمل السلف والخلف – قد ذكر أهل السير في ترجمته أن الناس اجتمعوا لختم القرآن له على قبره وفي بيوتهم كما ذكره ابن عبد الهادي الحنبلي وغيره ، والتاريخ محنة المذاهب كما يقولون.

والله سبحانه وتعالى أعلم.
ابو محمد غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس