عرض مشاركة واحدة
قديم 09-26-2008
  #3
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: موازين الناس وميزان التقوى

وبكم سيدي الفاضل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ

روي أن وفداً مثل بين يدي خليفة، فانبرى للكلام أصغر القوم سناً، فقال له الخليفة: يا غلام ليتكلم من هو أسن منك، فأجابه الغلام: (يا أمير المؤمنين لو أن المسألة بالسن لكان في هذا المجلس من هو أحق به من أمير المؤمنين) فسكت الخليفة فأعجب ، ووجد فيما قاله صواباً وحكمة.
وتروي لنا كتب الأدب كثيرة أن كثيّر عزة – الشاعر المشهور – دخل على عبد الملك بن مروان في أول خلافته فقال له: أنت كثير؟ قال: نعم. فاقتحمه (أي احتقره ولم يملأ عينه) وقال: (تسمع بالمُعَيْديّ لا أن تراه) فشعر كثير بذلك فقال: يا أمير المؤمنين، كل إنسان عند محله رحب الفِناء، شامخ البناء، عالي السناء، وأنشد يقول:
ترى الرجل النحيف فتزدريه وفي أثوابه أسد هصور
ويعجبك الطرير إذا تـــــــراه ويخلف ظنك الرجل الطرير
بغاث الطير أطولها رقابـــاً ولم تطل البزاء ولا الصقور
وقد عظم البعير بغير لــب فلم يستغن بالعظم البعير
فما عظم الرجال له بزين ولكن زينهم حسب وخير

فقال عبد الملك: قاتله الله! ما أطول لسانه، وأمد عنانه وأوسع جنانه، إني لأحسبه كما وصف نفسه.
قال عبد الله بن المقفع يصف صديقاً له: كان لي أخ من أعظم الناس في عيني، وكان رأس ما عظمه في عيني صغر الدنيا في عينيه، كان خارجاً من سلطان بطنه، فلا يشتهي ما يجد، ولا يكثر إذا وجد، وكان خارجاً من سلطان لسانه، فلا يقول ما لا يعلم، ولا يماري فيما يعلم، وكان يرى ضعيفاً مستضعفاً، فإذا جد الجد فهو الليث عادياً، وكان لا يشكو وجعه إلا لمن يرجو عنده البرء، وكان خارجاً من سلطان الجهالة، فلا يتقدم أبداً إلا على ثقة في منفعة، وكان أكثر دهره صامتاً فإذا نطق بذ القائلين، وكان لا يستشير صاحباً إلا أن يرجو منه النصيحة، وكان لا يخص نفسه دون إخوانه بشيء من اهتمامه، وحيلته، وقوته.
فعليك بهذه الأخلاق إن أطقتها- ولن تطيق- ولكن أخذ القليل خير من ترك الجميع.
هذه هي الموازين الحقة للقيم الإنسانية، التي يتفاضل بها الناس بعضهم على بعض، ويستحقون الثناء والتقدير
أحمد نصيب المحاميد
مجلة التمدن الإسلامي
الأجزاء19-32 من المجلد 32 شعبان 1385هـ
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 01-09-2010 الساعة 10:23 PM
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس