الموضوع: صيقل الإسلام
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-02-2011
  #52
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: صيقل الإسلام


الخطوة الثانية
يوسوس بالذات أو بالوساطة ، فيقول:
بانكم قد اتفقتم مع من هو مثلي في الكفر 1 ، فَلِم تتجنبون من المصافاة معي وموالاتي؟
نقول رداً على هذه الشبهة:
نحن نقبِّل يد المعاونة، ولا نَقْبل يد المعاداة فهما شيئان متغايران، لأن كل صفة من صفات الكافر ليست بكافرة أو ناشئة من كفره، لذا لا مشاحة في مصافحة يد الكافر الذي مدها لمعاونة الاسلام، وذلك لدفع عدو الاسلام المعتدى العريق . بل قبولها انما هو خدمة للاسلام. أما أنت ايها الكافر الملعون فتمدّ يد الخصومة التي لا تهدأ، وتريد منـا تقبيلهـا مع الاستسلام. ونحن نعلـم أن مسها - فضلا عن تقبيلها - جناية على الاسلام وعداء له.

الخطوة الثالثة
يوسوس بالذات أوبالوساطة فيقول:
أن من ساسوكم الى الان افسدوا واستهانوا بحقكم وشوشوا عليكم الادارة وظلموكم، اذاً فلستم اهلاً للادارة ، فاتخذوني وصيّاًعليكم وارضوا بحكمي وادارتي شؤونكم.
____________________
1 المقصود: الالمان الذين كانوا حلفاء الدولة العثمانية. المترجم.



صيقل الإسلام/الخطوات الست - ص: 553
نرد هذه الشبهة فنقول:
ايها الموسوس الخناس ! ان السبب الاصلي للسيئات التي ارتكبها رؤساء امورنا ما هو الا انت، لأنك قد ضيقت عليهم الدنيا، وقطعت في كل فرصة مجاري حياتهم، وبثثت بينهم اولادك غير الشرعيين، واجبرتهم على ترك الدين للدينا اذ تنكحهم مدنية لا تأخد مهرها الا من دينهم ولا تعين حاكماً الا وقد أخذتَ منه دينه رشوة لقاء منصبه.
ومع ذلك فلو حكمناك فينا بدلاً منهم، نصير كمن تنجس ثوبه بماء نجس فيغسله ببول الخنزير.
انك لا تُبقى لنا الا حياة حيوانية مؤقتة، وتقتل فينا حياتنا الانسانية والاسلامية.
أما نحن فنحيا - على رغمك - بحياة الاسلام وشرف الانسانية.

الخطوة الرابعة
يوسوس بالذات أوبالوساطة ، فيقول :
بأن الذين يخاصمونني من اولياء اموركم في الاناضول 1، نيتهم فاسدة ومقصدهم ليس مقاصدكم الاسلامية عينها.
نرد هذه الوسوسة فنقول :
انهم وسائل، وتأثيرالنيات في الوسائل قليل، اذ لا تغير حقيقة القصد. لأن المقصود يترتب على وجود الوسيلة وليس على ما فيها من نية.
فمثلاً: اني احفر ارضاً لاستخراج الماء أو للعثور على كنز، وجاء احدهم وعاونني في الحفر بنية ستر نفسه في الحفرة أو بدفن شئ فيها، فنيتهُ هذه لا تؤثر في وجدان الماء ولا الكنز، لأن خروج الماء يتوقف على فعل الحفر وليس على نية الحافر وقلبه.
نعم! ان قصد المخاصمين لك وهدفهم هو توجيه المسلمين شطر الكعبة لا الى الغرب، والحفاظ على مكانة القرآن الرفيعة ذلك الكتاب الآمر باعلاء كلمة الله بالعزة الاسلامية. فهم يقيمون خصومة اوروبا مقام محبتها التي هي اساس كل مشاكلنا وسوء اخلاقنا. فكيفما تكن نيتهم لا تغير حقيقة هذه المقاصد الثابتة.
_____________________
1 المقصود: قواد حركة التحرير الذين بدأوا بجمع الشعب وتنظيمهم لأجل دفع المستعمرين عن البلاد - المترجم.



صيقل الإسلام/الخطوات الست - ص: 554
الخطوة الخامسة
يقول بنفسه أو بوسائله :
ان الإمام - أي الخليفة - يؤيد سياستنا ويميل الى الود معنا، وامره مطاع!
فنرد هذه الشبهة:
ان ميل الشخص نفسه وامره الخاص وفكره الذاتي، مغاير تماماً للميل الحاصل من الشخصية المعنوية لأمر أمين الامة المتقلد امانة الامامة والخلافة فهذه الارادة تنبثق من عقل وتستند الى قوة وتتوجه الى مصلحة العالم الاسلامي.
أما عقله فهو شورى الأمة، وليس شبهتك ووسوستك! وقوته هو جيشه المسلح وامته الحرة، وليس سلاحك وحرابك. والمصلحة انما تتوجه من المحيط الاسلامي الى المركز، فترجح الفائدة العظمى للاسلام والمسلمين على المصالح الشخصية. والا لو انعكس الامر ورجحت - عند التعارض - مصلحة القربى على المصلحة العظمى، كترجيح سرير السلطنة على استانبول وهي على الاناضول وهو على الدولة وضُحي بالعالم الاسلامي لأجل الدولة فهذا الترجح لايطاع. وهو امر غير وارد اصلا. فالسلطان المتدين، وحيد الدين لو اصبح أفجر انسان، فلا يمكنه ان يقوم بهذا الأمر بارادته لسبب واحد هو أنه يحمل اسم الخليفة ، فان قام به فلا يقوم الا مكرهاً. فطاعته عند ذاك بترك طاعته.
الخطوة السادسة
انه يوسوس فيقول :
بأن مقاومتكم لا فائدة فيها ولا جدوى منها، انكم تلقون انفسكم بايديكم الى التهلكة، اذ كيف تقتدرون وحدكم على مالم تقتدروا عليه مع حلفائكم؟
فنرد هذه الشبهة:
ان قوتك العظيمة المخاصمة لنا، انما تتماسك متخاذلة على رجلَي الحيلةَ والافساد، فلا نيأس لإسباب ثلاثة:
صيقل الإسلام/الخطوات الست - ص: 555
الاول: ان الحيلة والافساد انما تؤثران اذا استترتا تحت حجاب الخفاء والغفلة، فاذا ما تظاهرتا أفلستا، وانطفأت قوتهما.. وها قد تمزق الحجاب تمزقاً صيّر كذبك وهذيانك وافسادك اضحوكة، وشيئاً عقيماً لا يؤثر في شيء.
الثاني: ان قوتك المأفونة المنخورة المخاصمة لنا ليست بلا اعداء اذ تقابلها اعداء لا يقبلون الائتلاف معك ابداً، مما يقضي عليها ويجعل تسعين بالمئة منها معطلة لا نفع فيها. اما بقية قوتك فلا يمكنها ان تديم - كما ادامت في الماضي - استبدادات قاتمة تجثم على عالم الاسلام وتسكته بكمّ الافواه وتأسره حتى تتركه دون حراك، ذلك العالم اليقظ الذي تشترك اجزاؤه في الداء والدواء.
فهذا احتمال بعيد جداً، ان اعتقدته فانك اذاً احط من الدابة واحمق من الحمار مع انك شيطان خبيث.
الثالث: ان كان لابد من الهلاك بيدك فالموت بعزة حياة لنا والحياة بذلٍ هي الموت بعينه. والموت على نوعين وصورتين:
احدهما: التسليم والتذلل تحت اقدامك، فحينها نكون قاتلين لروحنا ووجداننا بأيدينا. ثم يقتل الخصم جسدنا كأنه قصاص لقتلنا الروح والوجدان.
والنوع الثاني: ان يحافظ المرء على وجدانه ويقاوم خصمه، ويبصق في وجهه وينزل صفعته على عينه، فيحيا الروح والوجدان، ويستشهد الجسد، وتتنزه الفضيلة عن الرذيلة والعقيدة عن الاستخفاف وعزة الاسلام عن الاستهزاء.
وحاصل الكلام:
ان محبة الاسلام توجب عداءكم وخصومتكم، اذ كيف يصالح جبرائيل (عليه السلام) عزازيل!
ان أشد العقول بلاهة عقلٌ يرى امكان التوفيق والتلاؤم بين اطماع (الانكليز) ومنافعهم وبين عزة الاسلام ومصلحته.
وان اكثر القلوب حماقة قلبٌ يظن إمكان الحياة تحت حمايتهم اذ يعلقون حياتنا بشرط محال في محال، اذ يقولون: احيوا حياةً ولكن بشرط الاّ تُرى في فرد منكم خيانة وإلاّ ندمّر عليكم الديار ونمحي المتهم والبرئ معاً.
صيقل الإسلام/الخطوات الست - ص: 556
فلو تحدى ظلمهم صادق لوجه الحق، والتجأ الى جامع اياصوفيا، فلا يتحرجون من هدم ذلك البناء الشامخ الذي لا يقدّر بثمن. واذا ما وجد في قرية من يقاومهم فلا يرون بأساً من إبادة القرية كاملة بشيبها وشبابها اذ يرون ان لهم صلاحية افناء جماعة برمتها اذا كان فيها من يضرهم. فتباً لمدنيةٍ خولتهم هذه الصلاحية.
اذاً أفيمكن ان يتفق قلبٌ مع قلبِ مَن يتلذذ بغرز خنجر الظلم فيه؟
أفيمكن ان لا يوجد مشاغب في مدينة أو قرية أو جماعة؟ فكيف يمكن اذاً ادامة حياة انسانٍ مريض مقيد، سُلب منه عصاه، وسلط عليه كلبان ذوا مخالب وانياب: ان (الانكليز) كالشيطان الرجيم يثير احاسيس الانسان الخبيثة ويشجع الاخلاق الرذيلة في حين يطفئ جذوة المشاعر النبيلة.
وان ما يظهره هذا العدو من حقد دفين لا يسكن ليس هو نتيجة الحرب الحالية لان انهزامنا كان كافياً لتسكينه كما سكن لدى الآخرين!..
فيا ايها المسلمون، أفبعد كل هذه الاحوال تنخدعون؟ أفبعد ما رأيتم من قربٍ قبحَ الكفار وشناعتهم - بعد ما كان يُرى جميلاً من بعيد - تستحسنون ما استقبحه الشرع والعقل ومصلحة الاسلام.
استعيذوا بالله من همزات الشيطان، والتجئوا اليه متضرعين نادمين وتوسلوا برحمة الرحمن الرحيم.

* * *
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس