عرض مشاركة واحدة
قديم 08-08-2008
  #1
ساره
محب نشيط
 الصورة الرمزية ساره
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 404
معدل تقييم المستوى: 16
ساره is on a distinguished road
افتراضي نماذج من طفولة العلماء

طفولة سفيان بن عيينة في طلبه للعلم :


ذكر الخطيب البغدادي عن أحمد بن نضر الهلالي قال : سمعت أبي يقول : كنت في مجلس سفيان بن عيينة ، فنظر إليّ صبيّ دخل المسجد ، فكأن أهل المسجد تهاونوا به لصغر سنّه ، فقتا سفيان ( كذلك كنتم من قبل فمنّ الله عليكم ) النساء 94


يا نضر ! لو رأيتني ولي عشر سنين طولي خمسة أشبار ، ووجهي كالدينار ، وأنا كشعلة نار ، ثيابي قصار ، وذيلي بمقدار ، ونعلي كآذان الفار ، اختلفتُ إلى علماء الأمصار ، مثل الزهري وعمرو بن دينار ، أجلس بينهم كالمسمار ، محبرتي كالجوزة ، ومقلمتي كالموزة ، وقلمي كاللوزة ، فإذا دخلت المجلس قالوا : أوسعوا للشيخ الصغير .


ثمّ تبسّم ابن عيينة وضحك ، قال أحمد : فتبسم أبي وضحك .


*****************************


طفولة مالك بن أنس رضي الله عنه :



قال مطرف : قلت لأمي أذهب فأكتب العلم ؟ فقالت تعال ، فالبس ثياب العلم ، فألبستني مسمرة ، ووضعت الطويلة على رأسي ، وعممتني فوقها ، ثم قالت : اذهب فاكتب الآن
وكانت تقول : اذهب إلى ربيعة ، فتعلم من أدبه قبل علمه .


قال ابن وهب : حدثني مالك ، قال : كنت آتي نافعاً وأنا غلام ، حديث السنّ فيحدّثني
وكان يجلسس بعد الصبح في المسجد لا يكاد يأتيه أحد .



***************************


طفولة الإمام الشافعي رضي الله عنه :


قال رضي الله عنه : لم يكن لي مال ، وكنت أطلب العلم في الحداثة – أي في مستهل عمره – وكانت سنه من ثلاث عشرة سنة وكنت أذهب إلى الديوان أستوهب الظهور أي ظهور الأوراق المكتوب عليها فأكتب فيها .


وحكى البويطي عن الشافعيّ رحمه الله أنه كان في مجلس مالك بن أنس رحمه الله وهو غلام فجاء رجل إلى مالك فاستفتاه غفال : إني حلفت بالطلاق الثلاث أن هذا البلبل لا يهدأ من الصباح ، فقال له مالك : قد حنثت ، فمضى الرجل ، فالتفت الشافعي رحمه الله إلى بعض أصحاب مالك فقال : إن هذه الفتيا خطأ ، فأخبر مالك بذلك ، وكان مالك مهيب المجلس لا يجسر أحد أن يردّه ، وربما جاء صاحب الشرطة فوقف على رأسه إذا جلس في مجلسه ، فقالوا لمالك إن هذا الغلام يزعم إن هذه الفتيا إغفال وخطأ ، فقال له مالك : من أين قلت هذا ؟ فقال الشافعي : ألست أنت الذي رويت لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة فاطمة بنت قيس رضي الله عنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : إن أبا جهم ومعاوية خطباني ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أما أبو جهم فلا يضع العصا عن عاتقه ، وأما معاوية فصعلوك لا مال له ) فهل كانت عصا أبي جهم على عاتقه ؟ وإنما أراد من ذلك الأغلب ، فعرف محلّ الشافعي ومقداره ، قال الشافعي : فلما أردت أن أخرج من المدينة فجئت إلى مالك فودّعته ، فقال لي مالك حين فارقته :


يا غلام ! اتق الله تعالى ، ولا تطفئ هذا النور الذي أعطاك الله بالمعاصي ، يعني بالنور العلم ، وهو قوله تعالى ( ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور ) .

****************************

طفولة الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه :


حفظ أحمد بن حنبل القرآن في صباه ظن وتعلّم القراءة والكتابة ، ثم اتجه إلى الديوان ، يمرّ على التحرير ، ويقول في نفسه : كنتُ وأنا غُليّم أختلف إلى الكتاب ، ثم أختلف إلى الديوان ، وأنا ابن أربع عشرة سنة .
وكانت نشأته فيها آثار النبوغ والرشد ، حتى قال بعض الأدباء : وأنا أنفق على ولدي ، وأجيئهم بالمؤدبين على أن يتأدبوا ، فما أراهم يفلحون ، وهذا أحمد بن حنبل غلام يتيم ن انظروا كيف ؟!
وجعل يعجب من أدبه وحسن طريقه .


****************************

طفولة الإمام أبي يوسف صاحب أبي حنيفة رضي الله عنه :


قال أبو يوسف : كنت أطلب الحديث والفقه وأنا مقلّ ، رثّ الحال ، فجاء أبي يوماً وأنا عند أبي حنيفة ، فانصرفت معه ، فقال : يا بني ! لا تمدّن رجلك مع أبي حنيفة ، فإن أبا حنيفة خبزه مشويّ ، وأنت تحتاج إلى المعاش ، فقصرت عن كثير من الطلب ، وآثرت طاعة أبي ، فتفقدني أبو حنيفة وسأل عني ، فجعلت أتعاهد مجلسه ، فلما كان أول يوم أتيته بعد تأخري ، قال لي : ما شغلك عنا ؟ قلت : الشغل بالمعاش ، وطاعة والدي ، فجلست ، فلما انصرف الناس دفع إليّ صرّة وقال : استمتع بهذه ، فنظرت فإذا فيها مئة درهم ، فقال لي : الزم الحلقة وإذا نفذت هذه فأعلمني ، فلزمت الحلقة ، فلما مضت مدة يسيرة دفع إلي مئة أخرى ، ثم كان يتعاهدني ، وما أعلمته بخلّة قط ، ولا أخبرته بنفاد شيء ما ، وكان كأنه يخبر بنفادها حتى استغنيت وتموّلت .


وهناك رواية ثانية في نشأة الإمام أبي يوسف :


قال علي بن الجعد : أخبرني أبو يوسف ، قال : توفي أبي إبراهيم بن حبيب وخلفني صغيرا في حجر أمي ، فأسلمتني إلى قصّار أخدمه ، فكنت أدع القصّار وأمرّ إلى حلقة أبي حنيفة ، فأجلس أستمع ، فكانت أمي تجيء خلفي إلى الحلقة فتأخذ بيدي ، وتذهب بي إلى القصّار ، وكان أبو حنيفة يعنى بي لما يرى من حضوري ن وحرصي على التعلم ، فلما كثر ذلك على أمي ، وطال عليها هربي ، قالت لأبي حنيفة : ما لهذا الصبيّ فساد غيرك ، هذا صبي يتيم لاشيء له ، وإنما أطعمه من مغزلي ، وآمل أن يكسب دانقاً يعود به على نفسه ، فقال لها أبو حنيفة : مُرِّي يا رعناء ! هو ذا يتعلّم أكل الفالوذج بدهن الفستق ، فانصرفت عنه ، وقالت له : أنت شيخ قد خرفت وذهب عقلك .


قال أبو يوسف : ثم لزمت أبا حنيفة ، وكان يتعاهدني بماله ، فما ترك لي خلّة ، فنفعني الله بالعلم ، ورفعني حتى تقلّدت القضاء ، وكنت أجالس هارون الرشيد ، وآكل معه على مائدته .


فلما كان في بعض الأيام قدم إلى هارون الرشيد فالوذج ، فقال لي هارون : يا يعقوب ! كل منه ، فليس يعمل لنا مثله كل يوم ، فقلت : وما هذا يا أمير المؤمنين ؟ فقال : هذا فالوذج بدهن الفستق ، فضحكت ، فقال لي : مم ضحكت ؟ فقلت : خيراً أبقى الله يا أمير المؤمنين ، قال : لتخبرني ، وألحَّ عليَّ ، فأخبرته بالقصّة من أوّلها إلى آخرها فعجب من ذلك ، وقال لي : لعمري إن العلم ليرفع وينفع ديناً ودنيا ، وترحّم على أبي حنيفة ، وقال : كان ينظر بعين عقله ما لا يراه بعين رأسه .اهـ
ساره غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس