عرض مشاركة واحدة
قديم 08-19-2010
  #2
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

الاحتفال في الحرم

أورد أحمد الصاوي في “رمضان زمان” عن رمضان مكة المكرمة عند ابن جبير بقوله: “وقد احتفظ لنا ابن جبير بوصف دقيق وشامل لما كان يجري بالحرم المكي من مظاهر الاحتفال بشهر رمضان. فسجل أوّل ما سجل ذلك الاهتمام الكبير بزيادة أحجام وأعداد وسائل الإضاءة منذ صلاة المغرب حتى صلاة الفجر، وهو ما تتفق عليه كافة الأقطار الإسلامية منذ العصور الوسطى إلى يومنا هذا. فضلاً عن تجديد فرش الحرم من الحصير عند دخول أول أيام الشهر الكريم. ومن غرائب ما دوّنه ابن جبير أن صلاة التراويح كانت تقام بالحرم في نواحٍ متفرقة بحيث تخصص كل ناحية لفرقة بإمامها، وعدد أئمة التراويح.. وذكر ابن جبير عن صلاة التراويح في الحرم المكي الشريف قائلاً: “وكل وتر من الليالي العشر الأواخر يختم فيها القرآن. فأوّلها ليلة إحدى وعشرين، ختم فيها أحد أبناء أهل مكة، وحضر الختمة القاضي وجماعة من الأشياخ. فلما فرغوا منها قام الصبيّ فيهم خطيباً، ثم استدعاهم أبو الصبيّ المذكور إلى منزله إلى طعام وحلوى قد أعدّهما وأحتفل فيهما”.

وأضاف الصاوي إلى ذكر الرحالة إلى غلام مكيّ من ذوي اليسار دون سنّ الخامسة عشرة احتفل به أبوه احتفالاً بديعاً عند ختمه للقران في ليلة ثلاث وعشرين وذلك أنه أعد له ثرية مصنوعة من الشمع ذات غصون علقت فيها أنواع الفواكه الرطبة واليابسة وأعد لها شمعاً كثيراً “وضع وسط الحرم شبيه المحراب المربع أقيم على قوائم أربعة تدلت منه قناديل مسرجة وأحاط دائر المحراب المربع بمسامير مدببة الأطراف غرز فيها الشمع، وأوقدت الثريا المغصنة ذات الفواكه.. ووضع بمقربة من المحراب مثير مجلجل بكسوة مجزعة مختلفة الألوان، وحضر الأمام الطفل وصلى التراويح وختم وقد ملء المسجد بالرجال والنساء وهو في محرابه وحوله الشموع”.

إحياء تاج الليالي

تُعد ليلة السابع والعشرين من الليالي المباركة في شهر الصوم الفضيل، فهي الليلة التي نزل فيها القرآن الكريم. وقد أحياها الرحالة الأندلسي وهو في مكة المكرمة، حيث كتب عنها بقوله: الليلة الغرّاء، والختمة الزهراء، والهيبة الموفورة الكهلاء، والحالة التي تمكن عند الله تعالى في القبول والرجاء، ثم يصف مقدار ومنزلة تاج الليالي: “وأيّ حالة توازي شهود ختم القرآن ليلة سبع وعشرين من رمضان خلف المقام الكريم وتجاه البيت العظيم؟ ووقع النظر والاحتفال لهذه الليلة المباركة قبل ذلك بيومين أو ثلاثة، وأُقيمت إزاء حطيم إمام الشافعية خشب عِظام بائِنَة الارتفاع موصُول بين كل ثلاث منها بأذرع من الأعواد الوثيقة، فاتصل منها صفٌ كاد يُمسك نصف الحرم عرضاً ووصلت بالحطيم المذكور، ثم عرضت بينها ألواح طوال مُدّت على الأذرع المذكورة، وعلت طبقة منها طبقة أخرى حتى استكملت ثلاث طبقات، فكانت الطبقة العليا منها خُشُباً مستطيلة مغروزة كلها مسامير مُحددة الأطراف لاصقاً بعضها ببعض كظهر الشيهم نصب عليها الشمع، والطبقتان تحتها ألواح مثقوبة ثقباً مُتصلاً وضعت فيها زجاجات المصابيح ذوات الأنابيب المنبعثة من أسافلها”.

كما سرد ابن جبير تفاصيل مكان الحفل والحضور في هذه الليلة المباركة، وكيف كان صبيان مكة يحدقون بشرفات الحرم المكي من نواحيه الأربع وإيقادهم لشرفاته ورفع أصواتهم بيارب يا رب على لسان واحد، وكذلك ارتجاج الحرم لأصواتهم. وكيف تقدم القاضي وصلّى العشاء الآخرة لشهر رمضان، وتوقف جميع الأئمة من قراءة التراويح، تعظيماً لختمة المقام، وحضروا متبركين بمشاهدتها. وعودة الأئمة لإقامة التراويح بعد أن فرغ من خطبته.

بينما كان المختتم في ليلة تسع وعشرين في رمضان لجميع أئمة التراويح، واحتفل جميع المالكية للختمة، وكيف تناوبها أئمة التراويح، فقضوا صلاتهم سراعاً عجالاً. وذكر بألم كيف انقضت ليالي الشهر الكريم بقوله: “وانتهت ليالي الشهر ذاهبة عنّا بسلام، جعلنا الله ممّن طهّر فيها من الآثام، ولا أخلانا من فضل القبول ببركة صومه في جوار الكعبة البيت الحرام”.

رؤية هلال شوال

كما ذكر أحمد الصاوي عن رحلة ابن جبير بأن: “ما أن ثبتت رؤية هلال شوال حتى أوقدت أعالي المآذن من الأربع جهات في الحرم وأوقد سطح المسجد الذي في أعلى جبل أبي قبيس، وأقام المؤذن ليلته تلك في أعلى سطح قبة زمزم مهللاً ومكبراً وحامداً”. في حين أشار الرحالة ابن جبير إلى أن صلاة العيد أقيمت بالمسجد الحرام، وأن الناس بكّروا بالحضور وقد لبسوا أثواب عيدهم، وبعد فراغ الخطبة أقبل بعضهم على بعض “بالمصافحة والتسليم والتغافير والدعاء مسرورين جذلين فرحين بما آتاهم من فضله وبادروا إلى البيت الكريم فدخلوا عليه بسلام آمنين مزدحمين عليه فوجاً فوجاً فكان مشهداً عظيماً وجمعاً بفضل الله تعالى مرحوماً”.
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس