عرض مشاركة واحدة
قديم 08-19-2010
  #5
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

العياشي في القاهرة

عبد الله بن محمد بن أبي بكر العياشي، رحالة عربي مغربي زار مصر غير مرّة وهو في طريقه ضمن قافلة الحجّ المغربي. وقد ترك لنا مذكراته في رحلاته للحج وهي التي نشرت باسم “الرحلة العياشية”. وإن لم يهتم بإيراد ملامح الحياة الاجتماعية في البلاد التي مر بها من الجزائر إلى طرابلس الغرب مكتفياً بتسجيل ملاحظاته اليومية في القاهرة وبلاد الحجاز. فقد تحرك الرحالة المغربي العياشي في السادس والعشرين من شهر رمضان1072هـ ـ 1662م ورفاقه من مدينة إمبابة قاصدين ميناء القاهرة النيلي بولاق فهالهُ أن وجد النيل في غاية من النقصان وقد انحسر الماء عن بقاع كثيرة في وسطه. وعند وصوله إلى بولاق اكترى العياشي وحجاج المغاربة ثلاثة من الإبل العجيبة. ويحدثنا الصاوي قائلاً: ولم يستطع الرحالة أن يحقق أمنيته بالإقامة قرب الجامع الأزهر لانشغال الدور بالحجاج من الشمال الإفريقي وقد كانوا أحرص الناس على الاحتفاء بشهر رمضان الكريم في الأزهر. فطرح أمتعته هو وأصحابه بوكالة قايتباي بباب الأزهر الغربي وجعلنا نتطلب داراً للسكنى فما وجدنا إلاّ آخر النهار بمحل بقال يقال له البردبكية وجدنا هناك داراً واسعة فيها مساكن عدة إلاّ أنها بعيدة عن الجامع الأزهر بنحو أربعمائة خطوة قريبة من مشهد الحسين عليه السلام.

عند شيخ القُرّاء

رمضان هو شهر القرآن الكريم، وفيه يقبل المسلمون الصائمون على قراءته وتجويده، لذا هبّ العياشي إلى زيارة شيخ القرّاء ورئيس أهل التجويد بلا مراجعة الشيخ سلطان، وقد سلم الشيخ عليه ودعا له وكان ذلك هو غاية ما أراده الرحالة وقصّاد الحج المغاربة من تلك الزيارة. وقد سجل لنا في رحلته بندم وأسىً أنه لم يحضر إلى الأزهر في يوم التاسع والعشرين من رمضان لأسباب ثلاثة، أولها لبعد منزله عن المسجد وتلك واحدة من الغرائب إذ استكثر الأربعمائة خطوة وهو الذي سار وقطع الصحراء خمسة وأربعين يوماً دفعة واحدة من مصراته إلى مصر. والسبب الثاني ما لحقه من التعب بسبب الصوم. أما السبب الثالث فكان ذلك اللغط الذي ثار في القاهرة حول تعيين أو أيام عيد الفطر.

ويروي الرحالة بأن قاضي الشافعية صعد مع الشهود العدول في ليلة الثلاثين إلى أعلى المئذنة، ويعني بذلك مئذنة المنصور قلاوون بالنحّاسين، وبقي الجميع فوقها من قبيل الغروب حتى انتشر الظلام، فلم يروا شيئاً، فأوقدوا المصابيح في المئذنة كما هي عادتهم في ليالي الشهر كلها، فعلم الناس أن الغد من رمضان، وكذّب أقوال المنجمين. وبعد أن أتم العياشي صيام شهر رمضان في مدينة القاهرة نجده يجري على عادة المصريين في الخروج لزيارة المقابر، فيخرج عشاء إلى القرافة الصغرى، ولكنه لم يستكمل مراده من الزيارة، فعاد إلى القاهرة لشدة الحرّ من ناحية، ومن ناحية أخرى “لكثرة الزحام بالمقابر لأن عادة نساء مصر أن يخرجن ليلة العيد ويومه إلى المقابر، ويبقين هناك برهة من الزمان”. وعلى الرغم أمن أنّ الرحالة العياشي قد ذهب إلى القرافة بغرض الزيارة والتبرك بمقابر الأولياء، إلاّ أنه لم يجد أي غضاضة في أن يصف عادة المصريات بأنها: “عادة مذمومة في جميع الأيام، فما بالنا بيوم العيد، إنه يوم أكل وشرب ومرح وسرور، وزيارة القبور تذكر بالآخرة وتثير في القلب حزناً”.
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس